نَعُودُ إلَى ذِكْرِ جَبَلِ الْفَحْلَتَيْنِ

جَاءَ فِي« تَارِيخِ مَدِينَةَ دِمَشْقَ » لِلْحَافِظِ الْكَبِير ابْنِ عَسَاكِرَ؛ قَوْلُهُ :
أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِب وَأَبُو عَبْد اللَّه ابْنَا الْبَنَّا قَالَا : أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْن الْمَسْلمَة؛ أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِر الْمُخْلِص؛ نا أَحْمَدُ بْن سُلَيْمَانَ؛ نا الزّبَيْرُ بْن بَكّارٍ؛ حَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْن عَبْدِ اللّهِ بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ الزّهْرِيّ؛ عَنْ عَمّهِ مُوسَى بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ حَفْصًا وَعَبْدُ الْعَزِيزِ ابْنَي عُمَرَ بْن عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ تَنَازَعَا إِِلَى وَالِي الْمَدِينَةَ فَأَشْكَل عَلَيْهِ أَمْرُهُمَا؛ فَكَتَبَ بِأَمْرِهِمَا إِلَى عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ اشْخُصْهُمَا إِلَيَّ فَفَعَل؛ فَسَبَقَ عَبْد الْعَزِيز؛ ثُمَّ قَدِمَ حَفْصٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عَبْد الْمَلِك : مَا حَبَسَك عَنْ خَصْمِكَ ؟؟؛ قَالَ أَزْهَرَ بْن مُكْمِل بْن عَوْفٍ : أَقَمْتُ عَلَيْهِ حَتّى تُوُفّيَ » بِفَيْفَاءُ الْفَحْلَتَيْنِ « فَدَفَنْتَهُ وَأَقْبْلت؛ فَفَزِعَ عَبْدُ الْمَلِك وَجَلَسَ؛ فَقَالَ : حَقّاً ؟؟ ؛ قَال : حَقّا؛ قَالَ عَبْدُ الْمَلِك : وَإِنَّ مِمَّا يَقُولُ أَهْلِ الْكِتَابِ لِبَاطِلٍ ! ؛ قَالَ الزّبَيْرُ : أَزْهَرَ بْن مُكْمِل بْن عَوْف بْن عَبْد بْن الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ كَانَ نَاسٌ يَرَوْنَ فِيهِ أَنّهُ يَلِي الْخِلَافَة؛ وَبِسَبَبِ الرّوَايَةِ الّتِي كَانَتْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَا قَال .

قَالَ الْمُؤَلِف ابْنُ غُنَيْم الْمَرْوَانِيُّ الجُهَنِيُّ :
أَزْهَرَ بْن مُكْمِل وَأَخَاهُ عَبْدَ الرّحْمَنِ بْن مُكْمِلٍ صَحَابِيَّيْنِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا؛ وَأَزْهَرَ بْن مُكْمِل بْن عَبْد بْن الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ الزُّهْرِيُّ الْقُرَشِيّ؛ كَانَ يَنْزِلُ بِالفَحْلَتَيْنِ؛ وَبِهَا تُوُفّيَ وَدُفِنَ فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ؛ عِدَاده مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ وَأَخِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ تُوُفّيَ فِي الْمَدِينَةِ بِالفَالِجِ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؛ وَكَانَ الأَْخِير قَدْ أَقْطَعَهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَرْضًا حَوْلَ الْمَسْجِدِ؛ وَأَمّا حَفْصٍ الَّذِي تَوَلَّى دَفْنَ أَزْهَرَ فَاسْمُهُ : حَفْص بْن عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْن عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ الْمَدِينِيّ؛ يُكَنّى بِأَبِي رَاشِد؛ وَأَخُوهُ عَبْد الْعَزِيزِ بِن عُمَرَ بِن عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ؛ لَهُ أَمْوَالٌ بِالْعِيصِ؛ وَمِنْ أَحْفَادِهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْن مُحَمّد الْمُتَوَفَّى بِتَيْدَد؛ ذَكَرْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ؛ قَالَ الْهَجَري : الْحَاضِرَةُ : مِنْ عُيُونِ تَيْدَدْ؛ وَبِهَا قَبْرُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْن مُحَمّد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْن عُمَرَ بْن عَبْدِ الرّحْمَنِ بْن عَوْفٍ الزّهْرِيّ؛ انْتَهَى؛ وَبَنُو زُهْرَةَ بَطْنٍ مِنْ قُرَيْش كَانَتْ مَسَاكِنَهُمْ حَوْلِ الْمَدِينَةِ؛ وَأَكْثَرُهُمْ يَنْزِلُونَ بَادِيَةِ جُهَيْنَةَ؛ وَكَانَتْ لَهُمْ أَمْوَالٍ وَزَرْعٍ وَعُيُونٍ وَآبَارٍ هُنَاك .

وَبَنُو زُهْرَةَ الْزَّهْرِيَّيْنِ بَيْتُ عِلْمٍ وَفِقْهٍ؛ وَلَهُمْ مُؤَلَّفَاتٍ بِالتَّارِيخِ وَالأَْنْسَابِ عَنْ الْمَدِينَةِ وَقَبَائِلُهَا؛ وَمِنْ هَؤُلاَءِ: عَبْدِ الْعَزِيزِ بْن عِمْرَانَ بْن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْن عُمَرَ بِن عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ؛ النّسّابَةُ الْإِخْبَارِيُّ؛ أَبِي ثَابِتٍ الأَعْرَجِ نَزِيلُ جُهَيْنَةَ؛ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ: 197 لِلْهِجْرَةِ؛ مِنْ أَصْحَابِ الطَّبَقَة الثَّامِنَةِ؛ لَهُ مِنْ الْكُتُبِ « كِتَابِ الْأَحْلَافِ » قَالَهُ ابْنُ النَّدِيمِ؛ وَرَوَى تِلْمِيذَهُ أَبِي زَيْدٍ فِي « أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ » : مِنْ طَرِيقِ أَبِي غَسَّان مُحَمّدُ بْن يَحْيَى الْمَدَنِيّ؛ قَال: احْتَرَقَتْ كُتُبَهُ فَكَانَ يُحَدّثُ مِنْ حِفْظِهِ؛ وَهَذَا يَدُلّ عَلَى كَثْرَةِ تَأْلِيفِه رَحِمَهُ اللّه؛ قََالَ عَلِيّ بْن الْحُسَيْنِ بْن حِبّانَ : وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ: قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا: ابْنُ أَبِي ثَابِتٍ الأَعْرَجِ الْمَدِينِيّ قَدْ رَأَيْته هَاهُنَا بِبَغْدَاد؛ كَانَ يَشْتُمُ النَّاسَ وَيَطْعَنَ فِي أَحْسَابِهِمْ؛ وَحَكَى ابْنُ مَعِينٍ: صَاحِبَ نَسَبٍ وَشِعْرٍ؛ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ؛ وَمِنْ شُيُوخِهِ الّذِينَ أُخِذَ عَنْهُمْ بَعْض مِنْ عِلْمِ الْحَدِيث وَالْأَخْبَارِ وَالْأَنْسَابِ: وَاقِدُ الْجُهَنِيّ؛ وَعُثْمَانُ الْجُهَنِيّ؛ وَزَيْدُ بْن أُسَامَةَ الْجُهَنِيّ؛ وَغَيْرِهِمْ؛ وَمِنْهُمْ كَذَلِك: مُحَمّدُ بِن غُرَيْر الزُّهْرِيّ؛ شَيْخاً شَرِيفًا؛ ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ يَنْزِلُ الْبَادِيَةِ بِجِوَارِ جُهَيْنَةَ؛ فَيَغْشَاهُ الْضِّيفَانِ وَيَجْلِسُوا إلَيْهِ فِي مَضَارِبه بِفَرْشَ مَلَلَ وَمَرَيَيْنِ .

وَجَاءَ فِي « كِتَابِ الْمَغَازِيّ » لِلْوَاقِدِي الْأَخْبَارِيّ النّسّابَةُ :

سَرِيّةُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إلَى حِسْمَى سَنَةَ 6 مِنْ مُهَاجره صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ :
وَحِسْمَى : هِيَ وَرَاءَ وَادِي الْقُرَى؛ حَدّثَنِي مُوسَى بْن مُحَمّدِ بْن إبْرَاهِيم؛ عَنْ أَبِيهِ؛ قَال : أَقْبَلَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيّ مِنْ عِنْدِ قَيْصَرَ؛ وَقَدْ أَجَازَ دِحْيَةَ بِمَالٍ وَكَسَاهُ كُسيً؛ فَأَقْبَلَ حَتّى كَانَ بِحِسْمَى؛ فَلَقِيَهُ نَاسٌ مِنْ جُذَامٍ فَقَطَعُوا عَلَيْهِ الطّرِيقَ؛ وَأَصَابُوا كُلّ شَيْءٍ مَعَهُ؛ فَلَمْ يَصِلْ إلَى الْمَدِينَةِ إلّا بِسَمَلٍ؛ فَلَمْ يَدْخُلْ بَيْتَهُ حَتّى انْتَهَى إلَى بَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَقّهُ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : » مَنْ هَذَا ؟؟ « فَقَال : دِحْيَةُ الْكَلْبِيّ؛ قَالَ : » اُدْخُلْ « فَدَخَلَ فَاسْتَخْبَرَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمّا كَانَ مِنْ هِرَقْلَ حَتّى أَتَى عَلَى آخِرِ ذَلِكَ؛ ثُمّ قَال : يَا رَسُولَ اللّهِ؛ أَقْبَلْت مِنْ عِنْدِهِ حَتّى كُنْت بِحِسْمَى؛ فَأَغَارَ عَلَيَّ قَوْمٌ مِنْ جُذَامٍ؛ فَمَا تَرَكُوا مَعِي شَيْئًا حَتّى أَقْبَلْت بِسَمَلِي هَذَا الثّوْبَ .

فَحَدّثَنِي مُوسَى بْن مُحَمّد قَالَ : سَمِعْتُ شَيْخاً مِنْ سَعْدِ هُذَيْم كَانَ قَدِيماً يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ؛ يَقُولُ : إنَّ دِحْيَةَ لَمّا أُصِيبَ أَصَابَهُ : الْهُنَيْدُ بْن عَارِضٍ؛ وَابْنُهُ عَارِض بْن الْهُنَيْدِ : وَكَانَا وَاَللّهِ نَكِدَيْنِ مَشْئُومَيْنِ؛ فَلَمْ يُبْقُوا مَعَهُ شَيْئا؛ فَسَمِعَ بِذَلِكَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي الضّبَيْبِ فَنَفَرُوا إلَى الْهُنَيْدِ وَابْنِهِ؛ فَكَانَ فِيمَنْ نَفَرَ مِنْهُمْ النّعْمَانُ بْن أَبِي جُعَالٍ فِي عَشَرَةِ نَفَرٍ؛ وَكَانَ نُعْمَانُ : رَجُلَ الْوَادِي [وَادِي شَنَارُ] ذَا الْجَلَدِ وَالرّمَايَةِ؛ فَارْتَمَى النّعْمَانُ وَقُرّةُ بْن أَبِي أَصْفَرَ الصّلعِيّ؛ فَرَمَاهُ قُرّةُ فَأَصَابَ كَعْبَهُ فَأَقْعَدَهُ إلَى الْأَرْضِ؛ ثُمّ انْتَهَضَ النّعْمَانُ فَرَمَاهُ : بِسَهْمٍ عَرِيضِ السّرْوَةِ؛ فَقَالَ : خُذْهَا مِنْ الْفَتَى؛ فَخَلّ السّهْمُ فِي رُكْبَتِهِ فَشَنّجَهُ وَقَعَدَ؛ فَخَلّصُوا لِدِحْيَةَ مَتَاعَهُ فَرَجَعَ بِهِ سَالِمًا إلَى الْمَدِينَةِ

وَقَدِمَ زَيْدُ بْن حَارِثَةَ خِلَافَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللّهِ؛ فَبَعَثَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمْسِمِائَةِ رَجُلٍ وَرَدّ مَعَهُ دِحْيَةَ الْكَلْبِيّ؛ وَكَانَ زَيْدٍ يَسِيرُ اللّيْلَ وَيَكْمُنُ النّهَار؛ وَمَعَهُ دَلِيلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ؛ وَقَدْ اجْتَمَعَتْ : غَطَفَانُ كُلّهَا؛ وَوَائِلٌ؛ وَمَنْ كَانَ مِنْ : سَلَامَات؛ وَبَهْرَاءَ؛ حِينَ جَاءَ رِفَاعَةُ بْن زَيْدٍ بِكِتَابِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتّى نَزَلُوا بِكُرَاعِ رُؤَيّةَ لَمْ يُعْلَمْ [كُرَاعِ رِبَةَ - بِحَرّةِ لَيْلَى -]؛ وَأَقْبَلَ الدّلِيلُ الْعُذْرِيَّ بِزَيْدِ بْن حَارِثَةَ حَتّى هَجَمَ بِهِمْ؛ فَأَغَارُوا مَعَ الصّبْحِ عَلَى الْهُنَيْدِ وَابْنِهِ وَمَنْ كَانَ فِي مَحَلّتِهِمْ؛ فَأَصَابُوا مَا وَجَدُوا؛ وَقَتَلُوا فِيهِمْ فَأَوْجَعُوا؛ وَقَتَلُوا : الْهُنَيْدَ وَابْنَهُ؛ وَأَغَارُوا عَلَى مَاشِيَتِهِمْ وَنَعَمِهِمْ وَنِسَائِهِمْ

فَأَخَذُوا مِنْ النّعَمِ أَلْفَ بَعِيرٍ؛ وَمِنْ الشّاءِ خَمْسَةَ آلَافِ شَاةٍ؛ وَمِنْ السّبْيِ مِائَةً مِنْ النّسَاءِ وَالصّبْيَانِ؛ وَكَانَ الدّلِيلُ إنّمَا جَاءَ بِهِمْ مِنْ قِبَلِ الْأَوْلَاجِ؛ فَلَمّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ الضّبَيْبُ بِمَا صَنَعَ زَيْدُ بْن حَارِثَةَ رَكِبُوا؛ فَكَانَ فِيمَنْ رَكِبَ حِبّانُ بْن مِلّةَ وَابْنُهُ؛ فَدَنَوْا مِنْ الْجَيْشِ وَتَوَاصَوْا لَا يَتَكَلّمُ أَحَدٌ إلّا حِبّانُ بْنُ مِلّةَ؛ وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ عَلَامَةٌ إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَضْرِبَ بِسَيْفِهِ قَالَ : قَوَدِي؛ فَلَمّا طَلَعُوا عَلَى الْعَسْكَرِ طَلَعُوا عَلَى الدّهْمِ مِنْ السّبْيِ؛ وَالنّعَمِ؛ وَالنّسَاءِ؛ وَالْأُسَارَى؛ أَقْبَلُوا جَمِيعاً؛ وَاَلّذِي يَتَكَلّمُ حِبّانُ بْنُ مِلّةَ؛ يَقُولُ : إنّا قَوْمٌ مُسْلِمُونَ؛ وَكَانَ أَوّلَ مَنْ لَقِيَهُمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ عَارِضٌ رُمْحَهُ فَأَقْبَلَ يَسُوقُهُمْ؛ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : قَوَدِي؛ فَقَالَ حِبّانُ : مَهْلًا؛ فَلَمّا وَقَفُوا عَلَى زَيْد بْن حَارِثَةَ قَالَ لَهُ حِبّانُ : إنّا قَوْمٌ مُسْلِمُونَ؛ قَالَ لَهُ زَيْدٌ : اقْرَأْ أُمّ الْكِتَابِ؛ وَكَانَ زَيْدٌ إنّمَا يَمْتَحِنُ أَحَدَهُمْ بِأُمّ الْكِتَابِ لَا يَزِيدُهُ؛ فَقَرَأَ حِبّانُ؛ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ : نَادُوا فِي الْجَيْشِ « إنّهُ قَدْ حَرُمَ عَلَيْنَا مَا أَخَذْنَاهُ مِنْهُمْ بِقِرَاءَةِ أُمّ الْكِتَابِ »

فَرَجَعَ الْقَوْمُ؛ وَنَهَاهُمْ زَيْدٌ أَنْ يَهْبِطُوا وَادِيَهُمْ الّذِي جَاءُوا مِنْهُ فَأَمْسَوْا فِي أَهْلِيهِمْ وَهُمْ فِي رَصَدٍ لِزَيْدٍ وَأَصْحَابِهِ؛ فَاسْتَمَعُوا حَتّى نَامَ أَصْحَابُ زَيْدِ بْن حَارِثَةَ؛ فَلَمّا هَدَءُوا وَنَامُوا رَكِبُوا إلَى رِفَاعَةَ بْن زَيْدٍ وَكَانَ فِي الرّكْبِ فِي تِلْكَ اللّيْلَةِ أَبُو زَيْدِ بْن عَمْرٍو؛ وَأَبُو أَسَمَاءَ بْن عَمْرٍو؛ وَسُوَيْدُ بْن زَيْدٍ وَأَخُوهُ؛ وَبَرْذَعُ بْن زَيْدٍ؛ وَثَعْلَبَةُ بْن عَدِيّ؛ حَتّى صَبّحُوا رِفَاعَةَ بِكُرَاعِ رُؤَيّةَ [رِبَةَ]، فَقَالَ حِبّانُ : إنّك لَجَالِسٌ تَحْلُبُ الْمِعْزَى وَنِسَاءُ جُذَامٍ أُسَارَى؛ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَدَخَلَ مَعَهُمْ حَتّى قَدِمُوا عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ؛ سَارُوا ثَلَاثًا؛ فَابْتَدَاهُمْ رِفَاعَةُ فَدَفَعَ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابَهُ الّذِي كَتَبَ مَعَهُ؛ فَلَمّا قَرَأَ كِتَابَهُ اسْتَخْبَرَهُمْ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا صَنَعَ زَيْدُ بْن حَارِثَةَ .

فَقَالَ : « كَيْفَ أَصْنَعُ بِالْقَتْلَى ؟؟ »؛ فَقَالَ رِفَاعَةُ : يَا رَسُولَ اللّهِ أَنْتَ أَعْلَمُ؛ لَا تُحَرّمُ عَلَيْنَا حَلَالًا؛ وَلَا تُحِلّ لَنَا حَرَامًا؛ قَالَ أَبُو زَيْدٍ : أَطْلِقْ لَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ مَنْ كَانَ حَيّا؛ وَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ تَحْتَ قَدَمَيّ هَاتَيْنِ؛ فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « صَدَقَ أَبُو زَيْدٍ »؛ قَالَ الْقَوْمُ : فَابْعَثْ مَعَنَا يَا رَسُولَ اللّهِ رَجُلًا إلَى زَيْدِ بْن حَارِثَةَ؛ يُخَلّي بَيْنَنَا وَبَيْنَ حَرَمِنَا وَأَمْوَالِنَا؛ فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « انْطَلِقْ مَعَهُمْ يَا عَلِيّ » فَقَالَ عَلِيّ : يَا رَسُولَ اللّهِ لَا يُطِيعُنِي زَيْدٌ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « هَذَا سَيْفِي فَخُذْهُ » فَأَخَذَهُ؛ فَقَالَ : لَيْسَ مَعِي بَعِيرٌ أَرْكَبُهُ؛ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ هَذَا بَعِيرٌ؛ فَرَكِبَ بَعِيرَ أَحَدِهِمْ وَخَرَجَ مَعَهُمْ حَتّى لَقُوا - رَافِعَ بْنَ مَكِيثٍ الْجُهَنِيّ - بَشِيرَ زَيْدِ بْن حَارِثَةَ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ إبِلِ الْقَوْمِ فَرَدّهَا عَلِيّ عَلَى الْقَوْمِ؛ وَرَجَعَ رَافِعُ بْن مَكِيث الْجُهَنِيّ مَعَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ رَدِيفاً؛ حَتّى لَقُوا زَيْدَ بْن حَارِثَةَ « - بِالْفَحْلَتَيْنِ - » فَلَقِيَهُ عَلِيّ وَقَالَ : إنَّ رَسُولَ اللّهِ يَأْمُرُك أَنْ تَرُدّ عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ مَا كَانَ بِيَدِك مِنْ أَسِيرٍ أَوْ سَبْيٍ أَوْ مَالٍ؛ فَقَالَ زَيْد : عَلَامَةً مِنْ رَسُولِ اللّهِ ؟؟؛ فَقَالَ عَلِيّ : هَذَا سَيْفُهُ؛ فَعَرَفَ زَيْدٌ السّيْفَ؛ فَنَزَلَ فَصَاحَ بِالنّاسِ فَاجْتَمَعُوا؛ فَقَالَ : مَنْ كَانَ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ سَبْيٍ أَوْ مَالٍ فَلْيَرُدّهُ؛ فَهَذَا رَسُولُ رَسُولِ اللّهِ؛ فَرَدّ إلَى النّاسِ كُلّ مَا أُخِذَ مِنْهُمْ؛ حَتّى إنْ كَانُوا لَيَأْخُذُونَ [لَبِيدَ] الْمَرْأَةَ مِنْ تَحْتِ فَخِذِ الرّجُلِ .

وَذَكَرَ السَّمَهُودِيَّ مُؤَرِّخ دَارِ الْهِجْرَةِ فِي « خُلاصَةِ الْوَفَاءُ بأَخْبَارِ دَار الْمُصْطَفَى » :
الْفَحْلَتَانِ : قُنتَانِ مُرْتَفِعَتَانِ؛ تَحْتَهُمَا صَخْرٍ؛ عَلَى يَوْمٍ مِنْ الْمَدِينَةَ؛ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ذِي الْمَرْوَةِ؛ عِنْدَ صَحْرَاءٍ يُقَالُ لَهَا : فَيْفَاءِ الْفَحْلَتَيْنِ؛ فِي مَسَاجِدِ تَبُوكَ .

وَمِمّا جَاءَ فِي قَوْلِ النّسّابَة الْبِلَادِيّ « بِمُعْجَمِ مَعَالِمِ الْحِجَازِ » بَعْدَ نَقْلِهِ لأَْقْوَالِ يَاقُوت عِنْدَ إِيرَادِهِ رَسْمِ أَرْضِ الْفَحْلَتَيْنِ :
وَهَذِهِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَدِيَارِ جُذَامٍ؛ وَلَمْ أَسْمَعْ عَنْهَا هُنَاك؛ انْتَهَى؛ وَأَقُول : وهَذا مِنْ أَوْهَامِ
الْحَرْبِيّ الّتِي جَاءَتْ فِي تَحْدِيدِ الْمَوَاضِعِ وَالدّيَارِ؛ وَلَيْسَتْ الْفَحْلَتَيْنِ لِجُذَامٍ وَلَا مِنْ بِلَادِهَا؛ بَلْ هِيَ لِجُهَيْنَةُ مِنْ الْجَاهِلِيّةِ حَتّى الْآنَ؛ وَجُذَامٍ قَدْ انْقَطَعَت أَخْبَارُهَا الْيَوْم .

ووَرَدَ فِي كِتَابِ « سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلَاء » لِمُؤَرِّخُ الْإِسْلَامِ الْحَافِظُ اَلذَّهَبِيّ :
لُؤْلُؤ العَادِلِيُّ : الْحَاجِبِ مِنْ أبطال الإِْسْلاَم؛ وَهُوَ كَانَ الْمَنْدُوب لِحَرْبِ إِفْرِنْج الْكَرَكِ الَّذِينَ سَارُوا لِأَخْذِ طَيّبَةَ؛ أَوْ فَرَنْج سِوَاهُمْ سَارُوا فِي الْبَحْرِ الْمَالِح؛ فَلَمْ يَسِرْ لُؤْلُؤٍ إِلاَّ وَمَعَهُ قُيُودٍ بِعَدَدِهِمْ؛ « فَأَدْرَكَهُمْ عِنْدَ الْفَحْلَتَيْنِ »؛ فَأَحَاطَ بِهِمْ؛ فَسَلّمُوا نُفُوسِهِمْ؛ فقيدهم؛ وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِ مِئَة مُقَاتِلٍ؛ وَأَقْبَلَ بِهِمْ إِلَى الْقَاهِرَة؛ فَكَانَ يَوْماً مَشْهُودا؛ وَقِيل إِنَّ الْمَلاَعِينِ الْتَجَؤُوا مِنْهُ إلَى جَبَلٍ؛ فَتَرَجَّل وَصَعِدَ إِلَيْهِمْ فِي تِسْعَةِ أَجْنَادٍ؛ فَأَلْقَى فِي قُلُوبِهِمْ الرّعْبَ؛ وَطَلَبُوا مِنْهُ الأَْمَانَ؛ وَقُتِلُوا بِمِصْر؛ تَوَلّى قَتْلِهِمْ الْعُلَمَاء وَالصَّالِحُونَ؛ تُوُفِّيَ لُؤْلُؤٍ رَحْمَةُ اللَّهِ بِمِصْر فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِ مِئَةً .

وَذَكَرَهُ شَمْس الدِّينِ فِي تَارِيخِهِ الْعَظِيم « تَارِيخِ الْإِسْلَامِ ووَفِيَات الْمَشَاهِيرِ » فَقَالَ :

لُؤْلُؤ الْحَاجِبِ العَادِلِيُّ : مِنْ كِبَارِ الدَّوْلَةِ؛ وَلَهُ مَوَاقِفٌ مَشْهُورَةٌ بِالسَّوَاحِلِ؛ وَكَانَ مُقَدَّم الْغُزَاةِ حِينَ تَوَجَّهُوا إِلَى الْعَدُوّ الَّذِينَ قَصَدُوا الْحِجَازِ فِي الْبَحْرِ الْمَالِحِ بِعِدَة مَرَاكِبَ وَشَوْكَةٍ؛ فََحَاطُوا بِهِمْ؛ وَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهِمْ بِأَسْرِهِمْ؛ وَكَانَتْ غَزْوَةٍ عَظِيمَة الْقَدْرِ؛ وَقَدَّمُوا بِالأَْسْرَى إلَى الْقَاهِرَةِ؛ وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا؛ تُوُفّيَ لُؤْلُؤٍ بِالْقَاهِرَةِ فِي صَفَرٍ؛ قَال الْمُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيفِ: كَانَ شَيْخاً أَرْمَنيّاً فِي الأَْصْل؛ وَخَدَمَ مَعَ صَلَاحِ الدِّينِ مُقَدَّمًا لِلأَصطُول؛ وَكَانَ حَيْثُمَا تَوَجّهَ فَتَحَ وَانْتَصَرَ وَغَنِمَ؛ أَدْرَكْتُهُ وَقَدْ تَرَكَ الْخِدْمَةِ؛ وَكَانَ يَتَصَدَّقَ كُل يَوْمٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَغِيفٍ مَعَ قُدُورِ الطّعَامَ؛ وَكَانَ يُضْعِفُ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ .

وَلَمَّا كَانَ صَلَاحِ الدِّينِ عَلَى حَرَّانَ تَوَجَّهَ فرنج الْكَرَكِ وَالشَّوْبَك لِيَنْبُشُوا الْحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ؛ وَيَنْقُلُوهُ إلَيْهِمْ؛ وَيَأْخُذُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ جُعْلًا عَلَى زِيَارَتِهِ؛ فَقَامَ صَلاَحِ الدِّينِ لِذَلِك وَقَعَدَ؛ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَتَزَحْزَحُ مِنْ مَكَانِهِ؛ فَأَرْسَل إِِلَى سَيْفِ الدَّوْلَةِ ابْنُ مُنْقِذِ نَائِبُهُ بِمِصْرَ؛ أَنْ جَهِزَ لُؤْلُؤٍ الْحَاجِب؛ فَكَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ فَقَال: حَسْبُكَ؛ كَمْ عَدَدُهُمْ ؟؟؛ قَال: ثَلَاثُمِائَةٍ وَنَيِّف؛ كُلُّهُمْ أَبْطَال .

فَأَخَذَ قُيُودًا بِعَدَدِهِمْ؛ وَكَانَ مَعَهُمْ طَائِفَةٍ مِنْ مُرْتَدَّةِ الْعَرَب؛ وَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ إِلّا مَسَافَةَ يَوْمٍ ، فَتَدَارَكَهُمْ وَبَذْلَ الْأَمْوَالِ؛ فَمَالَت إِلَيْهِ الْعَرَبِ لِلذَّهَبِ؛- « وَاعْتَصَمَ الْفَرَنْج بِجَبَلٍ عَالٍ » -؛ فَصَعِدَ إلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ رَاجِلًا فِي تِسْعَةِ أَنْفُسٍ؛ فَخَارَتْ قِوى الْمَلَاعِينَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَقَوِيَتْ نَفْسَهُ بِاَللّهِ؛ فَسَلَّمُوا أَنْفُسِهِمْ؛ فَصْفَدْهُم وَقَدِمَ بِهِم الْقَاهِرَةَ؛ وَتَوَلَّى قَتْلِهِمْ: الْفُقَهَاءِ؛ وَالصَّالِحُونَ؛ وَالصُّوفِيَّةِ .

وَحَكَى الْحَافِظُ أَبُو الْفِدَاء فِي « الْبِدَايَة وَالنِّهَايَةِ » :
بَدْرِ الدِّينِ لُؤْلُؤ صَاحِبَ الْمَوْصِلَ الْمُلَقّبِ بِالْمَلِكِ الرّحِيمِ؛ تُوُفّيَ فِي شَعْبَانَ عَن مائَةِ سَنَةٍ؛ وَقَدْ مَلَكَ الْمَوْصِلَ نَحْوًا مِنْ خَمْسِينَ سَنَةً؛ وَكَانَ ذَا عَقْلٍ وَدَهَاءً وَمَكْرٌ؛ وَقَدْ جَمَعَ لَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ كِتَابِهِ الْمُسَمّى : « بِالْكَامِلُ فِي التّارِيخِ »؛ فَأَجَازَهُ عَلَيْهِ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ؛ وَكَانَ يُعْطِي لِبَعْضِ الشُّعَرَاءِ أَلْفَ دِينَارٍ .

وَقَالَ السّرَاجِ الْقَارِي فِي كِتَابِهِ « مَصَارِعَ الْعُشَّاقِ » نسْخَةِ دَارِ صَادِر الشّآمِيّةُ :

وَأَنْشَدَنَا إبْرَاهِيمَ بْن مُحَمّدِ بْن عَرَفَة لِنَفْسِهِ :
كَمْ قَدْ ظَفِرْتُ ِمَنْ أَهْوَى فَيَمْنَعْنِي ....... مِنْهُ الْحَيَاءُ وَخَوْفُ اللَّهِ وَالْحَذَرُ
وَكَمْ خَلَوْتُ بِمَنْ أهوَى فََيُقنِعُنِي ....... مِنْهُ الفُكَاهَةُ وَالتَّحْدِيثُ وَالنَّظَرُ
كَذَلِكَ الْحُبُّ لاَ إِتْيَانَ مَعْصِيَةٍ ....... لاَ خَيْرَ فِي لَذَّةٍ مِنْ بَعْدِهَا سَقَرُ

وَلِلعَطَوِيّ مِنْ أَبْيَاتٍ :
إِنْ أَكُنْ عاشِقاً فَإِنّي عَفِيفُ اللَّحْظِ ....... وَاللَّفْظِ عَنْ رُكُوبِ الْحَرَامِِ
كُنْتُ مَارًّا بَيْنَ تَيْمَاءَ وَوَادِي الْقُرَى؛ وَأَظُنّهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ؛ صَادِرًا مِنْ مَكَّةَ؛ فَرَأَيْتُ « - صَخْرَةً عَظِيمَةً مَلْسَاءَ؛ فِيهَا تَرْبِيعٍ بِقَدْرِ مَا يَجْلِسُ عَلَيْهَا النّفَرِ : كَالدِّكَّةِ - »، فَقَال بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَنَا مِنَ الْعَرَبِ؛ وَأَظُنُّهُ جُهَنِيّاً : هَذَا مَجْلِسُ جَمِيلٍ وَبُثَيْنَةَ فَأَعْرِفِهُ .

وَذَكَرَ يَاقُوتً فِي « مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ » :
الْفَحْلاء : بِالْفَتْحِ ثُمَّ السُّكُون وَالْمَدّ؛ وَالْفَحْل مِنْ صِفَةِ الذّكُورِ؛ وَفَحْلاء مِنْ صِفَاتِ الإِْنَاثِ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أُرِيدَ بِهِ تَأْنِيثَ الْأَرْضِ فَلَا أَدْرِي مَا هُوَ؛ وَهُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ؛ انْتَهَى كَلَامُه؛ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: عَلَى وَزْنِ فَعْلَاء؛ مَوْضِعٌ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْر .

قََالَ بِن غُنَيْم الجُهَنِيُّ :
الْفَحْلَتَيْنِ : هُوَ الأَْصَحُّ وَالأَْشْهَرُ؛ وَيُسَمَّى أَيْضًا: الْفَحْلَتَانِ؛ وَالفحْلَه؛ وَالْفَحْلاء؛ وَشَجْوا؛ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا : جَبَلِِ أَبُو قُدُور؛ كِنَايَةٌ عَنْ الصَخْرَتَانِ اللَّتَانِ كََالقِدْرِ بِرَأْسِهِ؛ وَهِيَ تَسْمِيَةً مُحْدَثَةً رَأَيْتُهَا عَلَى خَارِطَةِ الْمَدِينَةِ تُشِير إِلَى مَوْضِعِ الْجَبَل؛ وَلَا أَعْرِفُهَا؛ وَالصَّخْرَةُ الْعَظِيمَةِ الّتِي رَآهَا الْقَارِي هِي الْفَحْلَتَيْنِ .
[/QUOTE]