أخي وليد شبكشي / شكرا لحضورك وإليك الجزء الثاني

{عمدة زمان}
بقلم مفوز مفيز الفواز
الجزء الثاني

[align=justify]
• الجدار ، يا عمده .
• أي جدار.
• جدار بيت " أبو على ".
• أَيشْ فيه جدار أبو علي ..
• سقط .
• سقـط ؟ .
• إيوَه .. يا عمده . جدار أبو علي ، سقط والبيت مكشوف . والناس مِتْجمِّعين عنده ، يرفعوا الحجارة ، ويبرحوا الطريق.
• الناس متجمعين !.. عسى ما انهدم على أحد؟.
• لا .. يا عمده.
• لا حول ولا قوة إلا بالله .. هيا بينا يا جماعه نِطَّمَن على أبوعلي .. ونوقف مع الرِّجَال عنده.. أَيشْ يقولوا علينا الناس بُكْره لو تأخَّرنا عليهم.
o الشيخ جابر يسأل العمدة :
• بيت أبو علي فين يا عمده؟.
• العمده : في طرف الحارة من الجهة الشرقية .. في آخر الزُقَاق اللِّي يعَدِّي على برحة العيد.
o يُسرع عمران في المشي ليسبقهم إلى المكان ، وكأنه يدلهُّم على الطريق ..
• من هنا يا عمده .. أقرب.
• العمدة : يا ولد .. ما في طريق من هنا ، الزقاق ضيق ومسدود.
• عمران : لا يا عمده ، في أخر الزقاق : خرابه " مَهدُومه . ومنها ندخل على بيت "أبو عَلِي" عَلَى طول.
• الشيخ جابر : عمران يصلح (عَسَّه) يا عمده ما دام يعرف الحارَه كلها.
• العمده : هيا .. يمكن له نصيب في الشُّغل يا شيخ جابر، كلم له مدير الشرطة ، هو مسكين ، وعلى باب الله.
• الشيخ جابر : إن شاء الله .
o يصل العمدة للمكان ..وقد سبقهم عُمران إليه فيصيح في الناس ..
• العمدة وصل .. برحوا الطريق يا جماعة.
• العمدة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. الحمد لله على قضائه ، فين " أبو علي " ؟.
• أحدهم : هنا يا عمده ، شوفه جالس على الحجر عند الباب .
o أبو علي جالس ينظر إلى الأرض ، وقد وضع رأسه بين كفيه ، وكأنه يندب حظه ، والعمدة يتجه إليه ليواسيه فيقول :
• يا رجل .. قوم .. أذكر الله ، وصلي على الحبيب المصطفى.[ الجميع .. اللهم صلى عليه وسلم ] .. ويواصل العمدة حديثه ، الحمد لله الذي سلمك وسلم عيالك ، وما كان أحد ماشي بجَنبِ الجدار، فدا راسك ومعوَّض خير .
o أبو علي لا يتكلم ، وكأن هول الفاجعة ألجْمَت لسانه ، وصَمَّت أذنيه.
• عمران : أبو علي .. قوم سلِّم ، العمدة يكلمك.
• أبو علي متثاقلاَ : ها .. إيوه .. عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أعذرني ياعمده ما سمعتك ، أنا مدووش .. ورجولي ما هي شايلاني .. بالله عليك قُل لِي ، أيش أللي أسويه الآن .. بيتي انكشف ، والحال كما تعلم مستورة .. فين أَوَدِّي عيالي إلَينْ ما ينبني الجدار ؟ .
• العمده : يا رجل .. الله سبحانه وتعالى موجود ، وهو صاحب التدبير ، ويا ما قدَّمت من معروف ، وأكيد الله حا يسخر لك أهل المعروف ، بس قوم وتعوذ من الشيطان الرجيم .. وادعي ربك وقله {سبحانك يا كريم}.
• صدقت يا عمده .. الله كريم سُبحانه .. وهُوَّ مفرِّج الكُرَب ، الحمد لله.
• العمده .. طيب ، هيا قوم معي ، وادخل مع الرِّجَال البيت ، خليهم ينظفوا الحجارة من الحوش ، ما تشوفهم كيف واقفين ينتظروك ، يبغوا يفزعوا، ما هو هذا من تسخير الله.
o ينهض أبو علي من مكانه ، يدخل البيت و يدخل معه العمدة ويمشي من بين الحجارة الساقطة معتمداً على [ باكورة ] من الخيزران يتوكأ عليها.
• عمران .. على مهلك يا عمده .. أنت رجَّال كبير ، لاتْرُوح ( تِتكَعبل(1)) في الحجارة و نِبلَشْ فيك .
• الشيخ جابر.. صلي على النبي يا عمران .. العمدة لِسَّه شباب ، ولو ما هُو شباب ،كان زمان جبنا عمده غيره. و إلا ما هو كذا ، يا عمده ؟.
• العمده .. الله يفرِّحك في عمرك يا شيخ جابر ، فرَّحتني. وبعد ما نخلص من جدار أبو علي لك هرجه عندي ، تصلح لَكْ .. وِليَّ ، عشان كلامك الطيب هذا.
o يواصل العمدة مشيُه مع أبو علي ، ويُوَجِّه كلامه للناس ..
• يا جماعه : واقفين لَيه ، هيا .. كل واحد يحط يده ، برحوا الطريق ، واجمعوا الحجارة على جنب ، وانتبهوا للجزء الباقي من الجدار المعلق لا يسقط على أحد.
o وبهمَّة الرجُّلِ الواحد ، لم يمض أقل من ساعة ، إلا والمكان قد نُظِّفَ ، والجدار المهدوم مبرّحٌ حتى الأساس ، ويواصل العمدة توجيهاته للرِّجال.
• العمده : ما في أحد عنده شراع أو خشب .. عشان نُسْتر البيت وننصبه مكان الجدار حتى الصباح.
• أبو محمد العسَّه : أنا عندي مرابيع خشب.
• العمدة : طيب ، وأَيشْ موَقِّفَكْ .. ما تأخذ أحد معاك ، وتروح تجيبها بسرعة.
• أحدهم : أنا عندي شراع كبير رايِح أجيبُه.
• العمده .. هيا أسرع ، بارك الله فيك .. وأنتم يا رجال ، حطوا أيدكم واحفروا مكان المرابيع.
o هب الرِّجال للعمل كلٌ حسب مقدرته ومعرفته ، وبدأوا في الحفر ، وكثُر الجدل .
• [هنا احفر الثانية بعد أربع خطوات. يا شيخ ، الحفرة بعيدة ، لا .. لا ، ما هي بعيدة ..يابويَه ، أيش درَّاك إنها ما هي بعيدة ؟ إنت شفت الخشب؟
إيوه .. انت صادق ، يمكن الخشب قصير ، طيب خليها على بُعد ثلاث خطوات ، وإذا كان الخشب طوال ، الزايد منه ينفع مع بعضه تقوية.
o حوار دار بين الرجال أثناء البدء في الحَفْر ، لم يوقفه إلا استفسار العمدة عمَّا يفعلون.
• العمدة .. انتم تعملوا أَيه ..تحفروا من برة الجدار، والمعلم كيف يبني بكره ــ عَجِيب ــ تبغوه يكشف البيت مرة ثانية لما يجي يبني.. احفروا من جُوَّة البيت ، وركبوا الشراع على الخشب ، ويبقى منصوب حتى يخلص الجدار.
• أحدهم : صادق يا عمده ، والله اللّي سمَّاك عمده ما غلط .. هيا يا رجال ادفنوا الحفر وتعالوا نحفر زَيْ ما قال العمدة .
o أقبل أبو محمد العسَّه ومعه الرجال ، وكل واحد منهم يحمل على كتفه مربوعة خشب طويلة ، وواحد منهم في يده حبال للتربيط . واشتغل الجميع بالعتل والمساحي ، وحفروا الحفر الباقية ، وما إن انتهوا من الأخيرة إلا والأعمدة قائمة ومربوطة مع بعضها البعض على طول المساحة المُهدَّمة من الجدار.
• العمدة .. فَينْ الشراع ؟.
• هذا هُو يا عمده ، الرُّجَّال جابه بدري ، ومحطوط على جنب ــ شراعين ما هو واحد.
• العمدة : الله يجملنا معاه ، وإن شاء الله ننصبه له في فرح الأولاد.
• الجميع : إن شاء الله .. في حياتك يا عمده.
o فرَد الرجال الشراع على أعمدة الخشب القائمة ، وثبَّتوه بالحبال ، ووضعوا بعض الحجارة على أطرافه السفلية ليقاوم دفع الرياح ، ويتقدم عُمران من صاحب الدار يداعبه قائلاً.
• عمران يُحادث أبوعلي : مبسوط يا سيدي .. بنينا لك الجدار .. هيا افردها وجيب مويَه ، الجماعة عطشانين.
• العمدة : ما تترك اللقافة عنك .. يا عمران ، سِيْب الراجل في حاله. أحد اشتكى لك وقال لك أنا عطشان ، إذا كنت عطشان ، شوف الزِّير قدامك تحت العشة ، والمغراف عليه ، اشرب لما تروى .. وأنت يا أبو علي .. لا تشيل هم ، هذا الشراع مؤقت الليلة بَسْ .. وادخل طمِّن أهلك ، وأنا آخذ الرِّجَال إلى المجلس عندي ، وبعدين تجينا لما أرسِلْ لَّك .
• أبو علي : إن شاء الله .. يا عمده .. بارك الله فيك وفيهم ، وجزاكم الله ألف خير ، والله لا يُريكم ما يكَدِّر خاطركُم.
• العمده: عمران !.. إنت ما ارتَويت من المويَه ، هيا روح واسبقنا على البيت ، وخليهم يجهزوا القهوة والشاي ، وقلهم العمدة جاي بعد صلاة المغرب ، ومعاه رِجَال.
• عمران : من عيني يا عمده..
o راح عمران يجري ” فِرِّيرة " وهو يحدث نفسه ( هو كلام العمدة للشيخ جابر عَنِّي.. يِتْنِسِي؟بَسْ إن شاء الله يتحقق ).
• العمدة : يا جماعة .. بارك الله فيكم ، الشمس قِربَت تغيب ، ويَدُوب نلِحق نِتوضأ ، وبعد صلاة المغرب ، الاجتماع عندي في البيت.
o يدخل أبو علي ليُطمئِن أهل بيته ، ويخبرهم بوَقفة العمدة وأهل الحارة معاه ، فقال لهم : " يالله .. الحمد لله على قضائه ، وأهو لَوْلا تسخير الله ، وما جَاء العمدة عَشان يُوقَف بنفسه مع الرجال ، مَا كان انْسَتر البيت ، ولا حتى ترَفَعتْ الحجارة عن اللِّي مَشيِينْ في الطريق .. لكنُّهْ العمدة قَلِّي بعدين تجِينَا لما أرسِلْ لَّكْ ، أرُحلُهْ لَيْه ، هو أيش يبغى مني!، ما هو الجدار المهدوم قفَّلُه بِشْراع ، والناس اللِّي فَزعَت يمكِن عزمهم عشان يقهويهم عنده في الديوان حقُّه .. أصلُه ماعزَمْني معاهم ، وإلا أقلُّكم ما أرُحلُه واشوف أيش يبغي مني .. بَسْ مَانِي رايحِلُه حتى يِرسِلْ لِي زَيْ ما قال ".
[/align]




{يتبع}