لا أرى في ملاحظة الأخ مهضوم ولا في دعوته لترك هذه العادة شيئا مما يلام عليه .. لأنه أولا خصص دعوته بما يحدث في ولائم الأفراح ولم ينبذ العادة كلها وسوف أعود لهذه النقطة لاحقا .

علما أنه لا يوجد في الشريعة الإسلامية ما يمنع المسلم من الأكل منفردا .. يقول الله تعالى : ( ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا )

هذه العادة وإن كانت مقبولة في الماضي إلا أنها ليست إرثا يجب أن نحافظ عليه إذا بدا لنا أن ضررها في هذا الزمن يغلب على نفعها وذلك بسبب انتشار الأوبئة وكثرة الأمراض التي لم تكن معروفة من قبل .. تقول منظمة الصحة العالمية أنه ظهرت في هذا الزمن ملايين من الفيروسات والبكتريا التي لم تكن موجودة في الزمن الماضي وقد اكتشف أن هذه الكائنات المجهرية صارت تحصن نفسها في مواجهة المضادات الحيوية وتنتج سلالات جديدة لا تؤثر فيها هذه المضادات مما دعا العلماء إلى إنتاج العديد من المضادات كل عام .. وتقول المنظمة أيضا أن البنسلين في بداية اكتشافه كان يعالج 99% من الأمراض الوبائية أما الآن فإن البنسلين لا يعالج أي وباء إلا بعد أن تم تطويره وخلق سلالات جديدة منه تتواءم مع التطور الحاصل في الفيروسات .

وطالما إن الإنسان محاط بهذا الجيش العارم من البكتريا فإن الاحتياط لها واجب والواقي هو الله وبداية الاحتياطات تكون فيما يأكله الإنسان ويشربه وفي الطريقة التي يتناول فيها طعامه وشرابه .. كنا في السابق نشرب جميعا من زبدية واحدة يدور بها الساقي على الجميع أما الآن فإننا لا نشرب من إناء واحد حتى في بيوتنا ومع أفراد أسرتنا وبخاصة عندما يصاب أحد أفراد العائلة بزكام أو انفلونزا أو أي مرض وبائي

وفي مثل هذه الاجتماعات التي يختلط فيها الخلق من كل حدب وصوب لا يعلم الإنسان من السليم ومن المريض بمرض معد وحتى لو علمه فإنه ليس مخيرا بأن يجلس مع هذا أو يجلس مع ذاك ومن ضرب مثالا بالشيخ محمد بن راشد المكتوم مع المجموعة فهو مثال للاجتماع مع الفارق فالموجودون معه هم صحبه الذين يعرفهم ويعرفونه وقد يقول لأحدهم يا فلان قم اغسل يدك بلا حرج . وما ينطبق على من يكونون في المنزل أو في العمل أو في الصحبة والزمالة لا ينطبق على من تجمعك بهم مناسبة عامة كالعرس

ولذلك فالمطالبة بتنظيم العملية لا ينبغي أن تواجه بهذا الوجه من الاستغراب .. كما أنه ليس بالضرورة أن يمتنع الناس عن الأكل من صحن واحد ولكن نتفق على نبذ بعض العادات السيئة كالتقطيع باليد والحديث والقهقهة التي يتطاير بسببها الطعام من الفم ويستقر في الصحن مرة أخرى ! ولقد رأيت الداعين في بعض المناسبات يضعون أطباقا صغيرة بجانب الصحن الكبير يضع الإنسان فيها قدر حاجته وإذا نقص زاد ..وبهذا نجمع بين فضيلتي الاجتماع على صحن واحد والحد المطلوب من الاطمئنان .

أتمنى أن نعيد النظر في هذا الأمر بعيدا عن التشكيك في النوايا أو الاتهام بأن من ينبذ هذا التصرف إنما ينبذه من باب التعالي والخروج على ما تعود عليه الناس فليس كل عادة صالحة لكل زمان ومكان
وفق الله الجميع