ولعله من المناسب الآن التذكير بقصة قوم ثمود ونبيهم صالح عليه السلام

من هو صالح ؟
هو صالح بن عبد بن ماسح بن عبيد بن حاجر بن ثمود بن عابر بن ارم بن سام بن نوح و ثمود هي قبيلة من قبائل العرب البائدة ، وسميت بهذا الاسم نسبة لجدهم ثمود ، وكانوا يسكنون الحجر" مدائن صالح " وقد كانوا أولي قوة وبأس شديد ، يتخذون من السهول قصورا ، وينحتون الجبال بيوتا ، وقد رزقهم الله من الزروع والثمار وتفضل عليهم بالنعم العظيمة ، وكان حقا عليهم شكر موجد النعم والتذلل له وعبادته، ولو كانوا من الشاكرين لزادهم الله من واسع فضله وإحسانه ، ولكن لما أن كفروا بآيات الله ، وكذبوا رسوله سخط عليهم وبدل النعمة نقمة والعز ذلا 0

بعث الله فيهم أخاهم صالحا نبيا فدعاهم إلى عبادة الله وحده قال تعالى :
( ياقوم اعبدوا الله مالكم من اله غيره)
ولكن لم يزدهم دعاؤه إلا نفورا وفجورا واستكبارا،، فآذوا نبيهم أشد الإيذاء،ونعتوه بأقبح الأوصاف ، ومع كل ذلك كان صابرا محتسبا يرجو فضل ربه وإنعامه ، وفي ذات يوم اجتمعت ثمود في ناديهم ، فجاءهم صالح عليه السلام فدعاهم وحذرهم ووعظهم وذكرهم بالله فقالوا له على سبيل الإعجاز إن أنت أخرجت لنا من هذه الصخرة ناقة صفتها كيت وكيت فقال لهم صالح عليه السلام : أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم على الوجه الذي طلبتم أتؤمنون بما جئتكم به وتصدقوني؟
قالوا : نعم
فأخذ عهودهم ومواثيقهم على ذلك، ثم قام إلى مصلاه فصلى لله ودعا ربه أن يجيبهم إلى ما طلبوا، فأمر الله تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة على الوجه المطلوب الذي طلبوا ، فلما عاينوها رأوا أمرا عظيما ومنظرا هائلا ودليلا قاطعا وبرهانا ساطعا، فآمن بعضهم واستمر أكثرهم على كفرهم وطغيانهم وضلالهم ،، فقال لهم صالح... قال تعالى على لسانه ( هذه ناقة الله لكم آية) وأمرهم أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم ، وترعى في أرضهم ، وترد الماء يوما بعد يوم قال تعالى (لها شرب ولكم شرب يوم معلوم)
وأمرهم بأن لا يمسوها بسوء فيأخذهم عذاب قريب عظيم، وكانوا يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغدهم 0 وقيل كانوا يشربون من لبنها كفايتهم، فلما طال عليهم الحال اجتمع سادتهم واتفقوا على عقر هذه الناقة وكان الذي تولى قتلها هو/ قدار بن سالف ...
وقد ذكر من هذا الأمر :
أن امرأتين من ثمود اسم أحدهما صدوق بنت المحيا كانت تحت رجل ممن آمن ففارقته ، فدعت ابن عم لها يقال له مصرع بن مهرج عرضت عليه نفسها بشرط عقر الناقة ، واسم الأخرى عنيزة بنت غنيم وكانت عجوزا لها أربع بنات عرضت بناتها الأربع على قدار بن سالف إن هو عقر الناقة فاتفق الشابان لعقرها وسعوا في قومهم بذلك فاستجاب لهم سبعة آخرون فصاروا تسعة، فانطلقوا يرصدون الناقة فلما صدرت من وردها رماها مصرع بسهم فدخل السهم بعظم ساقها ، ثم ابتدرها قدار بن سالف فشد عليها بالسيف ورغت (( أصدرت صوتا عظيما تحذر ولدها )) فقتلها فخرت ساقطة على الأرض، وانطلق ولدها حتى صعد الجبل ودخل في صخرة فغاب فيها 0 ولم يقف هؤلاء عند هذا الحد بل تحدوا صالحا بالعذاب الموعود.. كما قال تعالى
( فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا ياصالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين )
(فما كان من نبي الله صالح إلا أن قال لهم ... قال تعالى على لسانه (( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام )

ثانيا : إنهم أرادوا قتل صالحا ولكن الله أفشل خطتهم وأبطل كيدهم وذلك بأن الله عجل لهؤلاء النفر العقوبة قبل قومهم بأن أرسل عليهم حجارة رضختهم وأبادتهم ، ولما أصبح القوم يوم الخميس الذي كان أول أيام النظرة ، كانت وجوههم صفراء ، فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى يوم من الأجل، ثم أصبح القوم في اليوم الثاني ووجوههم محمرة ، فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى يومان من الأجل، ثم أصبحوا في اليوم الثالث ووجوههم مسودة ، فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى الأجل، فلما أن كان صبيحة يوم الأحد تأهبوا وقعدوا ينتظرون .. ماذا يحل بهم من العذاب ؟
فوقع العذاب عليهم بصيحة من السماء من فوقهم ورجفة شديدة من أسفل منهم ففاضت الأرواح وزهقت الأنفس وسكنت الحركات وأصبحوا في دراهم جاثمين ، وأنجى الله صالحا والذين آمنوا معه.
قال تعالى:
( وإلى ثمود أخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولاتمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم واذكروا إذ جعلكم خلفاء
من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فأذكروا ألاء الله ولاتعثوا في الأرض مفسدين ) صدق الله العظيم