[justify]

اختي ما زلت أقول كتاب لأغاني كتاب أدب وسمر وغناء وليس كتاب علم وتاريخ وفقه.. أما أن علماءنا لم يتعرضوا له ولم يقرؤوه فهذا غير صحيح فقد سبر علماؤنا أغواره وعرفوا أسراره وتعرضوا له بكثير من الفحص والتدقيق والتمحيص .. و لم يقل أحد بأنه لا يجب أن يقتنى ولا أن يقرأ وإنما أوضحوا ما فيه من حسنات وما عليه من هنات وأوصوا بالأخذ بحسناته وترك هناته وهذا هو المنهج في اكتساب المعرفة

قال ابن الجوزي: الغالب عليه رواية الأخبار والآداب وكان عالما بأيام الناس والسير وكان شاعرا وصنف كتبا كثيرة روى عنه الدارقطني وكان يتشيع ومثله لا يوثق به فإنه يصرح في كتبه بما يوجب العشق ويهون شرب الخمر وربما حكى ذلك عن نفسه ومن تأمل كتاب (الأغاني) رأى فيه كل قبيح ومنكر وقد روى الحديث عن محمد بن عبد الله بن بطين وخلق وروى عنه الدارقطني


وقال في (كشف الظنون) هو كتاب لم يؤلف مثله اتفاقا قال (أبو محمد المهلبي) : سألت أبا الفرج في كم جمع هذا ؟ فذكر أنه جمعه في : خمسين سنة وأنه كتب في عمره مرة واحدة بخطه وأهداه إلى سيف الدولة فأنفذ له ألف دينار ولما سمع الصاحب بن عباد قال : لقد قصر سيف الدولة وإنه ليستحق أضعافها

وقال ابن كثير في (البداية11/263): الأموي صاحب كتاب "الأغاني" وكتاب "أيام العرب" ذكر فيه ألفاً وسبعمائة يوم من أيامهم وكان شاعراً أديباً كاتباً عالماً بأخبار الناس وأيامهم وكان فيه تشيع ). ثم نقل كلام ابن الجوزي وأقره.

وقد نقل منه الحافظ في (فتح الباري)(2/441) و(5/76) وفي مواضع أخرى كثيرة في كتابه (الإصابة في تمييز الصحابة)

وقال الذهبي في الميزان (ج3ص123): (( الأموي صاحب كتاب الأغاني شيعي وهذا نادر في أموي كان إليه المنتهى في معرفة الأخبار وأيام الناس والشعر والغناء والمحاضرات يأتي بأعاجيب بحدثنا وأخبرنا...فكتب ما لا يوصف كثرة حتى لقد اتهم والظاهر أنه صدوق )).

وقال في السير (ج11ص202) : (( والعجبُ أنه أمويٌّ شيعي. قال ابن أبي الفوارس: خلّط قبل موته.قلت: لا بأس به. وكان وَسِخاً زَرِيّاً وكانوا يتَّقون هجاءَه )) ثم ذكر له مجازفة من مجازفاته.

وقال هلال بن المحسن الصابئ في أخبار الوزير المهلبي ( كما في معجم الأدباء/ ج 5ص 61 ) : (( كان أبو الفرج الأصفهاني صاحب كتاب الأغاني... وسِخاً قذراًولم يغسل له ثوباً منذ فصّله إلى أن قطعه... وكان الناس على ذلك العهد يحذرون لسانه ويتّقون هجاءه ويصبرون على مجالسته ومعاشرته ومواكلته ومشاربته وعلى كل صعب من أمره لأنه كان وسخاً في نفسه ثم في ثوبه وفعلِهِ حتى إنه لم يكن ينزع دراعة إلا بعد إبلائها وتقطيعها ولا يعرف لشيء من ثيابه غسلاً ولا يطلب منه في مدة بقائه عوضاً

وقال ابن خلدون: كتاب (الأغاني) ديوان العرب وجامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل من فنون الشعر والتاريخ والغناء وسائر الأحوال ولا يعول به على كتاب في ذلك فيما نعلمه فهو الغاية التي يسمو إليها الأديب ويقف عندها وأنى له بها.

وأقول :
لو أننا طالبنا بترك كل كتاب لا يدعو إلى الفضائل ولا يحض عليها لأتلفنا معظم كتب التراث فألف ليلة وليلة والمستطرف والأمالي ووفيات الأعيان وغيرها من الكتب كلها على هذه الشاكلة .. وحتى في هذا العصر هناك كثير من الكتب والروايات التي لا تساوي شيئا في مقياس الدين ولا الأخلاق وفيها من التلفيقات والافتراءات مافيها ولكن الاطلاع عليها ومعرفة ما فيها ليس مما ينهى عنه بل أن النهي عن قراءتها هو من باب تحجير واسع فالمعرفة بكل شئ مطلوبة ولكن التنبيه لما فيها من سموم واجب وهذا هو ما فعله علماؤنا فليسعنا ما وسعهم بارك الله فيك

[/justify]