الرمعة الأولى : تجاوز حدود بعض الصحابة

قال تعالى :

يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَتُحَرِّمُوا طَيِّبَـتِ مَآ أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ87 وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلَـلا طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِى أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ88 لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَـنِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمْ الاَْيْمَـنَ فَكَفَّـرَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَـكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْكِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَة فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـثَةِ أَيَّام ذَلِكَ كَفَّـرَةُ أَيْمَـنِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَـنَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ ءَايَـتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ89

سبب النّزول
لا تتجاوزوا الحدود!
ثمّة روايات متعددة وردت بشأن نزول هذه الآيات منها: في أحد الأيّام أخذ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) يصف بعض ما يجري يوم القيامة وحال الناس في تلك المحكمة الإِلهية العظمى، فهزّ الوصف نفوس الناس وراح بعضهم يبكي، وعلى أثر ذلك عزم بعض أتباع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) على ترك بعض لذائذ الحياة ورفاهها، وأن ينصرف بدلا من ذلك إِلى العبادة، فأقسم أميرالمؤمنين(عليه السلام) أن ينام من الليل أقلّه ويصرفه في العبادة، وأقسم بلال أن يصوم أيّامه كلّها، وأقسم عثمان بن مظعون أن يترك إِتيان زوجته وأن ينقطع إِلى العبادة.
جاءت زوجة عثمان بن مظعون ـ وكانت إمرأة جميلة ـ يوماً إِلى عائشة فعجبت عائشة من حالها فقالت: ما لي أراك متعطلة؟
فقالت: لمن أتزين؟ فو اللّه ما قاربني زوجي منذ كذا وكذا فانّه قد ترهب ولبس المسوح وزهد في الدنيا، فبلغ ذلك رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فجاء إِليهم وأخبرهم أن ذاك خلاف سنّته وقال: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» ثمّ جمع الناس وخطبهم وقال:
«ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والطيب والنوم وشهوات الدنيا، أمّا إِنّي لست آمركم أن تكونوا قسيسين ورهباناً، فإنّه ليس في ديني ترك اللحم ولا النساء ولا إِتّخاذ الصوامع، وإِنّ سياحة أُمّتي الصوم ورهبانيتهم الجهاد، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وحجوا واعتمروا وأقيموا الصّلاة وآتوا الزّكاة وصوموا رمضان، واستقيموا يستقم لكم، فإنّما هلك من كان قبلكم بالتشديد، شددوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم ...».
فقام الذين كانوا قد أقسموا على ترك تلك الأُمور وقالوا: يا رسول الله، لقد أقسمنا على ذلك، فماذا نفعل؟ فنزلت الآيات المذكورة