المجتمعون حذروا من قنوات فضائية «تغذِّي التفاخر القبلي» ... مدرسة «نائية» ترد على «مثيري النعرات» بملتقى لنبذ «العصبية» في حائل
حائل - محمد الخمعلي
فيما يبدو أنها ردة فعل على ما استحدث خلال الفترة الماضية من برامج على الفضائيات ومهرجانات خاصة، اعتبرت من مراقبين «مغذيةً للعنصرية القبلية»، نظم مجمع الروضة التعليمي ملتقى يهدف إلى تعزيز حب الوطن لدى الطلاب وتوعيتهم بخطورة الانجرار وراء «العصبية القبلية».
وناقش المجتمعون ومنهم 220 طالباً في المجمع الواقع في قرية روضة قرادان الواقعة على بعد 70 كيلومتراً عن محافظة الرس الكيفية التي يجب أن يتعامل بها التربويون مع ظاهرة «التفاخر القبلي».
الملتقى الذي استمر لخمسة أيام كان آخرها أول من أمس اشتمل على محاضرات تثقيفية توعوية ومسابقات، ومعرض شارك فيه معلمو المدرسة كافة، إضافة إلى عدد كبير من أولياء أمور الطلاب.
وأكد صاحب فكرة الملتقى مدير مجمع الروضة التعليمي سعود حسين الشويمس أن الفكرة راودته منذ بداية العام الدراسي، فقرر تنفيذها بعد أن دعمه المدير العام لتعليم الرس محمد صالح الغفيلي، موضحاً أن الهدف من إقامة مثل هذا الملتقى تعزيز الانتماء في نفوس الناشئة وغرس حب الوطن في قلوبهم، وتحصين الطلاب كافة ضد داء التعصب القبلي. وكانت فعاليات الملتقى انطلقت مطلع الأسبوع الجاري عبر ندوة بعنوان: «الوطن أولاً»، تطرقت لأهمية تنمية روح المواطنة لدى الطالب وتسليط الضوء على خطورة العصبية الجاهلية، ألقاها مدير المجمع سعود الشويمس، مؤكداً من خلالها ضرورة إدراك الطلاب لأهمية الانتماء الوطني، والتعرف على خطورة التعصب القبلي، والتأكيد على أن حب الوطن من حقوق الوطن على أبنائه.
وشدد على أن التعصب القبلي من أسوأ المظاهر السلبية التي بدأت تتفشى في المجتمع، لتسببها في أحداث تفرقة بين أبناء المجتمع الواحد»، واصفاً تعالي أصوات دعاة النعرات القبلية في الآونة الأخيرة بـ «الردة لعصور الجاهلية»، مستطرداً: «هي ردة فكرية وعقدية تتطلب الإسراع في مواجهتها، وبيان خطرها على وحدة المجتمع، ومكتسباته الحضارية انطلاقاً من منبر المدرسة». وحذّر الشويمس من خطورة الكثير من القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية التي تغذي فكر التفاخر بالقبيلة، خصوصاً بين الشباب صغار السن، وتحديداً بين طلاب المدارس».
وأوضح رائد النشاط المعلم ناصر الخلف أن الملتقى شهد منافسة قوية بين طلاب المدرسة كافة، إذ قدّم طلاب المراحل الثلاث أروع العروض المسرحية والأناشيد والاستعراضات بأجمل الكلمات التي تتغنى بحب الوطن والفخر به.
كما أقيمت على هامش الملتقى فعاليات عدة، منها عرض لوحة فلكلورية عن حب الوطن، إضافة إلى فيلم وثائقي عن الملك عبدالعزيز ومسرحية «دعوها فإنها منتنة»، وإطلاق مسابقة «ارسم ولون في حب الوطن» لطلاب الصفوف الأولية وإقامة معرض اشتمل على تاريخ الدولة السعودية، ومعالم السعودية القديمة والصناعات والحرف، مشيراً إلى أنه جرى تكريم المعلمين والطلاب كافة، الذين شاركوا في الملتقى وتم توزيع الجوائز والهدايا التذكارية على المشاركين. من جانب آخر، حث عميد كلية الآداب في جامعة الملك سعود وأستاذ علم الاجتماع الدكتور سليمان العقيل على تفعيل مثل هذه الأفكار المفيدة من خلال تبني الوزارة لها عبر أنشطة وبرامج في مدارس السعودية كافة، لتعزيز انتماء الطلاب لوطنهم وقيادتهم. ووصف خطوة مجمع الروضة التعليمي بـ «المميزة»والإيجابية»، مشدداً على أهمية عقد مثل هذه الملتقيات، لتعميق الارتباط والانتماء لهذا الوطن المعطاء، وإثراء الثقافة الوطنية وتعزيز الحس الوطني، وإطلاع الطلاب على مكتسبات الوطن وإنجازاته، والتحذير من خطورة التعصب للقبيلة وآثارها السلبية الكبيرة. وأشادت اختصاصية علم النفس الدكتورة سلوى السديري، بخطوة المدرسة «النائية» في الوقت الذي تشهد فيه بعض المدارس في التعليم العام تزايداً ملحوظاً للنعرات القبلية بين الطلاب، تمتد من الكتابة على طاولات الدراسة وجدران المدرسة وتبادل الألفاظ داخل الفصل لتصل إلى حد الاشتباكات بالأيدي خارج أسوار المدرسة. وأوضحت أن انتشار مظاهر التعصب القبلي ستؤدي إلى التقوقع على الذات واكتفاء أبناء كل قبيلة بأبناء جلدتهم، والنظر إلى الآخرين من القبائل الأخرى نظرة دونية، ما يجعل الصداقات بين الشباب وطلاب المدارس تتخذ بعداً إقليمياً أو عرقياً بسبب غياب برامج وأنشطة تربوية مماثلة لفكرة مدرسة الروضة.
وتضيف السديري، خطورة القبلية تهدد الجانب الأمني على المدى البعيد من خلال مناصرة أبناء القبيلة لبعضهم والتستر عليهم أمنياً في الكثير من القضايا الأمنية، ما اعتبرته أمراً غاية في الخطورة.
المفضلات