من مقالات هانى الظاهرى
تنظر شريحة كبيرة من مجتمعنا بريبة وعدم ارتياح إلى أي سيدة قُدّر لها أن تعيش تجربة زواج فاشلة انتهت بالطلاق, وتعود هذه النظرة إلى عادات بالية أكل عليها الزمن وشرب كما يدرك كل واعٍ في هذا المجتمع, لكن الذي لا يدركه أغلب الناس هو منشأ تلك العادات التي تسببت في هذه النظرة السوداوية.
قد يبدو لأول وهلة أن شيوع تلك النظرة للمطلقات في مصلحة الرجال الضعفاء الذين قد يستخدمونها كسلاح لإذلال زوجاتهم وكأن لسان حال أحدهم يقول: "انظري كيف سيتعامل معك المجتمع إن تخلصت منك وألقيت بك على قارعة طريق الحياة!"
لكن هذا وإن كان صحيحاً فليس هو السبب الحقيقي ولكم أن تثقوا في ذلك, فبعض الديانات القديمة التي شاعت في العالم بما فيه الجزيرة العربية تصنف المرأة المطلقة كشيطان وتصف من يتزوجها بالزاني, وهو ما يساهم في مزيد من الإذلال لهذه المرأة, ولا أعتقد أن النظرة الدونية لها اليوم إلا نتاجا لهذا الامتداد الجاهلي.
بالأمس بينما كنت أعبث بالريموت كنترول الخاص بجهاز التلفزيون وأقفز من قناة إلى أخرى, وهي عادة لا أمارسها إلا مرة كل شهر, ولا أخفيكم أنني فوجئت بعدد القنوات المخصصة لطالبي الزواج من الجنسين، التي تنوعت الخلفيات الصوتية فيها فقناة تعتمد خلفية صوتية للطلبات عبارة عن قراءة مرتلة للقرآن الكريم, وقناة أخرى اختارت جلسات فنان العرب محمد عبده وفنانة الأفراح (موضي) كخلفيات صوتية .
القاسم الوحيد المشترك بين تلك القنوات كان في الطلبات الرجالية التي تتحرك على الشاشة, فأغلب المواصفات المطلوبة من قبل هؤلاء الباحثين عن زوجات تبدأ بجملة (أريد مطلقة), وباعتبار أن هذه الطلبات كما يعلم أغلبكم ليست طلبات جدية وأغلب مرسليها من المراهقين عمرياً أو فكرياً فلكم أن تكتشفوا الصورة الذهنية التي يختزنها العقل الباطن لأحدهم عن المطلقة إنها باختصار تلك المرأة اللعوب التي تنتظر رسالة sms عبر قناة فضائية لتهجم على مرسلها!
ولكم أن تعلموا أن الإحصائيات الرسمية وغير الرسمية في وطننا تثبت بصورة موثقة ارتفاع نسب الطلاق بشكل كبير, فهل يا ترى كل هؤلاء المطلقات يحملن الصورة النمطية نفسها التي في ذهن السيد مرسل رسائل sms؟
إن كانت إجابة هذا السؤال نعم, فيجدر بي أن أقول لكم Yن مجتمعنا مقبل على كارثة hجتماعية حقيقية, ويجب العمل على توعيته بهذه القضية من خلال وسائل الإعلام بشكل مكثف فهؤلاء النسوة اللاتي لم يُكتب لهن الاستمرار في الحياة الزوجية يحملن كثيرا من القصص والحكايات عمّا واجهنه, ولدى كثيرات منهن من المبررات ما يجعل أحدكم يقف احتراماً لهن, أضف لذلك أن من بينهن الطبيبة والمعلمة والتي تخدم وطنها ومجتمعها يومياً ولا تريد من هذا المجتمع إلا احترام إنسانيتها !
كما يجدر بي أن أنصح كل الإخوة الذين اعتادوا (التبطح) أمام قنوات الزواج وإرسال رسائل الطلبات بأن يحترموا إنسانية هؤلاء النسوة وأن يغلقوا أبواب الأماكن التي يشاهدون فيها هذه القنوات الجماهيرية احتراماً لأحاسيس زوجاتهم اللاتي يقضين نهارهن في المطابخ خوفاً من كلمة (مطلقة)!