حاوره: علي المقبلي - - 23/09/1429هـ
60 عاما قضاها الشيخ جميل سليمان جلال مطوف الملوك ورؤساء الدول والمشاهير وضيوف الدولة في مهنة الطوافة، طاف خلالها بأغلب رؤساء وملوك العالم وكثير من المشاهير، وعاصر ملوك البلاد من المؤسس الملك عبد العزيز، يرحمه الله، وحتى عصرنا الحالي.
الشيخ جميل فتح قلبه لـ "الاقتصادية" من جوار بيت الله الحرام ليعبر ويتحدث عن ذكريات الماضي التي فاح عبيرها، وزين رونقها الحاضر والمستقبل، وهي تنقل وتروي تاريخاً مليئاً بالشرف في خدمة ضيوف بيت الله الحرام. يتحدث جميل عن قصص عاصرها مع ملوك ورؤساء الدول، بدأ بمهنة الطوافة وعمره لم يتجاوز 14 عاما، طاف بالرئيس أديب الشيشكلي رئيس سورية كأول رئيس دولة يطوف خلفه يقول جلال: الملوك والقادة تذرف دموعهم عندما ينظر الواحد منهم إلى عظمة وهيبة الكعبة، أول مبلغ حصل عليه هو ريال واحد، من الإمام أحمد ملك اليمن، رشحه الرئيس ضياء الحق رئيس باكستان بأن يكون قائدا للأركان عندما صعد معه إلى غار حراء، وأكد مطوف الملوك والرؤساء أن مهنة الطوافة لم يكتسبها من ذويه وأسرته، بل إنها كانت عشقه المقرب إلى قلبه، لقربه هو من الحرم المكي الشريف والانخراط في الحلقات التعليمية التي كانت تقام فيه، وإنه لم يبحث عن المال والشهرة، قدر بحث عن الأجر والمثوبة من المولى عز وجل .. إلى تفاصيل الحوار ..


في البدء نود أن نعرف كيف يحب مطوف الملوك وزعماء الدول أن يعرف بنفسه للقارئ؟


أنا جميل بن سليمان حمزة جلال مطوف بالمسجد الحرام منذ نحو 60 عاما، وهذه الحقيقة تجعل من هذا التاريخ مليئا بالشرف الكبير بأن أكون في بيت الله العتيق، وأقوم بخدمة ضيوف الرحمن، ومنذ ذلك التاريخ وأنا في كل يوم أشعر بسعادة لا يعلم بها إلا الله، حيث إنني أشرف بالقيام بواجب الطواف والسعي لضيوف الحرم المكي الشريف من كبار الشخصيات، وإذا أقاموا في مكة نبقى معهم لنجيب عن العديد من الأسئلة في المناسك، وعن بعض الآثار الإسلامية في مكة وكان مولدي في عام 1353هـ تقريبا، ولقد تخرجت في المعهد العلمي وكانت دفعتي هي أول دفعة تتخرج في هذا المعهد، ووقتها ما كانت وزارة كانت مديرية، ومديرها كان الشيخ محمد بن مانع، ثم تولى الملك فهد، يرحمه الله، وزارة المعارف.

كم كان عمرك عندما بدأت في مهنة الطوافة؟


كان عمري 14 عاما.


متى بدأت عمل الطوافة؟


بدأت في عام 1368 للهجرة، وكنت في البداية أطوّف حجاج عاديين ثم كرّمني الله وبثقة المسؤولين بدأت أطوّف الملوك والرؤساء.


ما تفاصيل البداية؟


بدأت أطوّف في بداية مهنتي عامة الناس، إذ إنني كنت أقف عند باب السلام قبل التوسعة ويراني الضيف، ويقول هذا الشاب الصغير أريد أن أطوف معه، وهنا أسرد قصتي مع الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي وهو كفيف وكانت ابنته برفقته، ووقف العديد من المطوفين يرغبون في تطويفه إلا أن ابنته التي كانت برفقته تقول لوالدها هناك صبي صغير سنطوف معه، فعند اختياري ودخوله الحرم هم أن يصلي ركعتين، وهنا لا أقصد أنه كان لا يعلم ولكن ربما نسي فهمست في أذنه وقلت له يا معالي الدكتور لكل مسجد تحية وتحية المسجد الحرام الطواف للمعتمر، فوضع يده على كتفي، وهذه الحركة لا أنساها وكأنها شهادة عليا حصلت عليها من شخصية كبيرة.


من أول رئيس دولة قمت بتطويفه؟ وماذا عن قمت بتطويفهم بعده؟


كان أول ضيف طفت به حول الكعبة الشريفة هو أديب الشيشكلي رئيس سورية، ومن ثم طوفت أغلب رؤساء وملوك العام، فقد طوفت على سبيل المثال الملك محمد الخامس، وكنت بعدها أطوف بملوك المغرب تيمنا بوالدهم وكانوا يطلبونني بالاسم، كما طوفت الملك طلال ملك الأردن، يرحمه الله، في عام 1371 للهجرة وكان سني صغيرة، واستحسنني حينها، وتعجب من فطرتي واستعدادي لتطويفه وذلك قبل التوسعة، طوفت أول رئيس لمصر محمد نجيب وكان ذلك في الحج، وطلب مني أن أرافقه في عرفات ومزدلفة ومنى، وكنت ألبي ويردد خلفي التلبية، وبعد فريضة الحج دعاني إلى زيارة مصر، فاستأذنت والدي للسفر لتلبية الدعوة وكانت فخرا واعتزازا لي، وكانت الدعوة والشرف من المكان الذي أنا فيه بيت الله الحرام، ثم طوفت كذلك الرئيس جمال عبد الناصر وحججت معه في عام 1374هـ، وكذلك طلب مني أن أحج معه في ذلك الحين وحججت معه، وفي العام نفسه جاء الرئيس الباكستاني غلام محمد، وكان لأداء نسك العمرة في شهر رجب، كما طوفت الرئيسين محمد السادات وحسني مبارك، وطوفت رئيس وزراء نيجيريا الشمالية الذي مَنّ الله عليه وشرح صدره للإسلام، وكان من الدعاة للإسلام بعد ذلك، حيث أسلم على يده مليون و400 ألف شخص في شمال نيجيريا وغرب نيجيريا، إذ إنني عندما كنت برفقته كنت أقوم بتطويفه من عام 1381 للهجرة، ثم تعجب مني عندما وجدني أتحدث لغته، فسر بذلك وكنت أترجم له بعض الأدعية وأسماء المواقع في المسجد الحرام، كما أشير لك بأنني طوفت رؤساء باكستان من أول رئيس حتى الرئيس الحالي، وكذلك رؤساء مصر من أول رئيس وكان محمد نجيب حينها إلى الرئيس الحالي حسني مبارك، كما أنني قمت بتطويف والدة الملك طلال بن عبد العزيز، ومن الأمراء الأمير تركي بن عبد العزيز، وأما الملك سعود فكنت أعد الأشواط له وكان يعطيني ما يسمى (شرهة). وعاصرت الملك عبد العزيز والحمد الله، وكنت أطوف معه، وإذا كان معه أحد من المطوفين أنا أطوف خلفه، وكان لي شرف أن أطوف مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مرتين، وقت أن كان وليا للعهد. وطوفت رؤساء دول الخليج، وكذلك الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.


مهنة الطوافة هل هي وراثة اكتسبتها من عائلتك؟


العائلة لم يكن لها مجال في مقام شرف هذه المهنة، ولكن أنا عشقتها عندما كنت أدرس في الحرم، فقلبي انشرح لهذه المهنة عندما شاهدت من هم في سني يطوف، ومن تلك اللحظة اتخذت القرار أن أخوض هذه المهنة ومنّ الله علي بها، إذ إنني كنت عندما أطوف مجموعة أشتاق إلى مجموعة أخرى وأحسست بالراحة الكبيرة ولله الحمد.


كيف تم اختيارك لتكون مطوفا لملك أو رئيس دولة قادم للحج أو العمرة؟


مَن نعم الله علي، وبعد هذه الفترة والمدة الطويلة، فالكثير من الضيوف قبل أن يغادر من بلاده يطلب من الجهات المختصة أن أكون مطوفا له مثل الملك محمد السادس، وأتذكر أني قد طوفت به وهو كان صغيراً عندما طوّفت والده وقبل ذلك جده محمد الخامس عام 1378هـ، وأصبحت بعد ذلك اختار من قبل الرؤساء أنفسهم.


هل هناك لباس معين للمطوف؟


كنا نلبس في الماضي الجبة السوداء والعمة البيضاء، واختيار هذا اللبس له قصة، حيث إن ثوب الكعبة أسود والعمة البيضاء تعطي علامة النور ونور المكان.


كيف يتم ترديد الدعاء الذي تقوله على الرغم من اختلاف الجنسيات والمذاهب؟


الكثير من الدول أتقن لهجاتها، فالمصرون مثلا لهم لهجة في الدعاء، والمغرب العربي له لهجة، والإفريقون كذلك، والخليجون أيضا لهم لهجة في الدعاء، وبفضل الله أصبحت أميّز خاصة من الدول الإفريقية أعرف الجنسيات بحكم الاحتكاك.


كم كان عدد المطوفين عندما بدأت هذه المهنة؟


لم يكن هناك عدد كبير من المطوفين وكنا نعد على الأصابع.


هل كنت تعمل في غير مهنة الطوافة في الحرم؟

ربي أكرمني بأن كان صوتي في الأذان جيدا وكنت أحسن الأذان، وتقدمت إلى شيخ المؤذنين، الذي كان في ذلك الوقت الشيخ يعقوب شاكر، وكنا نؤذن في المنارة حيث كان الميكرفون بالأسفل، وكان في الحرم سبع منارات، وكانت أكبر منارة 361 درجة، وكنت أصعدها وأقوم بالأذان، لأجدهم يرحبون بصوتي ويسعدون بي عندما كنت أصعد المنارة بسرعة، وأضاف: "لي شرف عظيم أن أصبحت مؤذنا في الحرم وقضيت في الأذان 38 عاماً، وكنت أتقاضى 40 ريالا، في ذلك الوقت وتم اخياري في باب الوداع أقوم بتنزيل البيرق والمدافع أمامي فأقوم، بإعطاء إشارة للجندي الذي يعمل على المدفع تفيد بأن وقت المغرب دخل حتى يطلق المدفع، ولا يستطيع أن يطلق المدفع حتى أقول الله أكبر، ويتم إطلاق المدفع ويبدأ الإفطار، كما طلب مني شيخ المؤذنين أن أبقى في باب الوداع، وكنت أتمنى أن أتعرف على مطلق المدفع، الذي لا أراه ولا يراني، فقط القاسم المشترك بيننا البيرق هو يرى العلم وأنا أرى دخان المدفع، وكنت في يوم من الأيام في عزيمة لدى عمدة المعابدة وكنا نلبي الدعوات، وجلس بجانبي أحد الأشخاص فسألني: أنت وين تشتغل؟ فقلت له أنا مطوّف ومؤذن. فقال: كيف تجمع بين الطواف والأذان؟ فقلت له: إذا حان وقت الأذان أتوقف لرفع الأذان وبعد ذلك أكمل الطواف. فكانت ملامح وجهه توحي أن لديه شيئا في نفسه، فقال لي من يتحدث معك هو الجندي الذي يطلق المدفع وينتظر كل مغرب رفعك البيرق، فدمعت عيناه وقال كنت أتمنى أن أتعرف عليك".


كم لغة تتقنها؟


أتحدث تسع لغات بطلاقة وتعلمتها من خلال الاحتكاك مع الضيوف القادمين للحرم، وكنت أحرص على أن أتعلم وأقف بجانب مَن يتحدثون من الزائرين، وأن الدافع الكبير لتعلمي هذه اللغات أن الشخص الذي يوكل لي مهمته أن أديها بأمانة، وبما يرضي الله سبحانه وتعالى، فعندما يفهم مني مثلا " اللهم يا رب البيت " لا بد أن يفهمها وليس ترديدها فقط، وكنت أشرح لهم عندما أدعو "اللهم زد بيتك هذا تشريفا وزد من شرفه"، فأشرح له وأقول كل ما تشرف بيت الله يزيدك شرفا فتؤخذ شرفا أعظم من شرف هذه الحياة، وعندها ارتاح راحة عظيمة، خاصة عندما أوصل المعلومة قدر المستطاع، لأن القادم إلينا لديه تصورات عديدة فيجب أن نقدم عملا يليق بشرف المكان.


كم رئيس دولة قمت بتطويفه خلال عملك في مهنة الطوافة؟


في الحقيقة لا أستطيع أن أحصيهم، فعددهم كبير، وهناك ثلاثة أشخاص يعملون في الحياة لا يستطيعون معرفة كم عدد مَن مر عليهم، فالمعلم لا يستطيع أن يحصي عدد طلابه الذين علمهم، والطبيب لا يستطيع إحصاء عدد مَن عالجهم، والمطوف كذلك لا يعرف الأعداد الذين طوّفهم، ولكن بحمد الله مازلت أذكر أسماء العديد منهم.


كيف كان السعي في السابق في المسعى؟


كان السعي في المسعى منذ نحو 60 عاماً يتم باستخدام بالسيارات، حيث كان العدد قليلا، وكان الطواف خلال فترة الصيف حارا وجاء تعميم في ذلك الوقت من شيخ المطوفين أنه لا يتم تطويف الضيوف الذين يأتون من البلدان التي مناخها بارد وذلك خلال فترة الظهيرة، ويتم تطويف الضيوف الذين يأتون من الدول الحارة.


خلال مسيرتك طوفت ملوك ورؤساء دول عدة لهم هيبتهم السياسية وقوتهم العسكرية كيف تجدهم أمام البيت العتيق؟

كل شيء ينهار ويسقط عندما ينظر إلى عظمة وهيبة الكعبة، وتذرف دموعهم، وفي بيت الله الحرام لا يوجد مفاضلات إلا بالخير الذي يخصك به الله سبحانه وتعالى.


حدثنا عن كيفية الحصول على حاج أو معتمر من قبل المطوف ليقوم بعملية الطوافة؟


في السابق كانت تأتي مجموعات قليلة، وكان إذا جاءت مجموعة من المعتمرين والحجاج يأتي المطوف يسأل زميله ويقول يا زميل اليوم ما قلت "اللهم" يقصد ما استفتحت، فيقول جاءتني بشكة أنت طوّفهم وأنا أسعى بهم، واللي يجيء أنت لك نصف وأنا النصف، فآثرك على نفسه وشاركك وغرس فيك حب التعامل، فيحل التلاحم ونكران الذات بدلاً من الأنانية.


كم أول مبلغ حصلت عليه من مهنة الطوافة؟



أول مبلغ حصلت عليه كان ريالا واحدا، من الإمام أحمد ملك اليمن وبعد أن سعيت وتعبت أعطاني أربعة ريالات، وكان هنا في مكة في عام 1378هـ مؤتمر قمة مع جمال عبد الناصر وكان في أجياد في بيت الاشئ في شهر رمضان، فطوفت جمال عبد الناصر وشكري القوتلي والإمام أحمد ملك اليمن، الذي قال لي كلمة في الحقيقة لا أنساها وهي "مهما يعطى في هذا المكان مسبق في الأزل وفي النية، أن الله سيخلف على الذي أعطى وعلى الذي قام بالواجب بأعظم من الذي أعطى له من الشيء الزائل"، فقلت له هذا ما جعلنا أن نقوم بتطويفك وهذا جل قصدنا، لذلك كان الله موفقنا في هذه المهنة.


كيف يكون برنامجك مع رئيس الدول المراد تطويفه؟


طبعا إذا طلبت من قبل الضيف يتم تبليغ الجهات المعنية بأن فلانا طلب فلانا بأن يطوفه، وتتعاون الرئاسة لأن مهمتها راحة الضيف، ويتم اختيار نحو سبعة أو ثمانية معي كمساعدين لي وكل واحد يأخذ دوره، ولكن الآن أصبح هناك دور لإخوان آخرين، لكن قبل نحو 19 عاما كنت أنا الذي أقوم بهذا الدور، وكنت وقتها أستعين بأشخاص يساعدونني.


هل أنت الآن شيخ المطوفين أم ماذا؟


حاليا لا يوجد شيخ للمطوفين، فهذا المسمى كان موجودا قديما للحجاج، وقد وضع الله في نفوس هؤلاء الأشخاص حب الخير والمكان فإذا أحببت الخير, الخير أحبك.


ماذا عن أدعية الطواف الخاصة برؤساء الدول وهل هي مثل بعضها البعض؟


أدعية الطوافة للملوك والرؤساء هذا يتوقف على ظروف كل بلد، فهناك بلد فيها جفاف وبلد أخرى فيها مشكلات، فكنا نقيم الضيف وفقا لظروف كل واحد على حدة، وهو ما يسمى بالفراسة، وكان الله ينور بصيرتنا لأن هذا قائد دولة وتصلح الأمة به.


ما برنامج الضيف بعد الانتهاء من الطواف؟


بعد الطواف يغادر الضيف مكة، وإذا أراد الضيف البقاء في مكة وأراد أن يطوف بالكعبة أطوفه وأكون على اتصال بالمرافقين معه.


اذكر لنا بعض القصص التي علقت في ذاكرتك وحدثت مع رؤساء الدول؟


كونك تمشي مع رئيس دولة، فهذا يتطلب درجة عالية من الحساسية وملاحظة الموقف الذي أنت فيه، ولكن أحيانا بعض الرؤساء يوجهون أسئلة عن الطوافة ومدة عملي بها. وأذكر أن أحد الزوار مسؤول من دولة إفريقية كان جسمه سمينا وكنا في وقت الصيف، وعندما انتهينا من الطواف وبدأنا في السعي فوجئت عند الشوط الثاني يسألني هل انتهينا من السعي، فقلت له لا باقي خمسة أشواط وكان الوقت قد قرب على صلاة التراويح، فطلب مني التوقف وقال كفاية، وإن شاء الله المرة القادمة نكمل الأشواط الخمسة. حاولت أن أقنعه بضرورة إكمال الأشواط وعرضت عليه إحضار عربة لتكملة الأشواط لكن للأسف لم نجد عربة على مقاسه، وللأسف لم يكمل الأشواط وقال إنه سوف يضحي عن بقية الأشواط.
والقصة الأخرى مع الرئيس ضياء الحق رئيس باكستان، فقد قمت بتطويفه وقال لي إنه يود أن يقضي لحظات روحانية في غار حراء. وقلت له صعوبة المكان قد تأخذ نحو ساعة ونصف للصعود للمكان. فقال: لا أنا عسكري وأتمنى أن أطلع. وطلب مني أن أطلع معه كعمل فوق عملي، وعندما صعدنا إلى الغار الذي احتوى سيدنا رسول الله تبقى منا 17 فردا بعد أن كنا 87 شخصا، فالتفت إلي وقال أريدك أن تكون عندي عسكريا وأضعك في منصب رئيس الأركان.


عمرك تجاوز السبعين هل من أبنائك مَن سيحمل وسيرث المهنة مستقبلا؟



أولادي أحب أن أورث لهم هذه المهنة، والحقيقة هم عندهم النية لذلك، لكن هم الآن اتجهوا لأن يكونوا موظفين. ويقولون لي يا أبوي أنت أخذت هذه المهنة صغيرا وبحب، لكن الحمد لله كلهم حافظون كتاب الله ولا أحد منهم ينقطع عن الحرم، وكان الوالد، يرحمه، له دور كبير في أن أمارس هذه المهنة، فقد كان، يرحمه الله، يشجعني حيث كان يسألنى أنت فين؟ أقول له في الحرم. وكنا وقتها ساكنين في الحفاير خلف جبل عمر، فكان يخاف علي لأن الطرق وقتها لا توجد بها إضاءة. وكان يقول مادمت أنت في الحرم أنا مطمئن لأن الذي هداك إلى هذا المكان يحميك. فقد كان له دور كبير في أن أستمر، حيث كنت مدرسا وعملت في التدريس نحو 43 عاما وعملت في نحو 17 مدرسة.


كيف تتلافى الزحام وقت الطواف برئيس دولة وهل تقترح عليه الوقت المناسب للطواف والسعي؟

بعض الضيوف يطلب مني بحكم الخبرة أن أحدد الوقت المناسب للطواف والسعي، وبعض الرؤساء يطلبون عدم وجود حراسات معهم أثناء الطواف والسعي، لأنهم لا يدخلون هذا المكان من ناحية مناصبهم، ولأنهم يريدون أن يختلطوا مع الناس ويدعوا معهم، ولكن الدولة، حفظها الله، توفر لهم الحراسات اللازمة من باب الاحتياط، فنحن نحرص بقدر الإمكان أن نتلاشى مزاحمة الناس.


يشهد شهر رمضان تدفق أعداد كبيرة من الضيوف، كيف تستطيع أن تنسق في عملية تطويفهم وسعيهم؟
مع زيادة أعداد الضيوف تم وضع جدول زمني من قبل الرئاسة لضيوف الدولة، حيث إن المطوفين المعادين يقدر عددهم بنحو ثمانية مطوفين.


كم تتقاضون على مهنة الطوافة؟


نحن لا نتقاضى شيئا عن هذا العمل إلا إذا أصر الضيف ومن نفسه. وأقولها بصدق وأمانة بالنسبة لي أنا، أنني أحببت هذه المهنة ودخلتها حبا وابتغاء الأجر من الله.


مَن آخر رئيس دولة قمت بتطويفه؟


آخر ضيف كان الملك عبد الله (ملك الأردن) السبت الماضي، وكان هو الذي طلبني قبل أن يتحرك من الأردن، حيث سبق لي أن طوفت الملك حسين، حيث كان يحب العمرة كثيرا، وكان الملك عبد الله يرافقه في صغره.


كم من الوقت تستغرقه في عملية الطواف والسعي؟ وما الأوقات المناسبة للطواف والسعي؟

هذا يتوقف على الزحام، فإذا كان المكان لا يوجد به زحام في الوقت يستغرق نحو 40 دقيقة، وفي حالة وجود زحام فقد يقطع نحو ساعتين، وأفضل وقت للطواف هو مابين المغرب والعشاء، كما أن بعد التراويح من الأوقات المناسبة جدا للطواف، خاصة بعد الساعة 12 ليلا، وفي العصر ما لم يكن هنالك زحمة مثل يوم الخميس والجمعة.


هل عاصرت الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه؟


نعم عاصرته، وأذكر عندما كان يأتي جلالته من منزله في قصر السقاف كانوا يرشون الأرض بالماء بوايت البلدية، أسوة بما جرت العادة عليه عند قدوم أي رئيس أو ملك، وكان عنده - يرحمه الله - سيارة لها رفرفان رفرف أيمن ورفرف أيسر، وكان يقف أحد حراسه على الرفرف الأيمن وأحد الحراس على الرفرف الأيسر، فكان ينزل - يرحمه الله - ويخرج من باب السلام الكبير، وكنا نفرح بقدومه وكنا لا نستطيع أن نعبر عن شدة فرحنا مع حداثة سننا.


هل كانت هناك أوقات معينة يفضل فيه الملك عبد العزيز، يرحمه الله، الطواف والسعي في الحرم؟


لا توجد أوقات أو أيام معينة، لكنه كان دائما يأتي للحرم يطوف، ومن الناس الذين كنت أشاهدهم معه في الحرم الشيخ عبد الرحمن الطبيشي والشيخ إبراهيم بن عيدان، وكان مسؤولا عن الشؤون الخاصة، وكان يستقبله عند قدومه أئمة المسجد الحرام وعمد مكة، وعندما توفي - رحمه الله - أخذنا حافلات من الشركة العربية وخرج الأهالي من جميع حارات مكة لمبايعة الملك سعود والملك فيصل، يرحمهما الله، في قصر السقاف، وكان الملك سعود يصلي معنا القيام والوتر خلف الشيخ عبد الله الخليفي.