في لحظاتٍ أجدني أحتاجُ للبوح ، أشدُ حاجةً إليه من الهواء ، تختلجُ الزفرات بصدري ، وتتزاحم الأفكار برأسي أركب بساط الريح مسافراً خلفَ الحدود ، أهيم بخيالاتٍ طغى عليها شئٌ من الأطلال ..

هذه ليست مُقدمةٌ تصنعتُ صياغتها ، بل هي حالةٌ إنتابتني عقب الإنتهاء من قرآءة رواية للمبدع محمد حسن علوان
بعنوان( سقف الكفاية ) ، صاغتها مشاعره وأحاسيسه قبل أن يوحي لقلمه بكتابتها ، ووجدت ذاكرتي تُعيد لي مقولة الأديب إبراهيم الكوني (الروائي يروي عندما يتأمل لا عندما يتكلم ) فعلاً كانت كمية التأمل في هذه الروايه تشغل حيزاً من تفكير القارئ ، رواية تدور مجرياتها عن حبٍ كُتب له الفشل في المجتمع السعودي ، للوهلة الأولى تكاد أن تكون مجرد رواية تحمل طابعاً تعود القارئ على مطالعته ، نفس القصه عن مجتمع مُغلق يعيش فيه العُشاق حكاية لا يُكتب لها النجاح وتنتهي في ظل الظروف المُعاكسه لها من قِبَلِ المُجتمع المُحيط .

ولكن هذا الكاتب الرائع بحق أجاد صياغة الرواية بشَكلٍ لا يضاهى .
يُغرقُكَ هذا المُبدع بكمية الأسى والحُزن و يَمِدُ لك طوقاً مِنَ مُفرداتِ الحُبِ الصادق الذي تَخالُه عالقاً وثابتاً في الظلوع .
يَكمُن الإبداع -في نظري-في إدخال القارئ جو الرواية وجعلُه يشعُر بحجم الأسى والإحساس بمشاعر الشخصية
التي يدور محور الرواية حولها ، يُشعِرُك بألم الإغتراب وهم المغتربين من خلال إغترابه الإختياري للدراسة بكندا
ويحمُلُكَ هم المغتربين من خلال صديقه العراقي ( ديار ) الذي تعرّف عليه في الغربه وكلاهما يَحمِلُ جرحاً غائراً في داخله ، يجعَلُكَ تعيش معه المرض وتَشعُر فِعلاً ببرودة مدينة فانكوفر الكنديه، ويُهيأ لكَ بأن زخّات المطر
تداعب وجنتيك ، يُشعِرُكَ بِحُزن السياب حينما صاغ ( أنشودة المطر ) بهمها وألمها وحُزنِها ، يُشعِرُك بالشتات على حد قوله شتات الذي هرب من حزن الوطن إلى حزن المنفى مُتأملاً أن ينفي عِشقه الغائر والموغل في أغوار النفس .

روايةٌ لا يُنصفها قلمي وقاموسي الضعيف ، بالفعل يستحقُ هذا الكاتب أن نحتفي به وبروايته .