[DCI]
[justify]


أشكر الأستاذ أبو سفيان كثيرا على إيراد هذه السيرة العطرة للفنانة الكبيرة العنود الغفاري .. فلقد وقر في نفسي قبل أن أطلع على سيرتها أن مشاركتها في معرض موهبة العلوم والهندسة في منطقة المدينة المنورة ومشاركتها بعد ذلك في الملتقى الخليجي في صلالة وحصولها على المراكز الأولى هو من باب النشاطات الطلابية التي يتقارب فيها الإبداع بين المشاركات فيأتي الترشيح للتفوق تبعا للمستوى الأحسن في هذا الوسط

وكان أول ما شدني في هذا الموضوع هواياتها المتعددة التي استعرضها أستاذنا أبو سفيان وبخاصة
إبتكار آلات قطف الثمار
ولها عدة روايات

لأن بقية هواياتها من الرسم على الجدران والرسم الزيتي الفحمي المائي والرسم بطريقة الحرق والرسم على الوجوه والخط تصب في نفس الاتجاه الفني الذي نتوقعه من فنانة مبدعة متخصصة في هذا الشأن أما الابتكار وتأليف الروايات فإنه دليل على أننا أمام عبقرية فذة سيكون لها مستقبل كبير في عالم الإبداع

أما إذا أردنا تقييم التجربة الفنية لهذه المبدعة فإننا نفاجأ بأننا أمام تجربة كاملة النضوج وثرية ومتمكنة من الخصائص الفنية لكثير من المدارس الفنية .. وإن كان يغلب على أكثر لوحاتها أنها تتبع المدرسة التأثيرية ( الانطباعية ) التي تجد من الضوء متنفسا تعبر فيه عن نفسها فتتكئ عليه اتكاء مباشرا في إخراج الموضوع بشكل لافت
فأتباع هذه المدرسة يركزون على اللون كعنصر أساسي للفت الانتباه وجذب المتلقي لتذوق هذا الفن وهم عادة يبتعدون عن الألوان القاتمة ولا يميلون إلى خلط الألوان كثيرا كما يفعل أصحاب المدارس الكلاسيكية وإنما يستخدمون اللون منفردا ليظهر لون جديد بالتصاقه بما جاوره من لون



بيد أنها استطاعت في اللوحة الأولى ( الكتاب الفراشة ) أن تمزج بين مدرستين منفصلتين هما السيريالية والتأثيرية بشكل عجيب حيث استطاعت أن تجعل للفراشة جسم أنثى بحيث أصبحت بمجملها موضوع اللوحة بينما فراشات أخرى تتطاير في الأجواء وبين ثنايا الكتاب وفي غمرة هذا الدمج لم تتخل عن المدرسة التي تتبعها من الاهتمام باللون كمكون أٍساسي للوحة وقد وفقت كثيرا في خلق التوافق والانسجام في اللون بين موضوع اللوحة والخلفية التي تبدو من خلف الأشجار البعيدة




أما اللوحتان الثانية والخامسة فإنهما مثالان صريحان على التمسك بهذه المدرسة في توزيع الألوان بشكل مذهل ومتعادل





بينما المدهش في نظري هي اللوحة الثالثة التي اختارت لها موضوع الليل وعمود الإنارة حيث استطاعت أن تخرج بالمدرسة التأثيرية من بعض القيود التي يتمسك بها عشاق هذه المدرسة من البعد بأنفسهم عن اختيار المناظر المعتمة التي يندر فيها الضوء أو يقل ورغم ذلك أخرجت لنا موضوعا تأثيريا رائعا ظهر فيه اللون بشكل أساسي في أشعة المصباح وانعكاساته على الأبنية المجاورة بما يدل على أنها ضليعة في هذا الاتجاه أو دارسة له



أما في اللوحة السادسة فقد بدا بشكل واضح حرصها على التمسك ببعض خصائص هذه المدرسة من البقع اللونية المتجاورة في الصخور وفي الخلفية وفي الإبقاء على لطشات الفرشة كما هي دون أن تحاول العودة إليها ودمجها بما جاورها وتعتبر هذه من أجمل اللوحات


والآن تأملوا معي اللوحة السابعة .. المنظر هنا كلاسيكي ( تقليدي ) صرف منظر طبيعة ولكنها عالجته بعيدا عن معالجة التقليدين التي تشبه الكاميرا وإنما استطاعت أن تلبسه ثوب التأثير بحرفنة تستدعي الإعجاب فما زال اللون هنا هو المسيطر وهو المؤثر الأكبر من الأزرق الغامق إلى الأزرق إلى الأصفر الخفيف إلى الزاهي وحتى في الأشجار والخلفية استطاعت أن تحافظ على تنوع الألوان وزهوها واستطاعت أيضا أن تشعرنا بحركة الريح باللون فقط وهو إبداع ليس بعده إبداع


لا شك أننا أمام تجربة ثرية وخلاقة فهذه اللوحات لايمكن أن تخرج إلا من بين أنامل فنانة متمكنة من أدواتها مثقفة في تخصصها .. حتى في لوحاتها الثلاث الأخيرة بالفحم استطاعت أن تظهر مكامن الجمال في تكوين العناصر وفي إبراز الظل والنور وفي التركيز على النهايات ( الفينيشنق ) بشكل عبقري

أتمنى أن أشاهد أعمالها بألوان الباستيل
العنود الغفاري
تذكروا هذا الاسم جيدا لأنه سيصنع مستقبلا باهر في القريب العاجل بإذن الله وما شاء الله تبارك الله





[/justify]
[/DCI]