لقد كنت شاهدا على تفاصيل حادث ماساوي قبل عدة أيام حيث رفض الأطباء في مستشفى الهيئة الملكية استقبال زوجة أحد الموظفين وهي في حالة ولادة مبكرة
وهذه هي القصة كما عايشتها شهادة أسأل عنها بين يدي الله

فقد صادف أن ذهبت تلك اليلة لطوارئ مستشفى الهيئة الملكية بسبب ارتفاع درجة حرارة ابني محمد

وما أن وصلت لكونتر الاستقبال وإذا بي أفاجئ بالأستاذ ابراهيم في حالة نفسية سيئة للغاية

وهو يتنقل بين موظف الاستقبال والموظف المناوب مكان المدير وهو يترجى فيهم ( يا جماعة الخير الحرمة بتولد ) وموظف الاستقبال يجيبه بأن لا سرير لدينا واذهب بها لأي مشفى آخر ، ونحن ما بيدنا شي. ثم يتركه ليكمل استقبال حالات الطوارئ الأخري
وعندما رآني أصبح يخاطبني بكلمات وعبارات شخص مكلوم - تكاد تسمع بين حروفه كل معاني الحزن والخوف والألم والشعور بالخذلان - : يا دكتور باسم سامع ايش يقولون طيب وين أروح بالمره ، آخذها بالسيارة تموت علي.
وعندها أصبحت عباراته تزدات توترا وخوفا وبدأ بعض المراجعين يجتمعون حولنا ، وعندها فقط تدخل الموظف المناوب خشية تعاطف الناس وتفاعلهم مع الزوج والأب المكلوم فأخذ بيده وقال : تعال جوه عشان نتفاهم .
دخلا سويا وذهبت أنا مع ابني ليتم فحصة، وظننت أن الموضوع قد انتهى على خير

ولكن شيأً من ذلك لم يحدث

لقد كان ما حدث شيئ يفوق كل خيال لقد ظننت لوهله وأنا أتابع الموضوع وأشاهد تضاعيفه وتطوراته بأنا قد انتقلنا للحظة من مملكة الإنسانية إلي غابة حيوانية استحالت فيها قيمة الإنسان إلي كائن حقير تزدريه الأعين وتعلوه الأقدام، واضمحلت فيها قيمة الحياة إلى ما دون اللا شيئ ، وشعرت برهة من الزمن وكأن ما يجري أمامي مشهد من رسوم الكرتون يكاد في بعض الصبية المستهترين أن يتلفوا فراخ طائر حزين وليست الحقية أن ما يجري أمامي هو تخلي مستشفى يتنادى موظفوه بأن مهنتهم هي مهنة الرحمة والإنسانية عن روحين شريفتين طاهرتين ( زوجة وطفل ) تكاد تزهق روحيهما أمام أعين الزوج والأب الذي كادت روح ه ونفسه أن تكون ثالثتهما. لقد كنت أسأل نفسي هل أنا في مشفى فعلا ام في سوق نخاسة يعتبر الإنسان سلعة وتجارة لا روحا وجسدا!!!
لقد سمعت في ذلك اليوم وشاهدت ما أبكاني وأرق نومي وأثار كوامن وجداني
لقد سمعت بأذني التي سيأكلها الدود
- وأرجوا منكم قبل أن تقرؤا ما سمعت أن تضعوا أيديكم على قلوبكم ، ومن كان منكم مصابا بالضغط أن يضع أقراصه بجواره فلست مسؤلا عما سيحدث لكم إذ قرأتم ما سمعت-
سمعت وليتني لم أسمع
حتى يبقى في نفسي شيئ من الأمل وحسن الظن
سمعت موظفا مغلوبا على أمره يحدثني والدموع تكاد تنهمر من عينيه وهو يقول : لقد اتصلت بأحد المسؤولين وأخبرته بحال الرجل وزجته فقال بالحرف الواحد : إذا لم يخرج اتصل بالشرطه وخليها تاخذه

لن أعلق أيها الأخوة على هذا الكلام فلم يعد لدي القدرة على الإكمال لأني كلما تذكرت هذا الكلام أشعر بشيئ من التقزز الغثيان ، والغضب الذى يشتت أفكاري ولا يكاد يظهر لا من بين ركامها إلا صورة واحده

اتعلمون ما هي

صورة هذا المسؤل وهو على أريكته الوثيره وبجواره زوجته الحسناء وقد مد رجليه على تختة القدم يشاهد مسلسله أو فريقه المفضل وبينما هو يستمتع في جوه المخملي الذي يعيشه بفضل الراتب العالي الذي يتقاضاه يجري بينه وبين موظفه في مستشفى الهيئة الحوار التالي:
الموظف: سيدي المدير الأسرة مليانه وعندنا حالة حرجة.
المدير: هو مسؤول والا موظف عادي
الموظف: لا موظف عادي سعادتك
المدير : خلاص قله ما في أسره وخليه يدور مستشفى ثاني.
الموظف: بس الحالة حرجه وخطيره، والمريض ما عنده قدره ماليه يروح مستشفى خاص، وفي الغرفه ال...
المدير مقاطعا: كم مرة فهمتك ما تجيب سيرة الغرفه ال.... ، انت ما تفهم طيب أفرض لو دخلت المريض في الغرفه ال..... وفجأة جاننا المسؤول ال..... وما حصلنا غرفه تعرف ايش حيصير ليا ولك يا ( تور ) رايحين ننشات بال.....
الموظف: طيب المريض مو راضي يخرج من المستشفى ومسبب لنا فوضى.
المدير : اذا ما رضي يخرج بالطيب اتصل بالشرطه خليها تشيله
الموظف : يا سيدي بس الشرطه ما حترضى يقولوا حرام وهذي حاله إنسانية.
المدير : طيب خلينا أتأكد من حاجه وأرد عليك، كلمني بعد خمس دقائق.
بعد خمس دقائق
الموظف : الو سيدي المدير عسى لقيت حل.
المدير : خلاص دبرتها.
الموظف : كيف؟
المدير : اتصلت على ثلاجة الموتى، وقالوا عندهم كم مكان فاضي!!!

يا جماعه اعذروني على الإطالة وهاكم نهاية المأساة

الأب المسكين دفع بزوجته في عيادة النساء التي في الطوارئ وبقيت بلا طبيبه ولا اهتمام وبدأت تنزف وأجاءها المخاض وسقط جنينها بين رجليها في وضع لا يمكن أن تتخيلوه
وكأنها امرأه وحيده في البادية قبل 100 سنة
ليست في مملكة البترول والثروة التي يقودها ملك الإنسانية
وكأنها ليست في مدينة القرن العشرين ( ينبع المستقبل )
التي تحولت في عيني ذلك اليوم الى مدينة عتيقة من مدن العصر الحجري ،
وكان ما حولي من رجال ونساء تحولوا إلي تحف محنطة من المومياء لا روح فيها ولا حراك

والآن

أما آن لمسؤولي الهيئة الملكية أن ينظروا بجدية الى الوضع الصحي المتردي في الهيئة ونقص الخدمات التى أصبحت لا تغطي سكان الهيئة والنزول للناس وتلمس حاجياتهم بدلا من التعالي والحياة في أبراجهم العاجية
من من سكان الهيئة لا يعاني من مواعيد عيادات الأسنان؟؟؟
كم من التخصصات الطبية لا يوجد لها إلا طبيب أو طبيبين؟؟؟
هل جربتم مثلا أن تحجزوا موعدا في عيادة العيون
ستكتشفون أن الموعد في أحسن الأحوال بعد شهر وربما شهرين!!!
والله يعينكم على تكاليف المستشفى الخاص لأنكم لن تدعوا أحبائكم يعانون هذه المدة الطويلة لمجرد الحصول على كشفية
هل تصدقون أنه في الهيئة الملكية - بكل إمكانياتها الضخمه وأموالها التي تعيدها إدارتها لوزارة المالية نهاية العام على أنها فائضة عن الحاجه - حتى تحصل على موعد تصوير تلفزيوني لزوجتك الحامل في المستشفي ستحتاج إلي حجز موعد قبل شهر !!!!!
هل وهل وهل
من أذن صاغية
ومسؤول يعلم أن الله سيحاسبه على كل صغيره وكبيره وسيكون كل سكان ينبع خصمه يوم القيامه
لم يوفر لهم الخدمات والحياة الكريمة
رحمك الله يا عمر الفاروق

الذى قال لو ان ابلا تعثر فى العراق
لا سؤلت عنها
يامن كنت تخاف من الابل تتعثر في العراق
فيسألك الله عنها
لماذا لم تسوي لها الطريق

وتسمح لها بسرير
د/باسم القرافي
</I></B>