الدكتور / بدر بن أحمد كريم
كان الملتقى الثقافي بينبع في حلقته السابعة عشرة ممتعا وكانت أمسية جميلة بلقاء الإعلامي المميز وابن ينبع الدكتور / بـدر بن أحمد كريـّم ؛ حيث أثبت ضيف الملتقى ( أبو ياسر ) هذه الليلة أنه ما زال في هيبته الإعلامية ونشاطه وتدفق معلوماته وحضوره البهي الممتع ..
فنحن اليوم أمام شخصية إعلامية مميزة حمل صاحبها روح التحدي والإنجاز تاركا بصمته الخاصة في كل موقع تواجد فيه ، ومن خلال تجربته وعصاميته التي أصبحت مضرب المثل خاض معترك الحياة ؛ سلاحه الطموح والعلم ، ووسيلته الجد والكفاح والعزيمة والصبر ، معتمدا على الله أولا ثم بقدراته الذاتية ، ومواهبه ورؤيته المستقبلية لمسيرة حياته العلمية والعملية .
الزمان : ليلة السادس عشر من شهر ذو القعدة عام /1430هـ
المكان : مقر محافظة ينــبع .
الحضور: جمع لا بأس به من شخصيات المجتمع ومرتادي الملتقى وأعضائه الدائمين يتقدمهم سعادة محافظ ينبع/ إبراهيم السلطان ، وسعادة المهندس / عقيلي خواجي مدير عام الهيئة الملكية بينبع وعدد من المسؤولين والوجهاء .
بدأ الحلقة المهندس / يوسف الحجيلي نائب المدير العام بينبع الصناعية مرحبا بالضيف الكبير وبادئا حديثه بقراءة نص جميل وبليغ اختاره من مقالات الضيف وعلق عليه بعبارات رشيقة وهادفة .
ثم تولى مدير الملتقى الأستاذ / بسام يماني تقديم الضيف والتعريف بسيرته الذاتية التي سنأتي عليها لاحقا .. وأوعد أعضاء الملتقى بمتابعة الحلقات وعدم الانقطاع مع استقطاب الشخصيات البارزة واللامعة فكريا وثقافيا..ثم وصف ضيف الملتقى بأنه علم بارز ، وإعلامي مشهور من ابناء مدينة ينبع ..أما الموضوع الذي سيتحدث فيه فهو بعنوان :
( دور الإعلام في التنمية)
حيث مهد الأستاذ بسام للموضوع شارحا أن قضية تنمية المجتمعات هي قضية حياة ؛ والتنمية في أشهر تعريفاتها هي ( عملية الاستغلال الرشيد للموارد بهدف إقامة مجتمع أفضل) وهي كما عرفتها الأمم المتحدة أيضا : ( تدعيم المجهودات ذات الأهمية للمجتمع المحلي بالمجهودات الحكومية لتحسين الحالة الاقتصادية والاجتماعية والحضارية )
وبما أنّ التنمية ذات أهمية قصوى في المجتمع فقد غدت الحاجة ماسة إلى وجود وسائل إعلام فاعلة لتؤثر على أفكار وسلوكيات المجتمع بما يتفق وخطط التنمية التي تستهدف الإنسان بالدرجة الأولى لأنه هو العنصر المحرك لهذه التنمية في إعادة صياغة وتشكيل الأنماط السلوكية لدى المواطنين .
حديث الدكتور بــدر كريـّم باختصار
بدأ سعادة الدكتور بدر بن أحمد كريـّم حديثه شاكرا المستضيفين والحاضرين ومسترجعا ذكرياته في مسقط رأسه ينبع وقال : إنّ هذا اليوم بالذات أعادني إلى مدينتي ومسقط رأسي لأجد الصورة أمامي في اتجاهين ؛ الأول: ينبع القديمة بحاراتها وأزقتها ومنازلها التي غدت أطلالا وما قضيته فيها من أيام النشأة الأولى . والوجه الثاني : هو وجه ينبع الجديدة المتطورة ممثلا في الهيئة الملكية وما تحويه من قلاع للصناعة ومراكز للاستثمار والتنمية الصناعية والحضارية التي نفخر بها جميعا ..
أما حديثي عن الموضوع المخصص لهذا الملتقى فأبدؤه مشيرا إلى أول عملية تنمية بدأت في عهد الملك عبدالعزيز يرحمه الله وتمثلت في مشروع (توطين البادية) وانتهاءً بجامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية، حيث يتخرج فيها شباب وشابات سعوديات، يسهمون بدورهم في تنمية مجتمعهم السعودي تنمية مستدامة . ومع بداية برمج التنمية التي أشرت إليها تزامن ذلك مع ظهور وسائل الإعلام السعودية حيث كانت أول وسيلة هي ( صحيفة أم القرى) الرسمية وصدر العدد الأول منها في 15/ جمادى الأولى من عام/ 1343هـ ، ثم الإذاعة السعودية في أول بث لها عام /1368هـ وبعد ذلك ظهور التلفاز في عهد الملك فيصل عام/ 1385هـ ..
وتابع المحاضر حديثه مستعرضا بدايات خطط التنمية منذ عهد الملك فيصل يرحمه الله حيث كانت أول خطة للتنمية من 1390هـ 1395هـ وقال : من حسن حظي أنني حضرت إقرارهذه الخطة في الطائف ثم أجريت لقاء مع معالي الوزير / هشام ناظر لإلقاء الضوء على تلك الخطة ، وأنا بالمناسبة أحتفظ في مكتبتي بجميع خطط التنمية السعودية وعددها ثمان خطط وإن شاء الله تعالى ـ بحسب علمي ـ ستصدر الخطة التاسعة بعد شهور من الآن . ثم تحدث د/ بدر كريم عن الأهداف التنموية للإعلام السعودي موضحا أن هناك فرقا بين التنمية والنمو، ومؤكدا على التوجيهات المهمة التي أصدرها الملك عبد العزيز عند إنشاء الإذاعة السعودية عام/1368هـ والتي تنص على الصدق في القول والالتزام بالموضوعية والترفع عن الإساءة والشتم والبعد عن المدح الزائد وغيرها من التوجيهات التي أصبحت الآن على أنها من ( أخلاقيات العمل الإعلامي) إضافة إلى تنمية الوعي الديني والثقافي والاجتماعي .
وفي ختام حديثه ذكر بعض التوصيات ومن أهمها:
إعادة هيكلة قطاع الإعلام السعودي بكل وسائله ، ولإعادة النظر في السياسة الإعلامية على ضوء التطورات المتلاحقة والمطروحة على الساحة الإعلامية عربيا وإسلاميا ودوليا ، ومن ثم ترشيد الإنفاق المالي على قطاع الإعلام مع التوسع في إنشاء مؤسسات إعلامية تنموية جديدة من قبل القطاع الأهلي ،، وأخيرا وضع سياسة إعلامية تنموية جديدة يراعي التحولات الاجتماعية والسياسية التي نعايشها اليوم تضمن لنا موقعا ملائما على الخارطة الإعلامية الدولية .
كان حديث الدكتور بدر شيقا بإلقائه الجميل وصوته النقي الذي ألفناه من عشرات السنين ، وباستشهاداته وقصصه الواقعية التي عايشها من خلال رحلته الإعلامية المميزة ، وعصاميته التي أصبحت نموذجا للطموح الذي يقف أمامه كل متمعن لأفكار ومسيرة هذا الرجل ... ولولا ضيق الوقت لامتد زمن الملتقى لأكثر من الوقت المخصص له ..
ثم كانت مداخلة سعادة المحافظ الذي شكر المحاضر على تلبيته الدعوة وحضوره خصيصا لحلقة الملتقى وطرح سؤالين :
السؤال الأول عن كيفية الاستفادة من الإعلام في إيجاد برامج موجهة للمجتمع لتقويم سلوكياته بدون أن يحس المتلقي أن هذه البرامج موجهة له ؟
والسؤال الثاني طالبا من الدكتور بدر كريم أن يذكر نموذجا من المواقف التي مرت عليه من خلال مرافقته للملك فيصل يرحمه الله ؟
وقد أجاب الدكتور بدر على السؤال الأول بأن البرامج الموجهة للمجتمع خاصة لابد أن يعدها كتّاب متميزون يعرفون حقيقة سلوكيات المجتمع ويكونون معايشين لأوضاعه ومراحل تطوره واحتياجاته وأن تواكب الوسيلة الإعلامية هذا التطور وتصل لأكثر فئات المجتمع وتفرض نفسها لتكون مؤثرة وفاعلة .
أما المواقف التي مرت عليه مع الملك فيصل فذكر منها موقفا واحدا عندما رافقه في إحدى زياراته واضطر بدر كريم أن يتغيب عن أداء اختبار الكفاءة المتوسطة الموحّد نظام 3 سنوات لمرافقة الملك في تلك الزيارة ، وأثناء العودة بالطائرة قدم استرحاما للملك بطلب لوزير المعارف آنذاك حسن آل الشيخ يرحمه الله ليقيم له اختبارا خاصا تقديرا لظروف تغيبه فما كان من الملك إلا ن تجاهل الطلب ولم يرد عليه في حينه ، ثم حوله لوزير المعارف للاستفسار فكان الجواب بأن نظام الوزارة لا يسمح إلا باختبارين فقط ( دور أول ودورثاني) ولا يوجد في النظام دور ثالث . ثم اقترح أن يدخل الاختبار في كل المواد كحل لوضعه فدخل بدر الاختبار ونجح فيه بتقدير ( مقبول) وأضاف بأن الملك فيصل كان جامعة ومدرسة في الحلم وضبط النفس والصبر واستشهد بأحداث اليمن وما حدث بين السعودية ومصر من خلافات في هذه القضية السياسية ومعالجة الملك لها بأسلوب متأن وواع حتى اضطر الرئيس جمال عبد الناصر أن يأتي للملك فيصل في جدة ويوقع معه اتفاقية تنهي الخلاف بسحب القوات المصرية من اليمن وتعطي لليمنينن حريتهم في اختيار الحكم الذي يريدونه .
ثم مداخلة أخير من الأستاذ/ عبد الرحيم الزلباني عن شيوع وسائل الإعلام الخاصة وما تبثه من برامج مؤثرة على المجتمع وهدامة لأخلاقياته وقيمه فأين الميثاق الإعلامي ، وللأسف أغلب هذه الوسائل عربية لا أجنبية ومن بني جلدتنا ؟
فقال الدكتور بدر معلقا : مع شديد الأسف أقول بأن جيل الشباب الحالي أكثره بني على باطل وبدون رغبتنا بسبب ما تبثه الفضائيات أو أسميها بالفضائحيات وأجزم بأن سبب انخراط شبابنا ومجتمعاتنا في مجاراة هذا العبث الأخلاقي هو تقاعس الأسرة والتسرب والتسيب العائلي وأنا شخصيا لست متفائلا بأننا أمام جيل صالح بهذه المواصفات السيئة والرديئة فعندما تمشي في الأسواق أو الشوارع تشاهد مناظر مقززة من الشباب لم يتجرأ شباب الغرب على ممارستها .
السيره الذاتية للدكتور / بدربن أحمد كريـّم
ولد بمحافظة ينبع البحر عام/1355هـ
ـ اختيرعضوا بمجلس الشورى السعودي ( الدورة الثالثة) من عام/1422هـ ـ إلى عام/1425هـ .حاصل على درجة الدكتوراه في الإعلام بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام/1427هـ .
بدأ حياته الوظيفية مقيد صادر ووارد بالجوازات والجنسية في جدة ثم مراقبا للمطبوعات بمديرية الإذاعة والصحافة والنشر ، فمذيعا ثم مقدما للبرامج الجماهيرية فمديرا للتنفيذ وواصل تدرجه حتى وصل لمنصب المدير العام العام للإذاعة السعودية ، ثم عمل نائبا لرئيس تحرير صحيفة عكاظ ، بعد ذلك عين مديرا عاما لوكالة الأنباء السعودية وبعد إحالته على التقاعد اختير محاضرا بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض ..وأسس مركز ( غزوة) للدراسات والاستشارات الإعلامية
ـ رأس الوفود الإعلامية التى تابعت زيارات الملك فيصل بن عبد العزيز يرحمه الله في إطار دعوة التضامن الإسلامي ، ثم بعض زيارات الملك خالد يرحمه الله وأيضا بعض زيارات الملك فهد يرحمه الله .
أصدر عددا من المؤلفات أولها ( نشأة وتطور الإذاعة في المجتمع السعودي) ودور المذياع في تغيير العادات في المجتمع : دراسة ميدانية في قرية خليص وهي تمثل رسالة الماجستير ، وأيضا كتاب ( أتذكر) عبارة عن سيرة ذاتية ، وكتاب /عصر العاجزين عن الكلام ، وكتاب / أفواه تتلفظ بكلمات عطرة ، وأخيرا رسالة الدكتوراه بعنوان( دوافع التعرض للموضوعات الاجتماعية في الصحف السعودية ).. وللدكتور بدر نشاط إعلامي وثقافي من خلال مقالاته الصحفية في عكاظ ومحاضراته في الأمسيات ولقاءاته في البرامج التلفزيونية .
انتهى اللقاء مع جزيل الشكر للدكتور بدر كريم على ما أمتع به الحاضرين من قول جميل مفيد ورؤية شاملة فاحصة لأوضاع المجتمع وتقلباته وتطوراته المتوالية ..هذا وقبل الذهاب لتناول طعام العشاء أعلن الأستاذ / بسام يماني أن الدكتور بدر كريم أهدى لجميع أعضاء الملتقى كتابين من كتبه التي أصدرها وستصل للأعضاء في وقت لاحق إن شاء الله.
لقطات من الملتقى
أحاديث جانبية قبل الوداع
المفضلات