الثواب والعقاب
إن الطفل - كالبالغ تماماً - لا يخفى عليه الأمر عندما يكون في وسعه ان يفلت من العقاب حين يسيء التصرف بأشياء كثيرة حتى ولو حاولت أن تُغمض عينيك عن رؤية تلك التصرفات. وهو في هذه الحالة يشعر في قرارة نفسه بالإثم ويود ان يوقف عند حد معين، وفي النهاية تبلغ تصرفاته من الإستفزاز حداً يستنفذ معه الصبر فيُعنف او يُعاقب فيعود السلام. وهنا يجب ان يكون العكس صحيحاً في مثل هذه الحالات، فإذا كان الطفل هادئاً ويحترم الآخرين ويُقدر ما يجب عليه من أنظمة تجاه المنزل والمدرسة والمجتمع فان علينا تجاهه جزاءه ايجابياً (الثواب) تحفيزاً لغيره لسلوك نفس الطريق وتشجيعاً له للتمسك بهذا السلوك الحميد وتهذيبه. إن الطفل بحاجة الى أن يُحس بأن أباه وأمه ومعلِّمه مهما كانوا متساهلين معه يعرفون حقهم عليه ولا يدعونه يكون خشناً أو غير معقول بل يصبح بهذه الطريقة اشد حبا لهم، وهذا الموقف كفيل بأن يدربه على ان يُصبح أشد انسجاماً مع الناس الآخرين. فالطفل المدلل ليس طفلاً سعيداً حتى داخل بيته وعندما يخرج الى الحياة فان ذلك يجعله يصاب بهزة او صدمة قوية قد تؤثر على شخصيته المستقبلية، فهو يجد ان لا أحد يرغب في أن يتزلف اليه او يُحبه بل ان الجميع يكرهونه بسبب أنانيته؛ فإما ان يواجه الحياة وهو غير محبوب أو يتعين عليه أن يتعلم وبصعوبة كيف يصبح محبوباً. عندما ننظر حولنا في المجتمعات العربية او الإسلامية نجد أن عدوى تمرد الأحداث على البيت او المدرسة وانحرافهم عن آداب المجتمع قد سرت اليها من المجتمعات الأخرى عبر ثقافتها وعن طريق اقتباس مناهج التربية والتعليم من معاهدها وجامعاتها (1). ومن ذلك بعض النواحي المهمة في التربية كالثواب او العقاب 00 وسنستعرض الآن الثواب والعقاب كلٌ على حده.
الثواب
ويمكننا مما سبق أن نُعرِّف الثواب بأنه عمل له أثر على النفس وهو يتبع أداء معين أو استجابة معينة وهو يؤدي الى الشعور بالرضا، والســـرور والإرتياح، ومن نتائج عملية الثواب أن يسعى المتحصل عليه على هذا المثير بشكل مُتكرر او على الأقل الإحتفاظ به. والثواب في في مُعظم المواقف التعليمية غالباً ما يصب في قوالب لفظية مثل كلمات التشجيع أو عبارات الثناء، ولا شك ان خطابات الشكر من ادارة المدرسة الى ولي الأمر تُمثل نموذجاً هاماً من اساليب الثواب في المدرسة. فالطالب الذي يرسل له خطاب التقدير لتفوقه في مادة معينة، أو لتفوقه في ناحية معينة من نواحي النشاط، ولا شك ان هذا السلوك لايُمثل خاتمة لمستواه في هذا النشاط، إنما يُمثل حافزاً جديداً على بذل الجهد والمحافظة على المستوى الذي وصل اليه، بل والسعي الى مستويات أخرى أرقى بكثير من تلك التي وصل اليها فعلاً. أما بالنسبة للطالب الأكثر رقيا (طالب المرحلة المتوسطة النهائية وطالب المرحلة الثانوية) فانه لا يسعى وراء المدح والثناء وخطابات الشكر، قدر سعيه الى تجنب اللوم والعبارات التي تسجل له على عدم تقدمه وبالتالي تؤثر على صورته وشخصيته مع المحيطين به.
المفضلات