[align=center]الشاعر المستقل ــ خائفاً ومخيفاً : شهادة شاعر(2) رقابة المثقف ضد جيرانه - عز الدين المناصرة
14 ــ المنع من المناهج المدرسية والجامعية: عندما ننظر للخارطة الحقيقية للشعراء الأكثر تأثيراً في المجتمعات العربية، نجد أن معظمهم قد منع من دخول المناهج المدرسية والجماعية. واكتفت المناهج بالترويج لشعراء متوسطي الحال موالين للسلطة غالباً. مما أثر علي درجة تذوق النص الأدبي في المدارس والجامعات. ويتم المنع للاسم من الدخول في المناهج لأسباب سياسية وأسباب مناطقية جهوية. وهكذا يقرأ القارئ ــ الشعر الحقيقي ــ خارج المدرسة والجامعة.
15 ــ المنع في التلفزيون والانترنت والصحف: تختار التلفزيونات ــ نصوصاً أدبية لا تضر ولا تنفع وتروّج للثقافة السطحية، وتخشي محاورة الشاعر الحقيقي والروائي الحقيقي والناقد الذي يمتلك عقلاً نقدياً. وتفضل المثقف الموالي للسلطة والمثقف الحائر، حتي لو كان ينتمي لدرجة هابطة من الابداع. وتفضل أيضاً محاورة الشعراء الذين يمارسون التجسير بين العرب واسرائيل، مع أن الأرض ما تزال تحت الاحتلال. أما الملاحق الثقافية في الصحف فتمارس التوجيه والاخفاء والمنع والترويج غير العادل. فتتحول العلاقة بين المثقف والصحيفة كمؤسسة إلي علاقة شخصية مع المحرر الذي قد يتخذ موقفاً سلبياً شخصياً من المثقف لأسباب عديدة. أما ــ الانترنت (في المواقع المهمة) ــ فهو مكان لمن يمتلكون المال من الشعراء أو لهم صلة بأصحاب رأس المال أو سلطة الجهة ــ المؤسسة فالمنع هنا من نوع (المنع المقنع).
16 ــ بلطجية رأس المال: يلعب رأس المال الوطني في المجتمعات الديمقراطية الحضارية ــ دوراً ايجابياً في دعم الثقافة والفنون ــ لكنّ بلطجية رأس المال في الوطن العربي ــ يمارسون الترويج لأعمال أدبية وفنية رديئة، وهنا يبرز المثقف الانتهازي مثقف العلاقات العامة ، الذي تدعم كتبه أو لوحاته التشكيلية لمجرد اتقانه لفن العلاقات العامة. حينئذ يبتعد المثقف الحقيقي باتجاه العزلة وتظهر الكتب الرديئة لاشباع الفراغ الثقافي.
17 ــ الرقابة: الرقيب الموظف موثوق وطنياً لدي السلطة ــ أما الروائي المثقف أو الشاعر استاذ الجامعة فهو قاصر من وجهة نظر السلطة، لهذا يجب ارشاده وتوجيهه. وعادة ما يتم المنع وفقاً للثلاثي المحرم الجنس، السياسة، الدين وهي ثلاثية غامضة يختلف تفسيرها من شخص إلي آخر ومن عمل أدبي إلي آخر. فالموظف الرقيب ينطلق من مفهوم معادلة النص الأدبي بالواقع. مع أن النص الأدبي لشاعر ما لا يتطابق بالضرورة مع سيرته الذاتية، وذلك بسبب ماهية النص . ففي ظل ثورة الفضائيات التلفزيونية وثورة الانترنت والثورة الجينية ــ أصبحت مفاهيم الرقابة حول الجنس في الأدب و الدين في الأدب و السياسة في الأدب ــ أصبحت مفاهيم قديمة لا تتماشي مع متغيرات العصر.
18ــ التأثير السلبي علي دور النشر: يواجه الناشرون مشاكل عدة منها: منع الكتاب ورفع أسعار الورق وعدم شراء الكتاب من قبل المؤسسات الثقافية والجامعات. أما دعم الكتاب من قبل مؤسسات حكومية أو خاصة فقد تولدت عنه ظاهرة صدور الكتب المتوسطة المستوي والرديئة ــ ما دام المال هو الذي يحكم صدور الكتاب أو يمنعه، كما أنتج ضغوطات من الناشرين علي الكتاب الكبار الذين يطالبون بنسبة في الربح. هكذا ينشر الناشر والموزع ــ لحم الكاتب ويقتسمانه بالتساوي ــ ويكتفي الكاتب بايجابية صدور كتابه.
وهناك ظاهرة سلبية أخري هي ظاهرة الكتب الأكثر مبيعاً التي تروّج لها الصحف بأمر من الناشر، حيث نلاحظ أن كتباً هي الأقل مبيعاً ترد في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً لقلة الاقبال الفعلي عليها. وهناك ضغوطات علي المكتبات تتم لعرض كتب محددة مع أن أحداً لا يشتريها.
19 ــ رقابة عشائرية وعائلية: النص الأدبي كتلة لغوية وليس واقعاً حقيقاً برغم انه ينطلق من الواقع. لقد تعرضت بعض الأعمال الأدبية للرقابة العائلية والعشائرية والجهوية لمجرد تطابق صفات بطل في رواية مع شخصية واقعية أو لمجرد ايحاء بأن هذه القصيدة تعني فلاناً من الناس.
20 ــ الرقابة الذاتية: تتولد الرقابة الذاتية من الخوف، مع ان مهمة الكاتب هي التحرر من الخوف. وهكذا يراقب الكاتب نفسه من أجل منع المنع. وهذا يؤثر علي مستوي النص الأدبي ابداعياً.
21 ــ رقابة المثقفين ضد زملائهم: اكثر انواع الرقابة قسوة هي رقابة المثقف علي المثقف بسبب الاختلاف أو الغيرة وتصفية الحسابات الشخصية والتحالفات الشخصية الشلة ــ وتحالف المثقف مع السلطة ضد زميله ونحن نقدم الأمثلة التالية من دون تعليق:
أولاً: مؤخراً اتهم الشاعر السوري ادونيس في حوار معه أجرته مجلة الدراسات الفلسطينية في بيروت ــ زميليه الشاعر علي الجندي والقاص زكريا تامر ــ بأنهما مارسا الرقابة والمنع في الستينيات لمجلة شعر اللبنانية من دخول سوريا. وكان الرد من قبل الكاتب انعام الجندي شقيق علي الجندي ــ علي أدونيس حيث اتهمه بأنه هو ــ أي أدونيس ــ الذي كان يقوم بدور الرقيب في لبنان، حيث تعاون أدونيس مع المكتب الثاني أي المخابرات اللبنانية لمنع مقالات.(7)
ثانياً: تم الاعتداء بالضرب علي الروائي السوري نبيل سليمان من قبل جهات مجهولة. لكن احد الكتاب تطوع بالقول: ان المسألة جنائية تتعلق بسرقة ــ حتي قبل أن يصدر تقرير الجهات المختصة التي تحقق في الحادثة.(8)
ثالثاً: جرت معركة اعلامية وقضائية بين وزير الثقافة المصري وتيار واسع مع المثقفين بسبب منع ثلاث روايات مصرية اتهمت بالجنس. لكن المثقف اليساري صلاح عيسي يعلن أنّ الوزير من أعظم بناة المؤسسات الثقافية ويجب أن لا نسيء استخدام الهامش الديمقراطي المحدود .(9)
رابعاً: رغم ان الديمقراطية لا تتجزأ، لكن بعض المثقفين يرفض أو يتهرب من التضامن مع شاعر ممنوع أو رواية مصادرة، مع هذا نجد هذا البعض يكتب عشرات المقالات عن الديمقراطية وضد المنع. وهناك من يوقع علي بيان تضامني مع مثقف له صلة شخصية به ويمتنع عن التوقيع علي بيان تضامنيه مع مثقف آخر.[/align]