وَأَمَّا الْفُوَايِدة :
فَبَطْنٌ آخَرَ كَذَلِكَ قَدِيمٌ مِنْ جُهَيْنَةَ, وَمَسَاكِنُهُمْ بِالْحَوْرَاء وَمَا جَاوَرَهَا مِنْ أَرْضِ الْبَادِيَةِ, وَهُمْ أَهْلُ جِوَارٍ وذِمَامٌ, وَلَدَيْهِمْ عِنَايَةٍ كَبِيرَةً بِالإِْبِل الأَْصَائِل, وَلاَ يَزَالُونَ بِجُهَيْنَةَ مِنْ جُذْمِ بَنِي مُوسَى, وَهُوَ الْجُذَامُ الَّذِي فِيهِ الْكَثْرَةُ مِنْ جُهَيْنَةَ, وَجَاءَ فِي كِتَابِ أَنْسَابِ الْقَبَائِل الْعِرَاقِيَّةِ وَغَيْرِهَا, لِمَهْدِيّ الْقَزْوِينِيُّ مِنْ أَهْلِ الْقَرْنِ الثَّانِيَ عَشَر الْهِجْرِيّ, نُسْخَة النَّجَفَ : وَبَطْنِ مُوسَى فِيهِ الأَْفْخَاذ وَالْعَشَائِرِ الْكَثِيرَةِ الْعَدَد, وَلَهَا أَسْمَاءٌ مُخْتَلِفَةٌ .

وَوَقَعَتُ عَلَى ذِكْرِهِمْ عِنْدَ الْقُطْبِيُّ الْمُتَوَفَّى فِي سَنَةِ 980 لِلْهِجْرَةِ فِي كِتَابِهِ « الْفَوَائِدِ السَّنِيَّة فِي الرِحْلَةَ المدنيَّة وَالرُّوميَّة », قَالَ :
وَأَهْل بَدْرٍ أَرْبَعِ طَوَائِفَ مِنْ الأَْشْرَافِ : الْمَحَاسِنَة, وَالْفَوَايِد, وَالشَكْرَة، وَالعُتق : فِيهِمْأَشْرَافٌ, وَفِيهِمْ مَنْ يَنْتَمِي إِلَيْهِمْ مِنْ الْعُرْبَان، وَيُدْعَى بِهِمْ, انْتَهَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْقُطْبِيَّ, وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحْمَلِ تِلْكَ الْقَبَائِلِ يَعُود تَارِيخُهُ إِلَى سَنَة 630 مِن الْهِجْرَةِ, وَأَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَهُ هِيَ شَجَرَة الدُّرّ عِنْدَمَا قَدِمَتْ لِلْحَجِّ مِنْ مِصْرَ عَنْ طَرِيقِ الْبَرّ, وَمُنْذُ ذَلِكَ الزَّمَنِ إِلَى أَنَّ تَوَقَّفَ نِظَام الْمَحْمَلِ وَهَذِهِ الْقَبَائِل تَعْمَل بِهِ, وَمِمَّا يَدُل عَلَى قِدَّمَ عَهْدِهِمْ بِأَرْضِ الْحَوْرَاء أَنَّهُ قَدْ نُسِبْة إِلَيْهِمْ جَزِيرَةٌ بِالْبَحْرِ تُدَّعَى « جُزِر الْفُوَايِدةِ » كَمَا هُوَ الْحَال مَعَ جَزِيرَةِ الْحَسّانِي السَّابِقَة .

وَقَدْ سَمِعْنَا بَعْضُ أَهْلِ الْجَهْلِ مِنْ الْبَطَالِينَ الْفَارِغِين يَخُوضُوا فِي أَنْسَابِ الْقَوْمِ وَغَيْرِهِمْ, بِدُونِ مُسْتَنِدًا أَوْ دَلِيل, إلّا قَالَ وَقِيل, وَلَكِنْ هَيْهَاتَ, هَيْهَات, وَلاَ نَقُول إلّا كَمَا قَالَ سُفْيَان اَلثَّوْرِيّ : « لمَا اسْتَعْمَلَ الرُّوَاةِ الْكَذِبَ اسْتَعْمَلْنَا لَهُم التَّارِيخ », وَلِلَّهِ دَرّ حَسَّان بْنِ زَيْدٍ حِينَ قَال : « لَمْ نَسْتَعِينُ عَلَى الْكَذَّابَيْنَ بِمِثْلِ التّارِيخِ », وَقَدْ قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَك : مَاذَا نَصْنَعُ بِهَذِهِ الأَْحَادِيثَ الْمَصْنُوعَةِ ؟, فَقَال : « تَعِيشُ لَهَا الجَهابِذَةُ », وَرُوِيَ أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدِ أَخَذَ زِنْدِيقًا فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقه, فَقَال لَهُ الزِّنْدِيقُ : لِمَا تُضْرَبَ عُنُقِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟, قَال : أُرِيحَ الْعِبَاد مِنْك, قَال : فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ أَلْفِ حَدِيثٍ وَضَعْتُهَا عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كُلُّهَا مَا فِيهَا حَرْفٍ نَطَقَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ؟, قَال : فَأَيْنَ أَنْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ أَبِي إِسْحَاق الْفَزَارِيِّ ؟, وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ؟, يُنْخِلاَنِهَا فَيُخْرِجَانِهَا حَرْفاً حَرْفاً [!], وَأَيِّ أَرْضٍ تَقلّ وَأَيُّ سَمَاءٍ تَظِلّ, لِمَنْ تَكَلِّمَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضْلّ وأَضَلَّ, وَزَلّ وَأَزْلَّ, وَقَدْ قَال بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إنَّ التَّارِيخَ فَنٌّ عَظِيمُ الْوَقْعِ, جَلِيلُ النَّفْعِ, وَضَعْنَاهُ لِنَخْتَبِرَ بِهِ مَنَ جَهِِلْنََا, لَمَّا كَثُرَ الْكَذَّابُونَ, حَتَّى ظَهَرَ بِهِ كَذِبُهُمْ, وَبَطَلَ قَوْلُهُمْ الذي يُرَوِّجُونَ بِهِ على من لَا عِلْمَ له, وَأَخْبَارِ الْكَذَّابِينَ وَالْوَضَّاعِينَ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً, وَهِيَ وَاضِحَةٌ كَالشَّمْسِ بِيَقِين .

وَأَمَّا الْمَقابِلةَ :
الَّذِينَ ذَكَّرَهُم الْجَزِيرِيّ فَهُمْ الْمَقابِلةَ : بَطْنٌ قَدِيمٌ مِنْ الْمَرَاوِين مِنْ جُهَيْنَةَ, لاَ يَزَالُونَ بِالْحَوْرَاء فِي عِدَادِ جُهَيْنَةَ الْحَاضِرَةَ, وَالْمَرَاوِين لَهُمْ الْحَوْرَاء خَاصَّةً وَكَذَا ذِي الْمَرْوَةِ, وَإِمَارَةُ جُهَيْنَةَ بِبَابِهِمْ, قَالَ النّسّابَةُ الْبِلَادِيَّ فِي مُعْجَم قَبَائِلِ الْحِجَازِ, نُسخَةِ دَارِ مَكَّةَ, الْمَقابِلةَ : وَوَاحِدُهُمْ مقْبَلِيّ, بَطْنٌ مِنْ الْمَرَاوِين, ذَكْرَهُمْ الْجَزِيرِيّ فِي دُرَر الْفَوَائِد الْمُنَظِّمَةِ, وَالْمَرَاوِين بَطْنٌ مِنْ جُهَيْنَةَ, انْتَهَى كَلاَمِه, وَهُمُ كَذَلِكَ حَتَّى السَّاعَةِ يَسْكُنُونَ الْبَرِّيَّةِ وَأَهْلُ بَادِيَةٍ, وَسَيَأْتِي مَزِيدَ تَفْصِيلٌ عَنْهُمْ,

وَمَنْ الْمَرْاوِنَةَ مَشَائِخُ جُهَيْنَةَ, وَيَنْزِلُونَ بِالْحَوْرَاء,
وَقَدْ أَلْفَيْتُ فِي كِتَاب الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْوَثَائِق الْبِرِيطَانِيَة نَجْدٍ وَالْحِجَاز, قَوْل دافيد جورج فِي الشَّخْصِيَّاتِ الرَّئِيسِيَّةِ بِالْحِجَازِ: مُحَمَّد بْن صَلاَح الغنَيْم : الشَّيْخ السَّابِق لِبَنِي غنَيْم, مِنْ بَطْنِ مُوسَى مِنْ قَبِيلَة جُهَيْنَةَ, « وَأَمِيرُ الْعَرَبِ فِي أُمِّلَجَّ », ثَارَ عَلَى الْأَتْرَاكَ فِي نِهَايَةِ سَنَة 1915م - 1333هـ, مَعَ ابْنَةِ سَعْدٌ, خَلِيفَتَهُ فِي الْمَشْيَخَةِ، وَقَطْعَ الطَّرِيقَ عَلَى قَوَافِلُ الْتَمْوِين بَيْنَ الْوَجْهِ وَأُمِّلِجٍّ حَيْثُ يُقِيمُ, أَرْسَل ابْنَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ حَيْثُ قَابَلَ الأَْخِير الشَّرِيفُ عَليِّ, وَلَدَى عَوْدَتِهِ حَاصَرَ مَوْقِعَيْن تُرْكِيَّيْنِ, فِي أَيْلُول سِبْتَمّبر سَنَةَ 1916م - 1334هـ, حِينَمَا أَعَادَ الْأَتْرَاك احْتِلَالِ أُمِّلِجٍّ، قِيلَ إِنَّهُ تَرَاجَعَ إِلَى الدَّاخِل, وَأَنَّهُ يُجَمِعُ عَشَائِرَهُ لِمُقَاوَمَتُهُمْ, كَبِيرِ السِّنِّ, لاَ تُرْجَى مِنْهُ فَائِدَةٌ كَبِيرَةٌ, انْظُرْ سَعْد الغنَيْم, اِنْتَهَى كَلَامه, وَلَنَا فِي هَذَا الْبَابِ كِتَابِ وَضَعْنَاهُ لِتَّرَاجِمِ هَؤُلاَءِ الْأَعْلَامِ, وَقَدْ رَجَعْنَا فِيهِ إِلَى أَكْثَرُ مِنْ سَبْعِينَ مَرْجِعًا, مَا بَيْنَ مَخْطوطٌ وَوَثِيقَةٌ وَكُتُبٍ مَطْبُوعَهٌ, يَسَّرَ اللَّهُ لَنَا إِتْمَامُهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمه .

وَأَمَّا الْبُذَيْليّ :
فَبِذَالٍ مَنْقُوطَةً, وَهُمْ بَطْنٌ قَدِيمٌ كَذَلِكَ مِنْ جُهَيْنَةَ, وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَا ذِكْرَهُمْ فِي رَسْمِ رَشَادَ وَالْمُليْلِيحَ, فَلْيُنْطَرْ هُنَالِكَ .

وَأَمَّا حُبَيْش :
فَبِضَمِّ الْحَاء الْمُهْمَلَة بَعْدهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَفْتُوحَةٍ, ثُمَّ الْيَاء أُخْتُ الْوَاوِ سَاكِنَةٍ, وَأَخَّرَهُ شِينَاً مُثَلَّثَةٌ مُهْمَلَةٍ, وَضبْطِهِ الْيَوْمَ عِنْدَ بَادِيَتِهِمْ بِالْمُهْمَلَةِ أو بِكَسْرِ أَوَّلُه, وَوَجَدْنَا فِي نُسْخَة الجَاسِر حُمَيْس بِالْمِيمِ وَالْيَاء الْمُثَنَّاة مِنْ تَحْت, وَفِي نُسْخَة مِصْر خَمِيس بِالْخَاء اَلْمُعْجَمَةِ, كَاسْمِ الْيَوْمِ الْمَعْرُوف, وَأَقُول أَنَّ كِلاَهُمَا تَصْحِيفٌ, لَمْ أَرَ مِنْ نَبَّهَ إِلَيْه قَبْلَنَا, وَأَظُنُّ أَنَّ الَّذِي أَثْبَتَهَا مِنْ الْمُحَقِّقِين بِحُمَيْس كَتَبَهَا عَلَى اسْمِ الْبَطنِ الْقَدِيمُ مِنْ جُهَيْنَةَ « بَنُو حُمَيْسٍ : الْحُرْقَة », وَلَا أَرَى أَنَّ بَيْنَ الْقَبِيلَتَيْنِِ أَيُّ فَرْقٍ, فَبَنُو حُمَيْسٍ وَبَنُو حُبَيْشٍ هُمْ أَنْفُسِهِمْ, فَهَؤُلَاءِ الْمَوْجُودِينَ أُولَئِكَ الصَّحَابَةُ أَسْلاَفِهُِمْ, وَلَعَل قَدْ شَابَ اسْمَهُمْ الْقَدِيم شَيٍّ مِنْ التَّصْحِيفُ, لَمْ يَتَغَيَّرْ مَعَهُ الأَْصْلَ, وَذَلِكَ إِنْ ثَبَتَ مَعَهُ أَنَّ الاِسْمَ حُمَيْس, بِالْمِيمِ, فَهَكَذَا ضَبَطَهُ ابْنُ الْكَلْبِيّ فِي النّسَبِ الْكَبِيرِ, وَكَذَا ابْنُ حَبِيبٍ فِي كِتَابِهِ النّسَب, وَضَبَطَهُ ابْنُ الْوَزِير الْمَغْرِبِيُّ فِي الإِْينَاسِ جُمَيْس, بِالْجِيمِ, وَكِتَابه أَصْلَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ, وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ خُمَيْسٍ بِالْخَاء الْفَوْقِيَّةِ, فَكَذَا فِي الْدُرَر الْفَوَائِدِ الْمُنَظِّمَةِ, وَفِي كِتَابِ جُهَيْنَةَ أَصْلِهَا وَتَفَرُّقِهَا, وَعِنْدَ الْصَّاغَانِيّ حُبَيْش فِيمَا يَنْقُلُهُ عَنْ ابْنُ الْكَلْبِيَّ, وَفِي وَفِي فَتْح الْبَارِي جُهَيْش, وَعَزَاهُ لِابْنِ السَّائِبِ,

وَقَالَ الرَّشَاطِيّ فِي كِتَابِ النَّسَبِ : الْجُمَيْسِي [الْحُبَيْشِي] :
فِي جُهَيْنَةَ, يُنْسَبُ إِِلَى جُمَيْس بْن عَامِر بْن ثَعْلَبَة بْن مُودِعَة بْن جُهَيْنَة, وَالْجُمَيْسِيَّ هُوَ الْحُرَقَة, يَجْمُسُ جُمُوسْاً وَجَمْساً, وَلَا يَقُولُونَ ذَلِكَ لِلْمَاءُ, وَكَانَ الأَْصْمَعِيُّ يَعِيبُ ذَا الرّمّةِ فِي قَوْله : وَنَقْرِي سَّدِيفَ الشَّحْمِ وَالْمَاءُ جَامِسُ, وَيَقُول : هَذَا غَلَطٌ, وَحُبَيْش بَطْنٍ مِنَ عِمَارَةُ بَنِي مُوسَى, وَمَنَازِلَهُمْ لَا تَزَال مِنْ الْحَوْرَاء, وَشَمَال جَبَل رَضْوَى, وَالْشّبْحَة, وَوَادِي رَِخْوا, وَيَنْبُعَ, وَحَرَّةُ حُبَيْش, وَوَادِي النَّارِ أَوْ ذَاتُ لَظَى قَدِيمًا, وَسَمُرْ : عَلَى اسْمِ الشَّجَرِ الْمَعْرُوف عِنْدَنَا بِالْحِجَازِ, قَالَ الْحَازِمِيُّ : بِفَتْحِ السّينِ وَضَمُّ الْمِيمِ المُخَفَّفَة, ذُو سَمُرْ : مَوْضِعٌ بِالْحِجَازِ, فَذَاتُ لَظَى الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ لاَ تُزَال تُعَرِّفُ بِوَادِي النَّار, وَهُوَ وَادٍ مَعْرُوفٌ قُرْبَ نَبْطٌ جَنُوب الْبُوَانَةَ, وَأَهْلُهُ حُبَيْشُ وَغَيْرِهِمْ مِنْ جُهَيْنَةُ .

[/QUOTE]