رَشَاَدْ بِبِلاَدِ جُهَيْنَةَ :
رَشَاَدْ : بِفَتْحِ أَوّلِهِ وباءٌ مُوَحَّدَةِ مَفْتُوحَةٌ تَلِيهَا شِيناً مَفْتُوحَةٌ أَيْضا وَآخِرَهُ دْالٌ سَاكِنَةً, وَرَشَاَدْ عَلَى وَزْنِ فِعَال, وَالرَّشَاد نَقِيْضُ الْغَيّ, وَهِيَ أَرْضٌ وَوَادٍ لِجُهَيْنَةَ كَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيّةِ غَوَى, فَسَمّاهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم رَشَاَدٌ, وَهَذِهِ التّسْمِيَةَ الشَّرِيفَةِِ رَوَاهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيْثَ وَالنّسَب, فَعِنْدَمَا قَدِمْت وُفُوْدُ قَبَائِلَ جُهَيْنَةَ طَائِعَةً مُنْقادَةٌ يَقْدُمُهَا قَائِدُهَا عَمْرُوٌ ابْنُ مُرّةَ الْجُهَنِيّ المُلَقَّبُ بِأََسَدِ جُهَيْنَةَ رَسُولِِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِجُهَيْنَةَ, رِضْوَانُ اللّهِ عَلَيْهِم جَمِيعًا, وَذَلِكَ لِْمُبَايَعَتهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم, كَانَ مَقْدَمِهِمْ مِنْ وَادِيَ غَوَى, وَكَانُوا هُمْ أَوّلَ قَبِيلَةٍ مِنْ الْعَرَبِ تُبَايِعَهُ بِالْمَدِينَة النّبَوِيّة طَوَاعِيَةً, قَالَ ابْنُ السّائِبِ الْكَلْبِيّ بِالْيَمَنِ الْكَبِيرِ فِيْ نَسَبِ جُهَيْنَةَ : فَوَلَدَ قَيْسُ بْنُ جُهَيْنَةَ : غَطَفَانَ, وَغيَّانَ, فَوَفْدَ بَنو غيَّان عَلَى النّبِيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّم, فَقَاْلَ : مَنْ أَنْتُم ؟, قَالوا : نَحْنُ بَنُو غَيَّان, قال : أَنْتُمْ بَنو رُشْدَان, فَغَلَبَتْ عَلَيْهِم, وَكَانَ وَادِيَهُمْ يُسَمَّى غَوَى, فَسُمّيَ رَشَاد . انْتَهَى, قُلْت : كَانَ وَاحِدُهُمْ يُسَمَّى بِالْجَاهِلِيّةِ الْغَيّانِي, وَجَمْعُهُم بَنُو غَيَّان, مَنَازِلَهُمْ مِنْ نَاحِيَةِ غَرْبِ الْمَدِينَةَ,

قَالَ الْحَافِظَ السَّمْعَانِيّ بِالأَْنْسَابِ : الْغَيَّانِي : بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْيَاءُ الْمُشَدّدَةِ بَعْدَهُمَا الْأَلِف وَفِي آخِرِهَا النّوْن, هَذِهِ النِسْبَةُ إلَى غَيّان, وَهُوَ بَطْنٌ مِنْ جُهَيْنَةَ, وَهُوَ غَيَّانَ بْنُ قَيْسُ بْنُ جُهَيْنَةَ بْنُ زَيْدٍ, وَسُمّوا بَنِي رَشْدَان لِأَنّهُمْ قَدِمُوا عَلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ, فَقَاْلَ : مَنْ أَنْتُم ؟, فَقَالُوا : نَحْنُ بَنُو غَيَّان, فَقَال : بَلْ أَنْتُمْ بَنو رُشْدَان, فَغَلَبَ عَلَيْهِم, وَكَان وَادِيهِمْ يُسَمّى غَوَى فَسُمّيَ رَشَاَداً, وَرُوِيَ عَنْ سَعِيد بْنِ وَهْب الْجُهَنِيّ أَنّهُ قَال : كَانَ هَذَا الرّجُلُ يُدْعَى فِي الْجَاهِلِيّةَ غَيَّان, وَكَانَ أَهْلُهُ حِينَ أَتَى رَسُولِ اللّه صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم, يُبَايِعَهُ بِبَلَدٍ مِنْ بِلَادِ جُهَيْنَةُ يُقَالُ لَهَا : غَوَى, فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ اسْمِه وَأَيْنَ تَرَكَ أَهْلَه, فَقَال : اسْمِي غَيَّان, وَتَرَكْتُ أَهْلِي بِغَوَى, فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : بَلْ أَنْتَ رَشْدَان, وَأَهْلِكَ بِرَشَاَد, قَال : فَتِلْكَ الْبَلْدَةُ إلَى الْيَوْمِ تُدْعَى رَشَاَداً, وَيُدْعَى الرّجُل رَشْدَان . قَالَ الْمُؤَلّف ابْنُ غُنَيْم الْجُهَنِيّ : وَإِلَى زَمَانِنَا هَذَا وَتِلْكَِ الأَْرْضُ تُدْعَى بِرَشَاَد, وَلاَ زَالَ أَهْلُهَا بَنُو رَشْدَان بَاقُونَ عَلَى نَسَبِهِمْ وَأَرْضِهِمْ, وَمِنْهُم بَنُو ذِبْيَان وَبَنُو كَلْبٍ وَغَيْرِهِم مِنْ جُهَيْنَةَ, وَلَا يَزَالَ الرّجُل مِنْهُمْ يَتَسَمّى بِرَشْدَان حَتّى السّاعَة, وَمِنْهُمْ طَبِيبُ الأَعْرَابِ وَالْخَبِيرُ بِالأَعْشَابِ سَلَامَةَ بْنِ رَشْدَان الْكَلْبِيُّ الْجُهَنِيّ .

وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيُّ بِكِتَاب نَسَبِ الْيَمَنِ الْكَبِير : فَولدَ رُشْدَانُ بن قَيْس بن جُهَيْنَةَ : ذُبْيَانُ, والرُبعَةَ بَطنٌ, فَولدَ ذُِبْيَانَ بِن رَشْدَان : سَعْداً, وعَامِراً, وخُدَارَةَ, مِنْهُم : بَسْبَسُ, وضَمْرَةُ, وزِيادُ, بَنو عَمْرو بن ثَعْلَبَةَ بن خَرْشَةَ بن عَمْرو بن سَعد بن ذِبْيَان, وعِدَادُهم فِي الأَنْصَار, وكَعْبُ بِنْ حِمَّانَ بنِ خَرَشَةَ, شَهِدَ بَدْراً مَعَ بَنِي سَاعِدَةَ . انْتَهَى, يَقُول ابِنُ غُنَيْم الْمَرْوَانِيُّ : وَمِنْ بَنُو غَيَّان أَيْضا ثَابِتِ بْنِ صُهَيْب بْن كُرْزٍ, مِمّنْ شَهِدَ أُحُدٍ, وَحَبِيبِ بْن خُمَاشة اُسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ, وَابْنُهُ عُمَيْر, وَهُمْ مِنْ جُهَيْنَةَ الْأَنْصَار حُلَفَاءَ بَنِي الْخَزْرَجِ, وَفَاتَهُ نَسَب عَاتِكَةَ بِنْتُ رَشْدَان بْنُ قَيْسُ بْنُ جُهَيْنَةَ, وَهَذِهِ الجُهَنِيَّةُ مِنْ الْعَوَاتِكِ اللّوَاتِي وَلَدْنَ نَبِيّنَا مُحَمّداً صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم, وَكَانَ يَعْتَزِي بِهِنّ فِي المَعَارِك, صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ, فَقَدْ رُوِيَ أَنّهُ قَالَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ يَوْمَ حُنَيْن : ( أَنَا ابِنُ الْعَوَاتِكِ ), رَوَاهُ الطَّبَرَانِيَّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ, وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ : وَرِجَالَهُ رِجَال الصّحِيحِ, وَرَوَى النّسّابَةُ ابْنُ حَبِيبَ بِالْمُحَبّرِ : الْعَوَاتِكِ اللّوَاتِي وَلَدْنَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم, مِنْ قُرَيْشٍ ثِنْتَان, وَمِنْ بَنِي يَخْلُدَ بِن النّضْرِ بِن كِنَانَةَ وَاحِدَةٌ, وَمِنْ بَنِي سُلَيْمٌ ثَلَاثً, وَمِنْ عَدْوَانَ ثِنْتَان, وَأَسَدِيّةٌ, وهُذَلِيَّةٌ, وقُضاعِيَّةٌ, وأَزْدِيَّةٌ, ثُمّ قَال : وَأَمّا القُضاعِيَّةُ فَوَلَدْتُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم مِنْ قِبَلِ كَعْبُ بْنُ لُؤَيّ بْنِ غَالِب, أُمّهُ مَاوِيّةُ بِنْتُ الْقَيْنِ بْنِ جَسْر بْنِ شَيْعِ اللّهِ بْنِ أَسَد بْنِ وَبْرَةَ, وَأُمّهَا وَحْشِيّةُ بِنْتُ رَبِيعَةُ بْنُ حَرَامٍ بْنُ ضِنَّةَ بْنُ عَبْدِ بْنُ كَثِير بْنُ عُذْرَةَ, وَأُمّهَا عَاتِكَةَ بِنْتُ رَشْدَان بْنُ قَيْسُ بْنُ جُهَيْنَةَ بْنُ زَيْدٍ بْنُ لَيْثِ بْنُ سَوْدٍ بْنُ أَسْلَمَ بْنُ الْحَافِ بْنُ قُضَاعَةَ .

يَقُول ابْنُ غُنَيْم : وَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمَشْق الْكَبِير, وَابْنُ الأَْثِيرِ فِي تَارِيخِهِ, والْهِنْدِيّ بِكِتَابِهِ الْكَنْز, وَقَال : قَالَ أَحْمَد أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ كُلّه بَعْضُ الطّالِبِيّيْن, وَرَوَاهُ لِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه الْعَدَوِيّ, وَكَذَا البَلاذُرِيُّ فِي أَنْسَابِ الْأَشْرَاف, وَقَالَ الْيَعْقُوبِيَّ فِي تَارِيخِهِ : وَرُوِيَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ كَانَ يُكْثِرَ أَنْ يَقُولَ أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ, وَأَمّا القُضاعِيَّةُ فَوَلَدْتُهُ مِنْ قِبَلِ كَعْبُ بْنُ لُؤَيّ, وَهِيَ الثّالِثَةِ مِنْ أُمَّهَاتِهِ عَاتِكَةَ بِنْتُ رَشْدَان بْنُ قَيْسُ بْنُ جُهَيْنَةَ . وَمِمّا ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَلْبِيّ : الرَاسِيَةُ بِنْتُ رَشْدَان بْن قَيْسُ بْن جُهَيْنَةَ, قَال البَلاذُرِيُّ بأَنْسَابِ الْأَشْرَاف فِي نَسَبِ قَيْسٍ نَقْلاً عَنْ ابْنُ الْكَلْبِيّ : وَأُمّهُمَا الرَاسِيَةُ بِنْتُ رَشْدَان بْن قَيْسُ بْن جُهَيْنَةَ بْنُ زَيْدٍ بْنُ لَيْثِ بْنُ سَوْدٍ بْنُ أَسْلَمَ بْنُ الْحَافِ بْنُ قُضَاعَةَ, وَكَذَا وَقَعَ بِكِتَاب الْأَمِيرُ نَصْرٍ, وَعَزَاهُ لِابْنِ الْكَلْبِيّ بِجَمْهَرَةُ النّسَب, إِلاَّ أَنّهُ جَعَلَهَا ابْنَهُ الرَّبْعَةِ بْن رَشْدَان .
[/QUOTE]