أخي محمد /
أسعد الله أوقاتك بكل خير :
أمضي ولا يستخفنك السُرَاق؛ فلا بدَّ في التمر مِنْ سُلاَّءِ النخل؛ وفي العسل من إبر النحل؛ وما أكثر لصوص النصوص لا كثرهم الباري؛ يتزبَّب أحدهم وهو حَصْرِم ! قد فشت بينهم الخيانة؛ وضعفت عندهم الأمانة نسأل الله السلامة والعافية؛ فتنكبوا طريقة العلماء الأبرار والمقتدين الأخيار؛ وقد جاء في الصحيحين من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور ) ولكن قل لهم ولأمثالهم من كل سارق مارق :
إن عزَّ موجودُ الكلامِ عليكم ...... فأنا الذي وقفَ الكلامُ ببابي
كم طاولوا أمَدِي فطَالَ عليهم ....... ولم يُدرِكوا إلا مَثارَ ترابي
وأنا أقدر موقفك والجهد الذي بذلته في هذا السبيل فكيف لا وقد قال الحريري : العلماء غيرتهم على بنات الأفكار؛ كغيرتهم على البنات الأبكار ! ومن أغرب ما رأيت أن أحد الضعفاء المساكين أغار على كتاب الحافظي فصنع منه شجرة لجهينة ونسبها لنفسه كذباً وزورا !
ومَا يبلغ الأعداءُ مِنْ جَاهلٍ ...... ما يبلغُ الجاهلُ مِن نفسِهِ
ولستُ أمتع الله بك وبعلمك من صنف ما ذكرت؛ ولو بعثت إليَّ بكل ما في جعبتك لعزوت البعث كُلهُ إليك؛ وما أريده من علم الآثار هو النقوش المكتوبة على الصخور والجبال فقط؛ كالنقش الذي وجدتموه بأرض ينبع لعبد الرحمن بن نبيه الجهني رضي الله عنه؛ علماً بأنني بحمد الله أطلعت على نقوش لبعض الجهنيين القدماء كنقوش جبل رضوى التي تحمل الكثير من الأسماء؛ ونقوش جبال البيضاء؛ ونقوش غدير رواوة؛ ونقوش وادي النقمي؛ ونقوش جبل سلع؛ ونقش وادي الصفراء؛ ونقش تيدد؛ فإن كان عندك شيئاً من ذلك فأعجل علينا به؛ وأما مسألة ثناء الرجل على نفسه وهو صادق فيما أخبر عاملاً بما ذكر فمن باب قول شعيب عليه السلام : ( سَتَجِدُنِي إنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ) وقول نبي الله يوسف للملك : ( اجْعَلْني على خَزَائِنِ الأرْضِ إني حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) .
واسمح لي أن أقول إن نظرتك سليمة وأما نظرات الأقارب والأصدقاء والمشاركين والمتندرين فنظرةٌ دونيةٌ لا تصدر إلا ممن لم يلمح بطرف علم؛ فالتاريخ والآثار أمانة بين يدي المؤرخ والأثري؛ والواجب عليه إن كان مسلماً أن يحسن نيته في كل فعله وأن يبذل علمه وعمله خالصاً لوجهه؛ بعيداً عن المصلحة العاجلة والنظرة الدانية؛ ولهذا روي أن الشافعي كان يقول عن الحديث والفقه: ( والله لوددت أن الناس كلهم تعلموا هذا العلم ولم ينسب إليَّ منه شيء) . وتلك رتبة يا صاحبي لا يبلغها كل إنسان؛ فإن النفس جُبلت على حب الظهور؛ والله المستعان ؛ ولكنني أعظك أن تقول لهم كما قال الأولون :
كتبي لأهل العلم مبذولة ..... أيديهم مثل يدي فيها
متى أرادوها بلا مِنّة .......... عـاريةً فليستعيروهـا
حاشاي أَنْ أكتمها عنهموا .... بخلاً كما غيريَ يُخفيها
أعارنا أشياخُنا كُتْبهُم ........... وسنةُ الأشياخ نحييها
ولو أسررت لك بما حصل معي لهان عليك كل تعب وذُلل لك كل صعب؛ ولو سردت القول لطال الحديث؛ فما أَيْسَر في زماننا هذا يا أخي الإغارة والسرقة !؛ ولم تقف غاراتهم عند حد بل تزعمها بعض حملة الألقاب ( أ . د ) وما تلك الحروف التي يتباهون بها قبل الأسماء إلا أغطية تخفي خلفها الجهل؛ وطريق سريع للتكسب والعيش بأسوأ أنواع الخيانة: سرقة ونسخاً ومسخاً وتحريفاً وتشويهاً
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
المفضلات