رَجَعْنَا إِلَى ذِكْرِ مِلْحَة « الْمُليْلِيح »
وَالْمُليْلِيح : قَرْيَةٌ عَامِرَةٌ بِطَرَفِ وَادِي الْحَمْضِ مِنْ الْغَرْبِ, فِي مِنْطَقَةٌ زِرَاعِيَّةٌ تَمْتَدُّ قَرَابَةَ عِشْرِينَ كَيْلًا مِنْ وَادِي بُوَاط : مَصَبِّهِ جَنُوباً إلَى حَرَّةَ مُدرَّجة شَمَالًا بِعَرْض يَقْرُبُ مِنْ خَمْسَةِ أَكْيَالٍ, أَرْضُهَا طِينِيَّةٌ صَفْرَاء يَكْسُوهَا نَبَاتِ الرِمْث : نَوْعٌ مِنْ الْحَمْضِ

وَفِي الْمِنْطَقَةِ مَزَارِعٌ, قَالَ لِي أَحَدِهِم : أَنَّهَا تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ بِئْرٌ زِرَاعِيَّة, وَمِيَاهُهَا غَزِيرَةٍ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ, وَهِيَ لَيْسَتْ مُستَصلَحَه كُلِّيَّةٍ فالمَساحة الصّالِحَةُ لِلزِّرَاعَةِ تَتَّسِعُ لأِضْعَافِ الْمَوْجُودِ الآْنَ, وتُجاورَ الْمُليْلِيح مِنْ الْجَنُوبِ قَرْيَةَ العُصَيليب: قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ فِيهَا حَرَكَة بِنَاء وَمَزَارِعٌ حَدِيثَةِ, وَيَزْرَعَ فِي الْمِنْطَقَةِ: الْعِنَبِ, وَالرُّمَّانِ, وَالْخَضْرَوَاتِ, وَاللَّيْمُونِ, إلَى جَانِبِ النَّخْل الَّذِي هُوَ الزِّرَاعَةُ الرَّئِيسِيَّة

وَصِفَة الْأَرْضِ مِنْ الْمُليْلِيح : شَمَالاً جِبَال اللُّقّ : جِبَالٌ تَظْهَرُ بَعِيدَةً حَوَالَيْ 25 كِيْلاً, دُونَهَا حَرَّةِ مُدرَّجة, تَمْتَدُّ مِنْ الشَّرْقِ إلَى الْغَرْبِ تَحْرِفَ وَادِي الْحَمْضِ « إضَمٍ » إلَى الْغَرْبِ, دُونَهَا هَذِهِ الْمِنْطَقَةِ الزِّرَاعِيَّةِ مِنْ الْوَادِي, وَيُسَمَّى هَذَا الْجِزْعِ مِنْ وَادِي إضَمٍ الْمُنْدَسَّةُ

وَفِي الْجَنُوبِ جِبَالُ بُوَاطَ مِنْ الْغَرْبِ إلَى الشَّرْقِ, وَفِي رَأْسِهِ ثَنِيَّةُ بُوَاطٍ الَّتِي سَلَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الْعُشَيْرَةِ فِي يَنْبُعَ, وَتَظْهَرُ بَعِيدًا شُعُوفِ جِبَالٌ شَخَانِيبٌ بَيْنَهَا فَجَوَاتٍ عَمِيقَةٌ, وَهِيَ أَطْرَافِ جِبَالِ الْأَشْعَرِ, حَيْثُ تَسِيلُ الحَوْرَتان « حَوْرَةَ, وَحُوَيرة »

أَمَّا فِي الشَّرْقِ فَتَرَى الْهَضْبَةُ الْبَيْضَاءِ, وَهِيَ أَبْرَز عَلَمٌ هُنَا بَعْدَ الْأَجْرَدِ, شَمَالَهَا جَبَلِ شَوْفان : جَبَلٌ أَسْمَرُ, ثُمَّ وَادِي أَلَتْمَة فِي آخِرِ الشَّمَالِ الشَّرْقِيِّ, تَمُرُّ دُونَ ذَلِكَ الطَّرِيقِ الَّتِي أَتَيْتَ عَلَيْهَا, ثُمَّ تَعْدِل هَذِهِ الطَّرِيقُ فَتَأْخُذ أَلَتْمَة إلَى اللِّحِن ثُمَّ الصُّلْصُلَة, وَقَدْ صَارَ هُوَ طَرِيقُ الشَّامِ الْآنَ

وَفِي الْغَرْبِ تَظْهَر نُعُوفُ جِبَال الأَْجْرَد مِنْ جِهَتِهِ الْجَنُوبِيَّةَ الشَّرْقِيَّةَ, عِنْدَمَا يَتَّصِلُ بِبُوَاطٍ مِنْ أَعْلَاهُ, دُونَهُ سّلَاسِلَ جَبَلِيَّةٌ غَيْرَ مُنْفَصِلَةٌ عَنْهُ, تَصِلُ سُفُوحِهَا إلَى قَرْيَةِ الْمُليْلِيح, وَالْمَسَافَةُ مِنْ الْمُليْلِيح إلَى الْمَدِينَةِ 68 كَيْلًا, وَسُكَّانُهُ جُهَيْنَةُ, انْتَهَى, قَالَ ابْنُ غُنَيْم : وَهَذَا الْوَصْفُ كُلُّهُ قَرَأْتَهُ وَنَقَلْتُهُ مِنْ كِتَاب طَرِيقِ الْهِجْرَةِ .

قَالَ الْمُؤَلِفُ ابْنِ الغُنَيْم الْمَرِوْاتِيّ :
الْمُليْلِيح أَرْضٌ تَقَعُ غَرْبَ الْمَدِيَنَةِ النَّبَوِيّة شَرَّفَهَا اللّهُ تَعَالى, فِيمَا بَيْنَ بُوَاطٌ وَالْعَيْن وَتَيْدَدُ, وَأَرْضُهَا رَمْلِيّةٌ سَهْلَةٌ, وَهِيَ شَمَالَ غَرْبِيِّ وَادِي الْحَمْض « إضَمَ », وَبِهَا عُمْرَانُ, وَهِيَ ذَاتُ بَسَاتِينَ وَمَزَارِعُ النَّخِيلِ بِهَا كَثِيرَةٌ خَضِرَةٍ نَضِرَه, وَسُكَّانِهَا جُهَيْنَةُ, يَطِلُ عَلَيْهَا مِنْ الشَّمَالِ سِلْسِلَةُ طَبَقَاتٍ جَبَلِيَّةٌ عَالِيَةً, بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ, أَعْلَاهَا جِبَالُ الأَْجْرَدِ, وَدُون تِلْكَ الْجِبَالِ أَرْضٌ فَيْفَاء يَكْثُرُ فِيهَا نَبَات الرِمْثُ وَأَشْجارِ السّمَرِ, وَيُحَاذِيَهَا مِنْ الْجَنُوبِ وَالشَّرْقِ سِلْسِلَةٌ مِنْ الْجِبَالِ أعُلاها إِرْتِفَاعاً جِبَالِ الْبَيْضَاءِ, وتلاصق المليليح فِي الْجِهَة الشَّرْقِيَّةِ لَهُ قَرْيَةَ عُصَيليب, وَالْعُمْرَان بَيْنَهُمَا مُتَّصِلاً, وَالْمَسَافَةُ الْفَاصِلَةُ لَا تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَكْيَالٍ فَقَطْ,

وَمِنْ مِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ بِنَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ يَأْتِيكَ بُوَاط, وَكُلُّ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ تَقَعُ شَمَالَ غَرْبَ مَفِيضِ وَادِي الْحَمْضِ « إضَمْ قَدِيماً », وَهَذَا الْوَادِي سُمِّيَ بِوَادِي الحَمْض نِسْبَةٌ إلَى نَبَاتَات وَأَشْجَارِ الحَمْض الَّتِي تَنْمُوَ فِيهِ وَحَوْلَهُ بِكَثْرَةٍ, وَهُوَ وَادٍ فَحْلٌ لِجُهَيْنَةَ, مِنْ أَطْوَل أَوْدِيَةِ الْحِجَازِ, بَلْ هُوَ أَطْوَل أَوْدِيَةِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَأَشْهَرُهَا عَلَى الإِْطْلاَقِ, وَتَرْفِدُهُ أَوَدِيَةٌ عِظَامٌ قَبْلَ أَنْ يَسِيلُ فِي الْبَحْر الْأَحْمَرِ, غَرْبَ قَرْيَةَ الْمَنْجُور : وَهِيَ أَرْضٌ لِبَلِيٍّ, يَنْزِلُ بِهَا أَمِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ ابْنُ رِفَاْدَه, أَطَال اللَّهُ بَقَاءَه

وَجَاءَ فِي مَوْسُوعَةِ أَسْمَاءِ الْأَمَاكِنَ فِي الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ مِنْ الْمُجَلَّدِ السَّادِسِ : يَبْدَاء [يَبْدَأُ] وَادِي الحَمْض مِنْ قُرْبِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ, عَبْرَ رَوَافِدَ تَنْحَدِرُ مِنْ الْجِبَالِ الْمُحِيطَةُ بِهَا, يَتَّجِهُ بَعْدَ ذَلِك نَحْوَ الشَّمَالِ الْغَرْبِيِّ لَيَنْتَهِيَ فِي الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ جَنُوبَ مَدِينَةِ الْوَجْهِ, وَيُعَدُّ مِنَ أَطْوَلَ الْأَوْدِيَةِ فِي الْمَمْلَكَةِ

قَالَ بْن غُنَيْم الْمَرواتِيّ :
وَادِيَ الْحَمْضِ يَزِيدُ طُولِه عَلَى أَرْبَعمِائَةِ وَخَمْسُونَ كَيْلاً, وَمِنْ أَكْبَرُ الْأَوْدِيَةِ الَّتِي تَرْفِدهُ, وَادِي الْجَزْلِ وَيَسِيلُ مِنْ حَرَّةِ الرَّحَا, وَيُدْفَعُ بِهِ قُرْبِ ذُو الْمَرْوَةِ, وَهِيَ مَرْوَةَ الْمَرَاوِين, وَحَاضِرَتِهِمْ مُنْذُ مِئَات الْقُرُونِ, وَهُوَ وَادٍ عَظِيمٌ يُعْرَفُ سَيْلُهُ بِوَادِي الْجَزْلِ, وََفِي عَام 1406 مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ, انْحَدَرَ مِنْ هَذَا الْوَادِي سَيْلٌ عَرِمٌ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ, فَذَهَبَ بِخَلْقٍ كَثِير مِنَ النَّاس, فَكَانُوا يُؤَرِّخُونَ مِنْ سَنَةِ مَقْدَمِهِ, وَذَلِكَ لاِسْتِفَاضة شُهْرَتِهِ, وَلَهُ ذِكْرٌ فِي أَشْعَار بَادِيَةِ جُهَيْنَةَ وَبَلِيّ
[/QUOTE]