من عيون الشعر:
وأنت تتجول في اثار ينبع لا بد أن تتذكر قصيدة مشهورة قيلت في سويقة وهذه قصتها كما رواها ياقوت:كان محمد بن صالح بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن حسن قد خرج على المتوكل فأنفذ إليه أبا الساج في جيش ضخم فظفر به وبجماعة من أهله فأخذهم وقيدهم وقتل بعضهم وأخرب سويقة وهي منزل بني الحسن وكان من جملة صدقات علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعقر بها نخلاً كثيراً وخرب منازلهم وحمل محمد بن صالح إلى سَامراء وما أظن سويقة بعد ذلك أفلحت
والأبيات تنسب الى سعيد بن عقبة الجهني: يقول نزلت ببطحاء سويقة فاستوحشت لخرابها إلى أن خرجت ضبع من دار عبد الله بن حسن فقلت:

إني مررت على دار فـأحـزنـنـي
لما مررت عليها مـنـظـر الـدار
وحش خلاء كأن لم يغن ساكـنـهـا
بمـعـتـفـين وقـطــان وزوار
من للأرامل والأيتـام يجـمـعـهـم
شتى الموارد من حـلـس وأكـوار
مأوى الغريب وساري الليل معتسفـاً
وعصمة الضيف والمسكين والجـار
بها مساكن كان الضـيف يألـفـهـا
عند التنسم من نكـبـاء مـهـمـار
فيها مرابـط أفـراس ومـعـتـلـج
وجامل أخـريات الـلـيل قـرقـار
فيها مـعـالـم إلا أنـهـا درسـت
من واردين ونــزال وصـــدار
فيها مـغـان وآيات ومـخـتـلـف
في سالف الدهر من باد وحـضـار
ثم آنجلت وهي قد بادت معالـمـهـا
ألقى المراسي فـيهـا وابـل سـار
وخاويات كساها الـدهـر أغـشـية
من البلى بعـد سـكـان وعـمـار
جار الزمان عليها فـهـي خـاشـعة
طورين من رائح يسري وأمـطـار
ففاضت العين لما عيل مجـرعـهـا
فيض القري جفت عنه يد الـقـاري
ودارت الأرض بي حتى اعتصمت بها
واستَكّ سمعي بعـرفـان وإنـكـار
حتى إذا طار نومي ما يفـارقـنـي
ما أوجع القلب من حزن وتـذكـار
وحان مني أنصراف القلب وانكشفـت
عمياء قلب سراه النـوم مـهـجـار
لا يبعد الله حياً كـان يجـمـعـهـم
مبـدى سـويقة أخـياراً لأخــيار
الباذلين إذا ما الـثـقـل أعـدمـهـم
جادت أكفهـم بـالـجـود مـدرار
والرافعين لساري الـلـيل نـارهـم
حتى يجيء على شدو مـن الـنـار
والدافعين عن المحـتـاج خـلـتـه
حتى يحوز الغنى من بعـد إقـتـار
والقـائلـين لـه أهـلاً بـمـرحـبة
لج في انفساح ورحبٍ أيها السـاري
والضامنين القرى فـي كـل راكـدة
فيها سـديف شـظـايا تـامـك وار
والمدركين حلـومـاً غـير عـازبة
والناهضين بجـد غـير مـعـثـار
والعاطفين على المولى حلـومـهـم
حتى يفيء بـحـلـم بـعـد إدبـار
والعـائدين إذا ضـنـت بـدرتـهـا
أم الفصيل فلم تـعـطـف بـإدرار
والياسرين إذا ما شـتـوة جـمـدت
فلـم يحـس بـنـار قـدر أيسـار
والمانعين غـداة الـروع جـارهـم
بكل أجرد أو جـرداء مـخـطـار
والرافعين صـدور الـعـيس لاغـبة
تبغي الإلـه بـحـجـاج وعـمـار
على حـراجـيج أطـلاح مـعـودة
ترمي الفجاج بـركـبـان وأكـوار
فليتني قبل ما أمسـي لـحـزنـكـم
وكل شيء بـمـيقـات ومـقـدار
لفت علي شفاه القـبـر فـي جـدث
عرى المنون فرادى تحت أحـجـار
ولم أر العيش في الدنـيا ولـم يرنـي
ولم يجـئنـي بـأنـياب وأظـفـار

———————————————–






راجع ماقال النابلسي عن حملة سعد بن زيد أمير مكة وتدميره للسويق ونخلها