المحاولة الثالثة
فرض الصيام
وقصة عمر رضي الله عنه عندما وقع باهله

القصة

ثم جاءت المشكلة المستعصية عندما سألوه عما يمتنعون في الصيام من غير الأكل والشرب؟ فكان القرار الأول أنهم يمتنعون عن النوم قبل الإفطار. فكان الرجل إذا جاء وقت الإفطار وكان متعباً ونام قبل أن يفطر لا يجوز له أن يأكل شيئاً ويستمر في صيامه بقية الليل واليوم التالي حتى مغيب الشمس. وشاءت الظروف أن رجلاً يُدعى قيس بن صُرمة الأنصاري كان يعمل في النخيل حتى قريب غروب الشمس وجاء منزله وقال لزوجنه: أعندك طعام أفطر به؟ فقالت له: لا. ولكن أنطلق فأطلب لك طعاماً. فغلبه النعاس وهو منتظر. وعندما رجعت زوجته ببعض الطعام وجدته قد نام، فقالت له: خيبةٌ لك. فصام بقية ليلته ومنتصف اليوم التالي فغشي عليه وذكر ذلك للنبي، فأنزل الله (فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.
وروى البخاري عن البراء أنه لما نزل صوم رمضان كان غير مسموح لهم الاقتراب من نسائهم طوال شهر رمضان. وقال آخرون إنه كان مسموحاً لهم بعد الإفطار على شرط إلا ينام الرجل أو المرأة قبل الجماع. فإذا نام أحدهما ثم أفاق بالليل فلا يمكنه مجامعة الزوج. وكالعادة جاء عمر بن الخطاب بالحل. فقد كان يسمر مع رسول الله بعد الإفطار وعندما رجع إلى بيته أراد أن يجامع زوجته فقالت له: إني نمت. فحسب هوأنها إنما تتمنع عليه فوطئها. وجاء رسول الله في اليوم التالي وقال له: أعتذر إلى الله وإليك، فإن نفسي زينت لي فوقعت بأهلي، فهل تجد لي من رخصة؟ فقال له الرسول (لم تكن حقيقياً ياعمر). وهذا يعني أنه لم يجد له رخصة فيما فعل، فرجع عمر إلى أهله مهموماً. فلما بلغ بيته أرسل إليه محمد وأنبأه أن الله قد عذرة بآية من القرآن، وهي (أُحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباسٌ لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كب الله لكم (البقرة 187). ويتبادر إلى الذهن سؤال بديهي: ألم يكن الله يعلم مسبقاً عندما أصدر الأوامر إلى رسوله بمنع الجماع في شهر رمضان أن المؤمنين سوف يختانون أنفسهم لأنهم لم تكن لهم أي وسائل ترفيه بالليل غير الجنس؟ وإذا علم الله مسبقاً، كيف يصدر قانوناً بعكس طبيعة البشر ويتوقع منهم اتباعه، والمثل العامي يقول: إذا أردت أن تُطاع فأمر بما يُستطاع؟ وتأكيداً على تحريم الجماع في رمضان يقول القرطبي في شرح الآية (لفظ " أُحل" يقتضي أنه كان محرماً قبل ذلك ثم نُسخ.)