وَقَالَ الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمَة مَا اُسْتُعْجِمَ مِنْ أَسْمَاءِ الْبُلْدَان:
رَشَاد : بِفَتْح أَوَّله, وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَة, مَوْضِعٌ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْره فِي رَسْم الأشعر, وَسَيَأْتِي فِي رَسْم ضرية, ثُمَّ َقَالَ بَعْد أَنْ ذَكَرَ رَشَادٍ السَّابِق, وَرَشَد : بِفَتْح أَوَّله وَثَانِيه، وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَة : مَاءٌ لِجُهَيْنَةَ .

وَأَقُولُ: هَكَذَا وَقَعَ التَّفْرِيق بَيْن الْمَوْضِعَيْنِ عِنْدَ الْبَكْرِيُّ, وَقَدْ غَفَلَ وَوَهِمَ الْبَكْرِيّ إِذْ فَرِّقَ بَيْنَهُمَا, وَإِلَّا فَلَا فَرْق بَيْنهمَا, لأَنَّهُمَا إِسْمَيْن لِمَوْضِعٍ وَاحِد, وَأَمّا وَادِي الرّشَاد الّذِي ذَكَرَهُ بِرَسْمِ ضَرِيّةَ, فَلَيْسَ هُوَ بِرَشَادٍ الْوَادِي الَّذِي مِنْ بِلَادِ جُهَيْنَةَ, وَإِنّمَا اِتَّفَقَ تَشَابَهَ الاِسْمَيْنِ, فَلِذَلِكَ خَلَطَ بَيْنَهُمَا, وَإِلّا فَأَيْنَ حِمَى ضَرِيّةَ مِنْ وَادِي الْحَمْضِ ؟, وَنُقِلَت مِنْ تَارِيخ السَّمَهُودِيُّ الْكَبِير : رَشَاد : مِن أَوْدِيَةِ الأَجْرَد, وكَانَ اسْمُه غَوَى, وهو لِبَنِي عَنان [غَيّانَ] مِنْ جُهَينَةَ, فسَمَّاه النبيُّ صلَّى الله عليْه وسلّم رَشَاداً, وقَالَ لَهُمْ : أنْتُمْ بنو رَشْدَانَ .

قَالَ الْمَروَنِيّ : عَنَان بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة ثُمَّ نُون, كَذَا وَجَدْته مُقَيّدًا فِي نُسَخِ الْوَفَا لِلسَّمَهُودِيُّ, وَهُوَ تَصْحِيفٌ ظَاهِر, وَجَدَتْهُ فِي أَكْثَرِ نُسَخ اَلْكِتَاب, بِاسْتِثْنَاءِ نُسْخَةَ الشَّيْخ الأُْصُولِيِّ النَّافِع وَالْمُحْدَثُ الْبَارِع اِبْنُ الْأَمِين الْجَكَنِيُّ, فَقَدْ ضَبَطَهَا بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ, َبعْدَهَا يَاءٌ تَحْتَانِيَّةٌ مُثَنَّاة, وَتِلْكَ النُّسْخَةِ تَقْرُب لِلْأَصْلِ

وَفِي كِتَاب أَبُو عَبْدِ اللّهِ يَاقُوت: فَيْفَاءَ : بِالْفَتْحِ وَتَكْرِير الْفَاءِ, الْفَيْفُ : الْمَفَازَة الَّتِي لَا مَاء فِيهَا مِنْ الِاسْتِوَاء وَالسَّعَة, فَإِذَا أُنِّثَ فَهِيَ الْفَيْفَاءِ, وَجَمْعُهَا الفَيافِيَ, قَالَ المُؤَرِّجُ الفَيْفُ مِنْ الْأَرْضِ مُخْتَلَفُ الرِّياحِ ورجَّحَه شَمِرٌ وأَقرَّه, وَقِيلَ: الْفَيْفَاءِ الصّحْرَاء الْمَلْسَاء, وَقَدْ أُضِيفَ إلَى عِدَّة مَوَاضِع, وفَيْفَاءُ رَشَادٍ : مَوْضِعٍ آخَرَ, قَالَ كُثَيِّرٌ :
وَقَد عَلمَتْ تِلكَ المَطِيَّةُ أَنَّكُمْ *** مَتَى تََسْلُكُوا فََيْفَا رَشَادٍ تَحَرَّدُوا

قُلْت : وَكَذَا حَكَاهُ الْفَيْرُوزُ آبَادِي, وَمُرْتَضَى الزَّبِيدِيّ بِالتَّاجِ, وَفِي تَهْذِيب اللّغَةِ: الْفَيْف: الْمَفَازَة الّتِي لَا مَاءَ فِيهَا, مَعَ الِاسْتِوَاء وَالسَّعَةِ, وَإِذَا أَنَّثْتَ فَهِيَ الْفَيْفَاءِ, وَجَمْعُهَا : الفَيافِيَ, وَجَمْعُ الْفَيْف : فُيُوفُ وَأَفْياف, وَقَالَ أَبُو عَمْروٍ : كُلّ طَرِيقٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَيْفٌ, وَأَنْشَدَ : مَهِيلُ أَفْيافٍ لَهَا فُيُوفُ, وَأَصْلُ الْفَيْفُ الْفَيْفَا بِالْقَصْرِ, وَالْفَيْفَاءُ بِالْمَدّ كُلّ أَرْضٍ وَاسِعَةٌ, قَالَهُ الْبَكْرِيّ, وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ : المفَازةُ والفَلاةُ إذَا كَانَ بَيْنَ الماءَيْنِ رِيْع مِنْ وِرْدِ الإبل وغِبٌّ مِنْ وِرْدِ سائرِ الْمَاشِيَةِ فَهِيَ الفَيْفَاةُ, وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ : الْفَيْفُ وَالْفَيْفَاءُ: الْمَفَازَة

وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيّ : سُمّيَتْ الصّحْرَاء مَفَازَةً؛ لِأَنّ مَنْ خَرَجَ مِنْهَا وَقَطَعَهَا فَازَ, وَرَوَى الزَّبِيدِيّ بِتَاجِ الْعَرُوس : الفَيْفُ المَكانُ المُسْتَوِي نَقَلَهُ الجوهريُّ, أَوْ هِيَ المَفازَةُ الّتِي لاَ مَاءَ فِيهَا, مَعَ الاسْتِواءِ والسَّعَةِ قالَهُ اللَّيْثُ, قَالَ ابْنُ الغنَيْم : وَقَدْ وَرَدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيث : « يَصُبُّ عَلَيْكُمْ الشّرّ حَتّى يَبْلُغَ الفَيافِي », وفُيُوفُ جُهَيْنَةَ كَثِيرَةٌ, سَنَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى فِي مَظَانِّهَا

وَفِي كِتَاب جَزِيرَةِ الْعَرَبِ لَابْنِ الْحَائِكِ قَال:
وَادِي رَشَد : وَكَذَلِكَ أَحَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَنِي غَيّان, فَقَالَ : بَنُو رَشْدَان, وَجَاءَ فِي كِتَاب مُعْجَمِ مَعَالِمِ الْحِجَاز للْبِلَادِيُّ: رَشَاد : ضِدُّ الضَّلَال, وَادٍ يَسِيلُ مِنْ جَبَلِ الْأَجْرَدِ شَرْقًا فِي وَادِي الْحَمْضِ « إضَمٍ », يَقَعُ جَنُوب المُلَيْلِيح, فِيهِ مَزَارِعٌ عَثَرِيَّه, انْتَهَى, وَقَالَ الْعَبَّاسِيّ فِي عُمْدَةَ الْأَخْبَار مِنْ مَدِينَةِ الْمُخْتَار: رَشَادْ : مِنْ أَوْدِيَةِ الْأَجْرَد, سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَشَادٍ, وَكَانَ إِسْمهُ غَوَى, إِنْتَهَى .

وَقَالَ الْحَافِظُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِهِ الْأَنْسَاب: وَأَمّا غَيَّان : بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ, فَهُوَ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ الْكَلْبِيَّ فِي « الأَْلْقَابِ » قَالَ : إنّمَا سُمّوا بَنِي غَيَّان بْنِ قَيْسِ بْنِ جُهَيْنَةَ بْنِ زَيْد بَنِي رشدان, لِأَنّهُمْ قَدِمُوا عَلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم, فَقَال : « مَنْ أَنْتُمْ ؟ », فَقَالُوا : نَحْنُ بَنُو غَيَّانَ, فَقَالَ : « أَنْتُمْ بَنُو رشدان », فَغَلَبَ عَلَيْهِمْ, وَكَانَ وَادِيهِمْ يُسَمّى غوياً, فَسُمّيَ رشداً, حَدّثَنَا الْقَاضِي حُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل, حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْن شَبِيب, حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي أُوَيْس, حَدّثَنِي أَبِي, حَدّثَنَا وَهْبٍ بْن عَمْرِو بْن سَعْد بْن وَهْب الْجُهَنِيّ : أَنّ أَبَاهُ أَخْبَرَه, عَنْ جَدّهِ : أَنّهُ كَانَ يُدْعَى فِي الْجَاهِلِيّةِ غَيَّان, وَكَانَ أَهْلهُ حِينَ أَتَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَيْهِمْ, يُبَايِعهُ بِبَلَدٍ مِنْ بِلَادِ جُهَيْنَةَ, يُقَالُ لَهَا : غَوْا, فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم : عَنْ إِسْمه ؟, وَأَيْنَ تَرَكَ أَهْله ؟, فَقَال : إِسْمِي غَيَّانَ, وَتَرَكْت أَهْلِي بِغَوا, فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم : « بَلْ أَنْتَ رشدان, وَأَهْلِك برشادٍ », قَالَ : فَتِلْكَ الْبَلْدَةِ إلَى الْيَوْمِ تُدْعَى برشاد, وَيُدْعَى الرّجُل رشدان .

وَقَدْ أَلْفَيْت فِيمَا نُقِلَ السَّمَهُودِيُّ مِنْ كِتَابِ « الْعَقِيقِ », لِأَبِي عَلِيّ الْهَجَرِيُّ مَا هَذَا نَصّهُ: ويَلِيْ مَبْكَثةَ رَشَادٌ : وَهوَ يَصُبُّ في إِضَمٍ, وكَانَ اسْمُه غَوَى فِيمَا تَزْعُمَ جُهَيْنَة, فسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَشَاداً, وَهوَ لِبَنِي دِينارٍ إِخْوَةُ الرَّبَعَة .

[/QUOTE]