جميل المحاسن لاضخيم ولا عاري
لماذا ذكر الشاعر القوام مباشرة بعد اللباس ؟
لأن الأناقة وجمال اللباس وظهوره بأحسن صوره يعتمد في الدرجة الأولى على القوام دون غيره
ويلاحظ في دور عرض الأزياء إختيار الموديل صاحب القوام الجميل لتسويق اللباس لأنه باختصار رغم أناقة وجمال اللباس إلا أنه يضيف إليه ولا يأخذ منه ووصف الشاعر للقوام بعد وصف اللباس يدل على إرتباط القوام باللباس وأهمية كل منهما للآخر كما يدل علىإكتمال الجمال بين الجوهر والمظهر ليكمل بعد ذلك وصف المحبوب
ابو لبة مثل القمر ضاح واسفرا
تواسى على الما جل خلاقه الباري
في هذا البيت إبداع غير مسبوق ووصف لم يصل إليه شاعر قبل ابن شريم وهذا البيت لوحده يعادل مجموعة قصائد وإلى معنى البيت:
كانت النساء قديماً ترتدي ملابس تكون الرقبة ــ أو الدلعة ــ على شكل سبعة ( 7 ) فلم تكن هناك موديلات ذات رقبة دائرية أو طوق أو خلافه .
عندما ترتدي المرأة هذه الملابس يظهر من صدر المرأة جزء على شكل مثلث مقلوب قاعدة المثلث أسفل العنق ورأس المثلث بين النهدين , هذه المنطقة ــ أو المثلث المقلوب ــ تسمى اللبة وهي كلمة فصيحة .
القمر في ليلة تمامه عندما يسفر ويكون واضحأ ويتوسط كبد السما ثم يسطع على ماء صافي في هذه الحالة لا تكون صورة القمرعلى المـاء دائرية كما يظهر القمر في السماء بل تظهر لمن يراها من الجانب على شكل مثلث أبيض لامع وصف الشاعر لبة محبوبه بهذا المثلث الذي لايدرك روعته إلا من وقف عليه شخصياً .
و في بداية الشطر الثاني يقول الشاعر تواسى على الما ولم يقل على صفحة الما وتواسى تعني جلس مستوياً ومستقرا وهذا يوحي لي شخصياً أن هذه الصوره ربما لا تتم على هذا الشكل إلا على الماء المستقروغير المتحرك .
بقي إختيار الشاعر في نهاية البيت لإسمين من أسماء الله الحسنى الخالق والباري وهذا الإختيار أيضاً لم يأتي عبثا أو بالصدفة فوصف الشاعر له إرتباط وثيق بهذين الاسمين
ترى سلبة العاتق إلى صد ما درى
مثل سلبة العرجون في صفحة الذاري
يقول الشاعر أن محبوبه ــ والذي يلبس الخمار أو الشيلة أو الغطوة ــ عندما يصد يلتفت إلى الجانب المقابل لك يظهر بدون علم منه جزء من جانب العنق ـ الرقبة ـ لأن النساء في زمن الشاعر كانت ترتدي الشيلة فقط التي كانت توضع أمام الوجه دون لف جزء منها على العنق وهو ما يسمى ( بـ الصنفه ) أو استخدام أكثر من قطعة.
يشبه الشاعر هذا الجزء أو السلبة الذي لا يتجاوز عرضه 1سم وبطول الرقبة بسلبة العرجون والعرجون هو نوع من الفطر معروف عند الجميع وليس المقصود به كافور النخلة كما يظن البعض يدل على ذلك قوله في صفحة الذاري والذاري هو كثيب الرمل .
برى الجرح منه ومني الجرح مابرى
وهو يحسب انه يوم طال المدى باري
صويب الهوى مسكين مشيه على ورى
ترى النقص فيه وحاله اقوى من الضاري
يقول الشاعر أن محبوبه برى من جرح الحب ولكنني لم أبرأ أنا منه وإن كان المحبوب يعتقد عكس ذلك ثم بعد ذلك يرثي الشاعر صويب الهوى ويصف حالته كمن يمشي للخلف وحالته تنقص يوما بعد يوم ولو أظهر التجلد والصبر وظهر أمام الناس كالضاري من السباع وأخفى الامه ومعاناته .
كان هذا الاستدلا بهذه القصيدة لما تحويه من معاني جزلة ووصف غير مسبوق وإلا فقصائد الشاعر ابن شريم قلما تخلو من أدوات التشبية ــ مثل , كما , الكاف....... إلخ ــ والوصف وسيكون لنا وقفة سرعة مع بعض الأمثلة
# كنك سراج البيت للنور شبوك = والى قضى الوارد حدى الربع طفاك
# والا كما ليمونة الحمض مصوك = والى قضى منها الطعم فرغو لذاك
# ترى عاذل المشتاق عن راس مقصده = كما اللي يرد السيل يرجع إلى العالي
ونختم الوقفات بهذا التشبة العجيب الرائع
# نهوده كنهن في كَنّهن بيض القميريه
ليكون ختام الحديث عن ملك الوصف والتشبيه الشاعر سليمان بن ناصر بن شريم
تحياتي للجميع
المفضلات