السلام عليكم ،
سأتوقف مؤقتاً عن سرد الذكريات ، وأنتقل بكم لقراءة إحدى الصفحات التي تضمنها الكتيب الذي أعددناه في ذلك الوقت وتشرفنا بتقديم نسخاً منه لكلاً من الملك فهد (رحمه الله) عند افتتاحه لبيت المدينة ، وكان بمعيته الملك عبدالله (ولي العهد حينها ) وملك البحرين ( ولي عهد البحرين حينها ) .
احتوت تلك الصفحة نبذة عن العمارة القديمة في المدينة المنورة ، ونصها كالتالي :
( دار المدينة المنورة للتراث تمثل العمارة التقليدية في المدينة المنورة بصفة خاصة وفي منطقة الحجاز بصفة عامة ، كما تُجسد مواصفات المباني القديمة التي فرضتها الطبيعة الجغرافية في المنطقة . وتحتوي كذلك على التفاصيل الدقيقة التي كانت تُعتبر من أساسيات مباني المدينة المنورة .
والكل يعلم بأن طبيعة الأرض الصخرية في المدينة المنورة ساهمت بشكل كبير في أن تكون السمة الغالبة على المباني فيها .. هي الجدران الصخرية . وقد كان المعماريون القُدامى في المدينة المنورة يقومون بتجميع الصخور من الحِرار " جمع حرّة " الكائنة في شرق المدينة وغربها ، ويعملون على تسويتها وتشذيبها حتى يصبح شكلها مكعباً ثم يستخدمونها في البناء بحسب حجم الحجر . ومن الأحجار ماينفع لأن يكون ركناً أو درجاً أو جزءاً في عقد كالذي يوضع في المداخل ... الخ . وكان أولئك المعماريون يسمون أنواع الأحجار بحسب أشكالها ونوعية استخداماتها ، فهناك " الشرس والنقل والسنة والمفروش والركن .. الخ " ومعظم تلك الأحجار كانت عبارة عن صخور بركانية نتجت عن الحمم البركانية التي تدفقت من بركان المدينة المنورة الذي ثار في العصور الغابرة . ومكان وجود تلك الصخور البركانية هو الحِرار التي ورد ذكرها في البداية .
ونظراً لاندثار حرفة البناء بالأحجار في المدينة المنورة ، والمملكة عموماً بعد التطور العمراني المذهل الذي تحقق بفضلٍ من الله عز وجل ثم حكمة القيادة السعودية ، فقد اختفى بالتالي أصحاب تلك الحرفة وتركوها لأعمال أخرى . وكان من الصعوبة بمكان أن تجد أمارة منطقة المدينة المنورة من يوافق على العودة للبناء بالأحجار لإنشاء هذا المتحف ، خصوصاً وأن أولئك المعماريون القدامى قد طعن بعضهم في السن . وبتوفيق من المولى عز وجل تم العثور على من يوافق للانتقال إلى الرياض لبناء هذا المبنى . وتم نقل العدد اللازم من الأحجار وجذوع الشجر وسعف النخيل للرياض ، كما تم نقل عدداً من الأبواب والرواشين الأثرية بعد ترميمها وإعادة دهانها ليتم استخدامها في المبنى ) .

(في المرة القادمة .. سأنقل ماتم تدوينه في ذلك الكتيب عن مكونات الدار )