استاذنا الغالي وشاعرنا القدير محمد ابو العسل ابو سامس
تحية طيبة
كم انا سعيد بأن وفقني الله وتشرفت بأن ابعث لكم هذه الخاطرة المتواضعة لأفوز برد منكم وجاء كما تمنيت وتقعت ردا كبيرا رائدا .. ولم يكن هنالك تأخرا منكم بل كان يجب علينا الإنتظار فالإنتظار دليل الحكمة منكم وشيقا لنا والجميع .
فأهلا وسهلا بكم وبأدبكم الجم وشاعريتكم الكبيرة التي دائما تظهر درر الكلام منكم خصوصا أنني من اللذين يثمنون الكسرة كما يثمنون طوالها على النهج الهجيني العزيز على نفوس الجميع .
وأهلا وسهلا بعلمكم النافع المفيد وما تضمينكم بهذه الأبيات الجميلة إلا أدبا منكم وثقافة عالية وأنا الذي أقول : الحمد لله أن جاءت هذه المرة سليمة .. فقد أقحمت نفسي مع شاعر كبير نشاء في مهد الكسرة ومعقلها وبين جنبات هذا الموروث الجميل .
واسمح لي استاذنا لأنكم أفدتونا بإجابتكم الرائعة أن أفيدكم عن سبب هذه الكسرة وكيف وفقني الله أن أبعث بها إلى عنايتكم وما تم كذلك بعد أن قرات ردكم الجميل !
استاذنا القدير
لقد أطلعت يوم الثلاثاء على مقال بجريدة الجزيرة العدد 13025 بتاريخ 22 جمادى الأول 1429 هـ بأن وكالة ناسا للفضاء أعلنت أن المسبار ( فوينكس ) الفضائي هبط على المريخ بلا عوائق تذكر يوم الأحد 20 جمادى الأولى 1429 هـ وكذلك جاء هذا الخبر ( بصباح العربية ) .
وتذكرت على الفور مقالا للكاتب والناقد للكسرة إبراهيم الوافي في جريدة الرياض قبل سنوات بعنوان ( وجه القمر المبتسم ) يقول الوافي : لماذا يصر العوام على تشبيه الحبيبة بوجه القمر ؟ وجاء تضمينا لوجة نظرة الكريمة بكسرة جميلة عن السمار اللذين سمعوا برحلة آرم سترونج فقالوا : على طريقة الكسرة الينبغي .
بالله يا ذا القمر وصلوك=جابوا حقيقة عن أخبارك
إن كان وردك عديم الشوك=يا مكثر اليوم زوارك
وبين تذكري لذلك المقال الجميل وخبر هبوط المسبار ( فوينكس ) خطرت بخاطري الخاطرة التالية :
بعد القمر وصلو المريخ=والبحث جاري على ساقه
يا ليتهم يسألوا التاريخ=مين الذي يعرف محاقه
والمحاق هوشكل من اشكال القمر عندما يختفي.. ولكنني عندما تصفحت قسم الكسرة وكنت عازما على وضع خاطرتي وجدت تعليقكم الكريم على ردي على خاطرة الشاعر الكبير ريبال بخصوص القمر فسعدت بتعليقكم الرائع وبعثت لكم بالخاطرة أعلاه وكم أنا سعيد بردكم الرائع .
إلا أن الموضوع كان شيقا وأجريت البحث عطفا على ثقافتي المتواضعة فوجدت أن القمر سمير الشعراء منذ القدم والأدباء والمثقفين أصحاب الريشة والقلم وهذا خلاصة جميلة لبعض ما وجدت :
قالت الكاتبة مريم الغامدي بجريدة الرياض العدد 13938 بعنوان ( القمر المستهلك هل لا زال ملهم الشعراء والعشاق ) فأجابها العديد من الأدباء والشعراء ومنهم :
الشاعر يحيى الحكمي فقال ( للقمر وله خاص لكل روح لوعتها المشاعر وشجاها البعد ورواها الجمال .. نغني له فنسمو ونفرح وكأنما يغني لنا .. نشاطره النوى في لموعه وخفوته ويشاطرنا الحب في وجعنا الروحي وهو في ليال الصيف أندى بشاشة وأرق حبيب ويعني لي كل شي يعني لي الجمال ويعني لي الفراق ويعني لي الحياء حين يغفي عني تحت سحابة نعساء )
وقال القاص والأديب علي بن حسين الزهراني عضو اللجنة الإعلامية بنادي الباحة :
( قديما كان القمر ظاهرة تستحق الوقوف عليها كثيرا فعندما يسافر الأحباب يذهبون في قمم الجبال والليالي المقمرة يناجون الأقمار .. ليسمعون ردا من أحبابهم أو أن يوصل القمر برسائلهم ونجواهم أما القمر الأن فأسمحي لي لم يعد له ذلك التوهج من خلال ثورة المشاعر وأبخرة الحروف ! )
أما الشاعر ياسر بن صالح الدوسري عضو نادي القصيم الأدبي شارك بهذه المناجاة فقال :
هدئ الظلمة قل لي من أكون=يا ضياء كان يهديني السكون
لن أناجيك بأيامي الخوالي=بل تناجيني بأحلام الغصون
هات ما عندك قمري الليالي=في فؤادي أنت في وسط العيون
ربما تذكر جيلا كان رمزا=للمعالي كان نبراس السنون
يا ضياء الروح قمري المعاني=أصدق القول قل لي من أكون
أما الأديب على مغاوي فيقول :
( الليالي المقمرة مغرية بمزيد من الفرح والمسامره .. اندثرت تفاصيلها لصخب الأضواء )
البدر يكمل كل شهر مرة=وهلال وجهك كل يوم كامل
__________________________________________________ ______
وفي بحث جميل ورائع للدكتور / عبدالرحمن بن سعود بن ناصر الهواوي
بجريدة الجزيرة العدد 10220 عام 1421 هـ بعنوان ( تأملات المتنبي الشعرية في الكواكب )
يقول في مقدمة حديثه ( إن كلمة قمر بالمعنى العلمي تعني التابع أي تابع للكواكب .. ومعظم كواكب المجموعة الشعرية لها أقمار خاصة بها فالكوكب العملاق أو المشتري له ستة عشر قمرا ويتبع زحل سبعة عشر قمرا ويتبع أورانس خمسة عشر قمرا وثلاثة أقمار لكل من كوكبي بنتون والمريخ على التوالي وقمر واحد لكوكب الأرض وكوكب بلوتو في حين أنه لا توجد أقمار تابعة لأي من كوكبي عطارد والزهرة )
فجاء من خلال بحثة بالعديد من أبيات المتنبي وشرح العكبري عن كل بيت ومن هذه الأبيات :
أرى القمر أبن الشمس قد لبس العلا=رويدك حتى يلبس الشعر الخد
يقول العكبري : المعنى أنه جعله قمرا وأباه شمسا لعلوهما وشهرتهما .
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها سيف الدولة :
تكسب الشمس منك النور طالعة=كما تكسب منها نورة القمر
ويقول العكبري : المعنى أن ضوء القمر ما هو إلا انعكاس لأشعة الشمس وهذه ظاهرة علمية جلية .
وقال المتنبي أيضا في قصيدة يرثي بها والدة سيف الدولة :
وما التأنيث لأسم الشمس عيب=ولا التذكير فخر للهلال
ويقول العكبري : المعنى . رب تأنيث يقصر التذكير عنه ولا يبلغ مبلغه ولا ينال موضعه .. ووصف الهلال بالتذكير وهوكثير التنقل ويصيبه المحاق فجعل ذلك كالنقص فيه .
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها علي بن منصور الحاجب :
كالبدر من حيث التفت لقيته=يهدي إلى عينيك نورا ثاقبا
وفال المتنبي في قصيدة يمدح فيها إبن العميد .
زانت الليل غرة القمر الطا=لع فيه ولم يشنه سواده
يقول العكبري : المعنى .. من المعروف أن لضوء القمر الناعم خاصة في ظلمة الليل سحرا خاصا لمشاعر وخيال الشعراء إضافة إلى اشكال القمر المميزة من ( هلال ، بدر ، محاق ) .
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها أبا العشائر .
كل ذمر يزيد في الموت حسنا=كبدور تمامها في المحاق
يقول العكبري : المعنى . لأنها من المحاق ترتفع إلى درجة الكمال فمحاقها سبب كمالها .
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها سيف الدولة :
أحبك يا شمس الزمان وبدره=وإن لامني فيك السها والغراقد
يقول العكبري : المعنى . السها نجم صغير .. فجعله فيما بين الملوك كالشمس والبدر وغيره من الملوك كالنجوم الخفية .
وقال في قصيدة يمدح فيها سعيد الكلابي :
يلوح بدر الدجى في صحن غرته=ويحمل الموت في الهيجاء إن حملا
ويقول العكبري : المعنى . الغرة غرة الوجه وهو البياض الذي يكون في وجه الفرس والمعنى يريد أن وجهه لحسنه يضي كالبدر في ظلام الليل إذا لقي الأعداء فإن الموت يحمل معه فيقتلهم .
وقال المتنبي في مسار وحركة القمر :
ولي فيك ما لم يقل قائل=وما لم يسر قمر حيث سارا
وقال المتنبي في قصيدة يمدح بها عبيد الله بن يحيى البحتري :
متى ما يشر نحو السماء بوجهه=تخر له الشعرى وينكسف البدر
يقول العكبري : المعنى . يريد أن وجهه أتم نورا من نور الشعرى وهو نجم معروف عبدته العرب في الجاهلية ولو أشار بوجهه إلى السماء لسقطت الشعرى حياء وخجلة منه وانكسف البدر .
وقال المتنبي في قصيدة يذكر بها خروج شبيب ومخالفة كافورا :
عدوك مذموما بكل لسان=ولو كان في أعدائك القمران
يقول العكبري : المعنى القمران ( الشمس والقمر ) تغليبا لأحدهما على الأخر كقولهم ( العمران ) أبو بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما .
وقال المتنبي في قصيدة يرثي بها عضد الدولة وولديه :
وكنت كالشمس تبهر كل عين=فكيف وقد بدت معها أثنتان
معاشا عيشة القمرين يحيا=بضوئهما ولا يتحاسدان
وقال العكبري : المعنى بدت معك شمسان يعني ولديه فكنت شمسا تغلب على كل عين ببهائك فكيف الأن وقد ظهر ولديك شمسان أخريان ويدعوا لهما بالبقاء الدائم ولا يكون بينهما تحاسدا وأختلاف .
وقال في قصيدة يرثي بها أخت سيف الدولة :
ولا رأيت عيون الأنس تدركها=فهل حسدت عليها أعين الشهب
يقول العكبري : المعنى . يريد أن عيون الناس لم تدركها فهل حسدت عليها أعين الكواكب .
وقال المتنبي في قصيدة يرثي بها محمد بن إسحاق التنوخي :
ما كنت أحسب قبل دفنك بالثرى=أن الكواكب في التراب تغور
استاذنا الملهم والغالي علينا جميعا أشكركم الشكر الجزيل على ردكم الكريم الذي حمل وصفا رائعا منكم وبطرح جميل تضمنه العديد الأغصان المعاني الرائعة والصادقة وشملت بهذا الطرح الأقمار الأصطناعية فما أروع هذا الإبداع منكم تقبلوا خالص التحية والتقدير سائلا المولى أن يحفظكم فأنتم بثقافتكم وردكم البارع كلفني وأنا التلميذ لعلمكم النافع أن أعرض هذا البحث الموجز عن ما نظم بعض المبدعين من الشعراء والأدباء وأصحاب القلم فكيف لو أستعرضنا ما قال : أمير الشعراء حول القمران والكواكب وما بنحوهما .
وأعذرني على تأخري فموضوع البحث الذي كلفت به تلميذكم ذو شجون ..
أبو محسن
المفضلات