[DCI]
( باب : أخبار موضع مسجد ذي المروة )

قال ابن حجر في " الإصابة في تمييز الصحابة " :
وروى عن أحمد بن محمد بن عروة الجهني سمعت جدي عروة بن الوليد يحدث بن أبيه عن جده عن عوسجة بن حرملة الجهني أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وكان ينزل بالمروة وكان يقعد في أصلها الشرقي ويرجع نصف النهار إلى الدومة التي بني عليها المسجد فكان يدور بين هذين الموضعين وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين رآه أعجب به ورأى من قيامه ما لم ير من أحد غيره من بطون العرب يا عوسجة سلني أعطك وقال بن الكلبي عقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألف يوم الفتح وأقطعه ذا مر .

" قلت " الصحيح أن ذلك تصحيف وقد ورد ذكر تلك المواضع الشيخ الباحث حمد الجاسر في كتابه " بلاد ينبع " في قسم - بلاد جهينة ومنازلها القديمة – وذكر عدة مواضع هي : ( أمر – ذو أمر ــ ذا أمر – مر ) ونقل الأقوال أنه يقع في بطن إضم ( وادي الحمض ) وقد أكثر في تفصيل البحث في اختلاف تلك الأسماء , والحقيقة أن تلك الأسماء إنما هي جميعها – تصحيف – أو خطأ في النقل وسوف نؤجل البحث في هذا الموضع إلى موضع سنفرده للبحث في تاريخ وأخبار - إضم - المسمى اليوم ( واد الحمض ) بعون الله .

وروى الطبراني في " المعجم الكبير " فقال :
حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النضر، وحدثنا إبراهيم بن دحيم الدمشقي، قال: حدثنا أبي، قالا: حدثنا حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة، قال: حدثني عبد الحكم بن يوسف، وغيره من أهل ذي المروة وقدمائهم، عن ابن لعبد الله بن سلام، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مر بالحليحة في سفره إلى تبوك، قال له أصحابه: المنزل يا رسول الله، الظل والماء، وكان فيها دوم وماء، فقال:"إنها أرض زرع وبقر، دعوها فإنها مأمورة". يعني: ناقته، فأقبلت حتى نزلت تحت الدومة التي كانت في مسجد ذي المروة .

وروى أبو نعيم الأصبهاني في " معرفة الصحابة : فقال :
عوسجة بن حرملة الجهني سكن فلسطين ، ذكره البخاري في الصحابة .
أخبرناه أحمد بن عبد الله بن صفوان ، كتابة ، ثنا إبراهيم بن دحيم ، ثنا إسحاق بن سويد الرملي ، عن أحمد بن محمد بن عروة الجهني ، قال : سمعت جدي عروة بن الوليد يحدث عن أبيه ، عن جده ، عن عوسجة بن حرملة الجهني ، قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم وكان ينزل بالمروة ، وكان يقعد في أصل المروة الشرقي ، ويرجع نصف النهار إلى الدومة التي بني عليها المسجد ، وكان يدور بين هذين الموضعين ، فسمعت جدي عروة بن الوليد يحدث عن أبيه ، عن جده ، عن عوسجة بن حرملة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي حين رآه وأعجب به ، ورأى من قيامه ما لم ير من غيره من بطون العرب : « يا عوسجة ، سلني أعطك » حدثنا محمد عنه

وقال ابن زبالة في " أخبار المدينة " :
مسجد بذي خشب :
ولفظ رواية ابن زبالة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى تحت الدومة التي على حائط عبيد الله بن مروان بذي خشب، فهنالك يجتمعون .

وقال السمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " :
( خشب ) : على مرحلة من المدينة تحت الدومة التي في حائط عبد الله بن مروان ولأبن زبالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بنخل تحت أثلة بمزرعة لرجل من أشجع وسط نخيل وصلى تحتها ثم أصعد في بطن نخل حتى جاوز الكديد بميل فنزل تحت سرحه وصلى فموضع مسجده اليوم معروف .

وقال المراغي في " تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة " :
وذكر ابن زبالة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل حين وصل إلى خيبر بين أهل الشق وأهل النطاة وصلى إلى عوسجة هنالك ، وجعل حول مصلاه أحجارا يعرف بها ، وانه عليه الصلاة والسلام صلى على رأس جبل بخيبر يقال له شمران فهنالك مسجده من ناحية سهم بني النزار ، ويعرف هذا الجبل اليوم ( بمسمران ) بالسين المهملة , وروي انه صلى الله عليه وسلم قال : (ميلان في ميلين من خيبر مقدس ) ، وانه صلى الله عليه وسلم قال : ( نعم القرية في سنيات المسيح خيبر ) يعني الدجال , وروي أيضاً عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( خيبر مقدسة والسوارقية مؤتفكة ) .

وقال الفيروز أبادي في " المغانم المطابة في معالم طابة " :

وروى الزبير عن إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، ودليله رجل من أشجع ، فسلك بهم طريق صدور الأودية فأدركته الصلاة بالقرقرة فلم يصل حتى خرج منها ، فنزل بين أهل الشق وأهل النطاة وصلى إلى عوسجةٍ هنالك وجعل حوله أحجار .

وروى البيهقي في " السنن الصغرى " ( نسخة الأعظمي ) :
وفي حديث سبرة بن عبد العزيز بن الربيع عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بني رفاعة ذا المروة فمنهم من باع ومنهم من أمسك .

" قلت " في الروايات والأخبار السابقة ذكر أنه صلى ( بذي المروة ) تحت دومة هناك عند دار عوسجة بن حرملة , وذكروا كذلك فقالوا صلى ( بذي خشب ) تحت دومة هناك عند حائط لعوسجة بن حرملة , وقالوا صلى بين الشق والنطاة القريبة من خيبر عند عوسجة بن حرملة وجعل حول مصلاه أحجار !! , فمن يقرأ تلك الأخبار قد يظن للوهلة الأولى أن ذلك إنما هو تضارب في الروايات وأخطاء في الأخبار ولكن الحقيقة غير ذلك فإن عوسجة بن حرملة الذي سوف نذكر شي من ترجمته بعون الله كانت جميع تلك المواضع والديار من منازله هو وقومه من جهينة ويظهر أنه كان كبير قومة وزعيمهم ولذلك عندما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أعجب به ) وذلك مما رأى فيه مما لم يره برجل أخر من العرب فراء من قيامة وهيبته وكرمة وعظمته الشيء الكثير ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم يوقره ويعظمه في نفسه فقال له عند ذلك : ( يا عوسجة سلني أعطك ) وهذا إن دل على شي إنما يدل على أنه كان رجل كبير في قومة معظما عندهم محترما من صغار القوم وأكابرهم ويبدوا أنه كان لدية عدد من المنازل في تلك المواضع والديار ولذلك عندما مر النبي صلى الله عليه وسلم حول مواضع دياره هو وقومه عندما كان في طريقة لغزوة تبوك كان ملازما لنبي صلى الله عليه وسلم مكرما له ولأصحابه ولذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله لرجل أخر من العرب

وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " :
رواه الطبراني وفيه راو لم يسم .

وقال ابن حبان في " الثقات " في باب المساجد التي صلى فيها من تبوك إلى المدينة فقال ومنها : ومسجد بذي مروة .

وقال ابن هشام في " السيرة النبوية " في باب مساجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين المدينة إلى تبوك فقال ومنها :
ومسجد بذي المروة .

وقال البكري في " معجم ما استعجم " في باب مساجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين المدينة إلى تبوك فقال ومنها :

ومسجد بذي المروة .

وقال المراغي في " تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة "
وذكر محمد بن إسحاق وابن زبالة والحافظ عبد الغني المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المدينة وتبوك فمنها :
( ومسجد بذي المروة) : على ثمانية برد من المدينة ، كان بها عيون ومزارع وبساتين ، وأثرها باق إلى اليوم وكانت من أعمال المدينة .

وقال السمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " في باب مساجد غزوة تبوك :
الثامن عشر ( بذي المروة ) على ثمانية برد من المدينة .

وروى ابن زباله المتوفى سنة 199 هـ في " أخبار المدينة " :
( مسجد بذي خشب ) : أن النبي صلى الله علية وسلم صلى تحت الدومة التي على حائط عبيد الله بن مروان بذي خشب فهناك يجتمعون .

" قلت " ونقل هذا القول السمهودي في الوفاء .

وروى ابن زباله في " أخبار المدينة " :
( ذو المروة ) : قرية بوادي القرى على ثمان برد من المدينة وقيل بين ذي خشب ووادي القرى وروى الزبير بن خارجة بن مصعب عن أبي وقاص عن أبي أوفى قال نزل النبي صلى الله علية وسلم ذا المروة ونحن معه فلما صلى الفجر مكث لا يكلمنا حتى تعالى النهار ثم كلمنا ثم تنفس صعدا فقلنا : يا رسول الله أخبرنا ؟ قال : نزل علي ( لإيلاف قريش ) إلى أخرها .

" قلت " روى هذا الحديث ذكره السمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " والعباسي في " عمدة الأخبار في مدينة المصطفى المختار " .

وروى ابن زباله في " أخبار المدينة " فقال :
( ذو المروة ) : أن النبي صلى الله علية وسلم نزل بذي المروة وصلى الفجر , ومكث لا يكلمهم حتى تعالى النهار , ثم خرج حتى أتى المروة فأسند إليها ظهره ملصقا , ثم دعا حتى ذر قرن الشمس شرقا يدعو , ويقول في أخر دعائه : ( اللهم بارك فيها من بلاد وأصرف عنهم الوباء , وأطعمهم من الجنى , اللهم اسقهم الغيث , واللهم سلمهم من الحاج , وسلم الحاج منهم )

" قلت " وروى ذلك أيضا السمهودي في " الوفاء بأخبار دار المصطفى " .

وقال الفيروز أبادي في " المغانم المطابة في معالم طابة " :
( ذو المروة ) : قرية بوادي القرى , وقيل : هي بين خشب ووادي القرى , وكان بذي المروة عين قد أجراها الحسين بن زيد وقد ذكرتها في ترجمة العيون .
وروى الزبير عن خارجه بن مصعب عن ابن أبي أوفى قال : نزل النبي صلى الله عليه وسلم ( ذا المروة ) ونحن معه، فلما صلى الفجر مكث لا يكلمنا حتى تعالى النهار، ثم كلمنا , ثم تنفس صُعداً , فقلنا : يا رسول الله أخبرنا ؟؟ , قال صلى الله عليه وسلم : ( نزل علي " لإيلاف قريش " إلى آخرها ) .

وإن رجلا من الأنصار يقال له : عمرو بن سويد سرق درعاً لأسيد بن حضير فدفعها الأنصاري إلى سراقة اليهودي فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أعطاك الدرع ؟؟ , فقال : ما أدري !! فقال للأنصاري : أسرقتها ؟؟ , قال : لا! ! فخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتى ( ذا المروة ) فأسند إليها ظهره ملصقاً , ثم دعا حتى ذر قَرن الشمس شرقاً ، يدعو ويقول في أخر دعائه : ( اللهم بارك فيها من بلاد ، واصرف عنهم الوباء , وأطعمهم من الجنان ، اللهم أسقهـم الغيث، اللهم سلمهم من الحاج وسلم الحاج منهم ) , ثم قال : ( لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ( .

وعن نفيع بن إبراهيم قال : نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بذي المروة ) , فاجتمعت إليه ( جهينة ) من السهل والجبل , فشكوا إليه نزول الناس بهم , وقهر الناس لهم عند المياه , فدعا أقواماً فأقطعهم , وأشهد بعضهم على بعض : ( بأني أقطعتهم , وأمرت أن لا يضاموا ودعوت لكم وأمرني حبيبي جبريل عليه السلام أن ( أعدكم حلفاء ) .

" قلت " وقد زعم أقوام فضائل ليس لهم وعدوها أنها قد قيلت بأرضهم ومن ذلك بعض ( المثقفين والكتاب !! ) الذين ألفوا مؤلفات عن ( تاريخ مدينة العلا ) حيث أن بعضهم حرف بعض النصوص ووضعها في غير مواضعها ومن ذلك تلك الدعوات المباركة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم : ( لقبيلة جهينة ) وبخاصة لأهل ( ذي المروة ) وهي المساه اليوم ( المارامية ) فقد دعاء الحبيب صلى الله عليه وسلم لتلك الأرض وأهلها بالبركة , فلم يجد بعضهم إلا أن استخدام الخيانة العلمية فقام ببتر النصوص وتحريف الكلم عن مواضعه وذلك لخداع القارئ وإيهامه بأن تلك الدعوات إنما قيلت بتلك الأرض !! , وهي مدينة العلا والحقيقة هي عكس ذلك تماما !!

حيث أنه في غزوة تبوك عندما مر النبي صلى الله عليه وسلم على العلا وتحديدا بجوار ( مدائن قوم صالح ) فقال لا تدخلوها إلا وانتم باكين , فلا أدري أين الأمانة العلمية لذلك ( المؤلف أو المثقف ) الذي كتب هذا الحديث أين علمه بهذا ؟؟ , والحجر هي المسماة اليوم ( مدائن صالح ) الواقعة بالعلا وهي مساكن قوم ثمود الذي قال الله عنهم في كتابه الكريم : ( وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين ) , ومن العجيب أنهم يستدلون بالحديث الذي رواه سبرة بن معبد الجهني أو عوسجة وكلاهما واحد في أن الحديث الذي قيل في فضل ( ذي المروة ) أنه إنما قيل بمدينة العلا !! ونسوا أو تناسوا هذا الحديث الذي رواة البخاري في صحيحة والراوي هو عينة سبرة بن معبد الذي روى دعاء النبي بالبركة والغيث ( لذي المروة ) وأهلها !!

أين أنتم يا جهابذة الكتابة !! يا من كتبتم عن تاريخ مدينة العلا من الأحاديث الصحيحة مثل ما رواه البخاري في صحيحة عن ابن عمر – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين , أن يصيبكم مثل ما أصابهم ) وفي رواية أخرى كما عند البخاري : ( ثم تقنع بردائه وهو على الرحل !! ) , وروى البخاري أيضا في صحيحة أيضا عن ابن عمر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ( لأصحاب الحجر لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين , أن يصيبكم مثل ما أصابهم ) والأحاديث في ذلك كثيرة وفي هذا القدر كفاية ونحن إنما نبهنا على غلط من جعل هذا الحديث هو في مدينة العلا وإنما هو قيل ( بذي المروة ) ولذلك وجب التنويه على ذلك هذا والله أعلم وأحكم .
[/DCI]