[align=center]هناك فرق كبير بين الأدب العربي والأدب التربوي " يعني أنت قليل أدب في مناقشتك لي بالنصوص الأدبيه " هذا يعني بأنك قليل أدب علمي وليس أدب عملي بما معناه أدب التصرف

فحين أوجه لك هذه الصفه " أنت قليل أدب " فلا تسيء الظن ياقليل الأدب .

القراءه بتمعن تخدمك " ياقليل الأدب "

من مكتبتي الخاصه :

الشاعر المستقل ــ خائفاً ومخيفاً : شهادة شاعر(1) المنع يولّد سحر المنع - عز الدين المناصرة
القصيدة ــ كتلة لغوية مجازية تقع في مساحة من الصفاء الذهني بين العقل والقلب، تعتمد الخيال والعاطفة مجالاً للتحريض الوجداني، وتعتمد المفارقة والادهاش والبساطة وغموض الوضوح والايقاع المنتظم والصورة المفاجئة والاستعارة والقناع والترميز والايحاء والايماء والمعني واللامعني وما وراء المعني وما قبل المعني، وما بعد المعني وسيلة لتحديد هويتها كجنس أدبي مستقل. أما تاريخ القصيدة فيبدأ من ــ نصوص الكاهن الكنعاني إيلي ملكو وملحمة جلجامش وقصائد الحبّ الفرعونية المصرية ومن أغاني الرعاة والحصّادين والعمّال ــ مروراً بسجع الكهّان والمعلقات وأناشيد النساء قبل الإسلام وأشعار عمر بن أبي ربيعة وأبي نواس وأبي تمّام وشعراء النقائض والشعر العذري وشعراء الخوارج والموشحات الأندلسية وأشعار الصوفية ــ حتي حركة شعر التفعيلة اعتباراً من عام 1953 تقريباً. كذلك حركة قصيدة النثر (نص مفتوح عابر للأنواع)، حيث تمتلك درجات من الشاعرية ــ والشعر اللهجي وشعراء الهجرة اللغوية.
قد قرأت للشاعر المكسيكي أوكتافيو باث ــ الحائز علي جائزة نوبل ــ مقطعاً شعرياً، يمكن من خلاله معرفة منطقة الشعر:
بين ما أراه.. وما أقوله
بين ما أقوله.. وما أصمت عنه
بين ما أصمت عنه.. وما أحلم به
بين ما أحلم به.. وما أنساه
هناك يكون الشعر.
فالشعر ينطلق من تمازج الواقع بالخيال والحلم والماضي والحاضر والمستقبل غير المرئي. وبالتالي فالشعر مرتبط بالحرية. وهو مرتبط بلغة ما فوق الواقع، تلك اللغة المجازية البعيدة عن لغة البرهان العقلي المنطقية، برغم ان الشعر لا ينطلق من فراغ، بل هو ينطلق من الواقع ليحوله ويزيحه إلي لغة ما فوق الواقع، تحت سماوات الحرية المفتوحة بلا حدود.
لقد بدأت القصيدة من حرية تفجّر الغريزة البشرية الأولي، ومن صفير الانسان الأول في الوديان لكي يستمع لصدي هذا الصفير، وبدأت القصيدة من صلواته في المعبد، خارج النظام الرسمي لحياته اليومية المليئة بالقهر والكبت. آنذاك كانت القصيدة حرة، قبل أن تندرج الصلوات في النظام الرسمي لاحقاً. لقد بدأت الموشحات الأندلسية مثلاً من حركة الحياة الموشاة بأصوات الطيور والنوافير وصالونات الشاعرات في القصور الفارهة ــ لكن الموشح وصل بعد الهزيمة إلي حالة من التعبير عن عقدة الذنب ــ كما في حالة ــ موشح التكفير بعد سقوط الأندلس. أي أن عصر الحرية الأندلسي هو الذي أنتج ــ موشحات خضراء، بينما انتجت الهزيمة ــ موشحات رمادية. حينذاك قالت ولادة بنت المستكفي ــ الخليفة الأندلسي:
أنا والله أصلح للمعالي
وأمشي مشيتي وأتيه تيها
أمكّن عاشقي من صحن خدّي
وأعطي قبلتي من يشتهيها.
قبل ذلك، ظهرت ــ المعلقات في المدي المفتوح لحرية الصحراء، تلك الحرية غير المحدودة، لنجد شاعراً مثل امرئ القيس يقول:
فمثلك حبلي قد طرقت ومرضع
فالهيتها عن ذي تمائم محول
إذا ما بكي من خلفها انصرفت له
بشق وشقها تحتي لم يحول.
لقد وصف الشعراء ــ المرأة من رأسها إلي خلخالها وصفاً دقيقاً، فالجسد لوحة تشكيلية جميلة يرسمها الشاعر مبرزاً تفاصيل التفاصيل خصوصاً إذا كان عاشقاً، انطلاقاً من القاعدة الشعرية التي تقول:
خلقت الجمال لنا فتنة
وقلت عبادي اتقون ألا فاتقون
وأنت جميل تحب الجمال
فكيف عبادك لا يعشقون!
لقد تميزت العرب بثقافة جنسية واسعة، في التراث ــ فلم ينظروا للجسد بصفته ــ كتلة آثمة، بل مجّدوا جماليات الجسد، بصفته كياناً حراً، لانه يمتلك حركية الحياة. وكانوا علي علم بعلم تشريح الجسد وتفاصيله ــ، لنأخذ مثالاً واحداً وهو ــ (القصيدة اليتيمة) وهي من أشهر قصائد التراث. وتنسب للشاعر دوقلة المنبجي ومن أبياتها:(1)
1 ــ هل بالطلول لسائل ردّ.. أم هل لها بتكلّم عهدُ
2 ــ درس الجديد، جديد معهدها.. فكأنما هي ريطة جردُ
3 ــ من طول ما تبكي الغيوم علي.. عرصاتها ويقهقه الرعدُ
4 ــ لهفي علي دعد وما حفلت.. بالأبحر تلهفي دعدُ
5 ــ بيضاء قد لبس الأديم بها.. ءَ الحسن، فهو لجلدها جلدُ
6 ــ ويزين فوديها إذا حسرت.. ضافي الغدائر فاحم جعدُ
7 ــ فالوجه مثل الصبح مبيّض.. والشعر مثل الليل مسوّدُ
8 ــ ضدّان لما استجمعا حسنا.. والضد يظهر حسنه الضدُّ
9 ــ والصدر منها قد يزيّنه.. نهد كحق العاج إذ يبدو
10 ــ والمعصمان، فما يُري لهما.. من نعمة وبضاضة زندُ
11 ــ ولها بنان لو أردت له.. عقداً بكفك أمكن العقدُ
12 ــ وكأنما سقيت ترائبها.. والنحر ماء الورد إذ تبدو
13 ــ وبصدرها حقّان خلتهما.. كافورتين علاهما، ندُّ
14 ــ والبطن مطوي كما طويت.. بيض الرياط يصونها الملدُ
15 ــ وبخصرها هيف يزينه.. فإذا تنوء يكاد ينقدُّ
16 ــ ................................(ہ)
17 ــ ................................(ہ)
18 ــ والتفّ فخذاها وفوقهما.. كفل ــ يجاذب خصرها ــ نهدُ
19 ــ فقيامها مثني إذا نهضت.. من ثقله وقعودها فردُ
20 ــ والساق خرعبة منعمة.. عبلت فطوق الحجل منسدُّ
21 ــ والكعب أدرم لا يبين له.. حجم وليس لرأسه حدُّ
22 ــ ومشت علي قدمين خصرتا.. والتفتا فتكامل القدُّ
23 ــ ما عابها طول ولا قصر.. في خلقها، فقوامها قصدُ.
(ہ) من المؤسف أن الرقاب المعاصرة، منعت هذه القصيدة بسبب البيتين (16 + 17)، في حين يمكن ادراجهما في البدهي من المقدمات في الثقافة الجنسية العامة جداً. وقد وردت في سياق طبيعي غير مفتعل، لأن القصيدة تتحدث عن أغراض أخري غير وصف الجسد، كذلك فانّ البيتين المذكورين يحتاجان أصلاً لشروحات تفسيرية بسبب انفصال القارئ المعاصر عن لغة الشعر القديم. ذات مرة كنت في زيارة لرقيب صديق، وكانت أمامة رواية (إنانة والنهر) لحليم بركات. لقد ورد بيتان شعريان باللهجة اللبنانية يرددهما بطل الرواية أمام حبيبته، ويتضمنان تلميحات وإيماءات جنسية، سألني الرقيب: هل تقبل أن يقرأ أولادك في المنزل هذين البيتين. قلت له: أقبل بذلك، لأنني إن منعتهم من القراءة، سوف يستمعون لما يطابقهما في عرس شعبي أمام آلاف من البشر:
يومّا يا يومّا حبيبي وينو
حطّوا لي البحر ما بيني وبينو
لاركب البحر ونام في حضينو
ومص خدودو مصّ الليمونا.
وبعد أن كاد يفتك بالرواية بالمنع، تراجع ولكن لسبب آخر، وهو أنني سألته عن أسباب اجازته لكتاب عن السحر والشعوذة، فأجابني: نخشي غضب التيار الاسلامي! ان منعناه!. قلت له: أيهما أكثر خطراً علي الجمهور، أبيات شعرية تثير ابتسامة أم كتاب محشوّ بالخرافات؟! لقد عبّر المثقفون العرب في التراث عن معاندتهم لديكتاتورية الثالوث المحرم (الجنس ــ السياسة ــ احتكار التفسير الديني). لكنهم تعرضوا للتكفير والقتل والنفي واحراق الكتب.لقد اتهم أبو العلاء المعري بالكفر والالحاد برغم انه كان فيلسوفاً شاعراً يحاول فك رموز الكون الغامض:
1 ــ ضحكنا وكان الضحك منّا سفاهة
وحق لسكان البرية أن يبكوا
2 ــ يحطمنا صرف الزمان كأننا
زجاج ولكن لا يعاد له سبك(2)
وصلب الحلاّج للسبب نفسه السبب، بسبب سوء فهم النصوص. واغتيل امرؤ القيس والمتنبي وطرفة بن العبد. ومات لسان الدين بن الخطيب منفياً في سجنه (لأسباب سياسية)، وأحرقت كتب ابن رشد لأسباب دينية، لكن تيار التسامح في التراث ظلّ يستند إلي ثلاث قواعد:
الأولي: لا إكراه في الدين.
الثانية: ناقل الكفر ليس بكافر.
الثالثة: استند النقد الأدبي التراثي إلي مقولة أبي بكر الصولي (ما ظننت أن كفراً ينقص من شعر، ولا أن ايماناً يزيد فيه). وقد قالها بعد ان اتهم قوم ــ الشاعر أبا تمام بالكفر. أما السبب الحقيقي للطعن في ايمان أبي تمام فهو انه كان مسيحي الدين.(3)

تقويم الادب
هذه القواعد الذهبية الثلاث يمكن أن تكون مقياساً حقيقياً لتقويم الأدب من الزاوية الأخلاقية. فالقصيدة إذا كانت مليئة بالايمان أو الكفر، لا تكون جميلة لمجرد امتلائها بالايمان ولا تكون القصيدة جميلة أو قبيحة لمجرد احتوائها علي الكفر، لان النصّ لا يتحدد جماله بالاديولوجيا سواء أكانت ايمانية أم إلحادية أم جنسية ولا بموقفه السياسي سواء أكان موقفه موقفاً موالياً للسلطة أم معارضاً لها، بل يتحدد جمال النص الشعري بتحديد ــ درجات الشاعرية فيه (الصورة الشعرية ــ الصفاء الشعري ــ الاضافة الجديدة ــ الجاذبية النصية). وعندما نقول (ناقل الكفر ليس بكافر)، فان ــ مؤلف الرواية يختلف عن السارد في الرواية. وهذا التمييز يعني أن المؤلف هو (ناقل وقائع قد تكون واقعية أو متخيلة)، يعبر عنها علي لسان السارد. وما دام الواقع مليئاً بالجمال والقبح، فان المؤلف مجرد ناقل تشكيلي خلاق، ولم يمنع الإسلام ــ أي نوع من أنواع الفنون ــ طبقاً لنصوص القرآن والسنة النبوية ــ وانما اسيء تفسير بعض هذه النصوص.. يقول الدكتور محمّد شحرور:
1 ــ الصوت: لقد جاء القرآن في بيانه بايقاع ونغمة في تلاوته سهلة السماء علي الأذن العربية، تطرب لها النفس. وما الموسيقي إلاّ مجموعة من الأصوات ضمن ايقاع ونغمة معينة. وعندما قدم الرسول محمد(4) مهاجراً إلي المدينة استقبله الأنصار في يثرب بالأغاني والغناء الجماعي وضرب الدفوف، لأن هذا الذي كان متوافراً عندهم، ومن هنا يتبيّن ان الموقف الذي اتخذه الفقهاء من الفنون هو موقف تاريخي كان صالحاً لفترتهم وعصرهم. وقد تغيرت الفترة والعصر وهذا مسوّغ لتغير المفاهيم. لذا فإن الموقف الذي يمنع الغناء يعتبر موقفاً غير إسلامي.
2 ــ الشعر: ورد في القرآن (والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون). يري الدكتور شحرور أن القرآن لم يمنع الشعر وانما انتقد الشعر غير الملتزم الذي يؤدي بدوره إلي ظاهرة (الشعراء المرتزقة) الذين يقولون ما لا يفعلون.
3 ــ النحت: يقول الدكتور شحرور إن العقيدة الاسلامية قد سمحت بالنحت ولم تمنعه اطلاقاً. لقد وضّح الاسلام ذلك في القرآن (فاجتنبوا الرجس من الأوثان). قال الأوثان ولم يقل الأصنام، لأن الأصنام أحد مظاهر الوثنية. لذا أمر الله باجتناب الرجس من الأوثان وليس باجتناب الأوثان ذاتها.
4 ــ الرسم والتصوير: اعتبر الإسلام الفنون من الفطرة الانسانية فالأساس في الأمور الإباحة وليس التحريم.(4)

علاقات متوازنة
أما موقف الاسلام من الجنس فقد عالجه عبد الوهاب بوحديبة في كتابه الاسلام والجنس حيث يري ان المجتمع المتوازن يفرز علاقات جنسية متوازنة وليس العكس. فالإسلام لا ينتقص من أهمية الجنس ولا ينكرها، بل علي العكس تماماً ــ يضفي الإسلام علي الجنس ــ معني رفيعاً ويجلله بالايجابية الكاملة، الأمر الذي يزيل أي اثر للشعور بالاثم أو الخطيئة، تبعاً لهذا المنظور ــ يضيف بوحديبة ــ يسمح الإسلام للغريزة أن تتجلي ببهجة وصفاء بحيث تصبح الحياة صيغة متكاملة، تسعي جاهدة للحصول علي رضي الله من جهة وممارسة الجنس وفقاً لاخلاقيات راقية من جهة أخري.(5)
فالإسلام عقيدة، والتفسير للقرآن والسنة ــ فعل بشري خاضع للجرح والتعديل. أما النص الأدبي فله منظوره الخاص من حيث الطبيعة والوظيفة. أما مفهوم الأخلاق فهو عام ومختلف بين شعب وآخر وبين عصر وعصر، لأن الثقافة الشعبية تلعب دوراً في تشكيل روحية الإنسان. ولا نستطيع نفي تأثيرها القوي في حياة الانسان حتي لو تناقضت مع العقيدة أحياناً.
لقد منعت في القرن العشرين ــ أشعار أبي نواس وكتاب ألف ليلة وليلة وكتاب جلال الدين السيوطي (الايضاح في علم النكاح) وكتاب الشيخ النفزاوي (الروض العاطر في نزهة الخاطر) وكتاب ابن حزم (طوق الحمامة) وكتاب ابن كمال باشا (رجوع الشيخ إلي صباه) ــ برغم ان بعض هذه الكتب أرقي بكثير من كتب علماء الجنس المعاصرين في أوروبا المعاصرة. بل حللت هذه الكتب ــ ظاهرة الحب والعمليات الجنسية تحليلاً دقيقاً. وهي أيضاً لا تتناقض مع المفهوم الاسلامي للجنس. لقد سمجت الطبقات العليا المسيطرة (السياسية والدينية) لنفسها بقراءة هذه الكتب سرّاً، لكنها منعت الجمهور من قراءتها. بل تقوم طبقة رأس المال التجاري أحياناً بالترويج للمنع لاثارة خيال القارئ، من أجل مزيد من الربح المالي. ودائماً هناك سبب آخر غير معلن للمنع إذا ما كانت الضحية صادقة في موقفها:
في عام 1925، صدر كتاب الاسلام وأصول الحكم للشيخ علي عبد الرزاق ــ أحد علماء الأزهر وأحد قضاة المحاكم الشرعية والحاصل علي شهادة العالمية عام 1911. وبعد صدور الكتاب، اجتمع علماء الأزهر وأصدروا قراراً بطرد الشيخ من عمله: (ويترتب علي الحكم المذكور، محو اسم المحكوم عليه من سجلات الجامع الأزهر والمعاهد الأخري وطرده من كل وظيفة وقطع مرتباته في أية جهة كانت وعدم أهليته للقيام بأية وظيفة عمومية دينية كانت أو غير دينية). ووقع القرار أربعة وعشرون عالماً من هيئة كبار العلماء (حكمنا نحن شيخ الأزهر باجماع أربعة وعشرين عالماً معنا من هيئة كبار العلماء باخراج الشيخ علي عبد الرزاق أحد علماء الأزهر والقاضي بمحكمة المنصورة الابتدائية الشرعية ومؤلف كتاب الاسلام وأصول الحكم ــ من زمرة العلماء). لقد ألغي مصطفي أتاتورك نظام الخلافة الاسلامية في الثالث من شهر آذار (مارس) لعام 1924 ــ فحاول ملك مصر أحمد فؤاد، الاستفادة من قرار الإلغاء للدعاية لنفسه كخليفة للمسلمين. لكن كتاب الشيخ علي عبد الرازق قال بان الاسلام لا يوافق علي حكومة دينية وان الاسلام لا يوجب أن يكون للأمة خليفة وأن هذا المنصب لا علاقة له بالدين. وهكذا كانت محاكمة الشيخ محاكمة سياسية لا علاقة لها برغبة القصر الملكي في الخلافة. فاعتزل الشيخ سنوات طويلة بعيداً عن الناس، لكن الأزهر عاد بعد سنوات واعترف بخطئه وأعاد الاعتبار للشيخ. لكن الشيخ رفض العودة إلي الأزهر.(6)

لوركا.. وسؤال الدم
وقد اتخذ قمع النص الأدبي في العصر الحديث أشكالاً عديدة منها:
1 ــ الاغتيال: اغتيل الشاعر الاسباني لوركا ليس لأنه جمهوري ضد الدكتاتور فرانكو فقط، لكنه اغتيل لأنه شاعر مؤثر، وقد اعترف القتلة لاحقاً بذلك بعد أن ظلوا سنوات طويلة ينكرون. واغتيل سنة 1942 الشاعر البلغاري نيكولا فابتساروف، شاعر المقاومة ضد الاحتلال الألماني، باعدامه رمياً بالرصاص بعد محاكمة شكلية سريعة. واغتيل شاعر التشيلي بابلو نيرودا من قبل قوات الدكتاتور بينوشيه، كذلك المغني الثوري التشيلي فكتور جارا. وقبل ذلك اغتيل الشاعر الروسي بوشكين في مبارزة بعد مؤامرة حيكت في قصر القيصر. أما في الوطن العربي فقد اغتيل عدد كبير من المثقفين، لقد اغتالت اسرائيل ــ القاص والاعلامي ماجد أبو شرار والروائي غسان كنفاني والشاعر كمال ناصر، واستشهد الشاعر عبد الرحيم محمود في معركة الشجرة عام 1948 واستشهد الشاعر علي فودة في حصار بيروت 1982. واغتيل وائل زعيتر في روما من قبل اسرائيل. أما الذين اغتيلوا من قبل جهات عربية فهم كثر، نتذكر منهم: المصور السينمائي هاني جوهرية، الرسام اللبناني ابراهيم مرزوق، واغتيل عز الدين القلق في باريس وسعيد حمامي في لندن وعصام الصرطاوي والصحافي حنا مقبل في قبرص ونايف شبلاق وسليم اللوزي ورياض طه في بيروت وفرج فودة في مصر. والشيخ صبحي الصالح وحسين مروة ومهدي عامل حسن حمدان في بيروت. والمغربي المهدي بن بركة في باريس.
كما اغتيل عدد كبير من المثقفين الجزائريين بما يشبه المذبحة الطاهر جعوط، بختي بن عودة، الشاعر يوسف سبتي الذي ذبح بالسكين وعبد الحميد بوصوارة وغيرهم من مئات الصحافيين في مناطق متعددة من العالم أثناء تأدية واجبهم الصحافي. أما اغتيال رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي في لندن عام 1987، فقد كان اغتياله أكبر فضيحة في تاريخ الثقافة الفلسطينية لان بعض المثقفين ساهم في التحريض علي القتل. ولم تنشر الحقيقة كاملة حتي الآن برغم أن الجميع يعرف التفاصيل. هذه الأسماء نوردها علي سبيل المثال، لا الحصر.
2 ــ التحريض علي القتل: جرت تهديدات كثيرة لمثقفين بالقتل، ان لم يتوقفوا عن كشف الحقائق.
3 ــ الابعاد والنفي والمنع: برغم ان الابعاد محرّم دولياً، إلاّ أن حالات كثيرة من الابعاد والنفي مورست من قبل أنظمة عربية. كذلك منع عدد من المثقفين من دخول هذا البلد العربي أو ذاك.
4 ــ الاستجوابات الأمنية: تعرض مئات من المثقفين في الوطن العربي للاستجواب الأمني في بلدانهم، ومنعوا من السفر أو صودرت جوازات سفرهم أو تم توقيفهم في نقاط الحدود.
5 ــ القوائم السوداء: وضعت أسماء مثقفين في قوائم سوداء وتم ابلاغ وسائل الاعلام الحكومية بعدم نشر أي مقال ايجابي عن الأعمال الأدبية لمن وردت أسماؤهم في القائمة.
6 ــ الارهاب النفسي: مورس الإرهاب النفسي ضد بعض المثقفين لتحديد نشاطاتهم الثقافية وذلك بالتحريض الشفهي ضدّهم.
7 ــ الفصل التعسفي من العمل: فصل عدد من المثقفين من عملهم بسبب مواقف سياسية وثقافية اتخذوها.
8 ــ إغلاق الصحف: اغلقت صحف كثيرة اغلاقاً تاماً أو جزئياً، لأسباب تتعلق بحرية التعبير.
9 ــ التكفير: وجهت تهمة الإلحاد والكفر لمثقفين حاولوا الاجتهاد فكريّاً أو أدبياً، وتم التحريض علي اباحة دمهم. لمجرد سوء الفهم للتفسير الديني. وتم احتكار التفسير الديني من قبل جهات لا تعرف حقيقة التسامح الإسلامي.
10 ــ التحريض علي الطلاق: لأسباب فكرية وشعرية وأدبية، طالب بعضهم المحاكم بضرورة انفصال المثقف عن زوجته بتهمة الإلحاد.
11 ــ السجن: دخل كثير من المثقفين في الوطن العربي السجون، لأسباب تتعلق بحرية التفكير والتعبير عن آرائهم.
12 ــ المحاكمات: تعرض مثقفون لمحاكمات أمام القضاء بسبب أعمال أدبية وفنية ــ لأسباب كيدية.
13 ــ منع الاسم: عندما يمنع ويصادر كتاب واحد لمثقف فانّ المنع قد يتجاوز منع الكتاب الممنوع إلي منع الاسم، أي منع كافة أعماله الأدبية لمجرد وجود اسم مؤلف الكتاب الممنوع علي كتب أخرى غير ممنوعة.


.
[/align]