شكرا أبا ياسر على إدراج هذه الوثيقة القيمة
وصدق ما قاله أبو سفيان بأن إبراهيم عواد باشا هو الذي عاصر الشاعر حسن عبدالرحيم القفطي ةنال الكثير من مديحه بل أن الشاعر حسن القفطي قد عمل مساعدا له لمدة قاربت العشر سنوات .

وبالمناسبة فإن المناضل الليبي والرياضي والمسرحي بشير السعداوي قد عمل أيضا في منصب قائمقام ينبع ويعتبر آخر قائم مقام لينبع في عهد الدولة العثمانية وتقول سيرته أنه

عين قائم مقام في ينبع البحر بالحجاز في فبراير سنة 1915 م تبع متصرفية المدينة المنورة . وكانت الحرب العالمية الاولى قائمة . وقد لاقى صعوبات شديدة في ينبع البحر سواء في الادارة او في المحافظة على الامن خصوصا وانه كان معينا من قبل تركية
وحضر الشريف بشير السعداوي ثورة شريف مكة على الترك في الحجاز التي قام بها في 6 / 9 / 1916 م وهو في ينبع البحر .. وكانت له فيها جولة محمودة وجهود جبارة ذكرت مفصلة في كتاب ميلاد دولة ليبيا الحديثة .
وفي 27 يوليه سنة 1916 تم احتلال ينبع البحر بالقوات الانجليزية واختفي الشريف بشير السعداوي عند احد اصدقائه من مشايخ عرب ينبع وبقي مختفيا عنده الى يوم 31 منه ، وفي مساء هذا اليوم خرج الشريف بشير من ينبع وبعض رفاقه في رفقة صديقه دخيل الله القاضي وهو من اعيان ينبع البحر وفي طريقهم الى المدينة المنورة وقعت لهم بعض الحوادث من البدو الذين كانوا يريدون القبض عليهم او قتلهم ولكن الله سلمهم ووصلوا المدينة في اواسط اغسطس سنة 1916 م
وبقي بشير السعداوي يتنقل بين المدينة ودمشق الى ان اذن له فخري باشا قائد منطقة المدينة المنورة بالانتقال الى دمشق مركز القيادة العثمانية في ديسمبر سنة 1917 م
وفي يناير سنة 1918 م عين قائم مقام في قضاء جزين بلبنان وكان سكان المنطقة مسيحيين وكان اول قائم مقام مسلم يعين في لبنان ، وقد اظهر من العدل والانصاف والكياسة مع سكان جزين ماجعلهم يتفانون في حبه ويشكرونه ويمدحونه لما تقدمت الجيوش الانجليزية والفرنسية الى لبنان .. انسحب من جزين ورجع بشير السعداوي الي طرابلس في اوائل سبتمبر سنة 1920 وفي اكتوبر من نفس السنة عقد مؤتمر غريان .. وانتخب حكومة وطنية سماها هيئة الاصلاح المركزية وانتخب السيد بشير عضوا في الهيئة وظل مرموقا فيها بعين النشاط .





ملحوظة

أخرج بشير السعداوي مسرحية عام 1915م أشترك في تمثيلها مع تلاميذ مدرسة ينبع البحر جماعة من قوات الدرك الشاميين والذين لم يكن التمثيل غريبا عليهم واستغرقت المسرحية ثلاث ساعات وقد دعي لحضور العرض الأول مشايخ البدو في المنطقة وبلغ عدد الحضور حوالي مائتان وخمسين.
بدأت المسرحية برفع الستارة عن الفصل الأول وظهر على المسرح نفر من البدو يتباحثون فيما بينهم في رسم خطة للتربص بالحجاج خلال موسم الحج المقبل وسلبهم واقتسام الغنائم والطريقة التي يتم بها ذلك ويمر بهم أحد تلاميذ المدرسة ولكن البدو يستمرون في نقاشهم فلا يسع التلميذ إلا أن يطيل الاستماع إلى ما يقولون ليعرف الغرض من اجتماعهم ومباحثاتهم وعندما يتعرف على غرضهم لا يتردد في أن ينهاهم عن التآمر على حجاج بيت الله الحرام لأن ذلك فعل لا يأتيه مسلم يعرف حقيقة دينه . ويتأثر المتآمرون بما يسديه لهم التلميذ من نصائح ويطلبون منه المزيد ولكنه عليه أن ينصرف لاستذكار دروسه فيعدهم بالعودة إليهم ..
وترفع الستارة عن الفصل الثاني من المسرحية ويعود التلميذ إلى جماعة البدو ليتم حديثه معهم فيتحدث إليهم والكل ينصتون ونجد إن الكلام قد أنتقل من مجرد النصح والإرشاد إلى عقد مقارنة بين الحال الذي عليه الحجازيون آنذاك أي هؤلاء البدو المتآمرين أنفسهم من حيث إنهم محررون من كل سيطرة أجنبية عليهم فلا نفوذ لحكومة غير إسلامية تنتزع منهم حرياتهم وتتهددهم في عقائدهم وبين ما يعانيه غيرهم من الشعوب العربية والإسلامية التي يرون أقواماً منهم يحضرون للحج كل موسم من ذل الاستعباد والرضوخ للمستعمر ومن هؤلاء أهل الهند والبلقان ومصر وطرابلس وتونس والجزائر …
ويريد المتآمرون أن يعرفوا شيئاً عن هذه الأمم التي أدركوا إن ثمة روابط متينة تربطهم بها بالرغم من إنهم غرباء عنهم ولم يجدوا أية غضاضة في الاعتداء عليهم لسلبهم وقتلهم تلك هي روابط الإخاء الإسلامي .
ثم يأتي الفصل الثالث حيث كان موسم الحج قد حل فنرى نفس المتآمرين قد كفوا عن قطع الطريق على حجاج بيت الله ثم استطاعوا بمعونة التلميذ الذي أثمر إرشاده لهم أن يدعوا لعقد مؤتمر يضم ممثلين عن الأقوام الذين سمعوا بهم وعرفوا شيئاً عنهم وأرادوا الآن أن يستوثقوا مما عرفوه من هؤلاء الممثلين أنفسهم ، فينعقد المؤتمر فعلاً ويقف كل مندوب أو عضو من أعضاء هذا المؤتمر ليشرح حال بلاده فالطرابلسي يقول إنه إنما جاء من ميدان القتال لان أهل طرابلس الغرب لم يلقوا السلاح بعد بل لا يزالون يجاهدون ضد المستعمر الإيطالي ويتكلم التونسي والجزائري عن الاستعمار الفرنسي في بلادهم ويتبع هؤلاء بقية المندوبين حتى إذا جاء دور المصري تكلم عن احتلال الإنجليز لبلاده ثم أنشد قصيدة حافظ إبراهيم التي كانت قد نشرت عام 1902 تحت عنوان ( حسرة على فائت ) والتي يقول مطلعها.
لم يبقى شئ من الدنيا بأيدينا ..... إلا بقية دمع في مآقينا
كنا قلادة جيد الدهرفانفرطت ........وفي يمين العلا كنا رياحينا
وهكذا كانت مسرحية نهضة الإسلام التي ألفت وأخرجت ونفذت في ينبع