المساء
لشاعر الحب والجمال فى الأدب الفرنسي
لا مارتين
ترجمة العملاق الراحل احمد حسن الزيات




اقبل المساء وهمدت الأصوات
وأنا جالس على الصخور الجرداء
اتابع بنظرى مركبة الليل , وهى تتقدم فى معامى الفضاء ..

لاحت "الزهرة" فى حاشية الأفق
وارسل الكوكب العاشق على الأرض ضوءه الخفيّ
فشعشع تحت قدمي خضرة الروض ..

من دوحة الزان ذات الورق الفينان واللون الأحوى
اسمع اختلاج الأغصان
كما يُسمع خفقان الأشباح بين أجداث الموتى ..

وعلى حين فجأة
انفصل من كوكب الليل شعاع تسلل الى جبهتى الساهمة
ومشى الى عينى الحالمة ..

ايهذا الإنعكاس اللطيف للكرة الملتهبة
ايها الشعاع الباهر
ماذا تبتغى منى ؟
أجئت تحمل الى احشائى المضطربة قبس النور الى نفسى وعينى ؟ ,,

إن قلبى يشتعل فى ضوئك
وشعورى يتملكه مرحٌ مجهول
وفكرى منصرفٌ الى اولئك الذين غاب ظلهم عن الحياة
فهل أنت ايها الضوء اللألاء أرواح اولئك الأحباء ؟ ..

أنا أشعر بأنى أقرب ماأكون اليهم ,
فلعل أرواحهم السعيدة قد لبست صورهم البعيدة
ثم عادت تطوف بهذه الربوع
وتجوس خلال هذه الغيْضة ..

فإذا كنت أيتها الأشعة أشباح الأحبة
فعودى اليّ فى كل مساء
بعيدة عن الغوغاء والضوضاء
لتمتزجى بأفكارى واحلامى
وتنيرى ظلام لياليّ وأيامى ..

أعيدى السلام الى صدرى المضطرب
والحب الى قلبى الملتهب
واسقطى على كبدى كما تسقط انداء الليل على قيظ النهار ولفحة الهاجرة ..

بيد أن ابخرة محزنة تصاعدت من جنبات الأفق
فحجبت ذلك الشعاع اللطيف
ثم غابت هى وهو فى ظلام كثيف