لم :
يكن يدور في خُـلد الطالب " باسم سلطان العنزي " عندما أستيقظ ذات صباح ورتب كتبه المدرسية وقبل رأس والدته ؟ وتناول طعام العشاء ليلتها مع إخوته؟ ونام على فراشه ؟ أن تلكم القبلة ستكون القبلة الأخيرة له في هذا اليوم وأن ليلة البارحه ستكون ليلته الأخيرة التي سيرقد فيها على فراشه الدافىء .؟.. لم يكن يدور في خُـلدِ الطفل " باسم العنزي " أبداً أن ما تناوله ليلة البارحة سيكون بمثابة " العشاء الأخير " مع أسرته ؟ ولم يكن يدور في خلد أخوته وأخوانه الصغار الذين كان يعبثون ويلعبون معه في تلك اليلة أن " باسم " سيودعهم في يوم غد وليس بعد 50 سنة كما كان يؤملون وإلى أين .. للدار الاخرة ؟
حسناً رتب باسم كتبه المدرسية وقبل رأس والدته وذهب يحثوا الخطى تجاه مدرسته في قرية " الشملي" ., كان البرد قارساً وينتظره هناك في المدرسة كوكبة من الاداريين الذين لا يملكون حولاً ولا وقوة من أمرهم ؟ إلا تطبيق الأنظمة واللوائح الصادرة باقامة الطابور الصباحي ومهما وصلت الحرارة لما تحت الصفر ؟ .. بدأ " باسم " يمارس تمارينه الرياضية في طابوره الصباحي .. وماهي إلا دقائق معدودة حتى سقط على الأرض في منظر حزين محزن وأمام زملائه الطلاب الصغار ؟ والذين كانوا يرون بأم أعينهم حالة وفاة طبيعية وليس تمثيلاً كما كانوا يشاهدون بالمسلسلات المصرية ؟
بعد دقائق لفظ باسم العنزي أنفاسه الاخيرة لفظها في الفناء المدرسي ., خرجت روحه تماماً بجانب كتبه المدرسية ., خرجت روحه بجوار زملائه الاطفال الصغار ؟ خرجت روحه ضحية للطابور الصباحي ؟ والذي رأى صانع القرار التربوي في المدرسة والوزارة ككل أن خروج روح " سلطان " أهون عليهم من الغاء الطابور الصباحي ؟ .. ببساطة يا سادة يا كرام " مــات " باسم العنزي .. هكذا وصل للخبر لسعادة مدير تعليم حايل الدكتور : محمد العاصم الذي لم يكلف نفسه أن يُعطي الطلاب على الاقل إجازة دراسية في ذلك الاسبوع ., لان مدير التعليم يعتقد أن زملاء باسم في الصف وهم : علي و عبدالله و فهد وآخرين .. كان يرى سعادته أنهم ليسوا إلا مجموعة من الوحوش البشرية " البدو " فهم عديموا الاحساس وحتماً لن يعني لهم شئياً وفاة زميلهم وحتماً أنهم لن يتأثرون وجدانياً وحتماً أنهم لا يحتاجون لاعادة تهيئة نفسية .
وكالعادة إذاً.. وكما يحصل ذلك يومياً في بلدي المسمى " السعودية " إنتقل باسم العنزي للدار الاخرة ؟ وعاد إلى أهله على نـعـش متحرك وهم الذين ودعوه صباحاً والفرح والهمه والنشاط تحركه ؟ سألوا عن سبب وفاة ابنهم ؟ في الحقيقة .. سألوا أسئلة كثيييرة لماذا وكيف وأين مات؟ كان الجواب واحداً لم يتغير .. هو هو لم يتغير .. إنه يا سادة يا كرام القضاء والقدر ؟ .. نعم القضاء والقدر هو المسؤول الاول والأخير عن وفاة ابنكم ؟ القضاء والقدر هو الذي إختاره من بين ملايين الطلاب في هذا اليوم ؟ القضاء والقدر وليس البرد القارس ؟ القضاء والقدر وليس لان وزارة التربية لم تصدر قراراً إستباقياً تعفي مدارس الشمال الباردة من الطابور الصباحي ؟
وإن أردتم أسباباً أخرى غير القضاء والقدر ؟ فأطباء الوحدة الصحية التابعة لوزارة التربية والتعليم على أهبة الاستعداد ورهن إشارة أصبع الوزير الصغير ..سيخرجون لكم التقارير المطلوبه واللازمة ؟ إن لم تقتنعوا " بسالفة " القضاء والقدر فهو حتماً وكما أفاد طبيب الوحده الصحية كان إنخفاظاً حاداً بالدورة الدموية ..الخلاصة أن القضاء والقدر ووضعه الصحي المفاجىء كانا هما السبب لوفاته ., وأما الوزير الذي صادف أنه كان في ليلة البارحة يلبس بجامته الشتوية و يتابع نشرة الاخبار ويقرأ بها أن " حايل " 5 تحت الصفر ؟ فهو غير مسؤول عن وفاة إبنكم لان العزل الحراري في منزل سعادته والتكيف المركزي الدافىء لم يجعله يتصور وضع مدارس الشمال ؟
وهو لم يكلف أحد وكلائه فضلاً عن أن يكلف نفسه أن يذهبوا بزيارة عاجلة لوالد الطفل في قرية " الشملي " ., لكي يقدموا واجب التعزية لذويه ولكي يعبروا عن خالص ندمهم وإعتذارهم وندمهم وتقصيرهم ؟ لان قدر هذا الطفل وقدر والديه وقدر حمولته بأكبرها أنهم لا ينتمون لسلالة الاله ؟ قدرهم أنه لا تجري في عروقهم الدماء المقدسة ؟ بشرتهم وسحنتهم وملابسهم البسيطة وبيوتهم الشعبية لا يوجد بها ما يدل على أنهم من وجوه المجتمع الاولى ؟ فلا يوجد مبرر لان يتكبد الوزير ووكلائه مشاق ووعورة الطريق للتعزية في وفاة طالب ينتهي نسبه لمواطن عادي ؟
لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم
تباً للقوانين والتعاميم والأنظمة التي تحرمنا من نبضات طفل من رجال الغد
المفضلات