أهلا وسهلا بك إلى المجالس الينبعاويه.
النتائج 1 إلى 12 من 40

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    المشاركات
    4
    معدل تقييم المستوى
    0

    رد: الشاعر حسن عبد الرحيم القفطي

    جزاك الله خير يا ابو رامي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2002
    الدولة
    ج 0506343655
    المشاركات
    6,753
    معدل تقييم المستوى
    10

    رد: انطباعاتي عن الشاعر حسن عبد الرحيم القفطي

    [dci]شكرا على التفاعل .. يا أغلى من الألماس

    الحلقة الخامسة


    [align=justify]المتتبع لإنتاج الشاعر يلاحظ دون عناء أن كل قصائد الشاعر التي يذكر فيها ينبع ويصور فيها حرارة الشوق ولواعج الاشتياق والتحسر على أيامه الماضية فيها وحنينه إلى العودة إليها ماهي إلا مدخل لمدح أمير ينبع إبراهيم باشا عواد أو نجله زارع أو أديبها الكبير محمود لافي
    هذا الملحظ موجود في كل القصائد دون استثناء ففي قصيدة السفينة بعد أن مر على ذكر ينبع والشوق إليها خلص إلى المديح والإطراء لوالي ينبع[/align]

    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    لقد سبقت لله فيكم محبة = فصار " ابن عواد " لكم والي الأمر
    كثير الندا رب الصنيعة في العدا = طويل المدا وافي الجدا واحد العصر
    كريم حوى في بطن راح يمينه = سبيلا بها الأرزاق تنساب كالتبر
    سخي إذا ما الغيث سح بودقه = يسيح لنا من جوده وابل القطر
    على المال بذلا سلط الله كفه = فلم يبق منه في الديار سوى الذكر
    وإن جئت تبغي منه أية حاجة = رأيت محياه تهلل بالدر
    فمن وجهه تبدو السماحة للورى = ومن كفه للناس أمن من الفقر
    مضت لي أويقات بها كنت أجتني = ثمار الهنا من روض أيامه الغر
    وكنت أنا الأوفى لتحرير نطقه = وكنت أمين القول في السر والجهر
    أروح أجر الذيل تيها بعزة = وأغدو قرير الطرف منشرح الصدر
    أما لو وهبت الروح شكرا لفضله = لما قمت بالمعشار من واجب الشكر
    ولن أنسى طول الدهر حسن صنيعه = إذا عشت أو إن ضمني اللحد في القبر
    فكم غمرتني بالنوال يمينه = وكم توجتني بالمهابة والبر
    فنذرا إذا جاد الزمان بعودتي = ونوديت بالترحيب من جانب القصر
    لأدخل من أبواب ساحة جوده = وأملأ من أصناف أمواله حجري
    وأرفل بعد الفقر في حلل الغنى= وأغمد سيف اليسر في هامة العسر
    ألا أن " عوادا " تعود كلما = تجلى له وجه السعادة في الدهر
    تمنى على الرحمن نسلا مباركا = فجاء بـ " إبراهيم " في ليلة القدر
    فطين بما يأتي بصير بما أتى = خبير بما يجريه في النهي والأمر
    رؤوف على المسكين يبدي بشاشة = ويعظم في عين الذي تاه بالكبر
    ويعفو عن الجاني المسئ تكرما = ويقبل أعذار الذي جاء بالعذر
    إذا رام أمرا هم فيه بهمة = وعزم قوي جل عن قوة الصخر
    لقد حاز بالإجمال كل فضيلة = وفصل في أحكامه حسبما يدري
    فلولاه ما كانت " جهينة " تهتدي = إلى الحكم والأحكام في البر والبحر
    ولولا أناة فيه عزت لأوقدت = " قبائل حرب " زفرة الحرب بالجمر
    يقود زمام العرب باللين والسخا = ومن لم يقد باللين ينقاد بالجبر
    ومن يستحق البر أولاه بره = ومن يستحق الزجر وافاه بالزجر
    ألا إن " إبراهيم " ساس أمورهم = وألف بين الشاة والذئب في البر
    وقدم إنصاف الضعيف على القوي = وقام بنصر العبد رغما من الحر
    وقد جد في إصلاح كل قبيلة= وكف أكف المعتدين عن الشر
    فأمست به عين الزمان قريرة = كما دهره أضحى به باسم الثغر[/poem]

    [align=justify]وبعد أن فرغ من ذكر ينبع في قصيدة " يا قلب دعني " خلص إلى مدح "زارع " أبن إبراهيم عواد[/align]
    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]

    أولم تر الرحمن أولى أهله = عز الجوار كرامة لبنيه
    فأعاد صولة " آل عواد " له = وأقام فيه " زارعا " كأبيه
    مولى أقر العدل فيه بعدما = كادت مظالم غيره تفنيه
    مرآة والده وبهجة أهله = وسراج عترته وبدر ذويه
    حبر إذا لهج اليراع بوصفه = وافته ألسنة الثنا تمليه
    يقضي بحق عدوه وصديقه = حتى لو إن الحق عند أخيه
    ما في الأفاضل منه أشرف رتبة = كلا ولا في الفضل من يحكيه
    لو أن للشمس المنيرة ماله = من رفعة لتخطرت بالتيه
    أو لو أتت في كفه يوم الندى = لم يعتبرها درهما يعطيه
    أو لو تزوجت الثريا ليلة = بالبدر ما حملت له بشبيه
    فطن حوى من كل فن لبه = وروى العلوم وفاق كل بنيه
    ما عطر النادي بطيب حديثه = إلا وفاح المسك من ناديه
    أو لو سرى في الليل حادثة يرى = نورا بدا من نوره يهديه
    فالفضل يعرفه ويشهد أنه = هو عز دولته وفخر ذويه
    يا حبر هذا العصر يا مفضاله = يا " زارع " المعروف في أهليه
    إذ أنتم كلفتم فكري به = = فغدا بطيب مديحكم ينشيه
    الله حسبك حيث قد أنقذتني = من لوعة الشوق الذي أنا فيه
    برسالة تشفي العليل كأنها = ريح القميص أتى به ملقيه
    ونثرت لي ذكرا علا من بعدما = كان الحسود بزعمه يطويه
    فالشعر فني غير أني قاصر = عما إليك قريحتي تهديه
    دمع اعترافي بالقصور وما أنا = فيه من الخجل الذي أبديه
    هذي رسول لي إليك وليتني = كنت الرسول لها لمن تأتيه
    فاستجلها بكرا أتى تاريخها = البأس صار لـ " زارع " وأخيه[/poem]

    [align=justify]وفي قصيدة " زمان يابن لافي " يمدح محمود لافي بعد وصف حنينه إلى ينبع طبعا[/align]
    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]

    فإن عاد الزمـان وعـدت فيـه=كما قد كنت فـي زمـن ائتلافـي
    فلا أنعـي هنـاك علـى شيـوخ=سواك من المشائخ يا " ابن لافي "
    فأنت الشيخ مقري الضيف مجري=سيـول دم الذبائـح للصـحـاف [/poem]

    [align=justify]وفي القصيدة الأخرى " أخا الندمان " كذلك[/align]

    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]

    وإن تصحب فصاحب كل حر = أخا همم " كمحمود بن لافي "
    فتى في المهد أرضع ثدي عزم = وظل عن المراضع في انحراف
    وحالفه السلاح فكان منه = بمنزلة الحسام من الغلاف
    ولازمه الكمال فشب فيه = على التقوى وشاب على العفاف
    وقد دام الوقار له ولفت = عمامته عليه بلا خلاف
    وأليس ثوبه " المحرود "تيها = على ثوب من الإجلال صاف
    وجر إذا مشى في الأرض ذيلا = من " الفيلان " مسبول الحوافي
    فتاه على الشيوخ وراح يبغي = مسامرة الضيوف على الصحاف
    وإن يشكو الضعيف إليه ظلما = من الأعدا تعهد بالكفاف
    فصفه بالكمال ولا تغالي = على ما فيه من حسن اتصاف
    أيا من فاق ذكرا عن " بدين " = وشبه في سماحته " بلافي "
    وجرد سيفه في الحي ليلا = فأومض برقه بين الفيافي
    وهز الريح في اليمنى فأضحت = به أركان " رضوى " في ارتجاف[/poem]

    [align=justify]وهكذا في كل القصائد الخاصة بينبع وتكاد هي أكثر ماأثبته الأستاذ عبد الكريم الخطيب من قصائده

    وقد يقول قائل : وما العيب في هذا ؟ فالمدح باب كبير من أبواب الشعر العربي وطرقه كثير من الشعراء العظام ولولاه لما عرفنا حياة أكثر الشخصيات الممدوحة
    وهذا القول صحيح بالنظر إلى هدف الممدوح فإن كان القصد منه الثناء على أرباب الفضل وأصحاب المعالي دون النظر إلى مكسب شخصي فلا بأس به بل أنه مطلوب كما كان يفعل زهير بن أبي سلمى في مدح هرم بن سنان والإشادة بدوره في الصلح بين عبس وذبيان حتى لو ناله شيئ من العطاء بعد ذلك فإنه لم يطلبه ولم يكن هو هدفه

    "قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابن هرم بن سنان: أنشدنى ما قال فيكم زهير: فانشده فقال: لقد كان يقول فيكم فيحسن! قال: يأميرالمؤمنين و كنا نعطيه فنجزل قال: ذهب ما أعطيتموه و بقى ما أعطاكم"

    وهذا كلام حق وينطبق على شاعرنا القفطي فقد خلد ينبع في قصائده وبقي مدحه لإبراهيم وزارع ومحمود لافي ,, وذهب ما وهبوه له من الأموال

    نحن لا نتحدث عن هذا ولكن نتحدث عن التكسب بالشعر والاتجاه إلى المدح طمعا في المال والأستاذ الرائد محمد حسن عواد كان يصف شعراء المدح بحملة المباخر وأن شعرهم لا يعبر عن أهداف الشعر وإنما يلبس لكل حالة لبوسا .. وهذا ما كان يعاب على شاعر العربية الكبير المتنبي .. لايعيب الشاعر فنيا ولكنه يقدح في مروءته وينقص من كرامته الشخصية أما فنيا فقد يتقمص الحالة ويكسبها صدق العاطفة وحرارة المشاعر تبعا للقدرة والتمكن الشعري وهو ما كنا نلحظه في مدائح المتنبي وفي مدائح شاعرنا القفطي
    ولو قارناها بمدائح زهير لهرم بن سنان وهي مدائح صادقة لا تهدف إلى التكسب كما ذكرنا لوجدنا أن مدائح المتنبي ومدائح شاعرنا القفطي تفوقها بمراحل رغم أنها ليست صادقة

    أقول ليست صادقة لأن كل مديح ينتهي باستجداء صريح دون تردد فإنما يعبر عن حالة ليست صادقة حتى لو استطاع الشاعر ببراعته أن يلبسها صدق العاطفة وحرارة المشاعر
    أنظر في " السفينة " بعد الفراغ من المدح ماذا قال [/align]

    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    فنذرا إذا جاد الزمان بعودتي = ونوديت بالترحيب من جانب القصر
    لأدخل من أبواب ساحة جوده = وأملأ من أصناف أمواله حجري
    وأرفل بعد الفقر في حلل الغنى= وأغمد سيف اليسر في هامة العسر[/poem]

    وقد بدا الهدف من المدح جليا (أملأ من أصناف أمواله حجري ) ولفظة أمواله هنا تحدد الهدف تماما فهو لم يقل أفضاله أو كرمه أو ما شابهها
    وفي المجداف السادس يقول :
    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]

    من عاش في كنف " ابن عواد " رقى = أوج الكمال وعاش في عيش الهنا
    ما في الورى شخص فقير أمه = إلا وبعد الفقر أصبح في غنى [/poem]

    [align=justify]ومن قصيدة طويلة يمدح فيها زارع إبراهيم عواد ويطلب منه أن يتوسط له عند والده يختمها بما يلي :[/align]

    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    فاذكره با " زارع "الخيرات فيه لدى = أعتاب والدك السامي على الرتب
    وقل لناظمها الراجي مكارمكم = أقبل وأرخ تجد ما شئت عند أبي
    [/poem]

    [align=justify]وقصيدة إلى كم أقاسي التي يمدح فيها محمود لافي يختمها بهذا البيت الذي يدل على أنه لا يقدم القصائد دون ثمن [/align]

    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    فإن طال فـي ينبـع عمـره=فمنه الهدايا ومنـي القصيـد[/poem]

    [align=justify]وقصيدة أخا الندمان يشبهها بالعروس التي تحتاج إلى صداق ويحدد الصداق ( خذ وهات ) وذلك بعد أن يفرغ من مدح ابن لافي [/align]

    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    ودونك يا " ابن لافي " بنت فكر = تهز إليك أرداف القوافي
    لها وجب الصداق عليك خمس = من الحاجات حيث الدفع واف
    " قزاز " و " الدمالج " ثم " حقو " = يساق مع الخزانة واللحاف
    فلا تملك عليها عند قاض = كقاضي ينبع كنز العفاف
    يراودها وإن لم يحظ منها = فضى حتما بتحريم الزفاف
    فقابلها بوجه الصفو دوما = أخا الندمان إن رمت التصافي [/poem]

    [align=justify]والقصيدة الزجلية التي أوردها أخونا المهندس شكري حجازي يختمها بهذه الأبيات التي يصف فيها جلوسه في قهوة الشامي والطلب على حساب زارع أفندي [/align]
    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    قهوة وتعميرة ودخان = وأقول لـ " حامد " ولع لي
    وإن خس مصروفي يا فلان = " زارع " أفندي يدفع لي[/poem]

    [align=justify]وهو يطلب أي شئ حتى الشاهي إذا اشتهاه[/align]

    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    بحقـك إن دعـوت القـوم ليـلا=لشرب الشاي في حرم التصافـي
    لأني قـد مرضـت إليـه شوقـا=وشرب الشاي للأمـراض شافـي [/poem]

    [align=justify]هذا مالا حظته في كل قصائده التي تبدأ بذكر ينبع ثم تفضي إلى المدح ثم تنتهي بالسؤال وهو يفرط أحيانا في السؤال فيحدد ما يريد بالضبط دون أن يضع اعتبارا لشخصيته أو كرامته وتأمل معي الخضوع المذل في آخر قصيدة زمان يابن لافي وهو يطلب منه أن يبلغ السلام إلى زارع[/align]

    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    فسلـم لـي عليـه سـلام عبـد=إليـه يقـاد منتعـلا وحـافـي [/poem]

    [align=justify]وهذه النماذج من الاستجداء المتواصل تؤيد ما توصلنا إليه في الحلقة الماضية بأن القفطي لم يكن تاجرا وإنما كان يتكسب من الشعر أليس هو القائل:[/align]

    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    تعلمت نظم الشعر قصدا لمدحه = ففقت جريرا وامرأ القيس في شعري
    فإن رمت فيه المدح جادت قريحتي = بما تزدري بالدر في النظم والنثر[/poem]




    في الحلقة القادمة هل غادر الشاعر ينبع بطوعه واختياره ؟
    وما الذي منعه من العودة
    [/dci]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2002
    الدولة
    ج 0506343655
    المشاركات
    6,753
    معدل تقييم المستوى
    10

    رد: انطباعاتي عن الشاعر حسن عبد الرحيم القفطي

    [dci]
    الحلقة السادسة

    [align=justify]تذكر السيرة أن الشاعر حسن عبد الرحيم القفطي غادر ينبع في عام 1288هـ بقصد زيارة أهله وأنه ترك في ينبع ابنتيه ( خديجة وربيعة ). ومعنى هذا أنه غادر ينبع بطوعه واختياره وأنه عازم على العودة إليها عما قريب فما الذي منعه من العودة ؟ يقال أن السبب كان وفاة والده في هذه الظروف كما ذكر في قصيدة القطيرة [/align]

    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    ما عاقني عن رجوعي في أماكنها= إلا تراكم أحزاني بموت أبي[/poem]

    ولكن هذا القول لا يستقيم بالنظر إلى عاطفة الأبوة التي ستدفعه حتما إلى الإسراع بالعودة إلى ابنتيه اللتين تركهما وحيدتين في ينبع ومهما كان من أمر حزنه على أبيه فإنه سوف يسلاه بعد حين والأمر الأخر أنه كان يتحسر ويتمنى رد أوقاته التي سلفت في ينبع ويسأل عن السبيل للعودة إليها

    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]

    ياأهل ذاك الحمى كيف السبيل إلى= قلبي الذي نشأ في حبكم وربي
    ناديته يوم ترحالي أحدثه = بإنني راحل عنه فلم يجب
    من ذا يلوم على شوقي إلى بلد =العيش في غيره للقلب لم يطب
    ما عاقني عن رجوعي في أماكنها= إلا تراكم أحزاني بموت أبي
    ما بال دهري إذا ما رمت نجدته = في مطلب ساءني بالعكس في طلبي
    من لي برد أويقات لنا سلفت = في ينبع الخير والآمال والأدب[/poem]

    [align=justify]المسألة يسيرة يقطع أحزانه ويحزم حقائبه ويعود حيث لا توجد في ذلك الزمن عوائق بين البلدان ولاتأشيرات خروج ولا عودة .. وكما غادر بطوعه واختياره يعود بطوعه واختياره وليس هناك ما يوجب الحسرة أو السؤال عن سبل العودة ولكن يبدو أن الأمر أكثر تعقيدا من ذلك فهناك من يقف حائلا أمام رغبته في العودة .. وهذا يدفعنا إلى أن تظن أن خروجه من ينبع لم يكن باختياره ويؤيد هذا الظن قول الشاعر [/align]

    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    أحبها وأحب القاطنين بها = وإن جفوني بلا ذنب ولا سبب
    ياأهل ذاك الحمى كيف السبيل إلى= قلبي الذي نشأ في حبكم وربي
    ناديته يوم ترحالي أحدثه = بإنني راحل عنه فلم يجب
    [/poem]

    [align=justify]إذن هناك جفوة من أهل ينبع لايجد لها سببا فهم لم يردوا على ندائه عندما قال لهم أنه راحل .. وهذا يعني أنه خرج منها مكرها .. بل أنه تمنى أن تحترق المركب التي حملته من ينبع كما قال في المجداف الثاني[/align]

    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    لا رعى الله مركبا حملتني = من ربا " ينبع " لأرض الصعيد
    لو تملكتها لقلت ذروها = إنها مستحقة للوقود[/poem]

    [align=justify]وأمر آخر يؤكد أن الجفاء متبادل بين الشاعر وبين أهل ينبع وليس كما قال لايجد له سببا فهو قد غادر ينبع في عام 1288 هـ وانقطعت أخباره تماما إلى أن جاء عام 1299هـ عند ذلك تذكر ينبع وهاجه الشوق إليها وأرسل أول رسالة إلى والي ينبع إبراهيم عواد وهي الرسالة التي حملت السفينة والقطيرة والمجاديف ثم توالت الرسائل بعدها ولكن بعد مرور أحد عشر عاما وهي مدة ليست باليسرة على أب يعاني لوعة فراق ابنتيه ولم نجد طوال هذه الفترة قصيدة واحدة تشير إلى ينبع أو من يسكن ينبع فما الذي جعله يتذكرها بعد كل هذه الفترة هذا ما سوف نعود له في المبحث القادم .. أما الآن فسأعرض عليكم ما كتبه في رسالته بعد هذا الانقطاع بعد أن قدم القصيدة بما يلي

    " يقول راجي عفوه الكريم حسن بن عبد الرحيم أنه قد سبق لي الإقامة في ينبع البحر وقطعت بها مدة من الدهر وكنت إذ ذاك سابحا في بحر جود من شملني بنعمته الوافية وألبسني من ملابس العز ما يفضل ثوب العافية وهو والي هاتيك البلدة ومشيرها ومدير إدارة أحكامها وخبيرها . والجامع بين فضيلتي الشرع والسياسة الأجدر بما يفوق هاتيك الرئاسة المؤيد بتأييد الدولة العلمية والقائم بحقوق الأمارة الجليلة الملكية عين أعيان الأمجاد صاحب السعادة إبراهيم باشا عواد فأقمت ببابه أياما هنية في عيشة راضية مرضية ثم تشوقت لزيارة والدي والإخوان فالتمست إذنه في ذاك الأوان
    واتجهت إليهم بقطار الصعيد وأقمت بينهم ولم أكن على نعمته ببعيد بل أني لم أفتر عن ذكر طيب عيشه السالف ولم أزل أستنشق الأخبار عنه من كل خبير وعارف ولما طال شوقي للثم يديه ولم يساعد الوقت على ترحالي لسدة ناديه تلطفت بنظم قصيدة مادحا بها حضرته الفخيمة وشاكرا بها أياديه العميمة وأسميتها السفينة الينبعية وقد أردفتها بقطيرة تجري من خلفها مشتملة على ذكر الديار ووصفها وجعلت للقطيرة ستة مجاديف فصارت من أبدع كل شئ لطيف وبعثت بها لحضرة المومأ إليه راجيا إكرامها بالقبول لديه
    "

    ثم كتب في الرسالة

    "المعروض لسعادتكم أنه مرسل به لحضرتكم السفينة الينبعية وقطيرتها ومجاديف القطيرة أما السفينة فهي لبنتين في ينبع البحر إحداهما صبية والأخرى رضيعة وهما إبنتاي "خديجة " و "ربيعة" فأردت أن أستودعهما عندك إدخارا لهما وكسبا لئلا يتناولهما من يأخذ كل سفينة غصبا وأما قطيرتها فلو تأملتها بعين فطنتك الشهيرة لقلت يا ويلتي ما لصاحيها لا يغادر صغيرة ولا كبيرة
    فأسألك بحق نجليك ( زارع وياسين ) ومن يليهما من البنات والبنين ألا تدع قبل الراحة وتشوقي لتقبيل عتبات الساحة كيف لا وأنا أناديك وأتمنى وقوفي بسدة ناديك ....
    فليت شعري متى أعود كما كنت مقيما وأشكر فضل أياديك حادثا وقديما وأحظى برؤية خديجة وربيعة وأشكر الله وإياك على هذه الصنيعة إذ هما في مدينتك التي لا زلت ترعاها بعين الإنصاف وأنا لا زلت أكابد شوقي لهما بأودية الأرياف فأسألك الله السميع المجيب أن تجمعني بهما في ظل نعمتك عن قريب
    "[/align]

    [align=justify]والرسالة موجهة لوالي ينبع إبراهيم عواد فهل نفهم منها أنه هو الذي يقف في طريق عودته إلى ينبع ؟ أو لربما أنه هو من أمر بإبعاده . ذلك أمر واضح فكل التوسلات ورسائل الاسترحام وطلب الوساطات موجهة إلى إبراهيم عواد .. تابع معي من أشعاره [/align]


    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    أما آن لي وقت أرى فيه موقفي = تجاهك في ناد به مصدر الأمر
    فما ضر " إبراهيم " يوما لو أنه = بمجلسه أجرى على فمه ذكري[/poem]


    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    ألست يا "آل عواد" بعثت لكم = مدحا ولكنه من أعجب العجب
    عهدي بكم لم أغب عن ظل نعمتكم = إلا بعثتم رسول الجود في طلبي
    فما لكم قد نسيتم عهد مرتكزي = ببابكم وصرمتم حبل مغتربي
    فتى مقيم بأودية الصعيد لكم = على الدعاء مدى الأيام والحقب
    عزيز قوم به لكن معيشته = في غير ساحة " إبراهيم " لم تطب
    حتى متى أتمنى أن يعود إلى = أعتاب أبوابكم سيري ومنقلبي [/poem]


    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    طال شوق المتيم الولهان = وهو ما بين ربما وعساني
    وانقضى العمر في الرجا والتمني = عل يوما يكون فيه التداني
    يا أهيل الحجاز هل من سبيل = لاجتماعي بكم ونيل الأماني
    عظم الله أجركم في اصطباري = وأدام انشراحكم في التهاني
    قسما سادتي بحفظ هواكم = وخضوعي لعزكم وهواني[/poem]


    [poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    إلى كم أقاسي بأرض الصعيد=من البعد أهوال يوم الوعيـد
    ولسـت أريـد بهـا موطنـا=ولكن فـي ينبـع مـا أريـد
    ألا من سبيـل إلـى عـودة=لـ"باب الشبيبي "و"بـاب الحديـد "
    و"حلة عبس" وما قـد حـوت=بذاك الحمى من غوان وغيـد [/poem]

    [align=justify]نخرج من ذلك إلى أن أمر عودته مرهون بموافقة والي ينبع إبراهيم باشا عواد وإنه أبعد عن ينبع قسرا والشاعر نفسه ذكر ذلك في هذا الموال الجميل الذي أتمنى أن يصدح به فنان ينبع صاحب الصوت الشجي عبد الله الهومي [/align]

    [poem=font="Simplified Arabic,6,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=3 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
    جرحي اتسع في حشايا واتساعه زاد=
    أصبحت من لوعتي صايم ما اذوق الزاد=
    يا ناس ياللي سكنتم في "الخريق والقاد"=
    أنا عملت أيه يا اسيادي بواديكم ؟=
    يوجب لطردي وبعدي عن أراضيكم=
    إن كان غيابي وطول البعد يرضيكم=
    أمري لمولاي ومسير الغريب ينعاد =[/poem]

    إذن هو مطرود ! ولكن العجيب أن هذه الاسترحامات والاستعطافات والشكوى والفراق والشوق إلى موطن الأحباب ووصف الديار وأماكنها وأهلها لم تشب في فؤاد الشاعر إلا بعد مرور أحد عشر عاما من رحيله عن ينبع فهل هناك من سبب ؟ نعم !!



    في الحلقة القادمة نواصل البحث في سبب إبعاد
    الشاعر القفطي عن ينبع

    [/dci]

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •