بصراحه سؤال وجيه جدا
الأ يكفينا تذكيرا بالموت قول المصطفى صلى الله عليه وسلم « ما حق امرئ مسلم له شيئ يوصي فيه ، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده » رواه البخاري
الله المستعان ان صح التساؤل
فالموت نهاية كل حي لا ريب في ذلك ، ولا شك حيث يقدم هادم اللذات على المرء في صحة أو مرض ، ويقظة أو سبات فلا يرد .
ينقل الإنسان من مرحلة إلى مرحلة مثلما ينتقل في الدنيا من منزل إلى آخر .
لقد قطع الموت وما بعده قلوب الخائفين ، وألزمهم الصراط المستقيم ، فاستعدوا للموت وأعدوا له العدة .
ومما يأنس بها الميت بعد موته ويعود أثرها عليه : الوصية حيث يجري له عمله بما أوصى به بعد فراق الدنيا ، امتثالاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ، صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له »
وحيث أن الوصية قد ضيعها البعض ، ولما لها من أهمية تغافل عنها آخرون ، آلمني ذكر بعض الحوادث التي تقع فتحزن وتبكي وللقارئ ثلاث منها وهو يرى ويسمع أضعافها !
كم منا من يموت ولايوجد له وصية تبرئ ذمته من حقوق الناس أولاً ، ثم تجعل له نصيباً من الخير يجري له بعد موته خاصة مع ما أفاض الله عز وجل علينا من أموال وبسطة في الرزق .
كم منا من يموت ولم يعهد بوصية لأبنائه فيها نصيحة وتنبيه ، وإن كان لديه أطفال قصر عهد بهم لمن يرعاهم ممن يأنس فيه المقدرة والرعاية من أقاربه ومعارفه بدلاً من أن يكونوا عرضة للشتات أو للمطامع .
ولأهل الخوف من كتابة الوصية : فإنها لاتقدم في الأجل ولا تؤخر في الموعد ، وهنالك من أوصى منذ ثلاثين سنة أو أكثر ، ولكل أجل كتاب .
فالمبادرة المبادرة بهذا الخير الذي دل عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله « ما حق امرئ مسلم له شيئ يوصي فيه ، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده » رواه البخاري
قال الإمام الشافعي : من صواب الأمر للمرء أن لاتفارقه وصيته .
وقد قال عليه الصلاة والسلام « ومن مات وقد أوصى مات على سبيل وسنة » رواه ابن ماجة
وقال بكر المزني : إن استطاع أحدكم أن لايبيت إلا وعهده عند رأسه مكتوب فليفعل ، فإنه لايدري لعله أن يبيت في أهل الدنيا ويصبح في أهل الآخرة .
وأوجه البر كثيرة : من فقراء الأقارب غير الوارثين ، وعمارة المساجد ، وخدمتها ، وبناء الأربطة ، وقضاء ديون المعسرين ، وتعليم القرآن وسقي الماء ، وطبع الكتب المفيدة ، والوصية بالحج والأضاحي عن نفسه وغيره ، وهذا الباب بفضل الله واسع ووجوه البر فيه لا تنحصر .
ومن آداب الوصية أن يوصي المسلم بنيه وأهله وأقاربه ، ومن حضره واطلع على وصيته بتقوى الله وطيب العمل ، وأن لكم في إبراهيم وبنيه عليهم السلام أسوة ، وفي نبيكم محمد صلى الله عليه و سلم أعظم قدوة { ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } [البقرة:132]
وأوصى محمد صلى الله عليه وسلم بكتاب الله ، وقال صلى الله عليه وسلم « الصلاة الصلاة ، وما ملكت أيمانكم » رواه أحمد
وحذر من الفتن ، وأمر بالطاعة ولزوم الجماعة ، وأوصى بأصحابه السابقين وبالمهاجرين وأبنائهم ، كما أوصى ابنته فاطمة رضي الله عنها إذا هو مات أن تقول : إنا لله وإنا إليه راجعون .
هل الوصية واجبة وما نصها الشرعي
نص الفتوي عن الوصية للشيخ ابن عثمين
س : الأخت التي رمزت لاسمها : نوره . م . من الرياض تقول في سؤالها : هل كتابة الوصية واجبة ، وهل يلزم لها شهود؟ وحيث أنني لا أعرف النص الشرعي أرجو إرشادي إليه جزاكم الله خيرا؟ .
جـ : تكتب الوصية حسب الصيغة التالية : أنا فلان بن فلان أو فلانة بنت فلان أوصي بأنني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور . وأوصي من تركت من أهلي وذريتي وسائر أقاربي بتقوى الله وإصلاح ذات البين وطاعة الله ورسوله والتواصي بالحق والصبر عليه ، وأوصيهم بمثل ما أوصى به إبراهيم عليه السلام بنيه ويعقوب : يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ثم يذكر ما يرغب أن يوصي به من ثلث ماله أو أقل من ذلك أو مال معين لا يزيد على الثلث ويبين مصارفه الشرعية ويذكر الوكيل على ذلك .
والوصية ليست واجبة بل مستحبة إذا أحب أن يوصي بشيء لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده لكن إذا كانت عليه ديون أو حقوق ليس عليها وثائق تثبتها لأهلها وجب عليه أن يوصي بها حتى لا تضيع حقوق الناس وينبغي أن يشهد على وصيته شاهدين عدلين وأن يحررها لدى من يوثق بتحريره من أهل العلم حتى يعتمد عليها ولا ينبغي أن يكتفي بخطه فقط لأنه قد يشتبه خطه على الناس وقد لا يتيسر من يعرفه من الثقات . والله ولي التوفيق .
المفضلات