الإهداء :

إلى شيخ عرب جُهينة في الجزيرة العربية , الشيخ : سعد بن غنيم المرواني الجهني - رحمة الله عليه - , أهدي عملي لهذا الشيخ الراحل العلم والرمز لما له من مآثر جليلة وأعمال خالدة لجميع أبناء القبيلة وأبناء الجزيرة العربية بأكملها .


نبذة عن قبيلة جُهينَة :
( جُهَينَة ) : بضم الجيم وفتح الهاء ثم ياء ساكنة بعدها نون مفتوحة .
قبيل عظيم من قضاعة الحميرية القحطانية العربية , من أقدم قبائل العرب وأعظمها تاريخاً , أنجبت عدد من كبار الصحابة والمشاهير والقواد والعظماء , وجهينة الذي تنتسب إليه هذه القبيلةُ :
اسمه : جُهَينَة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن إلحافِ بن قضاعةَ .
وهذا الترتيب الصحيح لتسلسل أسماء الآباء , ذكر ذلك ابن الكلبي في " نسب معد واليمن الكبير " , وابن حزم في " جمهرة نسب العرب " , وغيرهم , وهو ليس محل خلاف , كما هو الحال مع كثير من القبائل القديمة , فقد احتفظت جهينة باسمها ونسبها وأرضها إلى اليوم فهي قضاعية النسب , وأجمع على نسبتها لقضاعة جميع النسابون والمؤرخون ( بإجماعهم ) , واختلف في نسب قضاعة فمنهم من عدة إلى عدنان والجمهور على أن قضاعة من قحطان , وهو الرأي الصحيح , وهو ما نرجحه وتقوية وتثبته عدد من الأحاديث النبوية التي نسبت قضاعة إلى قحطان , ولنا رسالة في تحرير نسبة قضاعة إلى قحطان ,
وقد أختلف بكلمة " إِلحافِ " وهو خلاف ناشئ من رسم الحرف , والصحيح أن ضبطه بكسر الفاء , وتجد في بعض كتب النسب يظهر رسم الاسم هكذا " إلحافي " وهو خطأ , والأصح الاكتفاء بوضع الكسرة تحت الألفِ والفاء هكذا ( إِلحافِ ) .

ولجهينة تاريخاً حافل في الجاهلية وصدر الإسلام لا تتسع هذه الصفحات لذكره ولو دون بعض من تاريخها لبلغ مجلدات عديدة , فقد كان لهم أعظم الأثر في معارك وغزوات الإسلام الأولى , فكانت أول قبيلة بادرت إلى مبايعته صلى الله عليه وسلم عندما وطئت أقدامه الشريفة طيبة الطيبة دار الهجرة , فكانوا بذلك أول أنصاره بالمدينة فإذا ذكر الأنصار فجُهينة هم الأوائل كما ذكر ذلك أصحاب كتب الأوائل , ولا ريب أن يكون بعد ذلك جل جيش فتح مكة هم من أبناء هذه القبيلة جُهينة , وكذلك كانوا في بدراً واحداً وحنين , ولنا في الصحابة من جهينة رواة الحديث معجم تراجم لهم يبلغ الأربعمائة صحابي , وقد ذكر هذه القبيلة العظيمة نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم وامتدحهم وأثناء عليهم خيراً كثيراً .

قال ابن خلدون في " تاريخ ابن خلدون " :
( فجهينة ) : ما بين الينبع ويثرب إلى الآن , في متسع من برية الحجاز وفي شماليهم إلى عقبة آيلة مواجهين موطن بلى , وكلاهما على العدوة الشرقية من بحر القلزم , وأجاز منهم أمم إلى العدوة الغربية , وانتشروا ما بين صعيد مصر وبلاد الحبشة وكاثروا هنالك سائر الأمم , وغلبوا على بلاد النوبة وفرقوا كلمتهم وأزالوا ملكهم , وحاربوا الحبشة فأرهقوهم إلى هذا العهد .

وقال القلقشندي في " صبح الأعشى في صناعة الإنشا " :

( جهينة ) : بضم الجيم وفتح الهاء والنون , وهم : بنو جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحافي بن قضاعة , وهي قبيلة عظيمة , ولهم بقايا ببلاد الصعيد من الديار المصرية وبالحجاز وغيرهما , والنسبة إليهم ( جهني ) بحذف الياء بعد الهاء .

وقال الزمخشري في " الجبال و الأمكنة و المياه " نقلاً عن علي بن وهاس العلوي الحجازي : نسخة طبعة ليدان سنة 1855

وجبال القبلية : ( الزغباء , والأجرد , والحت , والقلادة , والكويرة , والمقشعر , وصرار , وسكاب , وقاعس , وفيه نقب أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجره ناهض من ينبع إلى المدينة , والمخيلة , وذو القصة بين ذي القصة وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا , مثغر , حزرة , الثاجة , السيالة , والرس , مثغر , ظلم , وظلم , منكثه , العشيرة , رسوس , حوزة , أذية , تيتد , أذينة , المحيلة , شميسى ) .

( القبلية ) : قال الشريف علي : سراة فيما بين المدينة وينبع فما سال منها إلى ينبع يسمى بالغور ، وما سال في أودية المدينة يسمى بالقبيلة ، و حدها من الشام ما بين الحث وهو جبل من جبال بني عرك من جهينة ، وما بين شرف السيالة ، والسيالة أرض تطؤها طريق الحاج .
( فأودية القبيلة ) : التاجة , وحزرة , ومثغر , والرس , وحوزة , وحراضان , وظلم , وملحتان , وبواط , ومنكثة , ورسوس , والعشيرة , والبلياء , وتيتد , وهو المعروف بأذينة ، و فيه عرض فيه النخل من صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم نحلها فاطمة صلوات الله عليها ، وشميسي , والناصيفة .
( وجبل القبلية ) : الزغباء , والأجرد , والحت , والقلادة , والكوبرة , والمقشعر , وصرار , وسكتاب , وقاعس : وفيه نقب أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهاجرة ناهض من ينبع إلى المدينة ، والمحيلة ، وذو القصة ، و بين ذي القص وبين المدينة أربعة وعشرون ميلاً .

يقول بن غنيم الجهني :
نقل هذه المعالم كاملة الفيروز أبادي في " المغانم المطابة في معالم طابة " , وكذلك ذكرها ياقوت الحموي في " معجم البلدان " , وحمد الجاسر في " بلاد ينبع " ولكن في - الطبعة الأولى - من بلاد ينبع خطأ مطبعي حيث الرسم يظهر ( القلية ) , وسنستعرض في معجمنا هذا جميع هذه المواضع والرسوم وتصحيح أسمائها وضبطها وبيان مواضعها بعون الله .

وقال الهمداني في " صفة جزيرة العرب " نسخة طبعة الإرشاد اليمنية - بتحقيق الأكوع - , تعليق وإشراف بحاثة الجزيرة - حمد الجاسر - :
( أرض جُهينة ) : تيدد , ومثعر , ووادي غوى ويحال فيقال وادي رشد ، وكذلك أحال رسول الله صلى الله عليه وسلم في " بني غيان " فقال : بنو رشدان ، والأشعر , والأجرد , وقدس , وآرة , ورضوى , وصنديد , وإضم , وهو واد عظيم تغزره أودية كثيره , وهو من أعراض الحجاز الكبار , كنخال وغيره , وفيه يقول أمية بن الصلت :
[poem=font="Simplified Arabic,6,#000000,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
آباؤنا دمنوا تهامة في الدهر=وسالت بجيشهم أضم [/poem]
والصفراء , وساية , وذو خشب , والحاضر , وثقباء , ونعف , وبواط , والمصلى , وبدر , وجفجاف , ورهاط , وودان , ( وينبع ) , والحوراء , والعرج , والأثاية , والرويثة , والمجنبتان , والروحاء , وحقل , وساحل تيما , وذو المروة , والعيص , وفيف الفحلتين , وفيف الريح في أرض هوزان , وخيبر , وفدك , وحرة النار , ويين , إلى الربذة , إلى النقرة , إلى إرن , إلى صفينة , إلى السوارقية قرية بني سليم .

وقال الأستاذ الكبير عبد الكريم الخطيب في " تاريخ جهينة " :

ويشير ابن الكلبي ومن وافقه من خيرة علماء النسب أن منازل قضاعة قديماً من شاطئ البحر الأحمر جدة وما دونها إلى أسفل عرق , وفيه الحرم من السهل , ولماء جاء الإسلام تدافعت قبائل جهينة الأمناء مع قبائل الجزيرة لتنظم إلى الجيوش الإسلامية الفاتحة لعديد من البلاد , وكانت جهينة في مقدمة القبائل , ومن ذلك فقد تفرقت جهينة وانتشرت في أكثر الأقطار الإسلامية .. ولكن لا تزال لجهينة بقية في أماكنها القديمة , ولعل هذا البقاء يرجع إلى عاملين :
الأول : لم تكن هناك هجرات جماعية من جهينة ,
أما العامل الثاني : فهو خصوبة أوديتها , كواحة ينبع النخل ومنطقة العيص , وظلت جهينة محافظة على مساكنها القديمة مع تفرق أجزاء منها أكثرها في المواضع القريبة من منازلها كصعيد مصر والسودان لوقوع هذه المناطق قريبة من بلاد جهينة الأصلية على ساحل البحر الأحمر , وهي الينبعان : النخل والبحر , والعيص , وما جاورهما من الأودية والجبال , مع ملاحظة انتشار أقسام منها إلى الشام والعراق وفي شرق البلاد الإسلامية التي دخلت الإسلام , وفي الشام , ويقصد بالشام كما يشير استاذنا البحاثة حمد الجاسر في بحوثه عن قبيلة جهينة في مجلة العرب الشام المدلول اللغوي القديم الذي يشمل القطر من الحجاز إلى بلاد الروم , في هذا الجزء انتشرت أقسام من جهينة منذ الفتوحات الإسلامية الفاتحة عند غزو العراق واستوطن بعض الجهنيين الكوفة , وأصبح لهم في مدينة الكوفة حي كبير يسمى جهينة , وفي ناحية الموصل من العراق قرية تقع على نهر دجلة وعندها مرج يسمى مرج جهينة , وذكر ابن فضل العمري في كتاب ( مسالك الأمصار ) أن بمدينتي حلب وحماة بالشام قوماً من جهينة .. وينقل البكري عن ابن الكلبي : ( وتلاحقت قبائلهم وفصائلهم فأصبحت نحواً من عشرة بطون وتفرقت جهينة في تلك البلاد , وهي : الأشعر , والأجرد , وقدس , وآراه , ورضوى , وصندد , وانتشروا في أوديتها وشعابها وأعراضها , وفيها النخل , والزيتون , والبان , والياسمين , والعسل , وأنواع من الأشجار الأخرى , واسهلوا إلى بطن أضم واعراضه , وهو واد عظيم تدفع فيه اوديته ويفرغ في البحر الأحمر , وذو خشب , وتتيد ( تيدد ) , والحاضرة , وتعبقاء , والمصلى , وبدر , وودان , وينبع , والحوراء .

وكل عام والجميع بخير وصحة وعافة ..
[/QUOTE]