تألمت أشد الألم أن يتحول الطب إلى تجارة !!
الألم أن تغيب مفاهيم إسلامية عند القائمين على هذا المستشفى مقابل تحقيق ربح مادي ، في حين تبرز مفاهيم إنسانية عند مستشفيات الغرب الكافر ورجالاته .
لقد دفعت ( 100 ) ألف ريال وكنت بحمد الله قادر وبفضل الله أنقذت زوجتي ومولودي من جشع وطمع مستشفى (رعاية الرياض) .
لكن ... ماذا يفعل عشرات بل ألوف من المواطنين الذي لا يملكون في حساباتهم سوى راتبهم الشهري ؟ .... هل يموتون ؟!!!!
أسندت رأسي متعباً ... ومرت أمامي صور عديدة مؤلمة ...
كانت صورة ( مهند جبريل أبو ديه ) ذلك الشاب الموهوب والذي فقد قدمه نتيجة جشع طبي ..
صورة ( هديل) وهي ترحل من الدنيا بعد أن عجز الوطن الكبير أن يجد لها سريراً يضمها ..
صورة تلك الطفلة التي ماتت برداً في وطن تشتعل فيه أضخم أبار البترول ..
قبيل المغرب .. خرج إلى الدنيا مولود جديد كان من حفظ الله له أن يجعل في حاضنة خاصة يستنشق منها الهواء الصناعي لأن هواء مستشفى ( رعاية الرياض ) غير صحي وقد يصيبه بمرض الجشع وتبلد الإحساس كما أصاب العاملين فيه .
خرج المولود إلى الدنيا ، فماذا سنقول له غداً عن الوطن الذي طرد أمه من أحد مستشفياته وكاد أن يساهم في موته ..!!!!
يا أيها الوطن الكبير ... ماذا بقى لك من ولاء وقد تحول أبناؤك يستجدون [ مقيماً سودانياً ] ليفزع لهم بالدخول إلى مستشفى حكومي .
يا موطني ... لقد رفعت اللوحات من أجلك في كل مكان [ أرفع رأسك .. أنت سعودي ] فهل بقى لأبنائك رأس مرفوع وهم يطردون ، ويقعون فريسة لمستشفيات خاصة تنعم بخيرات هذه البلاد !!!!.
يا موطني ... في دولة خليجية مجاورة .. احترق مستشفى وأصيب أفراد .. فهاج الناس واستقالت وزيرة الصحة .. أما أنت فيموت الناس وتسقط المباني ويبتسم الوزير ويتحول إلى شيخ جليل يشرح لنا باب القضاء و القدر .
يا موطني .. في جميع دول العالم .. يقوم الوزير بزيارة مفاجأة لا يعلم عنه أحد ليكشف خطأ أو يقف على شكوى .. أما أنت فيُسبق الوزير بوفد صحفي ومصورين ، ثم يقال كانت زيارة مفاجأة قام بها الوزير فلم يصحح الوزير خطأ أو يدعم عملاً.. بل التقطت له الصور وكأنه لاعب رياضي .
يا موطني ... لقد كانت زوجتي دائماً ما تعاتبني إذا تحدثت عن تقصير موجود لدينا ، أو نقدت وزارة أو وزير ، أو طالبت بحق المواطن في موطنه ، ودائماً ما تقول : أنت تبالغ ونحن أفضل من غيرنا .. هل تعلم ماذا قالت في أول حديث لها بعد خروجها من العملية ؟؟ لقد قالت : لست من هذا البلد ، بل أنا وأشارت إلى بلد خليجي مجاور .
القضية يا سادة ... ليست قضية زوجتي وطفلي .. بل هي قضية وطن ومواطن وولاء ..
من يوقف هذا النزيف من الأخطاء و الجشع ؟
من يعيد لكل مواطن حقه في وطنه ومكتسباته ؟
من يضرب بيدٍ من حديد كل عابث وطامع ؟
من يحفظ لكل مواطن كرامته من أن تهان ؟
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم يامن بيدك مقاليد الأمور
نسألك أن تغير الحال للأفضل
وأن يخلص أبناء هذا الوطن له
المفضلات