(((‏جريدة ‏الجزيره))

بصراحة

المرأة السعودية.. وقيادة السيارة

لبنى وجدي الطحلاوي



بداية أنا لست متشددة ولا متطرفة بل أجزم بأني لا أنتمي ‏لطالبان ولا للقاعدة، وتلقيت كافة مراحل دراستي حتى تخصصي الجامعي في دول منفتحة ‏للغاية.. عربية وغربية.

كثيرا ما تطرح تساؤلات حول موضوع (قيادة المرأة السعودية ‏للسيارة) ولكي أجيب على هذا الأمر بكل موضوعية لابد ان أذكر عدة حقائق، ما سأطرحه ‏من تقارير واحصائيات، هي لا تعبر عن رأيي الشخصي، بل هي آخر ما صدر عن هيئات عالمية ‏رسمية مثل هيئة اليونسكو ومنظمات حقوق المرأة في العالم، وهذا أمر معلن بشكل رسمي ‏ولم أقم بجهد كبير كي أطلع عليها.

ولكي اتحدث ايضاً بموضوعية في هذا الأمر سأفترض حسن النوايا ‏من قبل من يطرحون هذه القضية بالرغم ان هذا يخالف قناعاتي الشخصية.

إذا عليَّ ان اقول لمن يطرحون هذه القضية، أنتم إنسانيون ‏للغاية تحملون كافة اعباء وهموم المرأة على عاتقكم وكل ما يتعلق بها من قضايا ‏ومسؤوليات، فهي شغلكم الشاغل بالفعل.

ولكن هل مشكلات وقضايا المرأة في العالم جميعها حلت وأصبحت ‏في احسن حال، فلم يبق غير مسألة قيادة السيارة؟ وهل قيادة السيارة غاية أم وسيلة في ‏حد ذاتها؟ وما هي القيمة العظيمة التي تعطيها رخصة القيادة للمرأة حتى نقول ان ‏المرأة السعودية حرمت منها؟ وهل لديكم أدنى فكرة عن وضع النساء في العالم؟

إن المرأة في العالم تتعرض للاعتداءات الجسدية مثل الضرب ‏والاغتصاب، وأكثر دول العالم تحضرا تتربع على أعلى القائمة في ذلك وفق تقارير ‏رسمية، وأكثر البائعات في المحلات العامة والممرضات والعاملات في كثير من القطاعات ‏في أوروبا وأمريكا من النساء، للتوفير في الإنفاق، لأن راتبهن أدنى من الرجل بل ‏يقارب نصف راتب الرجل الذي يمارس نفس المهنة، ومافيا البغاء مجندة أكثر من تسعة ‏ملايين امرأة في أمور الدعارة والبغاء 95% منهن يعملن مجبرات ومكرهات، وفق آخر ‏إحصائيات اليونسكو التي صدرت منذ عدة أشهر، هذا الوضع العالمي بشكل مختصر لمن ‏يهتمون بشأن المرأة، آما وضع المرأة في البلاد العربية وفق آخر التقارير الرسمية، ‏في إحدى الدول العربية أعلنت في شهر يوليو الماضي ان محاكمها تشهد اثني عشر الف ‏قضية اثبات نسب وبنوة، نتيجة (الزواجات السرية) ودولة عربية أخرى اعلنت انها تواجه ‏مشكلة تفاقم عدد الامهات العازبات، والأمر بات يشكل مشكلة في المجتمع نظرا لما ‏تعانيه هؤلاء النساء واطفالهن وما سيؤول اليه الامر في المستقبل، ودولة عربية ثالثة ‏مهددة من اليونسكو بتعريضها لعقوبة اقتصادية لاحتلالها المرتبة الثالثة على مستوى ‏العالم في الدعارة، وعدم تراجعها عن هذا المركز .

وماذا تعاني المرأة في فلسطين المحتلة، من قتل وهدم لمنازلهن ‏فتصبح المرأة في بضعة ساعات بلا مأوى وبلا معين فقد تكون بلا زوج اما قتل او سجن، ‏واطفالها صغار ولا من يعولها لاهي ولا اطفالها.

مآسي تعيشها المرأة في العالم، والمرأة السعودية ابعد ماتكون ‏عنها، فحكومتها واسرتها تجنبانها، الذل والمهانة وتكرمانها وتصونانها فهي (الجوهرة ‏المكنونة) في مجتمعنا المسلم.لقد اثار تطبيق قانون الخلع في المحاكم المصرية ضجة ‏كبيرة اعتبره العالم انجازا عظيما من اجل حقوق المرأة، مع ان هذا القانون يطبق في ‏المحاكم الشرعية بالمملكة منذ تأسيسها عام 1351هـ فالمملكة هي اول من طبق هذا ‏القانون في محاكمها ومنذ عقود، لكننا لا نجيد التحدث عن انفسنا ولا عن انجازاتنا ‏وإعلامنا ليس (إعلاما دعائيا).

(‏وكثيراً ما تطرح هذه القضية كسؤال للمسؤولين في بلادي ‏وللمرأة السعودية عند استضافتها على الفضائيات لإحراج المسؤولين ولإحراج السعوديات ‏القانعات بنجاحهن للنيل من ثقتهن في انفسهن والتشكك فيما أنجزن).

ومن يريد النيل من اي مجتمع، ينال من المرأة في هذا المجتمع، ‏فينال من هيبة وكرامة رجاله في المقابل..

تعرف كل امرأة في هذه البلاد والمثقفات بشكل خاص، ان ‏المملكةالعربية السعودية لها وضعها الخاص وتتمتع بمكانة خاصة في العالم الاسلامي، ‏منذ ان حباها الله بالحرمين الشريفين وجعلها مهبط الوحي والرسالة المحمدية وخرج ‏منها نبي هذه الامة الاسلامية وان دستورها هو الاسلام وتعاليمها واخلاقها تستمد من ‏القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ومكانتها ووضعها يفرض عليها اموراً معينة.

والمرأة السعودية تدرك جيداً انها غالية ومعززة ومكرمة لدى ‏حكومتها ولدى اسرتها، فمعاملاتها تسير في الجهات الرسمية اولا لانها امرأة وتقف في ‏مقدمة الطابور لانها امرأة، وتتعامل معها الدولة وكافة الجهات الرسمية بكثير من ‏الاحترام والتقدير والمراعاة لكونها امرأة فتمثل قيمة لدى حكومتها ولدى اسرتها فهي ‏محاطة بهالة من القدسية والعفة والاحترام، ولذلك المرأة السعودية اكثر نساء العالم «‏غلاء في مهورهن»، مما شكل مشكلة وعقبة رئيسية امام الشباب الراغب في الزواج، وأوجد ‏مشكلة «العنوسة»

والدولة تحمل على عاتقها مسؤولية القضاء على هذه المشكلات، ‏حتى باتت تناقشها في مجلس الشورى، ودعيت اكثر من خمسين امرأة مثقفة من كافة مناطق ‏المملكة لحضور مجلس الشورى لمناقشة هذه المشكلة ليدلين برأيهن وللاستماع الى ‏مقترحاتهن وآرائهن حول المشكلة للمساعدة في التغلب عليها، وتبذل الدولة كل الجهود ‏وتتبع كل وسائل النصح والارشاد من اجل ان يقنع الاهل بمهر اكثر تواضعا، الى جانب ‏المساعدات المادية للشباب الراغب بالزواج وما يقدم لهم من قروض طويلة ومتوسطة الأمد ‏لتسهيل الدفع.

والمرأة والرجل متساويان في الراتب ان كانت طبيبة او مدرسة ‏او موظفة في اي هيئة او قطاع في الدولة ولها نفس الحقوق. نشرت الكاتبة الانجليزية «‏آني رورد» في الصحافة البريطانية، بعد ان زارت المملكة وملأها الانبهار وهي ترى ‏مجتمعنا تملأه القيم والمثل العليا والمرأة معززة مكرمة ومرفهة تتمتع بمكانة لها ‏الكثير من القدسية وتنعم بحياة هادئة تجنبها الاخطار والاستغلال «ليتنا كالمسلمات ‏محتشمات مصونات ننعم بأزواجنا وأولادنا كما ينعمن».

بإمكان المرأة السعودية ان تقلد اي امرأة في العالم وتتفوق ‏عليها، لكن لا تستطيع اي امرأة في العالم ان تكون امرأة سعودية.

رأينا كيف يعامل الرجال المرأة عند قيادتها للسيارة، في اشهر ‏العواصم العربية للسياحة، فيتقوون عليها ويهينوها اذا لم تفسح لهم الطريق والبعض ‏يتعدى ويتطاول بالشتائم عليها، والبعض يبصق عليها من النافذة، فإلى اي حد من ‏المهانة تتعرض له المرأة في تلك الدول فهل قيادة السيارة حققت لها الحماية والمكانة ‏المرموقة.

ان قيادة السيارة وسيلة وليست غاية في حد ذاتها ولا يجب ان ‏تعطى حجماً اكبر من حجمها، ولابد ان تخضع لضوابط تناسب كل مجتمع ولا بد من الاعتراف ‏بان هناك مجتمعات غير مهيأة على الاطلاق لبعض الامور نظرا للتركيبة الايديولوجية ‏للمجتمع، فتكون ابعد مايكون عن تقبل بعض الامور، فعوضا عن ان يتميز مجتمع ما بالأمن ‏والامان وبأنه اقل المجتمعات تسجيلا لحوادث الخطف والاغتصاب، ربما اختلف الامر ‏تماما......

وتبقى عدة اسئلة تطرح نفسها لمن يثيرون قضية القيادة للمرأة ‏السعودية من حين الى آخر، هل النساء في بلادكم قدوة لنا؟ أو أحسن حالا وآمنات ‏ومصونات عن الرذائل والاخطار ومحميات عن الاستغلال؟

لقد حولتم المرأة إلى سلعة.. يروج لها.

فأي المعايير وأي المقاييس تتبعون في الحكم على ذلك؟ معايير ‏الفيديو كليب والاعلانات ام مقاييس «مايوهات» مسابقات ملكات الجمال على الفضائيات ‏امام العالم؟

لايمكن النيل من المرأة السعودية ولا إنزالها من القمة التي ‏تعتليها بين نساء العالم.