[justify]
أختي الغالية
أنا سعيد جدا بمداخلتك .. ولن أغضب من ردك أبدا ولو لم تغضبي فأنت غير جديرة بأن تكوني حفيدة للشاعر العظيم .. ولكني أرجو ألا يغيب عن بالك أن ما كتبته هنا لا يعدو أن يكون انطباعات خاصة بي استخلصتها من فهمي لشعره وإعجابي به قد يوافقني غيري فيها وقد يخالفني وأنا أشكر كل من وافق أو خالف .. وما أصل إليه من استنتاجات ليس بالضرورة أن تكون كلها صحيحة .. وإشارتي إلى ما يوصلني إليه تفكيري لا يضير الشاعر في شئ فهو قد ترك إرثا خالدا ومن حقنا أن ننقب فيه وأن نستدل على سيرته من خلاله . وأن نختلف فيه أو نتفق . أما المدح فهو باب من أبواب الشعر كبير طرقه كثير من الشعراء العظام وما زال .. بيد أن النظرة إليه في الأدب الحديث قد تغيرت بدعوى عدم الصدق مع النفس فيه وهو ما أشرت إلى طرف منه
ولا أخفيك أنني تلقيت رسالة طويلة جدا من الناقد السوداني محمد جميل أحمد يقول فيها :

اللافت في شعر القفطي هو أنه شعر مهم جدا بمقياس التعبير الشعري في ذلك الزمان ؛ فلو كان هذا الشعر منتشرا في بعض مراكز الثقافة العربية كالقاهرة مثلا ، لعد من كبار المجددين في الشعر العربي ، ولكان موازيا لمحمود سامي البارودي الذي كان معاصرا له تقريبا . ولهذا فإن في نشر مثل هذا البحث هو بالطبع تسجيل لمثل هذه الحقيقة بصورة من الصور .

إلى أن يقول :

في شعر الشاعر ما يحيل باستمرار على عاطفة صادقة جدا هي اليوم أكثر صدقا على حبه لينبع لقوة المعاني التي عبر عنها الشاعر وبطريقة دالة على صدقها لدى كل متلق لنصه .
لا أنكر أهمية استخلاص بعض المعاني والدلالات من شعر الشاعر فيما يتصل بحياته ولكن يظل هذا الأمر مرهونا بنسبية كبيرة جدا لاسيما في عدم وجود وثائق على الأقل فيما يبدو بين يديك . وربما كان حتى في مجرد عدم حضور أي ذكر لابنتيه عن الحياة الاجتماعية في ينبع ولو من طرف بعيد ما يشير إلى صعوبة استخلاص بعض جوانب حياة الشاعر في ينبع .
إشارتك إلى التسول الذي ربطته بمديح الشاعر ربما هو فكرة من المهم كثيرا أن تخضع لإعادة النظر من حيث الطبيعة النسبية في تقديرنا للمواهب فإذا كانت المواهب والمهارات مثلا هي الشرط الضروري لحياة الإنسان في كسبه لعيشه في الغالب الأعم كالمهارة الفنية للاعب الكرة ، وكالصوت للمغني ، وكالقوة الجسدية للحمال فإن قدرة الشاعر على خلق الكلام الجميل الذي يعجز غيره عنه تندرج في هذا المعنى . ومنذ زمن بعيد كان الشعراء يدركون هذا المعنى وكانت حاجة الممدوحين إلى كلام جميل يبقى بعد رحيلهم كالشعر مما يجعلهم يجدون مبررا لنظير المال الذي يبذلونه للشعراء . ما عنيته هنا هو أنه لا ينبغي أن يكون هناك استغراب لعلاقة البدل حين يكون المال مقابل الشعر لا سيما المديح . المهم هنا أن يكون الشعر جزلا وجيدا من ناحية وأن لا يكون فيه خروجا عن الآداب العامة . ولا يعني ذلك أن سمة المديح ترتبط بالنفاق ضرورة فقد كان المتنبي وغيره من الشعراء يدرجون صفة المديح كفن من فنون لشعر في علاقته بالمجتمع دون أن يكون ذلك بالضرورة خاصية نفسية سالبة في صفات الشاعر .
ولقد قال محمود درويش ذات مرة في تعريف الشعر بأنه (فن الكسل الجميل) أي أن طبيعة الشاعر ذي الموهبة الكبيرة لا تخلو من كسل في الحياة يكون سببه انصرافه للشعر والتفكير فيه وما يقتضيه ذلك من ذهول وشرود وسكون ـ وهذا معروف في سير الشعراء ـ . أحببت أن أتوقف في هذه النقطة لأن كثيرين يرون في فن المديح سببا للتسول لا سيما في تأثر البعض بآراء الدكتور عبد الله الغذامي حين وصف المتنبي بأنه شحاذ كبير بطريقة فيها الكثير من المبالغة والتعسف . ...

والرسالة طويلة لا مجال لنشرها كاملة ولكني اجتزأت منها ما يتعلق بظاهرة المديح التي هو يعارضها مثلك وأرجو أن يتم النظر إليها في إطار الانطباعات الخاصة


وإني حقيقة أعول عليك في إضافة الكثير من المعلومات لهذه الانطباعات .. بيد أنه أشكل علي في مداخلتك قول أنه كان محاميا .. لا أدري هل تقصدين أباك أم جدك .. فإن كنت تقصدين جدك حسن عبد الرحيم فلا أظن ذلك فليس هناك ما يشير إلى هذا العمل في سيرته ولم تكن المحاماة من المهن المعروفة في ذلك الزمان . أما بقية ما ذكرتيه فإنه معروف لدي وهو بعض ما كتيه الأستاذ عبد الكريم الخطيب عنه

بالنسبة لمن تسألين عنهم من الأنصار فقد توصلت من خلال البحث والتقصي أن هناك ثلاث عوائل منهم الآن هي عائلة عبد القادر في المدينة المنورة وعائلة عبد الواحد في ينبع وعائلة زين الدين في القصير في مصر .. ولو قدر الله لنا أن نلتقي فسأجمعك بأحد أفراد هذه العائلة بإذن الله إن كانوا هم من تبحثين عنهم
[/justify]

أكرر شكري لك وسعادتي بالالتقاء بوالدك في أي وقت