شكرا لك أخي الجهني على إيراد هذه القصيدة الرائعة التي تتضمن الكثير من الحكمة .. وهي إحدى قصائد الرثاء الرائعة في الأدب العربي قالها الشاعر : أبو الحسن التهامي يرثي ابنه.
واسمح لي أخي بذكر القصيدة مرة أخرى مع الأبيات التي سقطت منها .. وليتنا أخي العزيز نركز على نشر مثل هذه النوعية من عيون الشعر العربي ففيها الفائدة والمتعة
[poet font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
رثاء
حكْمُ المنية في البرية جار =ماهذه الدنيا بدار قرار
بينا يُرَي الإنسان ُفيها مخبراً =حتى يُرَى خبراً من الأخبار
طُبِعت على كدَرٍ وأنت تريدها =صفواًمن الأ قذار والاكدار
ومكلّف الأيام ضد طباعها = مُتَطلِّب في الماء جذوة نار
واذا رجوت المستحيل فإنما = تَبْنى الرَّجاءَ على شفير هار
فالعيش نوم والمنية يقظةٌ = والمرء بينهما خيَالٌ سار
فاقضوا مآربكم عجالاأنما = أعماركم سفرٌ من الأسفار
وتراكضوا خيل الشباب وبادروا = أن تُستَرد فأنهنّ عَوَار
فالدهر يخدع بالمنى ويغص إن= هنّا ويهدم ما بنى ببوار
ليس الزمان وان حَرَصت مسالماً =خُلُقُ الزمان عداوة الأحرار
إني وترت بصارم ذي رونق = أعددته لطلابة الأوتار
والنفس ان رضيت بذلك أوأبت = مُنقادةٌ بأزمة المقدار
أثني عليه بإثره ولو إنه = لم يغتبط أثنيت بالآثار
يا كوكبا ما كان أقصر عمره = وكذاك عمر كواكب الأسحار
وهلال أيام مضى لم يستدر = بدرا ولم يمهل لوقت سرار
عجل الخسوف عليه قبل أوانه = فمحاه قبل مظنة الإبدار
واستل من أترابه ولداته = كالمقلة استلت من الأشفار
فكأن قلبي قبره وكأنه = في طيه سر من الأسرار
إن الكواكب في علو محلها = لترى صغارا وهي غير صغار
أبكيه ثم أقول معتذرا له = وفقت حين تركت الأم دار
جاورت أعدائي وجاور ربه = شتان بين جواره وجواري
ثوب الرثاء يشف عما تحته = وإذا التحفت به فإنك عار
قصرت جفوني أم تباعد بينها = أم صورت عيني بلا أشفار
جفت الكرى حتى كأن غراره = عند اغتماض العين وخز غرار
أحيي الليالي التم وهي تميتني = ويميتهن تبلج الأسحار
وتلهب الأحشاء شيب مفرقي = هذا الضياء شواظ تلك النار
شاب القذال وكل غصن صائر =فينانه الأحوى إلى الإزهار
شيئان ينقشعان أول وهلة = ظل الشباب وخلة الأشرار
لاحبذا الشيب الوفيّ وحبذا= ظِلٌّ الشباب الخائن الغدار
نزداد هماً كلما ازددنا غِنى= والفقر كلُّ الفقر في الاكثار
ما زاد فوق الزاد خُلف ضائعا = في حادث أو وارث أو عار
ومن الرجال معالم ٌ ومجاهل = ومن النجوم غوامض ودراري
والناس مشتبهون في إيرادهم = وتفاضل الأقوام في الإصدار
لو أبصروا بقلوبهم لاستبصروا = وعمى البصائر من عمى الأبصار
هلا سعوا سعي الكرام فأدركوا = أو سلموا لمواقع الأقدار
ولربما اعتضد الحليم بجاهل =لاخير في يُمنى بغير يسار
أبو الحسن التهامي
[/poet]
المفضلات