قَالَ بْن غُنَيْم الْمَرْوْانِيَّ الْجُهَنِيَّ - غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ - :
الْقَوْلُ بِأَنَّ الْجَبَلَ مَنْسُوبٍ لِعَنْتَرَةَ الْعَبْسِيّ لَيْسَ بِشَيْءٍ, فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُعتَرّفًا بِهِ مُتَعَيّنًا مَا يَدُل عَلَيْهِ, وَيَبْدُو أَنَّ تِلْكَ الأَكَاذِيبُ وَالْمَخَارِقُ الرَّائِجَةُ جَاءَتْ مِنَ الْخَارِجِ, وَيَقُولَ شَيْخُنَا حَمْد الجَاسِر عَنْ هَذَا الرَّأْيِ وَالْقَائِلِينَ بِهِ : وَقَدْ وَهَمَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ الْرَحَلَات فَظَنُّوهُ مُضَافًا إِلَى عَنْتَرَةَ الْعَبْسِيَّ, وَتَخَيَّلوهُ مِنْ مَنَازِلِهِ, وَسَمَّوُا مَوَاضِعٍ بِقُرْبِهِ كَمَا فِي دُرَر الْفَوَائِدِ لْمُنَظِّمَة, وَفِي رِحْلَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الدُرَعِي, وَهَذَا خَطًّا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ, وَأَوْضَحْنَا أَنَّ بِلاَدِ عَنْتَرَةَ وَقَوْمَهُ بَنِي عَبْسٍ فِي نَجْد, وَهُنَاكَ مَوْضِعُ آخَرَ يُسَمَّى : إِصْْطَبْل عَنْتَرَ, يَقَعُ بَيْنَ مَنْزِلَتيِ الأَْزْلمِ وَالْوَجْهِ, فِي الطَّرِيقِ السَّاحِلِيُّ لِلْحُجَّاجِ اَلْقَادِمِينَ مِنْ مِصْرَ عَنْ طَرِيقِ الْبَرِّ، وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضِ الرَّحَّالِيْن أََنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى عَنْتَرَةَ الْعَبْسِيَّ, وَمَنْزِل عَنْتَرَةَ الْعَبْسِيَّ مَعَ قَوْمِهِ بَنِي عَبْسٍ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ مِنْ شَمَالِ الْحِجَازِ، بَل فِي نَجْدٍ فِي نَوَاحِي الْقَصِيمِ, وَقَدْ قُتِلَ شَرْقَ مَنْهَلِ شَرْجِ بِقُرْبِ نَاظِرَةَ مِنْ رِمَالِ الدَّهْنَاءِ .

وَأَلْفَيْتُ فِي مَخْطُوطَةِ الْأَنْدَلُسِيُّ الْمُتَوَفَّى عَامَ 779 مِنْ الْهِجْرَةِ, وَالْمُسَمَّاةِ: « وَاسِطَةُ الْعَقْدَيْنِ فِي مَدْحِ سَيِّدُ الْكَوْنَيْنِ » : وَمَنْ بَعُدَ وَادِي هُديَّةَ خَيَّمُوا ........... عَلَى مَوْرِدٍ لاَ بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ ضَرَّا
وَسِرْنا وَوَجْهُ الصُّبْحِ أَبْيَضُ بَاسِمٍ ...... فَلاَقَتْ مِنْ السَّوْدَاءُ أَجَالنَا شَرَّا
وَكَانَ بِقُرْبِ الْفَحْلَتَيْنِ مَبِيتُهُمْ صَخْرَّا ... وَقُمْنَا وَصبَّحْنَا الْمَدِينَةِ خَضْرَّا


وَقَالَ مُرْتَضَى بْن عَِلْوَان فِي رِحْلَتِهِ: « الْحِجَازِ وَالْأَحْسَاء وَالْكُوَيْتِ وَالْعِرَاقَ » :
ثُمَّ قُمْنَا إِلَى هَدِيَّة وَكَانَ بَاقِي مِن النَّهَارِ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ, فَوَصَّلْنَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِسَاعَةٍ, فَإِذَا هُوَ مَنْزِلٌ لاَ بَأْسَ بِهِ, غَيْرَ أَنَّ الْغِيلَان فِي دُرُبِهَا كَثِيرٌ !, وَوَجَدْنَا مِنْ السَّيْل فِي أَفْنَائِهَا [أَثنَائِهَا] نَهْرًا عَظِيمًا يَدُورُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَدْرُب, كَأَنَّهُ ثَلاَثَة أَنْهُرٌ, سيئلنا [سَأَلَنَا] عَنْهُ فَقِيلَ : قَدْ جَاءَ فِي صَحْرَاءُ الْعِرَاق سَيْلٌ كَثِيرٌ عَرَمْرَمٌ, وَهَذَا مُمْتَدٌّ مِنْهُ ؟, وَكَانَ قُنْاقِها ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَاعَةً, ثُمَّ قُمْنَا مِنْهَا إِلَى الْفَحْلَتَيْنِ, وَكَانَ بَاقِي مِن النَّهَارِ سَاعَتَيْنِ, إِلَى أَنْ مَضَى مِنْ النَّهَارِ الثَّانِي خَمْسُ سَاعَاتٍ, فَنَزَلْنَا قَاطِع الْفَحْلَتَيْن, وَالْمِيَاهِ مَعَنَا مِنْ الْعُلَا وَمِنْ هَدِيَّةَ, مِن السَّيْل الْمَذْكُور, لَكِنَّهُ قناق مُتْعِبٌ نَالَ الْحَاجُّ مِنْهُ غَايَةِ التَّعَبِ وَالنَّصَبِ, وَفِي أَثْنَائِهِ عَقَبَةٌ يُقَال لَهَا: الْعَقَبَةِ السَّوْدَاء, عَلَى مَا سُمِّيَت نَالَ الْحَاجّ مِنْهَا التَّعَبُ, وَتَقَطَّعَتِ الْقُطُرُ, وَتَاهَ إِلَى النَّاس بَعْضُ جِمَالٍ وأَبْغَالٌ وَأَحْمَالٍ, وَمَا زَادَ فِي عَيْبِهَا إِلاَّ تُطَاوِلَها, وَقَدْ بَلَغَ السَّيْرَ عِشْرِينَ سَاعَةً, وَفِي جُل الْقَضِيَّةِ وَتَمَامُهَا أَنْزَل اللَّهُ سَحَابَة مَطَرٍ .

قَالَ الْمُؤَلِف ابْنُ غُنَيْم الْمَرْوَانِيُّ الجُهَنِيُّ :
الهَيْلانِ وَالسَّعَالِي فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ كَثِيرَةٌ كَمَا حَكَى الْمُؤَلِّف, وَقَدْ حَدّثَنِي الثّقَةُ عَنْ نَاحِيَ الهُدْبَانِيَّ الْجُهَنِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ مِمَّنْ رَآهَا فِي قَرْحَى شَمَالَ غَرْبِيِّ الْمَارامِيَةَ فِي وَادٍ يَرْفِدُ بِالحَمْضِ يُسَمَّى طُرَيْف الرِّيحِ, وَلَنَا عَلَيْهِ كَلَامٌ فِي رِسَالَةً لَنَا عََنْ الْغِيلَان وَالهَيْلانِ, وَهَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ يَكْثُرُ وُجُودِهَا فِي تِلْكَ النَّوَاحِي مِنْ الْحِجَازِ, وَقَدْ كَتَبَ عَنْهَا بَعْضُ الْعُلَمَاء الأَْوَّلِينَ كَابْنِ طُولُونَ الْحَنَفِيّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 953 لِلْهِجْرَةِ, لَهُ « كِتَابِ الْغُول » وَمَا يَزَال هَذَا الْكِتَابِ مَخْطوط حَتّى الْآنَ, وَيُخَيَّلُ إِليَّ أَنَّهُ صَنَّفَ كِتَابَهُ هَاذَا بَعْدَ رِحْلَتِهِ لأََدئِّ مَنَاسِكَ الْحَجِّ, مَارًّا بِتِلْكَ الْمَنَازِلِ وَالدِّيَارِ, وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي « الْبَرْقُ السَّامِي فِي تعْدَادِ مَنَازِلِ الْحَجّ الشَّامِي », وَلأَِحَدِ الْمُحْدَثِينَ الْمُعَاصِرِين « الْغُول بَيْنَ الْحَدِيثِ النَّبَوِيّ وَالْمَوْرُوثَ الشّعْبِيّ », وَلِلبِلَادِيُّ كِتَاب « الْأَدَبُ الشّعْبِيَّ فِي الْحِجَازِ » وَقَالَ الْقَزْوِينِيُّ فِي كِتَابِهِ عَجَائِبَ الْمَخْلُوقَاتِ : رَأَى الغُولَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ, مِنْهُمْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب حِينَ سَافَرَ إلَى الشّامِ قَبْلِ الْإِسْلَامِ, فَضَرَبَهَا بِالسّيْفِ

وَرَوَى الشَّيْخُ الْمُؤَرِّخُ الْدُكتُور نَاصِر بْن غُنَيْم الْمَرْوَانِيُّ فِي كِتَابَةِ : دِرَاسَاتٍ مِيْدَانِيَةً فِي وَادِي الْعِيصِ وَمُجْتَمَعُ قَبِيلَةِ جُهَيْنَةَ, نُسْخَة 1418هـ, قَال :
وَيُطْلَقُ عَلَى الْجِنِّ فِي مُجْتَمَع جُهَيْنَةَ الْهَوْل, نَظَرًا لِمَا يُحَدِّثَهُ مِنْ خَوْفٍ وَهَلَعٌ وَتَهْوِيلٌ, وَقَدْ كَانَ النَّاسُ فِي مُجْتَمَعِ الْبَحْثِ يَتَصَوَّرُونَ أَنَّ مَسَاكِنَ وَمَوَاقِعَ الْجِنِّ هِيَ الدُّورِ الْخَرِبَةَ ومَعَاطِنِ الإِْبِل وَمَوْضِعَ النَّار, وَلِذَلِكَ هُمْ يَتَحَاشَوْنَ ويَحْذَرُونَ هَذِهِ الْأَمَاكِن وَالْمَوَاقِع, كَذَلِكَ يَتَصَوَّرُونَ أَنَّ عَدُوٍّ الْجِنِّ اللَّدُود وَاَلَّذِي يَقْضِي عَلَيْهِ هُوَ الذِّئْب, وَكَثِيرًا مَا تُرْوَى الْقَصَصِ مِنْ الْإِخْبَارِيّينَ عِنْدَمَا يُقَرِّرَ أَحَدُ أَبْنَاء جُهَيْنَةَ فِي السَّابِقِ أَنْ يَشُدَّ الرِّحَالُ بعد مُنْتَصَفِ إحْدَى اللَّيَالِي عَلَى ظَهْرِ بَعِيرهُ [ذَلُولِهِ] وَحِيْداً فِي الصَّحْرَاءِ لِيَسْرِي فِي رِحْلَةِ سَفَرٍ إلى مِنْطَقَةٌ أُخْرَى لِقَضَاءِ حَاجَةٍ مَا, فَإِنْ أَهَمَّ دَلِيلٌ لِلْمُسَافِرِ عَلَى وُجُودِ الْهَوْل عَلَى سَطْحِ الأَْرْضِ بِأَنَّ يَعْرِفُ مِن الْحَرَكَاتِ الْغَيْرِ عَادِيَة الَّتِي تُصْدِرُهَا دَابَّتِهِ, مِثْل : الْوُقُوف الْمُفَاجِئٍ لِلدَّابَّةِ عَلَى غَيْرِ عَادَتَهَا, أَوْ الْهَرْوَلَةُ المُفاجَأَةُ لَهَا, وَعِنْدَئِذٍ يَفْزَعُ ذَلِكَ لْمُسَافِرِ إِلَى الْبَسْمَلَةِ, انْتَهَى كَلاَمِه, قُلْت: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ وَالْقَرِيبَ نَاصِر رْعَاهُ اللَّهُ رِوَايَاتٌ غَيْرُ هَذِهِ يُسْنِدُهَا عَنْ إِخْبَارَييْن مِنْ جُهَيْنَةَ .

وَمِنْ أَحْسَنُ مَنْ وَصَفَ السِّعْلِيّةَ مِنْ الشُّعَرَاءِ وَالْفُرْسَانِ أَبِي الْبِلاَدِ الْطُّهَويُّ, وَذَاكَ حِينَ أَنْشَدَ :
لهَانَ عَلَى جُهَيْنَةً مَا أُلاقِيَ مِنْ ...... الرَّوْعَاتِ عِنْدَ رَحَى بِطانِ [بُوْاطَانِ]
لَقِيتُ الْغَوْلَ تَسْرِي فِي ظَلاَمٍ ......... بسَهْبٍ كَالْعَبَايَةِ صَحْصَحانِ
فَقُلْتُ لَهَا كِلاَنَا نَقُضُ أَرْضٍ ......... أَخُو سَفَرٍ فَصُدي عَنْ مَكَانِي
فَصَدَّتْ وَانْتَحَيْتُ لَهَا بِعَضْبٍ ........ حُسَامٍ غَيْر مُؤْتَشِبٍ يَمَانِي
فَقْدَ سَرَاتُهَا وَالبَرْكُ مِنْهَا ............. فَخَرَّتْ لِلْيَدَيْنِ وَلِلجِرَانِ
فَقَالَتْ عُدْ فَقُلْتُ رُوَيْدٍ إِنِّي .......... عَلَى أَمْثَالِهَا ثَبْتُ الْجَنَانِ
شَدَدْتُ عِقَالهَا وَحَطَطْتُ عَنْهَا ...... لَأَنْظُرَ غُدْوَةً مَاذَا دَهَانِي ؟
إِذَا عَيْنَانِ فِي وَجْهٍ قَبِيحٍ .......... كَوَجْهِ الْهِرِّ مَشْقُوقَ اللِّسَانِ
وَرِجْلا مُخْدَجٍ وَلِسَانُ كَلْبٍ ....... وَجِلْدٌ مِنْ فِرَاءٍ أَوْ شِنَانِ


قَالَ الْمُؤَلِف ابْنُ غُنَيْم الْمَرْوَانِيُّ الجُهَنِيُّ :
وَالأَبْيَاتُ المُتَقدِّمةُ ذَكَرَهَا الْجَاحِظُ وَالطَّبَرِيِّ وَنَسَباهَا لِأَبِي الْغَوْل الْطُّهَويَّ, وَهِيَ أَيْضًا عِنْدَ اللُّغَوِيَّ السِّجِسْتَانِيُّ فِي « كِتَابِ الْوُحُوش » وَقَدْ أَبْعَدَ النُّجْعَةِ مَنْ نَسَبْهَا إِلَى تابَّطَ شَراً, وَمِنْ الْمُدْرِكِ بَدَاهَةً فِي بَادِيَةِ جُهَيْنَةُ أَنَّ بُوَاطَ الْوَادِي الّذِي سَلَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةِ ذَاتِ الْعُشَيْرَةِ كَانَ وَمَا يَزَال مَرْتَعاً تَعْبَثُ بِهِ الْغِيلاَنِ وتَعَرُّضَ فِيهِ بِالْمُسَافِرينَ, وَوَرَدَ فِي عَجُزُ البَيْتِ الْأَوَّلِ رَحَى بِطانِ, وَأَكْبَرِ الظَّنِّ أَنَّ التَّصْحِيفَ قَدْ عَرَضَ لَهُ فأَبْهَمَهُ, لأَِنَّ رَحَى بِطانٍ الْمَذْكُور لاَ يُعْلَمُ مَوْقِعِهِ, وَالشَّاهِدُ أَنَّهُ بُوَاطَانِ : وَهُوَ وَادٍ وَجَبَلٌ لِجُهَيْنَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْطُّهَويّ, قََالَ السُّهَيْلِيُّ : بُوَاطَانِ فَرْعَانِ لِأَصْلٍ وَأَحَد, هُمَا: جَلْسِيّ، وَالْآخَرُ غَوْرِيّ, وَسَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ .

وَكُنْتُ يَوْمًا اسْتَمَعُ إلَى شَيْخًا يُحَدِّثُ فِي مَجْلِسِ سَمَّرٍ عَنْ هَذَا الأَْمْرِ, فَقَامَ أَحَدُهُمْ وَقَال : يَا فُلاَن هَذِهِ خُرَافَةٌ لاَ تَقْصُصْهَا إِلاَّ عَلَى الأَْوْلاَدِ, فَقُلْتُ لَهُ : أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَتُعَلِّمُ مَا هِِيَ الْخُرَافَةَ ؟؟, فَقَالَ: هِيَ الْقِصَصُ الْمَكْذُوبَةِ الَّتِي تَرُوجُ بَيْنَ الْعَوَامُّ مِِنْ النَّاسِ, ثُمَّ إنَّهُ قَدْ انْفَضَّ ذَاكَ الْمَجْلِسِ, وَأَنَا أَقُول: حَقاً لِقَوْلُ هَذَا الشَّيْخ حَدِيثِ خُرَافَةَ !!, فَقَدْ رَوَى الإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ : حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَدِيثاً, فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ الْحَدِيثُ حَدِيثَ خُرَافَةَ, فَقَالَ : « أَتُدْرُونَ مَا خُرَافَةُ ؟؟, إنَّ خُرَافَةَ كَانَ رَجُلاً من عُذْرَةَ أَسَرَتْهُ الْجِنُّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, فَمَكَثَ فِيهِنَّ دَهْراً طَوِيلاً ثُمَّ رَدُّوهُ إلَى الإِنْسِ, فَكَانَ يُحْدِثُ النَّاسُ بِمَا رَأَى فِيهِِمْ مِنَ الأَعَاجِيبِ, فَقَال النَّاسُ : حَدِيثُ خُرَافَةَ »,

قُلْتُ :
وَخُرَافَةُ رَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ كَمَا لابْنِ الكَلْبِي اسْتَهْوَتْهُ الْجِنُّ وَاخْتَطَفَتْهُ, ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْمِهِ فَكَانَ يُحَدِّثُ بمَا رَأَى, أَحادِيثَ يَعْجَبُ مِنْهَا النَّاسُ, فَكَذَبُوهُ فجَرَى عَلَى أَلْسُنِ النَّاسِ وَقَالُوا : حَدِيثُ خُرَافة, وَعَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ قالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ : « حَدِّثِينِي », قلتُ : مَا أُحَدِّثُكَ, حَدِيثَ خُرَافَةَ ؟؟, قَال : « أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَانَ » .

وَرَوَى السُّهَيْلِيُّ « بِالرَّوْضِ الْأنْف » وَأَبُو عُبَيْدٌ فِي « مُعْجَمِ مَا اسْتَعْجَمَ مِنْ أَسْمَاءِ الْبِلاَدِ وَالْمَوَاضِعَ », فَقَالاَ :
وَكَانَتْ مَسَاجِدُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ إلَى تَبُوكَ مَعْلُومَةً مُسَمّاةً, إِلَى أَنْ قََالَ: وَمَسْجِدٌ بِذِي الْمَرْوَةِ، وَمَسْجِدٌ بِالْفَيْفَاءِ, وَزَادَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَمْدُودٌ بِفَاءَيْنِ .

وَقَالَ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَرْبِيَّ أَوْ الْقَاضِيَ وَكِيعٌ فِي مُصَنَّف « الْمَنَاسِكِ وَأَمَاكِنَ طُرُق الْحَجّ وَمَعَالِمِ الْجَزِيرَةَ » :
مَسَاجِدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي ابْتَنَاهَا فِي خُرُوجِهِ إلَى تَبُوكَ : وَمَسْجِدٌ بِذِي الْمَرْوَةِ, وَمَسْجِدٌ بِذِي الْفَيْفَاءِ .


[/QUOTE]