وقال الفيروز آبادي في " المغانم المطابة في معالم طابة " طبعة : دار اليمامة :
( العيص ) : بالكسر , ثم السكون وإهمال الصاد , ماء فوق السوارقية , قال ابن إسحاق - في حديث أبي بصير - : خرج حتى نزل بالعيص من ناحية ذي المروة على ساحل البحر , بطريق قريش التي كانوا يأخذون إلى الشام .
وقال باحث الجزيرة حمد الجاسر في " هامش تحقيقه للمغانم المطابة " :
الماء الذي فوق السوارقية جاء في رسالة عرام ما نصه : وبأسفل بيضان موضع يقال له : العيص , به ماء يقال له : ذنبان العيص , والعيص ما كثرت أشجاره من السلم والبان . انتهى , أما الموضع الذي ذكره ابن إسحاق وإليه كانت سرية العيص , فهو عرض كبير من أعراض ينبع , وفيه عيون وسكان كثيرون , وهو غير الأول , فذاك في بلاد سليم , وهذا في بلاد جهينة , وليس على ساحل البحر بل يبعد عنه مسيرة يومين تقريباً , ولكنه بقرب طريق القوافل التي كانت تذهب إلى الشام مع الطريق الساحلية , ولهذا كان أبو بصير بن سهيل بن عمرو القرشي لما فر من كفار قريش يترصد لقوافلهم في ذلك الموضع .
وقال عاتق البلادي في " معجم معالم الحجاز " :
( العيص ) : بكسر العين وسكون المثناة تحت وآخره صاد مهملة , وادٍ بين روافد إضم , يأخذ أعلى مياهه من حرة بني سنان شمال وادي ينبع , ثم يتجه شمالاً حتى يصب في وادي الحمض ( إضم ) عند قرية المربع قرب ( ذي المروة ) فيه قرى عديدة منها : الفرع , والعين , والقعرة , والحصين وغيرها كثيرة , سكانه بنو عروة من جهينة , وله مركز تابع لإمارة ينبع .. وقال ياقوت وهو موضع في بلاد بني سليم به ماء يقال له : ( ذنبان العيص ) قال أبو الأشعث : هو فوق السوارقية .. وأرى قوله : في بلاد بني سليم وهماً ممن رواه .
وقال صالح عبد اللطيف عليان في " ملامح من تاريخ ينبع " في استدراكه على البلادي في هذا الموضع :
وهذا وهمٍ منه , فعروة ليسوا من سكان العيص , وسكانهُ عنمة , ويخالطهم : سنان , والموالبة , والحوافظة , وغيرهم من جهينة .
يقول المؤلف بن غنيم المرواني :
واستدراكهُ صحيح , إلا أن ذلك لا يعني أنهُ لا يوجد من قبيلة عروة من هو نازلاً في العيص , فالعيص تسكنه قبائل جهينة بجميع فروعها وبطونها , وأما قبيلة عروة الجهنية فمن منازلها : تيدد ( تيتد ) , وأخبارها كثيرةٍ , وجراجر , وشجوى ( شجوا ) , والمليليحُ , ومقرحُ الفحلةَ , والبوير , والأجرد , وله شهره كبيرة ذكرنا بعضها في تاريخنا الينبعين , ورأس ملل , ولمللٍ تاريخ وأحداث , وإليه يُنسب جماعةٍ من المتقدمين , منهم الشاعر خارجة بن فليح المللي , وللأستاذ الأديب عبد العزيز بن أحمد الرفاعي الجهني , صاحب دار الرفاعي , كتاب ترجمةٍ له ولأشعاره , وفيفاء الفحلتين , وفيها مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى تبوكَ , وفيها جبلٍ الفحلتين الذي تنسجُ حوله الأساطير , وهي أن في أعلاه بداخل القلعتان صحون وقلالٍ من الذهب , وهذا كذب فقد صعدته ووقفت عليه قديماً , ولم أجد شيئاً من تلك القصص الخرافية , ومنازل عروة كثيرة , وغالبيتها تقع غرب المدينةِ المنورة , ببطن وادي الحمض " أضُمَ " , وستأتي في مواضعها .
ويقول ابن غنيم المرواني أيضاً :
أما كتاب : " معجم معالم الحجاز " تأليف : الباحث عاتق بن غيث البلادي الحربي , فهو تاريخاً ضخمٍ لمعالم الحجاز , من أوسع ما كتب عن معالم الحجاز وجغرافيتها , قضى مؤلفه في تدوينه ست سنواتٍ من البحث والجمع والإعداد , وأراد به أن يستقصي جميع معالم الحجاز قديمها وحديثها , إلا أنه لم يكتب له ذلك , بل أراه ناقصاً , ومن جوانب نقصه على سبيل المثال , إهماله كثير من المنازل والديار الواقعة بشمال العيص , وصولاً إلى منطقة الوجه , وهذه المساحات يبلغ طولها حوالي 300 كيلاً , وكذلك من ساحل البحر الأحمر شمال أم لج ( أملج ) إلى بطن وادي الحمض " أضم " ناحية ذي المروة ( المرامية ) , ويبلغ عرضها قريب من 250 كيلو متراً , فهذه المساحات هي بطن الحجاز وأوتادهُ , وذلك بسلسلة جبالها العظيمة بالاتساع والارتفاع , وقد غفل عن ذكرها البلادي , ولم يتطرق لها في معجمه , مع أنه حاول جاهداً حصر جميع معالم الحجاز , حتى أنه لم يدع ذكر أسماء الشوارع والمزارع , فعلى سبيل المثال ذكر في [ ج9 / ص 56 ] , فقال : النشير : بالتصغير , مزرعة في قربان بالمدينة المنورة , ذات حقول برسيم يتنزه فيها الناس . انتهى كلامه , ونسختي التي أنقل منها هي الطبعة الأولى , سنة 1400هـ , طبعة دار مكة , ولكن في معجمنا هذا تحديد وصفة بعض هذه المواضع التي لم يتطرق إليه الأستاذ البلادي .
المفضلات