حكم قيادة المرأة للسيارات
للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمهالله


السؤال : أرجو توضيح حكم قيادة المرأةللسيارة ، وما رأيكم بالقولإن قيادة المرأةللسيارة أخف ضرراً من ركوبها مع السائق الأجنبي ؟

الجواب : الجواب على هذا السؤال ينبني على قاعدتين مشهورتين بينعلماء المسلمين :

القاعدة الأولى : أن ما أفضى إلى محرم فهو محرم .

والقاعدة الثانية : أن درء المفسدة إذا كانت مكافئة لمصلحة من المصالح أوأعظم مقدم على جلب المصالح .

فدليل القاعدة الأولى قوله تعالى : ( ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) ، سورة الأنعام ، منالآية 108

فنهى الله تعالى عن سب آلهة المشركين مع أنه مصلحة لأنه يفضيإلى سب الله تعالى .

ودليل القاعدة الثانية قوله تعالى : ( يسألونك عنالخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) سورةالبقرة ، من الآية : 219

وقد حرم الله تعالى الخمر والميسر مع ما فيهمامن المنافع درءاً للمفسدة الحاصلة بتناولهما . وبناء على هاتين القاعدتين يتبين حكمقيادة المرأة للسيارة ، فإن قيادة المرأةللسيارة تتضمن مفاسد كبيرة فمن مفاسد هذا :
1) نزع الحجاب ، لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو محل الفتنة ، ومحطأنظار الرجال ، ولا تعتبر المرأة جميلة وقبيحة عند الإطلاق إلا بوجهها ، أي أنه إذاقيل : جميلة أو قبيحة لم ينصرف الذهن إلا إلى الوجه ، وإذا قصد غيره فلا بد منالتقييد ، فيقال : جميلة اليدين ، جميلة الشعر ، جميلة القدمين . وبهذا عرف أنالوجه مدار قصد .
وربما يقول قائل : إنه يمكن أن تقود المرأة السيارة بدونهذا الحجاب بأن تتلثم المرأة وتلبس في عينيها نظارتين سوداوين . والجواب عن ذلك أنيقال : هذا خلاف الواقع من عاشقات قيادة السيارات ، واسأل من شاهدهن في البلادالأخرى ، وعلى الفرض أنه يمكن تطبيقه في بداية الأمر فلن يدوم طويلاً ، بل سيتحولفي المدى القريب إلى ما كانت عليه النساء في البلاد الأخرى كما هي سنة التطورالمتدهور في أمور بدأت هينة بعض الشيء ثم متدهورة منحدرة إلى محاذير مرفوضة.
2) ومن مفاسد قيادة المرأة للسيارة : نزع الحياء منها ، والحياء من الإيمانكما صح ذلك علن النبي صلى الله عليه وسلم . والحياء هو الخلق الكريم الذي تقتضيهطبيعة المرأة وتحتمي به من التعرض إلى الفتنة ، ولهذا كان مضرب المثل فيه ، ويقال : أحيا من العذراء في خدرها . وإذا نزع الحياء من المرأة فلا تسأل عنها .
3) ومن مفاسدها : أنها سبب لكثرة خروج المرأة من البيت والبيت خير لها كما قال ذلك أعلم الخلقبمصالح الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ، لأن عشاق القيادة يرون فيها متعة ، ولذلكتجدهم يتجولون في سياراتهم هنا وهناك بدون حاجة لما يحصل لهم من المتعة بالقيادة .
4) ومن مفاسدها : أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت ومتى شاءت وحيث شاءتإلى ما شاءت من أي غرض تريده لأنها وحدها في سيارتها متى شاءت في أي ساعة من ليل أونهار ، وربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل . وإذا كان أكثر الناس يعانون من هذافي بعض الشباب فما بالك بالشابات إذا خرجت حيث شاءت يميناً وشمالاً في عرض البلدوطوله ، وربما خارجه أيضاً .
5) ومن مفاسد قيادة المرأة للسيارة : أنها سببلتمرد المرأة على أهلها وزوجها فلأدنى سبب يثيرها في البيت تخرج منه وتذهب بسيارتهاإلى حيث ترى أنها تروح عن نفسها فيه ، كما يحصل ذلك من بعض الشباب وهم أقوى تحملاًمن المرأة .
6) ومن مفاسدها : أنها سبب للفتنة في مواقع عديدة ، مثال ذلك : الوقوف عندإشارات الطريق ، وفي الوقوف عند محطات البنزين ، وفي الوقوف عند نقط التفتيش ، وفيالوقوف عند رجا المرور عند تحرير مخالفة أو حادث ، وفي الوقوف لتعبئة إطار السيارةبالهواء – البنشر – وفي وقوفها عند خلل يقع في السيارة أثناء الطريق فتحتاج المرأةإلى إسعافها ، فماذا تكون حالها حينئذ ؟ ربما تصادف رجل يساومها على عرضها فيتخليصها من محنتها ، لا سيما إذا عظمت حاجتها حتى بلغت حد الضرورة .
7) ومنمفاسد قيادة المرأة للسيارة : كثرة ازدحام السيارات في الشوارع ، أو حرمان بعضالشباب من قيادة السيارات ، وهم أحق بذلك من المرأة وأجدر .
8) ومن مفاسد قيادة المرأة للسيارة : كثرة الحوادث ، لأن المرأة بطبيعتها أقل من الرجل حزماً وأقصر نظراًوأعجز قدرة ، فإذا داهمها الخطر عجزت عن التصرف .
9) ومن مفاسدها : أنها سبب لإرهاقالنفقة فإن المرأة بطبيعتها نفسها تحب أن تكمل نفسها بما يتعلق بها من لباس وغيره ،ألا ترى إلى تعلقها بالأزياء كلما ظهر زيّ رمت بما عندها وبادرت إلى الجديد ، وإنكان أسوأ مما عندها ؟ ألا ترى في غرفتها ماذا تعلق في جدرانها من الزخرفة ؟ ألا ترىإلى ماصتها وإلى غيرها من أدوات حاجياتها ؟ وعلى قياس ذلك – بل لعله أولى منهالسيارة التي تقودها ، فكلما ظهر موديل جديد فسوف تترك الأول إلى هذا الجديد .

وأما قول السائل :
وما رأيكم بالقول إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضرراًمن ركوبها مع السائق الأجنبي ؟

فالذي أرى أن كل واحد فيهما وأحدهما أضر منالثاني من وجه ، ولكن ليس هناك ضرورة توجب ارتكاب واحد منهما . وأعلم أنني بسطتالقول في هذا الجانب لما حصل من المعمة والضجة حول قيادة المرأة للسيارة والضغطالمكثف على المجتمع السعودي المحافظ على دينه وأخلاقه ليستنبع قيادة المرأة للسيارةويستسيغها . وهذا ليس بعجيب إذا وقع من عدو متربص بهذا البلد الذي هو آخر معقلللإسلام يريد أعداء الإسلام أن يقضوا عليه ولكن هذا من أعجب العجب إذا وقع من قوممواطنينا ومن أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا ويستظلون برايتنا ، قوم انبهروا بماعليه دول الكفر من تقدم مادي دنيوي فأُعجبوا بما هم عليه من أخلاق تحرروا بها منقيود الفضيلة إلى قيود الرذيلة ، وصاروا كما قال ابن القيم في نونيته :

هربوا من الرق الذي خلقوا له * وبلوا برق النفس والشيطان

وظن هؤلاءأن دول الكفر وصلوا إلى ما وصولوا من تقدم مادي بسبب تحررهم هذا التحرر ، وما ذلكإلا لجهلهم أو جهل كثير منهم بأحكام الشريعة وأدلتها الأثرية والنظرية وما تنطويعليه من حِكم وأسرار تتضمن مصالح الخلق في معاشهم ومعادهم ودفع المفاسد ، فنسألالله لنا ولهم الهداية والتوفيق لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة .

المرجع : كتاب الفتاوى الشرعية في المسائل العصرية من فتاوى علماء البلدالحرام - الطبعة الأولى 1420هـ - 1999م -والفتوى موجودة في الصفحات 461، 462 ،463 ،464