لقد سعدت حقا لإعادة إحياء هذا السوق التاريخي .. فشكرا لمن سعى إلى هذه العودة الحميدة وأنا أعرف أن سعادة محافظ الطائف الأستاذ فهد بن معمر قد تبنى أمر إعادته منذ أكثر من عشرين سنة وما زال يواصل الاهتمام بذلك حتى تحقق هذا الأمر ولله الحمد في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وعلى يد أمير منطقة مكة المكرمة الجديد سمو الأمير خالد الفيصل وهو رائد الأدب وأمير الشعر والفن .وما أحرانا في هذه البلاد أن نفكر جديا في إعادة كل الأسواق العربية التاريخية التي كانت قائمة في هذه البلاد الطاهرة كذي مجنة وذي مجاز ودومة الجندل فهي أولى بالاهتمام من صلالة وقرطاج والقاهرة ودمشق وكل عواصم الثقافة لأنها تفتح لنا نافذة نطل منها على التاريخ ولا يوجد كتاب من كتب الأدب العربي إلا وفيه ما يشير إلى الأدوار الحضارية التي كانت تقوم بها هذه الأسواق ونحن أولى من غيرنا ببعث تاريخنا وتجسيده والاستفادة من تجاربه ولفت أنظار العالم إلى تراثنا وحضارتنا .

وقد قدر الله لي في عام 1393هـ أن أكون بصحبة مجموعة من الفنانين إلى موقع سوق عكاظ التاريخي الذي لم يكن معروفا حينها إلى أن ظهرت مسابقة لتصميم طابع بريدي عن سوق عكاظ فرشحت أنا وزميلي الفنان سعد العساف من قبل مركز الدراسات التكميلية مع مجموعة من فناني الطائف لزيارة مقر السوق .. على خط الرياض شمال الطائف بمسافة سبع وثلاثين كيلومترا ووجدنا هناك أطلالا من المباني العتيقة على شكل أقواس وقد تهدم بعضها فقضينا نهار الجمعة بكامله في هذا الموقع ( الإجازة كانت يوم الجمعة فقط ) .. وعدنا وقد تكونت في أذهاننا فكرة مبتسرة لما كانت عليه السوق عبرنا عنها من خلال مشاركاتنا المقدمة للمسابقة وأذكر حينها أن التصميم الفائز كان للفنان الجفري من الطائف

وعندما بث حفل الافتتاح مساء الأحد الماضي كنت في الطائف فجاشت في نفسي بعض الذكريات وتمنيت لو أني عرفت بذلك مبكرا . ولكني في اليوم التالي الاثنين ذهبت إلى موقع السوق بعد صلاة العصر مباشرة وفي نفس الاتجاه الذي سلكته قبل أربع وثلاثين سنة ووجدته في ذات المكان وعندما وصلت إلى هناك بعائلتي قال لنا الحرس أن الدخول سيكون في الساعة الخامسة عصرا فقمت في هذه الأثناء بجولة في أنحاء المكان أضيع فيها الوقت وأبحث فيها عن الأطلال التي سبق أن رأيتها في زيارتي الأولى فلم أهتد إليها وقلت لعلها في داخل المكان المحاط بالأسوار والمخصص للفعاليات .. وعدنا عند الساعة الخامسة فقيل لنا أن الدخول سيكون بعد المغرب وأن هذا الباب مخصص للعائلات وهناك آخر مخصص للأفراد .. فاقترح أهلي أن نعود إلى الطائف ثم نأتي بعد المغرب بدلا من الدوران في هذه الصحراء وفعلا عدنا مسافة أربعين كيلومترا قضيناها في السوق وبعدما صلينا المغرب بمسجد الهادي في برحة القزاز عدنا إلى مقر السوق وقد كانت المفاجأة أن قيل لنا أن هذه الليلة مخصصة للنساء فقط أما الرجال فسيكونون في اليوم التالي .. فقلت لأهلي ادخلوا وشاهدوا وصوروا وأحضروا لي بعض المطبوعات .. وافترشت أنا وأولادي بساطا وبقيت أنتظر مع المئات من أصحاب العوائل غيري .. ولما تأخروا علينا اتصلنا بهم فقالوا أن الحفل لن يبدأ إلا بعد وصول الأميرة بعد الساعة العاشرة ليلا .. ولأننا على سفر ولم نحسب لهذا التأخير حسابا فقد طلبت منهم الخروج فجاؤوا ( على مضض ) دون أن يحضروا معهم أي مطوية لأن مواقع الفعاليات مغلقة ولن تفتح إلا بعد الساعة العاشرة .. ولذلك عدنا دون أن نشاهد أيا من فعاليات هذه السوق التي طالما تمنيتها .
وقد لاحظت قصورا في وضع اللوحات الدالة على موقع السوق بحيث لا يمكن أن يصل إليه بسهولة إلا من كان من أهل الطائف أو من كانت له خبرة سابقة بالموقع .. وأيضا لا توجد تحويلة واضحة للسوق من خط الطائف الرياض .. وإنما لابد لمن أراد الذهاب إليه أن يحول من جسر قبله ثم يمشي بمحاذاة الخط حتى يصل إليه أو يحول من جسر بعده ثم يعود مع خط ضيق أعد أصلا للوصول إلى سوق بيع الجمال الموجود في نفس المنطقة
وهاتان الملاحظتان أهديهما للقائمين على السوق وأرجو الاهتمام بهما في العام القادم .. مع تمنياتنا للسوق وفعالياته بالنجاح والازدهار