كل الشكر والتقدير للأستاذ / فيصل البركاتي على اهتمامه بشعر الكسرة من خلال هذه المحاضرة ، ولا ندري هل ما ورد في صحيفة عكاظ هو كل ما قاله البركاتي أم أن هناك جوانب مهمة لم ينقلها المحرر الذي تابع هذه المحاضرة الأستاذ/ معتوق الشريف ..ومهما يكن فقد أحسن الأستاذ/ فيصل صنعا عندما أبعد المحاضرة عن الرتابة والتقليدية المعروفة في مثل هذه المناسبات بإدخال الفواصل الغنائية والمشاهد المرئية فهذه التجديدات ترغب الجمهور وتبعد عنه الملل ، وتضفي على الموضوع جوا من التشويق والتجديد ، كما أن تأكيده بأن من أسباب إهمال تدوين شعر الكسرة يعود إلى أن الراصدين والمهتمين بالتدوين كانوا من أنصار اللغة لذلك أهملوا هذا الفن هو تأكيد في محله ؛؛ بدليل أنه عندما فـُتح المجال لراصدي هذا الفن وأصبحوا متسيدين على الصفحات الشعبية تألق شعر الكسرة وأصبح له حضوره الإعلامي والاجتماعي . غير أن ما أشار إليه الأخ / محمد الجحدلي في تعقيبه بشأن عدم الإشارة من الأستاذ البركاتي إلى دور المنتديات في التدوين وإبراز شعر الكسرة ففي هذا إجحاف وهضم حق من المحاضر بعد أن أصبحت المنتديات علامة بارزة في حفظ شعر الكسرة وشيوعه والانتقال به إلى المجتمعات خارجيا وداخليا ؛ وذلك بما يتم فيها من تدوين ونقل مباشر لليالي الرديح الذي تعتبر الكسرة هي روحه وجوهره ، ولعلني شخصيا نبهتُ الأخ الكريم الأستاذ/ فيصل البركاتي عندما وجه دعوته هنا في منتدى المجالس لحضور هذه المحاضرة عن "الكسره بين الأهمال والتدوين واثبات الوجود"
وبعد أن شكرت الشاعر والكاتب الإعلامي الأستاذ / البركاتي على جهوده للاهتمام بموروث الكسرة ، واعتبرتُ هذه المحاضرة دليلا حيا على أنّ شعر الكسرة يحظى بأهمية خاصة ، ويحتل مكانة لدى مثقفينا وشعرائنا والمهتمين بالموروث الشعري لهذا اللون الأصيل ؛؛ تمنيتُ على أستاذنا البركاتي أن يلفت النظر في محاضرته إلى الاهتمام والحفاوة التي يلقاها شعر الكسرة من شعراء ينبع عامة ؛ ويندرج في مضمون هذا الاهتمام : الدواوين التي صدرت ، والكتب التي نـُشرت ، والدراسات التي أجريت ، والمنتديات التي سخرت أقسامها وجل وقتها لتدوين شعر الكسرة ، ونقل ليالي الرديح حية بمناسباتها ، وتنظيم الأمسيات الشعرية ، وإقامة المحاورات العديدة بين كبار الشعراء ، وتبني المسابقات الخاصة بشعر الكسرة ودعمها من قبل المهتمين والساعين لإبراز هذا الللون الشعبي المحبب لعامة الناس ...ولا نشك لحظة في أن الأستاذ/ البركاتي طالما أنه سخر نفسه وقلمه لهذه المهمة فهو متابع لكل الأحداث المتعلقة بهذا الفن ، وراصد جيد لها ..ولكنه مع الأسف لم يعط هذا الجانب ما يستحقه من التغطية والإشارة الواضحة في تدوين شعر الكسرة ونقله وتداوله وشيوعه ..
وحتى عندما تحدث عن الدواوين التي صدرت لشعراء ينبع اكتفى بذكر كتاب الأخ الشاعر / أحمد عطا قاضي ، بينما الواقع يفرض عليه أن يشير إلى الإصدارات المهمة التي جاءت بعد ذلك مثل كتاب الشاعر الكرنب للأخ/ محمد مسعود عيسى ، وكتاب الشاعر / ذيبان للأخ/ فيصل الفران ، وكتب الأستاذ/ عبد الرحيم الأحمدي ، وأخيرا كتاب الشاعر / أحمد سليمان للأخ / محمد الريفي وهناك إصدارات أخرى للشاعر / أحمد الدبيش والشاعر عايش الدميخي وغيرهم ؛؛ كان لهذه الدواوين دور مهم جدا في تدوين شعر الكسرة والاهتمام به ..
أما قول البركاتي بأن شعر الكسرة برز خلال السبعينيات الهجرية من خلال قهوة المنتزة في حي جرول بالعاصمة المقدسة في السبعينيات الهجرية فهو دليل على أن الأستاذ البركاتي بعيد عن أجواء الكسرة أو أن معلوماته لم تساعده في الإحاطة بتاريخ الكسرة وبروزها وانتشارها في المجتمعات التي احتضنتها ورعتها وحرص كثير من المهتمين بهذا اللون على حضور ليالي الرديح في ينبع النخل والبحر وهم يملؤون دفاترهم بكسرات ومحاورات وألحان أصبحت مصدرا فيما بعد للتدوين والطباعة والتداول ، وأشكر الأخ / محمد الجحدلي الذي عقب على هذه الجزئية بأن ما قاله البركاتي فيه إجحاف كبير بعمالقة الشعراء الذين توفوا إلى رحمة الله تعالى قبل هذا التاريخ، وإجحاف بحق مدينة ينبع كمدينة اهتمت بتطوير شعر الكسرة وما أعطوه من الاهتمام بالتطوير والتدوين، وكنت أتمنى لو أن الأستاذ/ فيصل البركاتي لم يستشهد بكسرة (ياقهوجي جيب ثلاجة ) فهي لم تكن من الكسرات التي تستحق الذكر عندما يكون الموضوع متعلقا بالكسرة وتدوينها والإلمام بجوانبها التاريخية وأقل ما يقال عن هذا النوع من الكسرات بأنها ثرثرة عابرة يجب ألا نتوقف عندها كثيرا ..وأيضا كنا
نطمع بأن الأخ البركاتي سيثري محاضرته باستطلاع وأسئلة يوجهها لكبار الشعراء والمتابعين لشعر الكسرة في الأماكن التي تهتم بهذا اللون وبخاصة في ينبع والوادي ليثري محاضرته بالمعلومات القيمة الموثقة بدلا من الاستشهاد بالهابط من الكسرات .