الأستاذ / بسام يماني يبدأ حديثه في الملتقى



كان موضوع الأستاذ بسام يماني شيقا جميلا تفاعل معه الحاضرون بالإصغاء التام وعرض الأستاذ بسام عددا من الشرائح على الشاشة وبدأ يشرح ويفصل ويضرب الأمثلة الحية مقرونة بواقع المجتمعات بادئا بالآية الكريمة :

"وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "
إذن غاية التفكير السليم هي تحقيق منزلة الشكر.

( ونحاول هنا أن نلخص محتوى الشرائح بما نستطيع ليكون الموضوع واضحا للقارئ الكريم )

في شريحة أخرى ورد التفكير ومرادفاته ومتعلقاته في القرآن الكريم في نحو 700 آية ، مقابل 400 آية هي عدد آيات الأحكام ، ولو أدخلنا فيه آيات ( العلم ) وآيات ( الآيات ) لأصبح المجموع حوالي ( 1000 آية

سؤال : ما المقصود بأحادية الرأي ؟
هو نمط في التفكير والسلوك لا يرى صاحبه في كل مسألة من المسائل إلا رأياً واحداً ، هو الذي يسير عليه ... حتى لو كانت المسألة رأياً فقهياً أو موقفاً إدارياً أو تجربة ميدانية أو وسيلة مخترعة
فرأيه دائماً صواب لا يحتمل إلا الصواب ورأي غيره خطأ لا يحتمل إلا خطأ
هي نظرة ضيقة لاتقبل الرأي الآخر ولا تتبنى مراجعة الذات وإدراك المتغيرات
هي خطأ وانحراف في الفكر ، يتحول مع طول الممارسة والتكرار إلى عادة سلوكية لها آثارها السلبية في مختلف مناحي حياتنا


من أقوال السلف
التفكر في الخير يدعو إلى العمل به (( ابن عباس ))
التفكر مرآة تريك حسناتك وسيئاتك (( الفضيل بن عياض ))
كان سفيان بن عيينه كثيراً ما يتمثل
[poem=font="Simplified Arabic,5,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]

إذا المرء كانت له فكرة = ففي كل شيء له عبرة
[/poem]

لو فكَّر الناس في عظمة الله ماعصوه (( بشر بن الحارث ))
سئلت أم الدرداء رضي الله عنها : ماكان أكثر عمل أبي الدرداء ، قالت: التفكر
استعينوا على الكلام بالصمت ، وعلى الاستنباط بالفكر (( الشافعي ))

سؤال : ما هي أهم معززات عملية التفكير ؟
الخبرة والتجارب الشخصية
الإطلاع على ما عند الآخرين
الرغبة في التعلم
إدراك الواقع إدراكاً صحيحاً

وما أهم العوامل المعيقة للتفكير ؟



*************************
أمثلة حية للعبرة
عن أبي سعيد الخدري قال : خرج رجلان في سفر فحضرتْ الصلاة وليس معهما ماء ، فتيمما صعيداً طيباً فصليا ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يُعد الآخر.

ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له ،فقال للذي لم يعد
أصبت السنة أجزأتك صلاتك، وقال للذي توضأ وأعاد:لك الأجر مرتين.” رواه أبو داوود“

مثال آخر: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب :( لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة )
فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم بل نصلي ، لم يرد منا ذلك فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم : فلم يعنف واحداً منهم .


من أقوال الأئمة :
قال الإمام الشافعي
ما ناظرتُ أحداً قط إلا أحببت أن يوفق أويسدد ويعان ، ويكون عليه رعاية من الله وحفظ
( قال حاتم الأصم : معي ثلاث خصال أظهر بهن على خصمي
أفرح إذا أصاب خصمي وأحزن إذا أخطأ، وأحفظ نفسي ألا أجهل عليه.

كيف تعرف أن شخصا ما هو أحادي الرأي ؟

صفات أحادي الرأي هي :
احتكار الصواب
الضيق بالنقد
الاستعلاء و الاستخفاف بالآخرين وربما اضطهادهم
التعصب
الوصاية
الانتقائية
الوقوع فيما يتهم به الآخرين
التجهيل والتسفيه وقد يصل إلى الإتهام في النيات
مفاصلة الناس وتقويمهم على أساس فكرته

ومن نتائج أحادية الرأي :
الوقوع في الظلم
التطرف
رفض الحوار أو وجود حوار شكلي
عقبة في طريق نهضة أي أمة.

استشهاد جميل من سيرة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
كتب عمر بن عبد العزيز إلى واليه على البصرة عدي بن أرطأة رسالة يقول فيها :
ثم انظر من قِبَلك من أهل الذمة قد كبرت سنه ، وضعفت قوته وولت عنه المكاسب، فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه ... وذلك أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرَّ بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس ، فقال :
ما أنصفناك إن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك ثم ضيعناك في كبرك
ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه .
ونقول هنا :
إذا أنصفنا أهل الذمة
أفلا ننصف أهل الملة ؟؟؟

ومن الصور التي نعيشها اليوم ويظهر فيها ضيق الأفق والتعصب البغيض :

يقول الإمام الماوردي :
( ولقد رأيت رجلاً يناظر في مجلس حفل وقد استدل عليه الخصم بدلالة صحيحة ،
إن هذه دلالة فاسدة ، ووجه فسادها أن شيخي لم يذكرها ، وما لم يذكره الشيخ فلا خير فيه )

قال رجل لابن مسعود رضي الله عنه : أوصني بكلمات جوامع ، فكان مما أوصاه به أن قال له :
من أتاك بحق فاقبل منه - وإن كان بعيداً بغيضاً -
ومن أتاك بالباطل فاردده وإن كان قريباً حبيباً )

"لذا علينا أن ندرك حقيقة إن المفكرين هم صناع الأفكار ومشيدي الرؤى ، فإذا تلاقحت أفكارهم وتشابكت رؤاهم ، انجلت بذلك الحقائق فسار المجتمع على بصيرة ، بدلاً من أن يظل مأخوذاً ومرتهناً بوهم فكري مغلق"
” إبراهيم البليهي“

إنها دعوة إلى الاعتراف بحق الاختلاف ... وأنها سنة كونية وهي دعوة للتضامن مع حرية الرأي وترشيد الحراك الفكري والثقافي في أوساط مجتمعاتنا ، ليكون في إطار الاختلاف المشروع بآدابه وضوابطه .
الاختلاف المشروع الذي يثري المعرفة ، ويضيء الطريق إلى الحق والصواب .. بعيدين عن أساليب البغي والعدوان .. متجردين لله في كل ما نقول ونفعل !!!.

ويمضي الأستاذ / بسام يماني في توضيحاته وإشاراته الواقعية خاتما حديثه بأن علينا أن نتذكر دائما أنّ :

العقول الكبيرة
تناقش الأفكار
والعقول العادية
تناقش الأحداث
أما العقول الصغيرة
فتناقش الأشخاص

إنّ اعتقاد حتمية الخلاف وإقرار هذا الطبع البشري ، لا يعني الاستسلام له ولا الاسترسال فيه .
كما يمكن التخفيف منه والحد من آثاره ، بالتزام آدابه من الانصاف والعدل وغيرهما ، والسعي للتأليف وجمع الكلمة ، ووضع الخلافات في إطارها الشرعي والصحيح ، دون غلوٍ منا أو تزيد ، ودون تمييع أو تساهل .

وفي الختام علق سعادة محافظ ينبع شاكرا الأستاذ / بسام يماني على حديثه المفيد ، واستشهاداته الجميلة متمنيا أن تكون سلوكياتنا كمسلمين متمشية مع النهج القويم ، ومتجنبين التعصب للرأي ، وآخذين بالحق ومتمسكين بمنهج السلف الصالح من الأئمة وأهل الرأي الصائب.

ثم توجه الجميع لتناول طعام العشاء الذي أعد بهذه المناسبة .

******************************

إحصائية توضح الملتقيات السابقة من
ملتقى ينبع الثقافي