[dci]الحلقة الرابعة

[align=justify]قلت في الحلقة السابقة أن هذا الشاعر قدم لينبع يدا لا تنسى من الفضل فقد تغنى بها وتشوق إليها وأحب أهلها وتمنى أن يعيش فوق أرضها وأن يدفن في ثراها .. وإنني عرضت اقتراحا بتكريمه

وقد تلقيت رسالة من أحد أقرباء الشاعر من مصر هو الأستاذ أحمد زين الدين يشكرني على مطالبتي بتكريمه واسمه الكامل أحمد زين الدين حامد محمود عمر أحمد زين الدين يلتقي مع الشاعر القفطي في الجد زين الدين .. فرحت برسالته وتبادلنا الرسائل بعدها وكنت أريد أن أعرف أي شئ عن هذا الشاعر الذي شغفني حبا وقد عرفت منه أن للشاعر ديوانا في دار الكتب المصرية غير موجود في الأسواق اسمه ديوان القفطي .. هذا الديوان أعرفه فهو الذي تحصل الأستاذ عبد الكريم الخطيب على نسخة منه من حفيده محمد

أما عائلة الشاعر حسن عبد الرحيم القفطي فهم موجودون في مدينة قفط بمحافظة قنا وبمدينة القصير بمحافظة البحر الاحمر وفي مدينة القصير كان يوجد منهم الاستاذ كمال الدين حسين الشهير بهمام رحمه الله عضو مجلس الشعب وهو ابن أخ الشاعر الراحل و من الشخصيات المرموقه في محافظة البحر الاحمر وله كثير من المؤلفات منها بونابرت والقصير وكتاب عن القطب وأبو الحسن الشاذلي يجيد من اللغات ستة وعمل مديرا بشركة الفوسفات بالبحر الاحمر.

أما احفاد الشاعر الراحل فيوجد منهم الاستاذ عبده محمد حسن عبد الرحيم علي زين الدين بقفط وهم من الانصار وينتمون الي المدينه بأراضي الحجاز وبالتحديد قبيلة الخزرج ويطلق عليهم في قفط ال الخطيب ويتكون ال الخطيب من عدة عائلات علي رأسها آل أبو علي وآل عبد النور وآل عمر وال الاقرع

وعندما سألته عن حفيد الشاعر محمد محمد حسن عبد الرحيم ناظر مدرسة قفط الذي قابله الأستاذ عبد الكريم الخطيب وأخذ منه نسخة من ديوان جده قال أنه هو نفسه عبده ولكنه الآن مريض وقد تفاقم مرضه بعد وفاة ابنه نسأل الله له الشفاء والعافية

وبدا لي أن الأستاذ أحمد زين الدين لا يعلم عن الفترة التي قضاها جدهم في ينبع شيئا ولكنه أوعدني أن يجمع المعلومات حول حياة جده وعمله في ينبع وأن يوافيني بها وأنا في انتظار ذلك

أما الآن فلا يوجد عندنا لسبر أغوار هذه الشخصية إلا ما كتبه الأستاذ عبد الكريم الخطيب عنه وقصائده التي أثبتها ولذلك سيكون اعتمادنا عليها في تتبع سيرته

تقول السيرة أن والد الشاعر كان من كبار تجار القصير وله تجارة واسعة في ميناء ينبع فأرسل ولده ليساعد أخاه في أعمال التجارة فأحب ينبع واستوطنها ..وهذا القول محل نظر من عدة نواح

1ـ السيرة تذكر أن هناك صداقة قد انعقدت بين الشاعر وابن والي ينبع زارع ابراهيم باشا عواد حاكم ينبع في ذلك الزمان وتعلم وصاحبه العروض على يد رجل يسمى سالم باسودان . والانشغال بالتجارة لا يتيح وقتا لتلقي التعليم هذا أولا

2ـ الشاعر عين مساعدا لولاية ينبع زهاء عشر سنوات وهو يذكر هذا في بعض قصائده التي يمدح بها والي ينبع[/align]
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
مضت لي أويقات بها كنت أجتني = ثمار الهنا من روض أيامه الغر
وكنت أنا الأوفى لتحرير نطقه = وكنت أمين القول في السر والجهر
أروح أجر الذيل تيها بعزة = وأغدو قرير الطرف منشرح الصدر[/poem]

[align=justify]إذن هو موظف حكومي أمين سر وليس تاجرا وأنا لا أقصد عدم نظامية الجمع بين التجارة والوظيفة وإنما كيف يوفق بين عمله في الدولة وتجارته الخاصة وهما ضدان لا يجتمعان

3ـ القصير ليست بلد تجارة ولا تقوم بنفسها فضلا عن التصدير إلى ينبع وإنشاء تجارة واسعة بها بشهادة الشاعر [/align][poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]

كل النواحي والبلدان = صارت مداين معمورة
إلا القصير فاضل خربان = وأغلب بيوته مهجورة
ما في القصير غير أكل الحوت = للأغنياء والفقرية
وشرب قهوة أبو نبوت = شرب الجماعة البحرية
ناس القصير ناس المعدوس = والرز والحوت الناشف
لكن على الواحد ملبوس = تقول عليه ملبوس كاشف
من كل واحد صاحب حوش= نصب على صاحب دكان
وخذ وفصل خالي بوش = وجر في كم القفطان
من كل واحد في دكان = من الجماعة صاحب بيت
ما يمتلك غير الميزان = وأربع " صفاري " فيهم زيت
من كل واحد جاي مدكوم = وكان مسافر في جدة
والأصل فيه بحري معدوم = وصنعته جر " المدة "
وعند قهوة أبو نبوت = يقعد ويشخط في " البوري"[/poem]

[align=justify]ويقول فيها أيضا

[/align][poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
مافي القصير بلح ولا رطب = وليس فيه قصب ولا عنب
مافيه غير الفحم زاخرا والحطب= وماؤه المأسون من دبغ القرب
يسعى إليه من طلوع الفجر=
مهدم الأركان والبيوت = وليس في أسواقه من قوت
سوى " الصرنباق" ولحم الحوت = وقهوة عند " أبي نبوت "
يشربها الجوعان بعد العصر =
تجارة القصير في الحلافي = وماله في البخس والإتلاف
وكيله يا صاح غير وافي= وأهله من شدة التجافي
قد عاملوا سواهم بالضر =
إن القصير بلد التكاسل = وملجأ للفتية التنابل
وهل رأيت في الورى من عاقل = يبدل الأرياف بالسواحل
ويرتجي بسكنه في القفر =[/poem]


[align=justify]إذن ما التجارة التي تصدرها القصير إلى ينبع في ذلك الوقت وهي كما وصفها الشاعر ؟ فالفحم والحطب موجودان في ينبع وكانت تصدرهما إلى مصر وكذلك الصرنباق والحوت ووصف الشاعر للقصير في تلك الأيام بهذا الوصف الدقيق لا يؤهلها لأن تصدر شيئا لأي بلد في الدنيا

ولقد تتبعت قصائد الشاعر فلم أجد فيها بيتا واحدا يشير إلى التجارة لا من قريب ولا من بعيد وهذا أمر لا يعقل من شاعر تحدث عن كل شئ في ينبع إلا العمل الذي يمارسه .. بينما هو قد تطرق إلى عمله في أمانة سر الولاية

هذه الاستنتاجات تنفي أنه كان يعمل بالتجارة إضافة إلى ما سوف يأتي من حزنه على الرحيل عن ينبع وإصراره على العيش فيها واشتياقه إلى الشاهي الذي كان يشربه في بيت " ابن لافي "
وهذا ما سوف نواصل البحث فيه إن شاء الله [/align]



في الحلقة القادمة هل كان القفطي يحب ينبع حقا ؟[/dci]