قال مدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة الإرشاد بمنطقة حائل الشيخ عبدالله الحماد لـ "الوطن" إن الفرع سيتابع ما حدث في درس الداعية الشيخ عبدالله بن صالح العبيلان الذي دعا إلى مقاطعة نادي حائل الأدبي وأعضائه واعتبار كل من يذهب إليهم من الرجال والنساء "ساقط أو ساقطة عدالة وظالماً لنفسه، ومرتكباً لأكبر المنكر لأنه محاد لله، ولي للشيطان عدو لله" وفي رده حول مدى إمكانية محاسبة الداعية. قال الحماد: إذا كان قد تكلم الداعية بشيء فسيتحمل مسؤولية ما قال وكل إنسان يحاسب على ما يقول.
وأضاف: لم يبلغني تقرير عن ما دار في الدرس, مشيرا إلى أن الدروس التي تقام في المساجد تتم بتنظيم من فرع الوزارة، وقال: لدينا علم بكل الدروس التي تقام ولكن لا يعرض علينا كل ما تكلم به الداعية في درسه، مؤكدا أنه لا يعلم ماذا قيل في درس الداعية وأنه لم يستمع للمقطع الصوتي الذي سجل بصوت الداعية وتناقله عدد من المنتديات على شبكة الإنترنت.
وكان الداعية العبيلان يشغل منصب مدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بمنطقة حائل سابقا وإمام أحد أكبر المساجد بالمنطقة سابقا.
"الوطن" استطلعت آراء عدد من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي حول الدعوة والاتهامات التي وجهها الداعية في أكبر جامع بمدينة حائل في أحد دروسه.
حيث قال الكاتب الصحفي فهد السلمان إنه يتفهم "حالة الفوبيا التي تصاحب كل ما هو جديد، ومع أيّ تغيير في النمط السائد سواء في أوعية الثقافة أو في الإطارات والتحولات الاجتماعية الأخرى".
وأضاف: الأفلام السينمائية والأغاني الهابطة حد الإسفاف وبأقصى درجات الانحلال تهطل كالمطر على مدار الساعة على أجهزة التقاط البث الفضائي التي تملأ السطوح، والتي تذمر منها الكثيرون ومن بينهم ليبراليون وغير ليبراليين. إلى حدّ دخول وزراء الثقافة والإعلام على الخط فيما سمي بوثيقة البث الفضائي، ومع هذا لم يبلغ الأمر مستوى إسقاط عدالة من يقف خلفها.
وقال: في تقديري أننا أمام معضلة تواصل, فشلت كل الحوارات الوطنية حتى الآن في ردمها كهوّة مخيفة بين الرؤى المتضاربة, مما وفر مناخا ملائما للتفسيق والتخوين وكل التهم القابلة للتسويق تحت هذا العنوان.
وأضاف السلمان: هناك حالة ذهنية لدى البعض قد تكون مبررة أحيانا تجعل كل ما يقع تحت عنوان (السينما أو الفن) إنما هو في مرتبة الرذيلة, استنادا على تاريخ طويل من السمعة السيئة... هذه الحالة أسست لما يُمكن تسميته بالرفض الاستباقي لكل ما يأتي من هذا الباب حتى قبل فحص العلة, لأن فقدان التواصل حتما سيقود إلى ضبابية الرؤية أولا ثم إلى الارتياب".
ورأى السلمان أن هناك مسؤولية كبيرة في ترميم التواصل بين من ينظر لمثل هذه النشاطات على أنها مؤامرة لتسويق الانحلال، ومن يتبناها كوسائل توعية تتلاءم مع واقع العصر، وصولا لرؤية تستند للوقائع, لا إلى محاكمة النوايا وتخوينها تأسيسا على رسالة جوال، وهذا هو دور الأندية الأدبية مثلما هو دور رجالات الدعوة,حتى لا نصل لمثل هذه الأحكام الجزافية المخيفة التي لا تطال أعضاء النادي وحدهم وإنما كل من يؤمن بحتمية التغيير.
وعن الفتوى التي قال بها الداعية في درسه قال السلمان: أنا أستكثر حقيقية أن تصدر مثل هذه الفتاوى وبهذا الأسلوب تحديدا من رجل علم له باعه الطويل في مجال الدعوة، وهو الذي يعلم دون شك إلى أين تقودنا مثل هذه الآراء الانفعالية والمتشددة في زمن ما عاد فيه حق لأحد أن يفرض وصاية الرأي على من يخالفه خارج إطار الثوابت التي لا خلاف حولها.
من جهته رأى صاحب مركز "السيف" الثقافي بحائل محمد السيف أن الحراك الثقافي الذي تعيشه منطقة حائل على مختلف الأصعدة ساهم في ظهور حالات من الاجتهادات عملت على اتساع رقعة الاختلاف بعد أن تناهى إلى العقلاء من أهل الحكمة والرأي ما يتناقله البسطاء ممن يحسبون على الوسط الثقافي وطلاب العلم وبعض الساعين إلى إيقاظ الفتن ومروجي الشائعات, مطالبا بأن يكون حسن الظن شعارا متداولا إضافة إلى المتابعة والاطلاع ومعرفة الحقائق لتكون طريقا إلى الاختلاف لا الخلاف.
ورأى الكاتب الصحفي عبدالله العجلان أن الموقف كشف عن أزمة ثقة متأصلة من بعض الدعاة تجاه الآخر، وأضاف العجلان: تكبر المشكلة وتزداد الأمور تعقيدا حينما يصدر هذا الرأي من شيخ وإمام مسجد له مؤلفات متعددة، ودروس مستمرة، ويحظى بتأييد كبير وشهرة واسعة لدى الكثير من المشايخ وطلاب العلم الديني، لذلك لابد أن يكون لجهات الدعوة والإرشاد موقف حازم يمنع مثل هذه التجاوزات ويضع لها حدا نظاميا يقف في طريق انتشارها والاقتناع بها والاعتماد عليها في ممارسات العنف والقمع وفتاوى التكفير والتفجير.
ورأى الكاتب الصحفي عبدالله المطيري أن ما يجري في أدبي حائل "أمر صحي جدا". وقال: هناك عمل ثقافي حقيقي، في بداياته، يستثير قوى معينة تتحرك مباشرة ضد أي عمل ثقافي يمس أو يقترب من مسلماتها وسلطتها في شكل من أشكال المحافظة على الوجود.
وأكد المطيري على أن" الخطر يكمن حين يخرج الأمر عن إطار الصراع الثقافي إلى حيز استخدام القوّة والعنف وهذا ما ستحول إليه الأمور دون حماية للمشروع الثقافي", مشيرا إلى أن الدور يبقى على المثقفين في القيام بواجبهم.
وقال الإعلامي سالم الثنيان إن عددا من خطباء الجمعة شنوا خلال الفترة القريبة الماضية حملة على مثقفين وعلى مؤسسة ثقافية ودعوا إلى مقاطعتها لعدم فهم المتغيرات، وأضاف الثنيان: نسي هؤلاء أن التغير هو سنة من سنن الله في الطبيعة.
أما فيصل الشمري فاستغرب "حكم الشيخ حول النادي الأدبي وتأليبه للرأي العام ضد النادي ومنسوبيه". وقال: كان الأجدر بالشيخ أن يناقش المسؤولين قبل أن يؤلب الآراء ويصدرها.
من جهته علق القاص جارالله العميم بالقول" لا يسعني إلا أن آسف عما قيل تجاه النادي الأدبي بحائل من البعض، وكأننا أمام ماضٍ أسود يعيد نفسه، وأملي أن تنجلي غيمة التكفير قريبا، بكل ما تحمله هذه الجملة من سواد.
المفضلات