[4] ( بَنِي الرَّبَعَة ) :
قال البلادي بمعجم قبائل الحجاز : الرَّبَعَة : بفتح الراء والموحدة والعين المهملة وآخره هاء, قال البكري في مادة الأَشْعَر : بطن من جهينة. وانظر كليب. وفي معجم قبائل العرب : الربعة بن رشدان : بطن من جُهَينة تنتمي إليه جماعة من الصحابة وغيرهم, وفي معجم ما استعجم للبكري : الربعة هم ولد سعد بن هميم بن ذُهل بن هني بن بلي, انتهى كلامه. وأقول : الرَّبَعَة هو ابن رشدان : بفتح الراء الموحدة التحتية والعين المهملة وآخره هاء, أباً جاهلي قديم مِنْ جُهَيْنَةَ, ينتسب إليه عدد من الصحابة الْجُهَنِيُّون, كانت منازلهم وإلى يومنا يَنْبُعَ, ووادي رشاد, والعيص, والمارامية, وبواطٍ, والأجرد والأشعر جبلي جهينة, وجبال القبلية هي منازلٌ لبني الربعة من جُهينة وتشاركهم بها بقية قبائل جُهَينة, وخط النبي صلى الله عليه وسلم لبني الربعة من جهَيْنَةَ مسجد جُهَيْنَةَ بالمدينة.

قال المطري في : التعريف بما أنست به معالم دار الهجرة - طبعة الدارة - :
نا إبراهيم بن عمر, عن سمعان, عن خارجة بن الحارث بن رافع بن مُكيث الجُهنيّ, عن أبية, عن جده قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلاً من أصحابة من الربعَةَ من جُهَيْنَة يقال له أبو مريم, فعاده بين منزل بني قيس العطار الذي يقال فيه الأراكة, وبين منزلهم الآخر الذي يلي دار الأنصار, فصلى في المنزل, فقال نفرٌ من جُهَيْنَة لأبي مريم : لو لحقتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته أن يخط لنا مسجداً, فقال : احملوني, فحملوه فلحق النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما لك يا أبا مريم ؟, فقال : يا رسول الله, لو خططتَ لنا مسجداً, قال : فجاء إلى مسجد بني جُهَيْنَة وفيه خيام لبلى فأخذ ضِلعاً أو محجناً, فخط لهم به, فالمنزل لَبلى, والخِطَّة لِجُهَيْنَة. انتهى, وأقول : أبا مريم الصحابيّ الذي زارهُ النبي صلى الله عليه وسلم : هو عُقبةَ بن عامر الجُهَنيّ رضي الله عنه, والمسجد لم يبق له آثر اليوم, وإنما موقعة معروف ذكرهُ العياشي وأطنب بوصفه, وقد فتح الله علينا بأن هدانا للوقف عليه, وسيأتي وصفهُ إن شاء الله.

ولبني الرَّبَعَة الْجُهَنِيُّون كتب النبي صلى الله عليه وسلم كتاب مُوادَعَة وفيه :
( إنهم آمِنُونَ على أَنْفُسِهِِمْ وَأَمْوَالَهُمْ, وَأَنَّ لهم النَّصْرَ على مَنْ ظَلَمَهُمْ أو حَارَبْهُم, إِلاَّ فِيْ الدَّيِن وَالْأَهْل, ولأَهْلِ بَادِيَتِهِم مِنْ بَرّ مِنهُم وَاتَّقَى ما لَحَاضِرَتِهِِم, والله المُسْتَعان ).

وَالرَّبَعَة :
واحدهم الرَبَعي, وجمعهم الرَّبَعَة, قيل بضم الراء وقيل بفتحه, وأهل الحديث بالفتح ضبطوه, ونُرجِح كسر أوله, وأما الربعة التي ذكرها البلادي في بلي فتلك ربعةٍ أخرى غير رَبَعَة جُهَيْنَة إن صح أَمرُها, وقد ذكر بنو الرَّبَعَة الْجُهَنِيُّون هؤلاء ابن الكلبي بنسب معد واليمن الكبير فقال : وولد الرَّبَعَة بن رُشدَان: غَنْماً ، وسَلََمَةَ ، وَسُرَيْراً ، وعَدِيَّاً , منهم : عُلَةُ بن عَدِيّ بن مَنَاف بن كَراثةَ بن جَهْمَةَ بن عدي بن الرَّبعَة، شهد بدراً, ووَدِيعَةُ بن عَمْرو بن سِنان بن عوف بن حَرَّاد بن يَرْبُوع بن طَحل بن عدي بن الربعة ، شهد بدراً, في بني النجار, وعَبْدُ العُزَّى بن زَيْد بن معاوية بن خِشَّان بن أسعد بن وديعة بن مَبْذُول بن عدي بن غَنْم، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وغير اسمهُ. انتهى.

والصَّحَابة بني الرَّبَعَة من جُهَيْنَة جماعةٌ, أفردنا لهم مُعْجَم تَراجِم, فمن رواة الحديث منهم : عقبة بن عامر الجهني من كبار الصحابة وأكثرهم رواية, وعثم بن الربعة الجهني, وعنمة بن عدي الجهني, شهد بدراً والمشاهد كلها, وجندب بن مكيث الجهني, أستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات جُهَيْنَة, ورافع بن مكيث الجهني أخو جندباً, شهد الحديبية وبايع تحت الشجرة وكان أحد الأربعة الذين حملوا ألوية جُهَينة يوم الفتح, نزل بِالقَبَلِيَّة من بلادِ جُهَيْنَة وكانت له دار بالمدينة بحارة جُهَيْنَةَ بجوار مسجد جُهَيْنَة الذي خطه النبي صلى الله عليه وسلم لهم, وعبد العزيز بن بدر الجهني, كان ينزل بالأَشْعَر (الفِقْرَة), قال ابن حبان : كان حامل لواء جُهَيْنَة يوم الفتح, ونزل القَبَلِيَّة من جِبْال جُهَيْنَة. انتهى, قلت : وهو الوافد على النبي من وادي رشاد وكان اسمهُ عبد العزى فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد العزيز, وتميم بن ربيعة الجهني, شهد الحديبية, من أهل الشجرةِ بايع بيعة الرضوان, وزياد بن كعب الجهني, شهد بدر وأُحداً وكان حليفاً للأنصار, وضمرة بن عمرو الجهني كان معدوداً من الأنصار, وهو ليس كذلك إنما هو جُهَنِيَّ النسب حليفاً لهم, وربيعة بن عمرو الجهني كان حليفاً لبني النجار من الأنصار, وديعة بن عمرو الجهني شهد بدراً واُحد والخندق والمشاهد كلها, وهو أخو ربيعة السابق, رضي الله عنهم جميعاً وأرضاه.

[5] ( ظَلِمٌ ) :
قال نصر في كتاب الأمكنة والمياه : ظََلِِمٌ : جَبَلٌ بالحِجاز بين إِضَمٍ وجَبَلِ جُهَيْنَةَ. وقال نصرٍ أيضا : دُخَّلٌ : قُربَ المَدينةِ بينَ ظَلِمٍ ومِلْحَتَيْنِ. انتهى, وقال البكري بمعجمه : ظَلِم : بفتح أوله وكسر ثانيه, على وزن فعل, جَبَلٌ مشهور من جبال الحجاز. وقال الحموي بمعجم البلدان : ظَلِمٌ : بفتح أوله, وكسر ثانيه, يجوز أن يكون مأخوذاً من الظَّلِمةَ, أو من الظَّلِم, أو مقصوراً من الظليم ذكر النعام : وهو وادٍ من أودية القبلية, عن عُليّ العلويّ. انتهى, وأقول : وكذا أورد السمهودي بوفاء الوفا, والفيروز آبادي بالمغانم, إلا أن الفيروز ضَبَطَهُ بضم آخره, وعدة الزمخشري من جبال القبلية فقال : وظَلِمٌ, ونقل ابن شبة بأخبار المدينة, والسمهودي بوفاء الوفا : أسماء الأودية التي تدفع بإضُمَ نقلاً عن الزبير بن بكار وفيها : ويلقاها وادي مللٌ بذي خشب, وظلم. وقال الشيخ الجاسر في بلاد ينبع وجُهَيْنَة ومنازلها القديمة : ظَلِمُ : من أودية القبلية, وهو من أودية الأشعر, على ما ذكر الهجري. وقال الجاسر بملحق الجوهرتين العتيقتين : ظلم : من معادن الذهب القديمة, خط طول شمالاً: 41 - 22, خط عرض شرقاً: 12 - 42. ويقول الشيخ حمد الجاسر : وظَلِم وَمِلْحَتَان : من مواضع الأشعر جبل جُهَينَة القديم, المعروف الآن باسم (الفقرةِ) غرب المدينة, وأرى هذا الموضع المُسمى دُخَّل هو المذكور في معجم ما استعجم بهذا النص : وبين ظَلِم ومُلَحَتَيْن الدَّحْلان : دَحْل وعَذْمَرُ وهو جبل عظيم بين مُليْحَةَ وصَعِيد ظلم, وبطرف هذا الجبل الشامي ماءٌ يقال له : الوَشَلُ, وبطرفه الغربي ردْهَةُ عَاصِم, ثم يلي مُلحتين بُواطَانِ المذكوران. انتهى.
وأقول : ظلم : موضع, وفيه جبلٌ أسود شامخ شمال المندسة, وأرضه خَبْتٌ بين العفرة والجفرُ, وبكيِحُهُ موضع دُخَّلٌ (دَحْل), ويحاذيهُ وادي حُراض الغوري, تسيلٌ منه شعاب يفرغُ سيلُها بوادي الحمض, ومصبها غرب المندسة قبل المليليح, وكل الأودية التي تدفع بوادي الحمض والآتية من جبل الأَشْعَر هي غوريه, وقد ذكر هذه الأمكنة الشاعر الجُهَنِيُّ المصري محمد ابن عبد المطلب ابن بكر ابن بخيت ابن حارس ابن قراع ابن علي ابن أبي الخير الجُهَنِيُّ أحد شعراء القرن الثاني عشر, فيقول بإحداها :
[poem=font="Simplified Arabic,6,#000000,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
مَا لِقَلْبِي بِالحَنِيْنِ يُضْحِي ويُمْسِي=شَقَّةُ البَرْقَ لاَحَ مِنْ عَيْنِ شَمْسِ
حَنَّ فِيْ شَجْوَةَ إِلى جَبَل الطَّير=حَنِينِي إِلىْ الغوَيرِ وجِلسِِ
لاَ تَلُمْ وَيْحَكَ الغَرِيِب علَىْ الدَّمْعِ=فَفِيْ الدَّمْع لِلْغَرِيبِ تأَسِّيِ
واِبْنُ جُهَيْنَةَ إِذا الأُصُوْلِ تَلاََقَتْ=بَذَّ أَهْلَ العُلا إِلىْ خَيْر رَأْسِ[/poem]
وعين شمس : قرية بصَّعِيد مصر, وشجوه : أرضٌ لِجُهَيْنَةَ بوادي الحمض بها جبل الفحلتين, وَجَبل الطَّيرُ : بالصَّعِيد ذكرهُ ياقوت, أما الغوير وجلس : فهي صفة للأودية التي تدفع بواد الحمض من الغرب, كوادي رشد, وبواط, وأودية جبلي : الأجرد, والأشعر, فقالوا عن بواط : بواطان: غوري وجلسي, والله أعلم.
[/QUOTE]