جَبَلِ الْفَحْلَتَيْنِ

الْفَحْلَتَيْنِ : بِفَتْحِ أَوَّله وَسُكُون ثَانِيهِ فَلَامٌ وَتَاءٌ مَفْتُوحَتَيْن ثُمَّ سُكُونٍ لِلْبَاءِ أُخْت الْوَاوِ وَكَسْرِ آخِره, جَبَلٌ بِبَطْنِ وَادِي إضَمٍ «الْحَمْض», غَرْبَ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ, وَيَقَعُ بِقُرْبِ مَوْضِعُ شَجْوَى, عَلَى قُرَابَةِ 90 كَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ, وَهُوَ مِنْ أَعَالِي الْجِبَالِ الَّتِي فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَأَشْهَرُهَا, يُشْرِفُ عَلَى السَّلِيلَةِ وَالأَبْرَق مِنْ مَطْلَعِ الشَّمْسِ, يَرَاهُ الْخَارِجُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَالمُفَيِضَ عَبَرَ الْوَادِي مِنْ مَسَافَةً بَعِيدَةٍ, يَحُدُّهُ مِنْ الشَّرْق جُرَاجِر وَالْبُوَيْر, وَمِنْ الشَّمَالِ تُرْعَةَ وَالْعِيص, وَسُكَّانُهُ جُهَيْنَةُ مُنْذُ الْجَاهِلِيَّةِ إلَى يَوْمِنَا هَذَا, لَهُ شِعَابٍ كَثِيرَةٌ تَصُبُّ فِي وَادِيَ الْحَمْضِ فَتَخْتَلِطُ سُيُولَهُمَا هُنَاكَ, وَهُوَ مُطِلٌّ عَلَى قَرْيَةُ شَجْوَى مِنْ جَانِبِهَا الْغَرْبِيِّ, وَوُضِعَ اسْمُهُ فِي الْخَرَائِطُ الْحَدِيثَةِ وَالْمُعْتَمَدَةُ الْيَوْمَ, جَبَلِ عَنْتَر ((JabaI Antar ؟؟, هَكَذَا ظَهَرَ فِي الْمُخَطَّطِ, وَلَكِنَّ لاَ اعْتِمَادَ عَلَيْهِ لَدَيَ, إِذْ أَنَّ الْمَعْرُوفُ هُوَ الاِسْمُ الْقَدِيم, وَهُوَ الشَّائِعِ وَالْمُسْتَعْمَل, وَيُحَبِّذُ بَعْض أَهْل تِلْكَ الْبِلاَدِ أَنَّ يَدْعُوهُ بِجَبَلِ الْفَحْله, وَفِي طَرَفِ الْجَبَلِ الْغَرْبِيِّ مَجْمُوعَةً مِنَ الْعُيُونِ وَالنَّخِيلِ وَالْآبَارِ, وَمِنْ أَشْهَرِهَا آبَيْارِ النَّابِعُ, وَهِيَ الَّتِي يَذْكُرُهَا كَثِيرٌ أَصْحَاب كُتُبِرَ الْرَحَلَات, مِنْ دُونِ تَحْدِيدٍ لِمَوْقِعِهَا أَوْ تَسْمِيَتِهَا .

وَأَمَا سَبَبِ تَسْمِيَتِهُ بِهَذَا الِاسْمِ فَلَمْ أَجِدْ نَصًّا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ فِيمَا قَرَأْت, وَلَمْ يَعُدْ أَحَدٌ يَعْرِفُ مُسَمَّاهُ سَوَاءٌ مِنْ الْبَاحِثِينَ أَوْ الْإِخْبَارِيّينَ مِنْ أَهْلُ الْمِنْطَقَةِ, إلَّا أَنَّ مِمَّا لاَ شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ اسْمٌ قَدِيمٌ, وَقَدْ ارْتَبَطََ ذِكْرَهُ بِتَفَرُّقِ جُهَيْنَةَ وَسُكْنَاهَا لأَِرْضِ الْحِجَازِ, كَمَا فِي كِتَابَاتِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَابْنِ الْكَلْبِيّ فِي كِتَابِهِ « إِفْتِرَاقُ الْعَرَبِ », وَالزّبَيْرُ بْن بَكّارٍ فِي « جَمْهَرَة نَسَبِ قُرَيْشٍ وَأَخْبَارهَا », وَأَبِي إِسْحَاقَ الْحَرْبِيّ في « الْمَنَاسِكِ وَأَمَاكِنَ طُرُق الْحَجّ وَمَعَالِمِ الْجَزِيرَةَ », وَأَبُو عَلِيّ الهَجَرِيّ في « التَّعْلِيقَاتُ وَالنَّوَادِر », وَالْهَمْدَانِيّ في « صِفَةِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ », وَغَيْرُهُمْ مِمَّا لاَ يَتَّسِعُ الْمَجَال لِذِكْرِهِمْ .

وَلِهَذَا عَنْ تَسْمِيَتَهُ نَقُول : إِعْلَمْ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تُطْلَق التَّسْمِيَات لَغْوًا أَوْ مِنْ فَرَاغ, وَإِنَّمَا لِكُلِ مُسَمًّى يُسَمُّوه لَهُمْ مَعْنىً فِيه, وَعِنْدَمَا أَنْكَرَتْ نَابِتَةٌ مِنْ الْشعُوبِيَّة هَذَا الرَّأْيِ وَقَالُوا بِخِلَافِهِ, اِنْبَراء لَهُمْ ثُلَّةٌ مِنْ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ, وَذَلِكَ بِتَأْلِيفِ كُتُبِ الرُّدُود كَفَضْل الْعَرَبِ وَالاِشْتِقَاقِ وَالْفُرُوقُ وَغَيْرُهَا كَثِير, فَبَانَ زَيَّفَهُمْ الَّذِي زَخْرَفُوهُ بِعُلُوم الْكَلاَمِ وَفُنُونِ الْجَدَل, وَمَا هُوَ الْيَوْمَ مَحْفُوظٌ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ وَأَسْمَائِهِمْ لَخَيْرُ شَاهِدٍ عَلَى ذَلِك, وَيَحْسُنُ بِنَا أَنْ نُورِدُ مِثَالٍ مُخْتَصَر عَنْ مَا بَقِيَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, فَقَدْ ذَكَرَ قُطْرُبٌ فِي كِتَابِهِ « الْفَرْقُ » فَقَال: وَقَالُوا أَيْضًا فِي الدُّعَاء لِلْمِعْزَى « داعْ, داعْ », وَقَدْ دَعْدَعْتُ وَدَادعْتُ, انْتَهَى, فَانْظُرْ لِهَذِهِ الْكَلِمَةُ الْفَصِيحَةُ وَالَّتِي لاَ يَزَال يَسْتَعْمِلُهَا أَهْلَ بَادِيَةِ الْحِجَازِ, وَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنْ إِحْدَى نِسَاءَ بَادِيَةِ جُهَيْنَةُ وَهِيَ تَسْرَحُ بِغُنَيْمَتِهَا بِالْمَرْعَى, وَتَحُدُّوا لَهَا وَتَمُدُّ بِالصَّوْتِ : « تاعْ, تاعْ », وَلَمْ يَخْتَلِفْ شَيْئًا بِالْكَلِمَةِ, إِلاَ أَنَّ الدَّال الْمُهْمَلَةِ أَبْدِلُوها تَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ فَوْقُ, لِأَنَّهَا أَسْهَلُ نُطْقًا مِنْ سَابِقَتِهَا, وَنَرْجِعُ ل لِمَا سَبَقَ فَنَقُولَ: فَحْلَتَيْنِ : تَثْنِيَةُ فَحْلٌ, كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الخُصْيَتَيْنِ لِلْفَحْل, وَهُمَا قُنتَانِ صَخْرِيَتَانِ فِي رَأْسِ الْجَبَلِ مِنْ حَافَّتَيْهِ, وَمِنَ رَآهُ يَلْحَظُ مَا قُلْنَاه اسْتِنْتَاجً, كَمَا فِي صُورَةُ الْجَبَلِ الَّتِي بِذَيْلِ الْكِتَاب, وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ فِي شَرْحِهِ لِقَامُوسِِ الْفَيْرُوزُ آبَادِي: الفَحْلُ الذَّكَرُ مِنْ كلِّ حَيَوَانٍ, فُحُولٌ بالضَّمّ, وَأَفْحُلٌ كَأَفْلُسٍ, وَالفَحْلُ ذَكَرُ النَّخْلِ الَّذِي يُلقَحُ بِهِ حَوائِلُ النَّخْلِ, وَالفِحْلتان مُثَنَّى فِحْلَة, وَفِحْلٌ بالكَسْر وَبِالْفَتْحِ ككَتِفٍ مَوَاضِعُ, أَمَّا فِحْلٍ بالكَسْر فَهُوَ مَوْضِعٌ بِالشَّامِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الإِْشَارَةُ إلَيْهِ, وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ جَبَلٌ لهُذَيْلٍ يَصُبُّ مِنْهُ وَادِي شَجْوَةَ, أَسْفَلُهُ لِقَوْمٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ .

وَقَالَ يَاقُوتً فِي مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ :
الفَحْلتَانِ : فِي غَزَاة زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى بَنِي جُذَامَ قَدِمَ رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَشَكَا مَا صَنَعَ بِهِمْ زَيْدٌ بْنِ حَارِثَةَ, وَكَانَ رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدٍ قَدْ أَسْلَمَ وَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ, فَأَنْفَذَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا إِلَى زَيْدٍ ْيَنْزِعَ مَا فِي يَدِهِ, وَيَدِ أَصْحَابِهِ وَيَرُدُّهُ إِلَى أَرْبَابِهِ, فَسَارَ فَلَقِيَ الْجَيْش بِفَيْفَاءُ الْفَحْلَتَيْنِ, فَأَخَذَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ, حَتَّى كَانُوا يَنْزِعُونَ لبِدِ الرَّحْلِ مِنْ تَحْتِ الْمَرْأَةِ .

وَمِنْ أَحْسَنُ مَا جَاءَ فِي كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ مَا ذَكَرَهُ الْهَجَرِيُّ النّسّابَةَ فِي كِتَابِهِ التَّعْلِيقَاتُ وَالنَّوَادِرِ، قَالَ :
دِبَرَاءُ : وَادٍ مِنْ أَرْضِ جُهَيْنَةَ, وَرَاءَ الْعِيص, بَيْنَ مَغْرِبِ الشّمْسِ وَبَيْنَ الْعِيص, وَشُميسَاً : نَقْبٌ مُطَّلِعٍ عَلَى الْعِيص, مَنْ سَلَكَ فَيْفَاءُ الْفَحْلَتَيْنِ, وَبِالْفَيْفَاءِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, مِنَ اسْتَقْبَل مَغْرِب الشَّمْس أَطْرَقَ شُمَيْساً .

وَأَوْرَدَ الْجَزِيرِيُّ فِي الْدُرَر الْفَرَائِدِ الْمُنَظِّمَةِ فِي أَخْبَارِ الْحَاجُّ وَطَرِيقُ مَكَّةَ الْمُعَظَّمَةِ :
وَأَرْض الْفَحْلَتَيْنِ : وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي شِعْر الشُّعَرَاء بِالأَبرَقَيْن, وَقَدْ تَأْتِي مَضَايِقَهُ سُيُولٌ, إِنْ لَمْ يُتَحَرَّز مِنْهَا بِالنُّزُول فِي سُفُوحِ الْجِبَالِ والأَنْشَاز الْعَالِيَةِ, وَإِلاَّ مَا يُؤْمَنُ أَنْ تُبَادِرَهُم بَوَادِرَهُ, وَتَجْتَاحهُمْ سُيُولهُ, فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْقَيْظ مَنَعْتهمْ الْجِبَال أَنْ يَسْتَرْوحُوا بِنَسِيمٍ, وَتَقْدَحَتْ رِمَالِهِ وَأَحْجَارِ الصَّوَّان بِهِ نَارًا فَتَتَوقَّد, , وَهَبَّتْ مِنْ فِجَاجِهِ رِيحُ السَّمُوم, فنشَّفَت القِرَبَ وَأهْلَكْت النَّاس وَالإِْبِل, وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَوَاضِع الْعَائِدَةِ مِنْهُ .

وَوَرَدَ فِي وَثِيقَة تَحْتَ عِنْوَان : « تَقْرِيرٌ نَاطِق بِالإِْصْلاَحَاتِ وَالتَّرْمِيمَاتِ اللاَّزِمَةِ لِلْقِلاَعِ وَبِرَكُ الْمِيَاه الْمَوْجُودَةِ فِي الْمَرَاحِل وَالْمَنَازِل الْوَاقِعَةِ فِي الطَّرِيقِ بَيْنَ دِمَشْقَ الشَّام وَمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ الَّتِي تَمَّتْ مُعَايَنَتِهَا عَلَى قَدْرِ الْمُسْتَطَاع » .

وَهِيَ مُؤَرَّخَة بِتَارِيخ 27 صَفَرٍ سَنَةَ 1223 لِلْهِجْرَةِ الشَّرِيفَةِ, وَنُشِرت فِي: « مَجَلَّةِ الْوَثِيقَة الصَّادِرَة مِنْ مَرْكَز الْوَثَائِقِ التَّارِيخِيَّةِ بِالْبَحْرَيْن », فِي عَدَدِهَا الْعِشْرُونَ مِن الْعَامِ 1412هِجْرِيِّ, وَسَوْفَ اُعَدِل بَعْضٍ مِمَّا جَاءَ فِي هَذِهِ الْوَثِيقَة مِنْ أَخْطَاء, كَمَا هِيَ الطَّرِيقَة الْمُتَّبَعَةِ فِي كِتَابِنَا هَذَا بِأَنْ أَضَعْهُ بَيْنَ قَوْسَيْنِ, هَكَذَا [.....],وَمِمَّا جَاءَ فِيهَا مَا يَلِي :

النخلتين [الْفَحْلَتَيْنِ] :
تَقَعُ قَلْعَةَ النخلتين [الْفَحْلَتَيْنِ] أَوْ قَلْعَةَ بِئْر السجوا [الْشَجْوا] عَلَى مَسَافَةِ عِشْرِينَ سَاعَةً مِنْ مَرْحَلَةِ الهدية, وَهِيَ مَبْنِيَّةً بِالْحِجْرِ، طُولِ كُلُّ ضِلَعٍ مِنْ أَضْلاَعِهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا معمارياً، وَبِدَاخِلهَا نَبَعٌ بُنِيَ فَوْقَهُ بِئْرٌ نُصِبَتْ عَلَيْهَا سَاقِيَةٍ تُدَارُ بالْبِغَالِ، وَقَدْ رُتِبَ لِتَدْوِيرِهَا بَغْلان, وَقَدْ قَتَل الْبَدْو الَّذِينَ يَخْدِمُونَ فِي الْقَلْعَة أَحَدُهُمَا، وَأَكَلُوا عَلِيق الْبَغْل الْآخَرِ وَأَمَاتُوه جُوعًا، وَصَفْعوا الْمُحَافِظُ الَّذِي تَسَبَّبَ فِي عَدَمِ صَرْفِ مُخَصِّصَاتِهِم فِي الصُّرَّةِ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ, وَقَدْ أَرْسَل مُحَافِظَ الْمَدِينَةِ بَغْلاً إِلَى هَذِهِ الْقَلْعَة حَتَّى لاَ تَتَعَطَّل السَّاقِيَة، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَفِي بِالْحَاجَةِ، وَأَقْنَع خَدَم الْقَلْعَة ِ بِوُجُوبِ احْتِسَاب ثَمَن الْبَغْل الَّذِي قَتَلُوهُ مِن فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَصَرْف مُخَصِّصَاتِهِم فِي الصُّرَّةِ عَنْ هَذِهِ السَّنَةِ فَقَطْ، عَلَى أَنْ يَقُومُوا بِالْخِدْمَةِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُمْ بِالصِّدْقِ وَالأَْمَانَةِ، ثُمَّ اشْتَرَى بَغْلاً آخَرَ بِمَبْلَغ ثَمَانُمِائَةِ وَخَمْسُونَ قِرشاً, وَسُلَّمَ إِلَى الأَْوْرِطَةِ بَاشي الْقَلْعَة

وَهَذِهِ الْقَلْعَة لاَ تَحْتَاجُ إِلَى تَرْمِيمٍ، وَهُنَاكَ بِاتِّصَالِهَا مِن الْخَارِجِ بِرْكَةِ مَاءَ, طُولَهَا خَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَعَرْضَهَا خَمْسَةٌ وَثَلاَثُونَ ذِرَاعاً، وَعُمْقِهَا عَشَرَةِ أَذْرُعٍ, وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْبِرِكَةِ فِي أَرْضٍ رَمْلِيَّةٌ، فَإِنَّ الرِّيَاح حَمَلَتْ إِلَيْهَا الرِّمَال حَتَّى غَمَرْتها إِلَى نِصْفِهَا، حَيْثُ يَقْتَضِي تَطْهِيرِهَا مِنْ الرِّمَال، وَإِحَاطَتِهَا بِسُوَرٍ ارْتِفَاعُهُ ذِرَاعٍ, لِيَحُول دُونَ تَسَرُّبِ الرِّمَال إِلَيْهَا، وَإِذَا لَمْ تُسَوَّر فَإِنْ الْحَالَةِ تَتَطَلَّبُ تَطْهِيرًا مِنْ الرِّمَال فِي كُل سَنَةٍ, وَمُؤَنة الْبِرِكَةِ مِنَ الدَّاخِل مُتَأَكِّلَه، وَلاَ بُدَّ مِن تَجْدِيدِهَا، وَمِنَ السَّهْل عَمَلِهَا، وَخَارِجَ الْقَلْعَةِ ثَلاَثَةِ آثَارٌ [آبَارٍ], عَدَا الْبِئْرِ الَّتِي بِدَاخِل الْقَلْعَة .

وَحَكَى الْمَرْجَانِيُّ الْمُتَوَفَّى عَامَ 781 مِن الْهِجْرَةِ, فِي كِتَابِهِ: « بَهْجَةِ النّفُوس وَالأَسْرَار فِي تَارِيخِ دَارِ هِجْرَةِ الْمُخْتَار », وَالْمَطَرِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 741 لِلْهِجْرَةِ, فِي كِتَابِهِ: « التَّعْرِيفُ بِمَا أَنَست الْهِجْرَةِ مِنْ مَعَالِمِ دَارِ الْهِجْرَةِ », وَأَبُو بَكْرٍ الْمَرَاغِي فِي: « تَحْقِيق النُّصْرَةِ بِتَلْخِيصِ مَعَالِمِ دَارِ الْهِجْرَةِ », قَالُوا :
وَمَسْجِدٌ بِالْفَيْفَاءِ: فَيْفَاءُ الْفَحْلَتَيْنِ, وَهِيَ أَيْضاً مِنْ عَمَلِ الْمَدِينَةَ, كَانَ أَيْضًا بِهَا عُيُونٌ وَبَسَاتِينَ لِجَمَاعَةٍ مِن الصَّحَابَةِ وَغَيْرُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم, مِنْهُمْ : أَزْهَر بْن مُكمِل بْن عَوْف بْنِ عَبْد الْحَارِث بْن زُهْرَة الْقُرَشِيّ الزُّهْرِيِّ, كَانَ فَاضِلاً نَاسِكاً, وَكَانَ يُذْكَر أَنَّهُ سَئلَ الْخِلاَفَةِ, وَأَبُوهُ ابْنُ عَمِّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, مَاتَ بِفَيْفَاءُ الْفَحْلَتَيْنِ, وَتَوَلَّى دَفْنُهُ بِهَا ابْنُ عَمّهِ حَفْصَ بْن عُمَرَ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْفٍ, وَالْفَيْفَاءُ مَمْدُودَةٍ بِفَاءَيْنِ .

وكل عامٍ وأنتم بأتم صحة وعافية بمناسبة العيد المبارك

[/QUOTE]