شكرا لك موضوع رائع عن العمدة وذكرياته

مركاز العمدة .. قلب الحارة ومستودع أسرارها



صالح باهبري ـ مكة المكرمة






خلافا للمكانة العالية التي يحتلها مركاز العمدة عند أهالي مكة المكرمة وهيبته عندهم، هو قلب الحارة النابض الذي يتولى متابعة شؤون سكان الحي والفصل في نزاعاتهم والمشاركة في مناسباتهم - أفراحهم وأتراحهم. وفي المركاز يجلس العمدة الذي يعرف كل شيء عن سكان الحي ويتبنى قضاياهم، وللعمدة الحق في سجن من يخرج عن التقاليد كأن يرتكب عملاً مشيناً، وحتى عندما يطلب من شخصٍ الحضور للشرطة فإن بإمكان العمدة إرجاء وقت حضوره حتى ينظر في الأمر وربما يتمكن من إنهاء موضوع الاستدعاء.
ويُعرف ماجد ال زيد «من أبناء مكة» المركاز بأنه الجامع أو المدرسة حيث يتم فيه مناقشة كل ما يتعلق بأمور الحي واحتياجاته، بالتشاور بين وجهاء وأعيان ومشايخ الحي، وهو مستودع أسرار العوائل وأحوالهم، ويباشر رصد الحالات الفقيرة والأرامل وتسجيل المحتاجين من أهل الحي لدى الجهات والجمعيات، ويناقش احتياجات الحي لدى الإدارات الحكومية.
ويوضح آل زيد أنه رغم تلاشي دور المركاز ودخوله مرحلة الشيخوخة في بعض المواقع، خاصة عند من هم من خارج مكة أو الحجاز، غير أن الجلسة فيه والتشاور له مذاق خاص ونكهة فريدة غير تلك التي تشعر بها وأنت خلف المكاتب المليئة بالأثاث الفاخر.
لكن محمد السبيعي يرى أن دور مركاز العمدة لم يختف كليا، «بعض الأحياء ما زالت تحافظ عليه، لكنها قليلة، وربما يعود ذلك بسبب عدم وجود مساحات كافية لإقامة مثل هذه المراكيز».
ويضيف «مركاز العمدة أشبه ما يكون بالمحكمة المستعجلة وحكمه نافذ على أبناء حارته ويحكم العمدة ورجال الحارة على المخطئ بـ «القود» فيذبح من كان الحق عليه عدداً من الخرفان يتفق عليه، وأحيانا يتحمل العمدة ما يسمى بالغرم في القضايا المالية أو تكاليف القود».
ويقول هتان العبدلي إن المركاز مكان يجذب كبار السن الذين يسترجعون من خلاله ذكريات الزمن الجميل، ويستهوي الشباب ممن يرغبون في التعرف على أوضاع الحي وآخر أخباره.
ويرى أن قيود البلديات والتخطيط الحضري لبعض الأحياء لم يراع البعد الاجتماعي في بقاء مركاز العمدة، فاستبدل البعض المراكيز في الحارات المكية باللجوء إلى المقاهي والاستراحات والتي أصبحت مكانا للعب البلوت والتسامر لا أكثر.