باب : ما ذكره المؤرخون المعاصرون عن وجوداليهود ببلاد ينبع :
قال الأستاذ صالح عبد اللطيف في " ملامح من تاريخ ينبع " في الجزء : الأول :
هل كان لليهود تواجد في ينبع ؟؟ :
سكن اليهود ( يثرب ) ثم نزل عليهم الأوس والخزرج , وعندما هاجر المسلمون إليها كانوا هم سكانها وكان اليهود عدة قبائل , وهناك روايات كثيرة في كيفية وصول اليهود يثرب , ومنها خروجهم في زمن موسى عليه السلام عندما حج مع أخيه هارون ومن معه من بني إسرائيل , فلما صاروا إلى موقع يثرب ورأوا في الكتاب الذي لديهم أن هذا الموضع سوف يخرج فيه نبي , قرروا الإقامة فيه , ثم الرواية الأخرى التي سبق أن نقلناها وهي خروجهم من موسى عليه السلام لمحاربة العماليق .
ويقول ابن خلدون في المدينة المنورة : وهي المسماة بيثرب فهي من بناء ( يثرب بن مهلائل ) من العمالقة وبه سميت وملكها بنو إسرائيل من أيديهم فيما ملكوه من أرض الحجاز .
ومن المعروف أن اليهود عندما نزلوا الحجاز كان لهم امتداد في الواحات الزراعية وهي أماكن سكناهم المفضلة , حيث كان لهم تواجد في : ( خيبر , وتيماء , ووادي القرى , والعيص , وينبع ) , ولا يستبعد نزولهم في ( قرى ينبع النخل ) حيث أنها من الواحات العامرة التي تستهوي يهود , وقد ذكر ابن تيمية رحمة الله : أن عمر بن الخطاب أخرج اليهود والنصارى من : ( المدينة , وخيبر , وينبع , واليمامة ) ومخاليف هذه البلاد .
وتنقل الروايات الشفهية أن اليهود تواجدوا في ( ينبع النخل ) وأن جبل لؤلؤة الذي يقع في قرية الأشراف حاليا وهي جزء من العشيرة القديمة هو ( جبل يهود ) والعامة إلى يومنا هذا يقولون أن جبل لؤلؤة من جبال يهود , ويقال أن المنطقة المعروفة بـ ( توريت ) في وادي رخو بينبع كان يعيش بها اليهود وأن هذا الاسم هم الذين سموا به هذه المنطقة , ( وينبع النخل ) من واحات الحجاز المشهورة منذ القدم لوجود مقومات الحياة بها تتمثل في عيونها وينابيعها ومزارعها التي اشتهرت بها المنطقة فلا يستبعد أن تكون كل الممالك التي استولت على الحجاز قد بسطت نفوذها على قرى ينبع .
" قلت "
القول بأن لليهود تواجد في ينبع فيه نظر ولم يثبت في أي مصدر من المصادر التاريخية وليس لهذا القول أي مستند ولا أثر , وسيأتي معنا مزيد أدلة تكشف ذلك .
وأما يثرب الذي سميت به ( مدينة يثرب ) مدينة المصطفى طيبة الطيبة شرفها الله وأكرمها , وأختلفوا في نسبة والأجماع على أنه رجل من العماليق وأن أسمه يثرب وأن ( يثرب ) المدينة النبوية دار الهجرة سميت نسبة إليه , وأما أسم أبية فأختلفوا في ذلك أختلافا كثيرا فقالوا أنه : يثرب بن عبيد بن مهلاييل , وقالوا : يثرب بن عميل بن مهلائيل , وقالوا : يثرب بن عميل , وقالوا : يثرب بن قانية بن مهلايل , وقالوا : يثرب بن هذيل بن إرم , وقالوا : يثرب بن قانية من ولد إرم بن سام بن نوح , وقالوا : يثرب بن قاين بن مهلايل , وقالوا : يثرب بن بائلة بن مهلهل بن عبيل , وقالوا : يثرب بن مهلايل بن عوص بن عمليق , وقالوا : يثرب بن فانية بن مهلهل , وقالوا : يثرب بن قانية بن مهلائيل , وقالوا : يثرب بن عوص بن إرم بن سام بن نوح , وقالوا : يثرب بن وائل من بني إرم بن سام بن نوح , وقالوا : يثرب بن قانية بن مهليل بن إرم بن عبيل بن أرفخشد ابن سام بن نوح عليه السلام . للإستزاده ينظر كتاب محمد السيد الوكيل " يثرب قبل الإسلام " , وكتاب ياسين غضبان " مدينة يثرب قبل الإسلام " .
وقال الأستاذ صالح عبد اللطيف في " ملامح من تاريخ ينبع " الجزء الثاني , باب : ( الآثار بمنطقة ينبع ) :
غرفة جبل لؤلؤة :
وهي عبارة عن غرفة في رأس جبل لؤلؤة مبنية في عمق الجبل ولها جرد للنزول إلى داخلها إلا أن درجاته قد هدمت وبقي أصلة وحولها من الجهة الشرقية وعلى مسافات متباعدة غرف أخرى إلا أنها أصغر حجما إلى أن تصل إلى أسفل الجبل مكان الصعود إليها وهذه الغرف أو الفتحات الصغيرة تمثل كما تظهر لي نقاط حراسة للغرفة الكبيرة .
ولا يعرف بالتحديد استخدامات هذه الغرفة فهي قد تكون لجمع الماء حيث يجمع فيها الماء للمرابطين في رأس الجبل لحماية القرية والطرق التي حولها حيث طريق الحاج كان يمر من الوادي الذي يقع غربي القرية , وقد تكون لتخزين المواد الغذائية أو الذخيرة أو السلاح وربما لخزن الأموال إلا أن ارتباط الجبل باليهود جعل الناس يعتقدون أن هذه الغرفة لخزن كنوز اليهود فامتدت يد العبث إليها بالحفر والتكسير , ويظهر ذلك جليا في أرضيتها وتوضح الأشكال التالية ما تبقى من الغرفة .
وقال الأستاذ عبد الكريم الخطيب في " ينبع " وكذلك في " تاريخ ينبع " باب ( الآثار في ينبع النخل ) :
هناك آثار عديدة في منطقة ينبع نخلها وبحرها , ومن الآثار في ينبع النخل جبل صغير مستدير تعلوه صخرة كبيرة يسمى هذا الجبل جبل لؤلؤة وهو يقع بالقرب من قرية المزرعة وفوق الجبل صخرة فيها نقوش وفي الستينيات الهجرية قام بتصويرها أحد أهالي ينبع وبعث بها إلى أحد المختصين بدراسة الآثار في جامعة القاهرة , وعند فحصها جاء الجواب : بأن تلك النقوش أما أن تكون من آثار العرب أو أوسمتهم ( جمع وسم ) أو أنها لا تزال لأبجدية لا تزال مجهولة .
وقال الأستاذ عبد الكريم الخطيب في " تاريخ ينبع " باب ( الآثار في ينبع النخل ) :
وحينما نتحدث عن آثار جبل لؤلؤة في أرض ينبع النخل نؤكد أنه لم يكن أسمه أصلا اللؤلؤة , بل حرفة عامة الناس وكان في رأس هذا الجبل حصن له نقب يؤدي إلى إحدى العيون الجارية , وهذا الحصن هو من حصون أشراف ينبع آل قتادة الذين خرجوا من قرية العلقمية عام 597 هـ وحكموا مكة وكان لهم حصن آخر في أرض ينبع يعتمدون عليه في الدفاع عن أنفسهم إلى جانب حصن لؤلؤة وهو حصن خبزة , ويقول السمهودي : خبزة بلفظ واحد الخبز حصن من أعمال ينبع , ولكن لم يكن معروفا لدينا في الوقت الحاضر .
" قلت " لا أدري من أين للأستاذ عبد الكريم القول بأن ما يسمى بجبل لؤلؤة هو حصن خبزه ؟؟ , ثم إن قول السمهودي لم أجده , وليس فيه أي دليل على أن جبل خبزة هو جبل لؤلؤة ! , وقد قال ياقوت في " معجم البلدان " : ( خبزة ) : بضم أوله وتسكين ثانيه وزاي , حصن من أعمال ينبع من أرض تهامة قرب مكة , وقال الزبيدي في " تاج العروس " : ( خبزة ) : بلا لام جبل مطل على ينبع .
وقال الباحث حمد الجاسر في كتابه " بلاد ينبع " :
وعلى ذكر الآثار في ينبع يشاهد المرء , عندما يقبل على ينبع النخل جبلا صغيرا مستديرا فوقه صخرة كبيرة يسمى هذا الجبل لؤلؤة , ويعتقد أهل تلك البلاد بأنه من آثار اليهود , وفوق الجبل صخرة فيها نقوش , وقد صورها الاستاذ ياسين الجداوي , وهو من أهل ينبع , وكان وكيلا لشركة البواخر الخديوية , صورها وأرسلها إلى أحد المختصين بدراسة الآثار في جامعة القاهرة , وعند فحصها جاءه الجواب : بأن تلك النقوش إما أن تكون من آثار الأعراب أو أوسمتهم جمع وسم , أو أنها حروف لا بجدية لا تزال مجهولة .
" يقول ابن غنيم المرواني "
جميع الأثار التي في بلاد ينبع تعود للعصر الإسلامي , وتلك النقوش التي تظهر على الصخور في كثير من مواضع بلاد ينبع قد صورها ووضعها الأستاذ صالح عبد اللطيف في تاريخه " ملامح من تاريخ ينبع " ومن خلال الصور التي أطلعت عليها في هذا الكتاب ظهر لي بأن بعض النقوش كتبت بالخط الأندلسي , وعلى إحدى الصخور ظهر الخط المغربي القديم , وهذه النقوش الأظهر أنه قد نقشها الرحالة القادمون من بلاد الشام والمغرب للحج , حيث أن بلاد ينبع هي طريق قوافل الحجيج القادمون من الشام والمغرب العربي للمدينة ومكة , وأما القول بأن في ينبع آثار لليهود فهذا قول عامة الناس فعندما شاهدوا تلك النقوش ظنوا أنها كتابات غير عربية , وهذا غير صحيح ,
فجميع ما في بلاد ينبع من نقوش أغلبها يعود للعصور الإسلاميه الزاهرة إلا القليل منها , ومن ذلك ما وجد في منطقة العيص في إحدى القصور التي تعود للعصر اللحياني وتلك القلعة تسمى اليوم ( قلعة قصر البنت ) وسنفرد للعصر اللحياني باب خاص في رسالة سنضعها عن تاريخ العيص بعون الله ,
وأما عنوان وجود اليهود الذي وضعه أستاذنا صالح عبد اللطيف في تاريخه ولم يجزم بصحته ولا تضعيفه ولذلك عنون وبوب الموضوع متسائلا عن وجود اليهود في ينبع ؟؟ , ولم يذكر الأستاذ على ذلك أي أدلة إلا أثر عمر بن الخطاب في إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ومن ضمنها ذكر ( ينبع ) وأورد أيضا ما يرويه العامة من أن ما يسمى بجبل لؤلؤة قد سكنه اليهود ولم يعلق الأستاذ على هذا القول لا بتأييد ولا نفي , وقبل أن ندخل في صلب الموضوع الذي سوف نختصر بحثه , وإن كنت أعلم أن مثل هذا الموضوع فيه شي من الصعوبة , وذلك لأن المصادر والمعلومات شحيحة في مثل هذه المواضيع التي تتحدث عن تاريخ الجاهلية , ومما زاد من الأمر صعوبة هو أنني لست متبحرا كثيرا في تاريخ ما قبل الإسلام , ولكن من المولى سبحانه نستمد الإعانة والتوفيق .
باب : هل كان لليهود تواجد في بلاد ينبع ؟؟ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " :
وقد أمر النبي في مرض موته أن تخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وهى الحجاز فأخرجهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه من : ( المدينة , وخيبر , وينبع , واليمامة , ومخاليف هذه البلاد ) .
" قلت "
هذا الأثر قد أستدل به من قال إن ( ينبع ) كان يسكنها اليهود ولذلك قالوا إن ابن تيمية قال إن عمر أجلاهم من تلك القرى ومنها ( ينبع ) , ونحن نقول إن شيخ الإسلام رحمة الله وغفر لنا وله أجل من أن يظن مثل هذا وهو يعلم ما جاء في الصحيحين ولكن مقصد شيخ الإسلام رحمة الله ليس أن عمر بن الخطاب قد أخرجهم من تلك الديار وإن كان ثبت أنه أخرجهم وأجلاهم من بعض تلك المناطق التي ورد ذكرها , ولكن معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذه الأماكن هي التي يجب أن يخرجوا منها , وهذا القول هو ما قاله الإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل حين قالوا : ( يخرجون من مكة , والمدينة , واليمامة , وخيبر , وينبع , ومخاليفها ) ومعنى المخاليف أي الأطراف , هذا هو الصواب في تفسير هذا الأثر الذي رواه شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاوية والله أعلم .
وهذه بعض الإستفهامات حول من يقول بوجود اليهود في ينبع قبل الإسلام أو بعده :1-
لدليل الأول على عدم وجود اليهود في ( بلاد ينبع ) أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا تلك الناحية عدة مرات كغزوة الأبواء أو ودان , وغزوة بواط , وغزوة العيص , وغزوة بدر الأولى وبدر الثانية , وغزوة العشيرة وهي ببطن ينبع النخل اليوم , وغيرها العديد من الغزوات , فلو كان لليهود تواجد في ينبع ألم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يغزوهم ؟؟ .
2- لماذا لم يكتب بينه وبينهم عهدا وكتاب كما فعل مع يهود المدينة ويهود خيبر إن كان لهم وجود في ( ينبع ) ؟؟ .
3- ثم إن جبل لؤلؤة هذا الذي يروي عامة الناس ودهمائهم أنه جبل اليهود وهو الواقع بقرب قرية عشيرة وهي القرية التي سميت باسمها غزوة العشيرة وبها مسجد العشيرة وهو المسجد الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم فهل يعقل أن يتركهم النبي صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا هكذا بلا معاهدة ولا صلح ؟؟ .
4- ثم إنه روي على الصحيح أنه قد عاهدا بنو مدلج وحلفائهم بنو ضمرة فلماذا لم يذكر ولم يروى أنه عقد معاهدة مع اليهود الموجودون في ( ينبع ) ؟؟ .
5- ومما يلزم القائلين بهذا الرأي أنه معروف عن اليهود أنهم قوم جبنا لا يحبون القتال ولا يستوطنوا إلا جماعات كبيرة العدد ولا ينزلون إلا خلف الأسوار والحصون وفوق الأطام والقصور وذلك لحماية أنفسهم من هجمات العرب وقد أخبر عن ذلك المولى عز وجل عنهم فقال : ( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر ) , فأين حصونهم وأطامهم في ( بلاد ينبع ) إن صح مثل هذا القول ؟؟ .
6- وكذلك يلزم القائلين بهذا الرأي بلازم , وهو : أن قولكم هذا هو متناقض بذاته ! فأنتم تقولون بأن جبل لؤلؤة هذا الواقع في بقرب العشيرة كان يسكنه اليهود , فإن قلتم : كان اليهود يسكنونه قبل الإسلام , قلنا : أن ذلك لم يصح لدلائل التي ذكرناها وسنأتي على ذكرها ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة العشيرة وأدع أهل ينبع وسكان منطقة العشيرة وهم بنوا مدلج وحلفائهم بنو ضمرة فلو كان لليهود وجود في ذلك الوقت أليس من الأولى عقد معاهدة صلح وموادعه مع أولئك اليهود قبل بنو مدلج وحلفائهم ؟؟ , فإن قلتم : كان سكنى اليهود لجبل لؤلؤة ( بينبع ) حدث بعد دخول الإسلام , قلنا : هذا هو عين التناقض فأنتم أستدللتم بأثر عمر بن الخطاب أنه أجلى اليهود من جزيرة العرب وذكرتم من تلك المناطق ( وينبع ) فكيف يكون أجلاهم ؟؟ , وأنتم تقولون : أنهم سكنوا جبل لؤلؤة الواقع في ( ينبع ) بعد الإسلام !! .
7- وأما إن قلتم إنما سكنوا ينبع بعد إنقضاء عصر الخلفاء الراشدين , قلنا : لو سلمنا بصحة هذا القول جدلا , لماذا لم يرد لهم ذكر في كتب التواريخ ؟؟ , ولماذ لم يرد لهم ذكر كذلك في كتب الراحلات الحجازية والكتب التي ألفت عن المدينة النبوية ؟؟ , وقد ألف كثير من الكتب في المدينة وذكروا ينبع وقراها وأخبارها , ومنها أخبار المدينة لابن زبالة المؤلف في القرن الأول الهجري , وأخبار المدينة لابن شبة المؤلف في القرن الثاني الهجري , ورحلة المقدسي المؤلفة في القرن الثالث الهجري , وياقوت في معجم البلدان في القرن الرابع الهجري , وفي القرن الثامن نزلها السخاوي وذكرها في التحفة اللطيفة في المدينة الشريفة والبلدانيات فذكر أنه نزلها وسمع بها عدد من المشائخ كعلاء الدين الشيرازي سمع منه شرحه على الحاوي وشي من التفسير ووصف ينبع في ذلك الوقت وذكر أن سكانها أكثرهم على مذهب الزيدية وهم أشراف من بني الحسن ذوي ألوان سمراء , وكذلك السمهودي في الوفاء بأخبار دار المصطفى وهو في القرن التاسع ذكرها كثيرا , وكذلك عبد الغني النابلسي ذكرها في القرن العاشر في الرحلة الحجازية الحقيقة والمجاز وغيرهم الكثير فهل يعقل أن جميع هؤلاء مروا بينبع ولم يعلموا بوجود اليهود في ( بلاد ينبع ) ولذلك لم يذكروهم في كتبهم ؟؟ ,
8- أما سبب وجود اليهود ببلاد العرب وبخاصة في الحجاز فذلك راجع لأسباب دينية بحته ولدينا الأدلة والشواهد التي تثبت ذلك قطعا بما لا يدع مجالا لشك , وسنذكر شيء منها في هذا الموضوع وذلك لكي نثبت أن جميع الروايات التي تناقلها الأخباريون عن سبب وجودهم ما هي إلا نظريات وأخبار ليس لها أي أساس من الصحة وأن سبب وجودهم ما هو إلا بدوافع دينية سنبين بعض منها , بل وإن أماكن تواجدهم خير شاهد ودليل على صحة قولنا فهم لم يتركوا أرض الجنان بلاد الشام ومصر ويأتوا إلى جزيرة العرب القاحلة الجرداء , التي لا ماء فيها ولا هواء , ويتجاورا مع العرب الوثنيين الذين لا يعرفون من الكتاب شيئا ويضحوا كل هذه التضحيات مع البعد عن وطنهم وأرضهم إلا لأسباب كبيرة تدفعهم لذلك , فعندما قدموا لبلاد العرب لماذا لم يسكنوا إلا المدينة وخيبر وتيماء والعلا ؟؟ , وهنا سؤال يطرح نفسه ماذا يريدون من سكنى هذه الديار ؟؟ , وما هو السبب الذي جعلهم يسكنوا هذه المناطق دون باقي المناطق الأخرى من الجزيرة ؟؟ , فإن سلمنا جدلا بقول القائل : لأنها أرضي ذات نخيل وزرع , قلنا : وماذا يريد اليهود بالنخيل والزرع حتى يهاجروا عن أرضهم ويسكنوا هذه المناطق أمن أجله ؟؟ , هل هو حب النخل مثلا ؟؟ , اليهود طوال تاريخهم لم يعرفوا النخل ولم يألفوه فلو كان بحثهم هو وراء النخل , لماذا لم يذهبوا للعراق أرض الرافدين فهي ذات نخيل وأنهار وهي مشهورة بالنخيل منذ أن خلقت الأرض ومن عليها ؟؟ , ثم إن كثيرا من أراضي الحجاز كانت أكثر زرعا ونخلا من المدينة كينبع النخل وبدر والصفراء وغيرها من المناطق هذه جميعها مناطق كانت المياه فيها أكثر ونخيلها أوفر ,
9- مثل هذا القول ليس سبب مقنعا وهو بعيد كل البعد عن الحقيقة , والحقيقة هي أنهم نعم جاءوا يبحثون عن النخل !! , ولكن ليس حبا بالنخل لذاته إنما لأنه مذكور في كتبهم أنه بهذه البلاد تحديدا سوف يبعث نبي في أخر الزمان وصفة مبعثة أن يهاجر لأرض ذات نخيل ولذلك جاءوا وهم يعلمون إلى أين هم ذاهبون , إنهم أستوطنوا بلاد العرب وهم يتأملون في أن يكون ذلك النبي المبعوث بأخر الزمان منهم !! , فيا لله أنظر إلى عظم مكرهم وخبث سرائرهم وضعف عقولهم كما قال تعالى : ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) , ( يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون ) .
,,, والباب القادم من دلائل نبوئة محمد صلى الله عليه وسلم سكنى اليهود جزيرة العرب ,,,
المفضلات