[4] ( الظَّلِيل ) :
كأَنَّه مَأْخُوذٌ مِن الظِّلّ, وَالظَّلِيلُ : هو الظِّلُ الدائم الطيب الذي لا يزول, فيقال ظِلٌّ ظَلِيلٌ دائِمٌ, وَالظِّلُ يكون في أول النهار, فإذا رجع وتحول فهو الفَيْءُ, وَالظِّلُّ جَمْعُهُ الظِّلاَلِ وَأَظْلالٌ وظِلالٌ وظُلُولٌ, قال تعالى عن المؤمنين: ( وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً ) قال الواحدي : الظَّلِيلُ هو مُبالَغَةٌ في نَعْتِ الظِّلّ, مثل قولهم : لَيْلٌ أَلْيَلُ, حَكاه الرَّازِي بتفسيره, وقال أبو عبيد الأَنْدَلُسِيُّ في مُعْجَمِ ما اسْتَعْجَمَ من أسماء المواضع والبلدان : الظَّلِيل : بفتح أوله, فعيل من الظلّ, قد تقدم ذكره في رسم الأشعر. يقول المؤلف ابنُ غنيم : بل برسم الأجرد, وكذا أشار المحقق بالهامش إلى أَنه بِإِحدَى نسخ المخطوطة عبارة برسم الأجرد, ومما وجدناه بمعجم معالم ينبع : وَتَيْدَد وَالظَّلِيلُ مُتَجاوِرَتان, وَنَخْلهُمْا في الجبال, ولا يزال الماء هناك يَرْشَحُ من صخور الجبال إلى اليوم . انتهى كلامه, وأقول : الظَلِيْل : بفتح أوله وكسر ثانية, لا يزال الظَّلِيل يحتفظ باِلاِسْم القديم له, ويقع شَمَالٍ من تَيْدَدُ ناحِيَةُ الجَبَلِ, ويُسَمَّى اليوم تَيْدَد الظَّلِيلِ, وبه أشْجَار نَخْلٌ عَثَرِيُّ, ومَزَارِعَ وآبار, كُلِّهَا لجُهَيْنة, وعَيْنُ الظَلِيْلِ لا تَزالُ ناضِحةٌ, حَدَّثَني بهذاَ رَجُلٌ قديمٌ مِن الزَّوَايِدة مِنْ جُهَيْنَةَ .

[ 5 ] ( أَسْنانُ الْجِبَال ) :
قَوْلَه فِي أَسْنانُ الْجِبَال, هو تَصْحيفٌ وَقَعَ فيه مُحَقِّق كِتَاب وفاء الوفا طبعة دار الكتب العلمية, والأصْلُ بِصِيغَةِ الجَمْع فِي أَسْنانُ الْجِبَال, فكذا في طبعة إحياء التراث بتحقيق محمد محي الدين, وكذا عند البكري في معجم ما استعجم, والسمهودي في خلاصة الوفا, وأبو علي الهجري وأبحاثه, والعباسي في عمدة الأخبار, وكتاب وفاء الوفا المطبوع لا يُعْتَمَد عليه لكَثْرَةِ الأَخْطَاء .

[6] ( لا أَسْهَلَتْ تَيْدَد ) :
الحَدِيث انْفَرَدَ بِهِ أبو علي الهَجَريُّ, ولَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِه, ولمْ يُورِد السَّمْهُودِيَّ إِسْنَادُ الحَدِيث, ويَظْهَرُ أَن السَّمْهُودِيَّ نَقَلَه مِنْ كِتابِ العَقِيقِ للهَجَريّ, كَمَا أَشَارَ إِلَى ذلِكَ الْإِمَام الْعَالِم الْعَلَّامَة حَمَد الجَاسِر رَحْمَةُ اللَّهِ عَليه, وذلِكَ في كِتَابَيْهِ بِلادِ جُهَيْنَةَ ومَنازِلَها القَدِيمَةِ, وكِتاب أبو عليَّ الهَجَريُّ, إِلاَّ أَنَّهُ حَصْرَ مَتْنِ الحَدِيث فِي : ( لا أَسْهَلَتْ تَيْدَد ) ومَا بَعْدَهُ من قول الهجريّ, وعِنِدي أَن ضَبْطُ الشّيْخ فيه نَظَرٌ لِوَجْهَيْنِ, أَحَدهُمَا أَن سِيَاقِ الكَلاَم يُوجِبُ ذلِكَ, فَلَوْ قُلْنَا أَنْهُ قال لا أَسْهَلَتْ تَيْدَد ثم توقف لكان ذلك دعاء على الأرض وأهلها, وَحَاشَى لرَّحْمَةُ المهداة رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يَكون قَصْدَهُ الدُّعَاء على هذِه الأَرْض بالبَوْرُ والهَلاَك, وهو الّذِي لَهُ بِهَا أرضٌ وَنَخْلٌ وقد أعْطاها فاطِمَةَ رضِيَ اللَّهُ عنها كما حكَاهُ الزَّمَخْشَرِيّ, الوَجْهُ الثَّاني : أن الحديث هكذا : (لا أَسْهَلَتْ تَيْدَدَ, فَمَا أَسْهَلَ مِنْهَا فَلاَ خَيْرَ فيه) أي : اللهُمَّ إِجعل خَيْرَها مِنْ أرْضِهَا بِجَبَلِهَا ووعرها, وهَذَا هُوَ الواقِع المُشَاهَد بأَرْضِ تَيْدَد اليوم .

[7] ( فإِن تِشِبعُوا مِنَّا سِباَعُ رُواوَةٍ ) :
هذا البَيْت الجَاهِلِيُِّ في شرْحِهِ وَجْهانِ, والاخْتِلاف كُلُّه حَوْلَ كَلِمَة تشبعوا وَضَبْطِها, وهَلْ هِيَ بالفَتْحِ أَو بالكسْرِ, فَإِنْ ضُبِطَت بالكَسْرِ كان مَعْناهُ أَنَّكُمْ يا جُهَيْنَةَ إِن أَشْبَعَتُم منا سِبَاع ووُحُوش جَبَل رُواوَةُ بِكَثْرَةِ قَتْلَكُم لنا, فإِنْ مَوعِدُنا وإِيَّاكُمْ بأَكْنَافِ أَرْض تَيْدَد بقادِمِ الأَيَّام, ورُواوَةٌ هُوَ جَبَلٌ بِالحِجَاز قَرِيبٌ مِن تَيْدَد, قيل لِجُهَيْنَةَ أو لمُزَيْنَةَ, وبالِبيت أَنَّه لمُزَيْنَةَ, وإِن ضُبِطَت بالفَتْح كَانَ ضَمِيرَ الفاعِل عائِداً إِلى فُرْسانِ جُهَيْنَةَ, وهم بَنو سِباَعُ بِجَبَلُ رُواوَةٌ, وَسِباَعُ بَطْنٌ من جُهَيْنَةَ أَرْضَهُمْ بِالقِبَلِيَّةِ الأَجْرَدُ ومَا جَاورَهَا, ولا يَزَال بَنِي كَلْب مِنْهُم هُناكَ إِلى يَوْمنا, وبِئْرُ بَنِي سِباَعٌ بالأَجْرَد, حَكَاهُ أبو علي الهَجَريّ, ومُزَيْنَةَ وغالِبُ قَبائِلَ الحِجازِ القَديمَةُ مُنْذُ الجاهِلِيَّةِ قد ضُرِسَتْ مِنْ الحِجاز, كَبَني سُلَيْم, وبَتِي أَسْلَم, والأَوْسِ, والخَزرَج, ونَهْد, وغَطَفَان, وأَشْجَعَ, وغِفَارٌ, وَبَنِي ضَمْرَةَ, ولِحْيَان, وعُصَيَّة, كُلُّها لم يَعُدْ لَهَا وُجُودِهَا بالحجاز, ولم يَبْقَ مِنها إِلا جُهَيْنَةَ وبَلِيٌّ وهُما أَوَّلُ من أَصْحَرَ من العَرَبِ بِأَرْضِ الحِجَاز واسْتَوْطَنَاهَا معَ جُرْهُمَ, حَكاهُ جَماعَةٌ من عُلَماءِ النَّسَب الأوائِل, ومِن جُرْهُمٍ تَزَوَّج إسْمَاعِيلَ عَلَيه السَّلاَم, ومِن جُرْهُمٍ بَني لِحْيَان, ومَساكِنَهم بِوَادِي القُرَى وَمَدائِنِ صَالِحٍ عَلَيْه السَّلامُ, وَجُهَيْنَةَ أَخْرَجوا جُرْهُمٌ مِن تَيْدَد, ولَيْسَ كَمَا زَعَمَ ابنُ الكَلْبِيِّ ومن قَلَّدَه من أَنَّهم جُذَام . .
[/QUOTE]